قرأت مقالًا لأحد المحلِّلين السياسيين يتحدث فيه عن اقتراب ساعة الحوثيين وكيف أنهم قد حفروا نهايتَهم بأيديهم حين ساندوا غزةَ وأغلقوا البحرَ الأحمر وتسببوا بخسائرَ تتجاوز 200 مليار دولار أغضبوا بها القوى الدوليةَ، وأن ذلك سيستدعي قرارًا دوليًّا بإزاحتهم من المشهد، حَيثُ لم يتوفر هذا القرارُ من قبل..
الكاتب بهذا الكلام داس فكرةَ “السيادة الوطنية” تحت قدمَيه بعد أن ذبحَ “العروبة” و”مساندة غزة” قبلَها ليؤكّـدَ وهو الذي ينتمي إلى ما يُسمى “قوى الجمهورية” تبعيتَه التامةَ لإرادَة الأمريكي الذي هو صاحبُ القرار الفعلي، حَيثُ هذه القوى المحلية عبءُ الواجهة والأدَاة لفرض هذا القرار على الشعب اليمني!
للأسف هذا ما سمعناه مرارًا منذ ٢٠١٥ من قادة المرتزِقة أن قواتهم المدعومة من السعوديّة والإمارات والتي كانت على مشارف العاصمة صنعاء كانت قادرة على “تحريرها” لولا المنع السعوديّ والأمريكي! هؤلاء الذين لا يمتلكون قرارَ تحرير عاصمتهم ويرتهنون لإرادَةِ الأجنبي ويدوسون فكرة السيادة والاستقلال والعروبة بدعوى الحرص على السيادة والاستقلال والعروبة كيف سيؤتَمون على قيادة بلد؟
بل إن الأمرَ تعدَّى القياداتِ ليصلَ إلى المفكِّرين، فالكاتبُ نفسُه وغيرُه من الذين يعتبرُهم الكثيرون مفكِّرين تناولوا هذا التوجّـهَ الدولي الأمريكي المُرتقَب ببهجة على اعتبار أنه قرارٌ صدر عمن بيده مقاليدُ كُـلّ شيء في الأرض وفي السماء!
لكن لسوء حظِّ هؤلاء المراهنين على القرار الدولي فالحدَثَ العالمي التاريخي الذي صنعه أنصارُ الله يمكنُ قراءةُ أثرِه السياسي بطريقة معكوسة؛ فمعلومٌ أن الطرَف الذي لديه إمْكَانيةُ أن يتسبب بخسائر تتجاوز 200 مليار دولار هو في الحقيقة يملكُ كرتًا سياسيًّا رابحًا يمكن أن يحصل به على الكثير بالمعايير المادية.. الرهانُ الوحيدُ هو ألَّا يكونَ هذا الطرف مهتمًّا بهذا الكرت، ولا يسعى لاستخدامه أصلًا! ولذلك فالمرتزِقة إنِّما يراهنون على عدمِ قبول أنصار الله لأية رشوة أَو تسوية تُثنيهم عن مبادئهم الصادقة، ولو كانوا يظنون مُجَـرّدَ ظنِّ أن أنصار الله من النوع الانتهازي لكانوا أسرعَ الناس لمغازلتهم وترتيبِ الأوضاع معهم؛ لأَنَّ أنصار الله قد أثبتوا أنهم الطرفُ الذي بيده كروتُ مساومة تتحكم بمئات مليارات الدولارات وعصا غليظة يصلُ مداها إلى 2000 كيلومتر.