” الأزمات الدولية” : “الهجمات الأمريكية البريطانية لم تنجح فالحوثيين طوروا أسلحتهم وزادوا مدى عملياتهم”
أفق نيوز ||
قال تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية إن “فشل واشنطن في ردع هجمات الحوثيين في البحر الأحمر يعود إلى عدة عوامل، مما أظهر حدود القدرات العسكرية الأمريكية في مواجهتهم”.
التقرير، الذي حمل عنوان “تهدئة مياه البحر الأحمر المضطربة”، أكد أن “الولايات المتحدة أطلقت عملية حارس الرخاء في ديسمبر 2023، تلتها غارات جوية مع بريطانيا في يناير 2024، ثم تصاعدت الضربات إلى 931 غارة خلال عام 2024، وأكثر من 40 غارة في 15 مارس 2025، أودت بحياة 50 شخصا، دون أن تنجح في وقف هجمات الحوثيين التي استهدفت 472 سفينة حتى يناير 2025”.
تقرير مجموعة الازمات الدولية قال : من أبرز “أسباب فشل واشنطن العسكري أن الحوثيين نجحوا في إعادة توزيع مواقعهم العسكرية واعتماد أسلحة متنقلة، مما صعّب استهدافهم بشكل مباشر…وأن المعلومات الاستخباراتية الأمريكية حول الأصول العسكرية الحوثية كانت محدودة، مما قلل من فعالية الضربات الجوية”.
وأكد التقرير أن “الحوثيين تجاوزوا كونهم مجرد جماعة يمنية غير حكومية ذات أجندة محلية ليصبحوا طرفًا فاعلًا في معادلات الأمن الإقليمي. كما أن الضربات الأمريكية والبريطانية المتكررة لم تنجح في إنهاء هجماتهم بل دفعتهم إلى تطوير أسلحتهم البحرية وزيادة مدى عملياتهم”.
وأشار التقرير إلى أن “الجهود الأمريكية فشلت في ردع أنصار الله عن أي تحرك عسكري مرتبط بحرب غزة، بل إن الحركة لجأت إلى تصعيد الهجمات البحرية وتطورت قدراتها بشكل أكبر حيث تمكنت بحلول منتصف عام 2024 من تنفيذ ضربات بحرية أكثر دقة ضد السفن، فقد استهدفت سفينة في بحر العرب بصاروخ باليستي في 24 يونيو، وأصابت سفينة “توتور” بطائرة مسيرة بحرية في 12 يونيو، كما نفذت هجوما على ناقلة النفط اليونانية “سونيون” في أغسطس 2024 باستخدام طائرة مسيرة وصاروخ”.
وقال التقرير في محاولة لوقف الهجمات، “عرضت الولايات المتحدة على الحوثيين عدة تنازلات اقتصادية، من بينها دعم الاقتراح السعودي بدفع رواتب موظفي القطاع العام في مناطق سيطرتهم، إضافة إلى اتفاق تقاسم عائدات النفط مع ما يسمى بالشرعية بشرط وقف الهجمات على الشحن البحري إلا أنهم أكدوا مرارًا أن إنهاء حملتهم في البحر الأحمر مشروط بإنهاء إسرائيل حربها في غزة ورفع الحصار عن القطاع، حيث ساهم وقف إطلاق النار في غزة خلال يناير 2025 في تهدئة هجماتهم مؤقتًا”. لكن مع ا”نهيار الهدنة بين حماس وإسرائيل، أعلنوا استئناف هجماتهم على السفن المرتبطة بإسرائيل، مما دفع الولايات المتحدة إلى تنفيذ غارات جوية جديدة على أهداف يمنية”.
وخلص التقرير الى أن إنهاء حرب غزة والصراع الداخلي في اليمن بشكل دائم، من شأنه أن يساهم في استقرار البحر الأحمر. وفي الوقت الحالي بحسب تقرير مجموعة الأزمات الدولية وينبغي على الدول المطلة على البحر الأحمر والقوى الخارجية العمل على تقليل الحشد العسكري وتعزيز الأمن الجماعي، لكن مع استمرار التصعيد، لا يبدو أن هذا النهج قد يحقق نتائج على المدى القريب.
وأشار التقرير إلى أن “إقناع الحوثيين بالتخلي عن جميع الهجمات المستقبلية على سفن البحر الأحمر يتطلب معالجة الأسباب الجذرية التي دفعتهم إلى هذا المسار، وليس مجرد وقف إطلاق نار مؤقت في غزة أو إنهاء الحرب في اليمن. فقد أكد الحوثيون أن عسكرة البحر الأحمر من قبل الولايات المتحدة وحلفائها تمثل تهديدًا مباشرًا للسيادة اليمنية ومصالح الشعب اليمني، وليست مجرد جهود لحماية الملاحة الدولية كما تزعم واشنطن”.
واعتبر التقرير أن “الحوثيين نجحوا في فرض معادلة جديدة في المنطقة، حيث أصبح البحر الأحمر ساحة مقاومة لهيمنة القوى الأجنبية، بالإضافة إلى كونه منصة للضغط على المجتمع الدولي لتحقيق مطالب مشروعة تتعلق برفع الحصار عن غزة وإيقاف التدخلات الخارجية في شؤون اليمن والمنطقة”.
محذرا من أن الاستقرار الدائم في البحر الأحمر يعتمد على توجيه هذه الصراعات نحو حلول سلمية من ضمنها استئناف جهود الهدنة في غزة واستئناف سريع للمحادثات بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية قد يسهم في تغيير حسابات الجماعة.
وبحسب التقرير فإن “محاولة القوى الدولية فرض الردع بالقوة العسكرية لم تؤدِّ حتى الآن إلى وقف الهجمات، بل عززت من عزم الحوثيين على مواصلة عملياتهم”. مضيفا أن “اتباع نهج أكثر توازناً سيكون ضروريًا للحفاظ على أمن التجارة العالمية والاستقرار الإقليمي، حيث يمثل البحر الأحمر شريانًا حيويًا للاقتصاد العالمي، إذ يربط المحيطين الهندي والهادئ بالبحر الأبيض المتوسط، ما يجعله ممرًا أساسيًا يربط آسيا وأفريقيا بأوروبا”.
ويشير التقرير إلى أن البحر الأحمر يمر عبر شواطئ ثماني دول ويمتد عبر مضيق باب المندب وقناة السويس، مما يجعله من أكثر الممرات التجارية حساسية، حيث تمر عبره 14% من التجارة البحرية العالمية، أي ما يعادل 700 مليار دولار سنويًا. كما أن مضيق باب المندب يعد طريقًا رئيسيًا لنقل النفط والغاز من الشرق الأوسط إلى الغرب، حيث يمر عبره 6.2 مليون برميل من النفط يوميًا، وتستورد أوروبا حوالي 60% من احتياجاتها من الطاقة عبر هذا الممر. أما الولايات المتحدة، فتحصل على 10% من نفطها عبر المضيق، وهو انخفاض عن النسبة التي كانت 20% قبل خمس سنوات، ما يعكس تقليل اعتماد واشنطن على نفط الشرق الأوسط للاستخدام المحلي.