أفق نيوز
الخبر بلا حدود

اتفاق غزة.. ثبات المقاومة وإخفاق العدوان الصهيو-أمريكي

37

أفق نيوز | في خضم التطورات المتسارعة في المنطقة، وما شهدته غزة من تصعيد عسكري دامٍ، ألقى قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، كلمة تحليلية مهمة تناولت خلفيات اتفاق إطلاق النار في غزة ومعطياته. لم تقتصر الكلمة على رصد الأحداث، بل قدمت قراءة معمقة لأبعاد الصراع وتداعياته على مستقبل المقاومة الفلسطينية. فقد قدم قائد الثورة، في كلمته التي ألقاها الخميس الماضي، قراءة تحليلية لخلفيات اتفاق إطلاق النار في غزة ومعطياته، وتطرق إلى تطلعات مستقبل المقاومة بقيادة حركتي حماس والجهاد، والكتائب والسرايا في القطاع، حيث أكد السيد القائد على ثبات المقاتلين الفلسطينيين في غزة، من كتائب القسام وسرايا القدس وبقية الفصائل، الذين صمدوا وقاتلوا في ظروف بالغة الصعوبة وبإمكانات محدودة، في مواجهة الحشد العسكري الإسرائيلي الهائل الذي هدف إلى القضاء عليهم وإبادتهم واستئصالهم وإنهاء المقاومة نهائيًا.

وصف السيد القائد حجم الهجوم الإسرائيلي بأنه كان ضخمًا، حيث شمل مئات الآلاف من الجنود، وعددًا كبيرًا من الدبابات، وعمليات عدوانية لتدمير كل شيء في قطاع غزة، وقصفًا همجيًا شاملًا. ومع ذلك، فشل العدو الإسرائيلي رغم إمكاناته الهائلة، والدعم الأمريكي المباشر على مستوى النشاط الاستخباراتي والرصد الجوي، الذي كان يهدف إلى توفير كل المعلومات اللازمة لإنهاء المقاومة والقضاء على المجاهدين.

أشار السيد القائد إلى أن المقاومة نشأت أصلًا في ظل حصار طويل، وبإمكانات محدودة جدًا. ورغم استخدام العدو لكل التكتيكات المتاحة، وبمشاركة أمريكية لتحقيق هذا الهدف، إلا أنه فشل. ويعزو السيد القائد هذا الفشل إلى قوة الإيمان والإرادة والاستبسال والاستعداد العالي للتضحية، والعمل الفدائي البطولي من جانب المجاهدين الفلسطينيين، الذين جاهدوا بكل قيم التفاني وقوة الإرادة والتصميم الإيماني، وتكيفوا مع مختلف الظروف العسكرية، وأبدعوا في تكتيكهم القتالي.

نتيجة لذلك، كلما اعتمد العدو الإسرائيلي، بدعم أمريكي، على تكتيك أو خطة عسكرية معينة، مدروسة ومدعومة بكل الإمكانات القتالية والتدميرية، كان يفشل في نهاية المطاف. وقد كرر عمليات الاجتياح في شمال القطاع وغيره، وأعلن السيطرة، ثم سرعان ما كان يواجه العدو بعمليات تفتك بضباطه وجنوده، وتدمر آلياته، وتلحق به الخسائر المباشرة.

وصف السيد القائد المشاهد البطولية والفدائية للمجاهدين في غزة بأنها كانت عظيمة ومذهلة ومؤثرة حتى على معنويات الأعداء، وأصابتهم بالإحباط. فبعد كل الدمار والخراب والقتل واستخدام كل الوسائل والتكتيكات، يفشل العدو، وتستمر العمليات الجهادية بل وتتصاعد بإبداع وتنويع في التكتيك، واستخدام للوسائل المتاحة، رغم الإمكانات البسيطة جدًا. واستمرت العمليات، من القصف الصاروخي إلى ما يُسمى بغلاف غزة، إلى العمليات الكثيرة من المسافة صفر، في الاشتباك المباشر مع جنود العدو وضباطه.

 يرى السيد القائد أن هذا المشهد درس كبير جدًا، وله أهمية كبيرة في مستوى ما تحقق من نتيجة مهمة جدًا، لأن الفشل الإسرائيلي يُقاس بمعيارين: الأول: حجم إمكانات العدو والشراكة الأمريكية الكاملة في العدوان، والثاني: الظروف الصعبة التي يعيشها المقاتلون في غزة، والإمكانات البسيطة، والحصار الشديد.

