أفق نيوز
الخبر بلا حدود

إذا تخاذلنا سيكون تخاذلنا جناية على الأمة في الحاضر والمستقبل

33

أفق نيوز | أنا أعتقد أن الفساد في العالم كله، المسلمون الأوائل الذين تخاذلوا, المسلمون الأوائل الذين حرفوا، المسلمون الأوائل الذين قعدوا عن نصر دين الله هم من يتحمل جريمة البشرية كلها؛ لأنهم هم من حالوا دون أن تكون هذه الأمة بمستوى النهوض بمسؤوليتها، فتحمل الرسالة إلى كل بقاع الدنيا. هذا كان هو المطلوب من العرب. لكن أولئك أصحاب الجباه السوداء من طول السجود تحت راية الإمام علي, الذين تحولوا إلى خوارج بجهلهم بغبائهم، لعدم وعيهم.

 

من الوعي أن تفهم هذه النقطة، من الوعي أن يفهم المؤمنون هذه النقطة الخطيرة: أنه فيما إذا تخاذلت أنا سيكون تخاذلي جناية على الأمة، جناية على الأمة في الحاضر والمستقبل، وسأكون أنا من يتحمل أوزار من بعدي، أوزار كل من ضلوا، وفسادهم وضلالهم من بعدي جيلا بعد جيل، أولئك عندما تخاذلوا عن نصرة الإمام علي لضعف وعيهم وقلة إيمانهم، مع كثرة ركوعهم وكثرة تلاوتهم للقرآن، هم من حالوا دون أن تسود دولة الإمام علي (عليه السلام) ويهزم جانب النفاق والتضليل، جانب معاوية.

 

ماذا لو كانوا من أصحاب الإيمان الكامل وانتصر بهم الإمام علي (عليه السلام)؟ كيف سيكون واقعهم هم عند الله؟ يكونون عظماء، فيكونون مشاركين لكل إنسان مؤمن يهتدي في هذه الدنيا، لو وقفوا وقفة جادة مع الإمام علي لانتصر الإمام علي, واستطاع أن يغير وجه التاريخ، واستطاع أن يغير هذه الأمة فيردها إلى نفس التربية التي أراد لها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أن تتربى عليها.

كان هو يقول: ((لو استقرت قدماي في هذه المداحض لغيرت أشياء)) أشياء كانت قد ترسخت خطيرة.. لماذا لم يقفوا معه ليتمكن من تغيير تلك الأشياء، ومن إعادة بناء الأمة على أساس صحيح فيحظوا هم يحظوا بالسبق فيكونوا كالسابقين في بدر، ولكن تخاذلوا لضعف وعيهم، لقلة إيمانهم.

 

((وبلغ بإيماني أكمل الإيمان)) حتى وإن كان هو زين العابدين، ما يزال ذلك الرجل الذي يقطع ليله في العبادة، ويجوب شوارع المدينة يحمل الطعام فوق جنبه، فوق ظهره يوزعه للضعفاء والمساكين والأرامل، من حيث لا يشعرون، هو من كان لا يزال يدعو: ((وبلغ بإيماني أكمل الإيمان))؛ ليقول للناس من بعده، وهي نفس الكلمة التي رفعها زيد لأصحابه: ((البصيرة .. البصيرة)) فلم يستبصروا، فتخاذلوا، فقتل، واستعاد بنو أمية حكمهم من جديد.

 

نحن نقول: ليس فقط بنو أمية الذين يتحملون أوزار هذه الأمة، بل وأولئك الذين تخاذلوا تحت راية الإمام علي، من صف الإمام علي، ومن صف الإمام الحسن، ومن صف الإمام الحسين، ومن صف الإمام زيد ومن بعده من الأئمة كل من تخاذلوا هم ممن يتحمل الأوزار الكثيرة.

ليس فقط أوزار العرب – هذه خطورة تخاذلنا نحن العرب – العرب إذا ما تخاذلوا يتحملون حتى أوزار الآخرين من الأمم الأخرى؛ لأنهم هم لو استقامت دولة الإسلام في وسطهم، لو استقرت وضعيتهم، وكانوا على صراط الله وهدي الله، هم من سيستطيعون أن يغيروا وجه الأرض هذه بكلها، فكل تخاذل أنت مشارك فيه وزر ذلك الرجل في طرف استراليا, أو في المكسيك, أو في أمريكا أو في أي منطقة.

 

خطورة هذه على العرب أكثر من غيرها فعلا؛ لأن الله قال فيهم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}(آل عمران: من الآية110) لتهدوا الناس فإذا ما تخاذلتم عن أن تقوموا بهذه المهمة فإنكم شركاء في أوزار الناس, كل الناس. من الذي كان بإمكانه أن يبلغ هذا الدين؟ الذي كتابه عربي ولسانه عربي وأعلامه عرب؟ إلا العرب أنفسهم لكنهم تخاذلوا فرأينا ما رأينا. من أين يأتي التخاذل؟ من ضعف الإيمان، من ضعف الإيمان.

 

دروس من هدي القرآن الكريم

في ظلال دعاء مكارم الأخلاق – الدرس الأول

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 1/2/2002م

اليمن – صعدة

 

 

 

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com