كما أشاد السيد القائد بثبات المجتمع الفلسطيني في غزة، الذي يُباد بشكل يومي، ويواجه مجازر جماعية متكررة، واستخدامًا لكل وسائل الإبادة والترهيب، وتدميرًا شاملًا لمقومات الحياة. ومع ذلك، يظهر صمودًا وثباتًا وتماسكًا منقطع النظير، ويتمسك بخيار المقاومة، ويثبت على أرضه ووطنه، رغم الإبادة والتجويع وانعدام الخدمات الصحية وشظف العيش.

وثمّن السيد القائد الثبات في الموقف السياسي لحركة حماس، ورفضها للشروط المذلة التي يسعى بها العدو للسيطرة على غزة وفرض الاستسلام، رغم الضغوط الكثيرة من الأمريكي والعالم الغربي والأنظمة العربية والوضع الميداني.

وأوضح السيد القائد أن الأمريكي اتجه إلى خيار الاتفاق بعد الإخفاق والفشل الكبير الذي بات واضحًا أنه لا أفق له، ما أوجد حالة إحباط ويأس لدى الإسرائيليين أنفسهم. فالعدوان بحجمه وهمجيته وإجرامه والشراكة الأمريكية الكاملة فيه لم يحقق أهدافه المعلنة، كاستعادة الأسرى بالقوة وإنهاء المقاومة في غزة.

  

اعترافات إسرائيلية

 

وكان العديد من الصهاينة قد اعترفوا بالفشل في استعادة الأسرى بالقوة، ما أدى إلى تزايد الإحباط واليأس لدى الصهاينة . أعلن من يُدعى بوزير “الأمن القومي” الإسرائيلي إيتمار بن غفير أنّه سيستقيل من “حكومة” العدو إذا تمّ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

 بن غفير علّق على صفقة تبادل الأسرى، مؤكداً أنّها “تعني هزيمة إسرائيل”، بحيث “تتضمن نهاية الحرب، على الرغم من أنّ حماس لم تُهزم”. وقال: “عندما نشاهد احتفالات الفرح لأنصار حماس في غزة والضفة الغربية، ندرك من هو الطرف الذي استسلم”.

وأعلن بن غفير أن حزب “القوة اليهودية”، برئاسته، “لا يُسقِط نتنياهو ولا يعمل مع اليسار”، إلا أنّه “لا يستطيع أن يكون جزءاً من سلطة تصادق على صفقة تشكّل جائزةً كبيرةً لحماس، ويمكن أن تُنزل بإسرائيل 7 أكتوبر أخرى”.

سنبني غزة من جديد

 و أكد عضو المكتب السياسي لحماس ورئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، أن “إسرائيل” فشلت في تحقيق أهدافها، مشيراً إلى أن القطاع الآن أمام مرحلة البناء وإعادة الإعمار. وأضاف الحية في كلمة متلفزة، عقب الإعلان عن التوصل لاتفاق وقف النار بين حماس والكيان الإسرائيلي، “أننا قادرون بمساعدة الإخوة والأشقاء والمحبين والمتضامنين أن نبني غزة من جديد”.

وأكد أن عملية طوفان الأقصى، شكّلت منعطفاً مهماً في تاريخ القضية الفلسطينية، مضيفاً: “ستستمر آثار هذه المعركة ولن تتوقف بانتهاء هذه الحرب”.

وأشار الحية إلى أن “ما قام به الاحتلال الإسرائيلي وداعموه من حرب إبادة وحشية ومعاداة للإنسانية على مدى 467 يوماً سيبقى محفوراً في ذاكرة شعبنا والعالم، كأبشع إبادة جماعية في العصر الحديث”.

ولفت إلى أن “ما قامت به كتائب القسام الجناح العسكري لحماس أصاب كيان العدو في مقتل، وسيبقى في سجل التاريخ”. وتابع: “فصول حرب الإبادة ستبقى وصمة عار على جبين الإنسانية والعالم الصامت المتخاذل، ولن ينسى شعبنا كل من شارك في حرب الإبادة. ونؤكد أن كل هؤلاء سيلقون جزاء ما قدموا وفعلوا ولو وبعد حين”.

وأردف بالقول: “لقد حاول الاحتلال منذ بَدء العدوان تحقيق العديد من الأهداف، أعلن بعضها وأخفى البعض الآخر، فقال صراحة إنه يسعى لإنهاء المقاومة والقضاء على حماس، واستعادة الأسرى بالقوة العسكرية، وتغيير وجه المنطقة، فيما كان هدفه المبطن، تصفية القضية وتدمير القطاع والانتقام من أهله وتهجيرهم، والقضاء على إرادة شعبنا بالحرية، وتدمير كل معاني الأمل”.

 

لا جديد تحت الشمس

 

الشواهد تؤكد أن العدو الإسرائيلي مني بهزيمة نكراء، فلا هو استعاد أسراه بالقوة العسكرية ولم يتمكن من القضاء على حركات المقاومة الفلسطينية التي واصلت التنكيل بالعدو حتى اللحظة الأخيرة بالاتفاق. في المقابل خرجت المقاومة الفلسطينية منتصرة من هذه الجولة، حيث صمدت في وجه العدوان، وأجبرت الكيان على وقف إطلاق النار بشروطها.

 ما يسمى بمعهد دراسات “الأمن القومي” الإسرائيلي، أكد أنّه “تم استنزاف الجيش الإسرائيلي في مهام لم يكن لها تأثير على شروط إنهاء الحرب”، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة والذي دخل حيّز التنفيذ الأحد 19 كانون الثاني.

وشدد المعهد، على أنّ “اتفاق وقف إطلاق النار يعني أن إسرائيل لن تدمر حماس لأنها لم تكن قادرة على ذلك”، مضيفًا “إصرار إسرائيل على مواصلة الحرب كان لأسباب سياسية أو بسبب قصر النظر”

وأوضح أنّ الحقيقة الأساسية أن حركة حماس ستتعافى أكثر وقيادتها المستقبلية ستغادر السجون”، مشيرًا إلى أنّ قرارات من يسمى برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو و”حكومته” والمؤسسة الأمنية “كانت على حساب حياة الجنود والأسرى إن الاتفاق على إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار، الذي أصبح في مراحل التنفيذ، يشكل محطة مهمة بالنسبة للفلسطينيين، سواء حماس أو الجمهور الفلسطيني”.

وأشار المعهد إلى أن حماس يكفيها  أنها حافظت على بقائها قوةً حاكمة وعسكرية في قطاع غزة بعد خمسة عشر شهراً من الحرب ضد أقوى جيش في الشرق الأوسط” حسب زعم المعهد الذي أكد أن هذا بحد ذاته يشكل النصر. فقد نجحت حماس في الحفاظ على أهم أصولها الاستراتيجية، وهو الحفاظ على السيطرة على قطاع غزة، كخطوة نحو تحقيق هدفها المنشود المتمثل في السيطرة على النظام الفلسطيني بأكمله.

وأضاف “كما أن الاتفاق يبث روح النضال المتجددة في حماس وقيادتها”، فقد صرح القيادي البارز في حماس خليل الحية بأن “اتفاق وقف إطلاق النار هو نتيجة لصمود شعبنا لأكثر من 15 شهراً، وأن النضال سيستمر لأجيال ولن يتوقف”.

مؤكدا “وهكذا، لا جديد تحت الشمس فيما يتصل بحماس. فالمنظمة تواصل التركيز على إعادة بناء نفسها والحفاظ على قبضتها القوية على غزة وسكانها، وتواصل بإصرار كفاحها ضد إسرائيل حتى تحقيق الهدف النهائي، حتى ولو تأخر”.

 

الخاتمة:

الجولة الأخيرة من المواجهة مع العدو الإسرائيلي ليست سوى مرحلة من مراحل الصراع، لأننا أمام عدو يغتصب أرض فلسطين، ما يعني أن المعركة لن تنتهي معه إلا بتحرير كل أرض فلسطين، وهو ما أكده السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بأننا سنتجه لبناء قدراتنا العسكرية بشكل أكبر وأكثر فاعلية، كما أننا سنتحضر للجولة المقبلة مع العدو، مؤكدا أن اليمن سيكون جزء من أي معركة مقبلة مع العدو ويسعى لإعداد ما يمكنه من قوة للتنكيل بالعدو الصهيوني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com