الأسلحة اليمنية.. التحدي الأصعب للهيمنة الأمريكية
أفق نيوز | يحيى الربيعي
في خضم المعركة المحتدمة و استمرار القوات المسلحة اليمنية ضرب السفن الحربية الأمريكية وقصف “تل أبيب” مع عجز أمريكي عن إيقاف عمليات اليمن الإسنادية لغزة، تطالعنا العديد من الشركات البحرية ومراكز الدراسات ووسائل إعلامية غربية بتقارير، تكشف جانبا من المأزق الأمريكي وعجز غاراته الجوية عن الحد من إطلاق الصواريخ اليمنية.
برزت اليمن كنقطة ساخنة تجذب انتباه العالم، خصوصًا مع الصعود لقدراته العسكرية التي واجهت الهيمنة الأمريكية بكل ثبات. وبينما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعلن أهدافه العدوانية ضد اليمن، يظهر ضعف البحرية الأمريكية جليًا في تحقيق تلك الأهداف، مقابل القدرات اليمنية التي تمكّنت من الصمود والرد بفعالية. كما برزت، أيضًا، التأثيرات الاقتصادية والسياسية العميقة لهذه المواجهة، حيث اضطرت العديد من الشركات إلى تغيير مسارات الشحن، مضيفة تكلفة ومدة أطول في من الرحلة هذا الواقع يجعل اليمن نموذجًا فريدًا لمواجهة القدرات العسكرية للدول الغربية .
الغطرسة الأمريكية والصمود اليمني
ونشر “مجلس العلاقات الخارجية” الأمريكي، وهو مركز أبحاث متخصص في السياسة الخارجية، تقريرا أكد فيه أن القوات المسلحة اليمنية تشكّل التحدي الأكبر أمام الهيمنة البحرية الأمريكية منذ مواجهة البحرية الإمبراطورية اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية.
التقرير يشير إلى أن القوات المسلحة اليمنية “برزت في الساحة الدولية بعد 7 أكتوبر 2023، حيث أطلقت صواريخ كروز على إسرائيل وأعلنت أن أي سفينة ترتبط بإسرائيل ستُعتبر هدفًا لعمليات بحرية تنفذها تضامنًا مع المقاومة الفلسطينية”. كما نفّذت القوات المسلحة اليمنية سلسلة هجمات باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ هجومية أحادية الاتجاه، استهدفت 472 سفينة حتى يناير 2025، بما في ذلك 170 سفينة حربية أمريكية و145 سفينة تجارية.
وفقًا لتقرير مجلس العلاقات الخارجية، منذ أكتوبر 2023، تم إطلاق عملية “حارس الرخاء” في ديسمبر 2023، تبعتها غارات جوية مشتركة بين الولايات المتحدة وبريطانيا وصلت إلى 931 غارة خلال عام 2024، وأكثر من 40 غارة يوم 15 مارس 2025 أودت بحياة أكثر من 50 شخصًا. ومع ذلك، لم تتمكن هذه العمليات من وقف الهجمات اليمنية المستمرة.
وأكد التقرير أن “الحوثيين لا زالوا يشكلون تهديدًا خطيرًا لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة”. مشيرا إلى تقديرات مجلة “الإيكونوميست” التي أكدت أن هجمات الجيش اليمني أدت إلى انخفاض الشحنات عبر البحر الأحمر بنسبة 70%، حيث اختار الكثيرون بدلاً من ذلك التوجه حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، مما أضاف نحو 3500 ميل بحري وعشرة أيام على الأقل من وقت السفر. ويُعدّ هذا أكبر اضطراب للتجارة الدولية منذ جائحة كوفيد-19.
التقنيات المتطورة والتأثيرات الاقتصادية والتجارية
وبشأن تطوير القوات المسلحة اليمنية تقنيات عسكرية متقدمة، من بينها الصواريخ الباليستية المضادة للسفن والطائرات المسيّرة. فقد ذكر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن اليمنيين تمكنوا من تعديل أسلحة بأنظمة توجيه أكثر تطورًا، باستخدام مستودعات سرية مدفونة في شمال وشرق اليمن. كما استخدموا وسائل مثل بيانات أجهزة الإرسال والاستقبال البحرية وصور الأقمار الصناعية لتتبع واستهداف السفن.
وفي تقرير بعنوان “تهدئة مياه البحر الأحمر المضطربة”، أكدت مجموعة الأزمات الدولية فشل الجهود الأمريكية في ردع القوات المسلحة اليمنية بقيادة عن القيام بأي تحركات عسكرية ترتبط بحرب غزة. وعلى العكس، واصلت البحرية اليمنية تصعيد الهجمات البحرية وتعزيز قدراتها. بحلول منتصف عام 2024، نفذت البحرية اليمنية ضربات دقيقة تشمل استهداف سفينة في بحر العرب بصاروخ باليستي في 24 يونيو، وهجوم بطائرة مسيرة بحرية أصاب سفينة “توتور” في 12 يونيو، إضافة إلى استخدام طائرة مسيرة وصاروخ لمهاجمة ناقلة النفط اليونانية “سونيون” في أغسطس 2024.
وتحددت أسباب فشل واشنطن العسكري بتمكن الجيش اليمني من إعادة توزيع مواقعهم العسكرية وتبني أسلحة متنقلة، مما صعّب عملية استهدافهم. كما أظهر التقرير أن المعلومات الاستخباراتية الأمريكية حول القدرات العسكرية اليمنية كانت محدودة، مما قلل من فعالية الضربات الجوية.
وأشار تقرير المجموعة إلى أن اليمنيين تحولوا تحت قيادة السيد القائد عبدالملك الحوثي من “جماعة” ذات أجندة محلية إلى طرف مؤثر في الأمن الإقليمي، حسب زعمه. وأشار التقرير “رغم الضغوط العسكرية المتكررة من الولايات المتحدة وبريطانيا. هذه الجهود لم تُنهِ هجماتهم، وإنما دفعتهم لتطوير أسلحتهم وزيادة مدى عملياتهم”.
في تقريرها، أكدت مجموعة الأزمات الدولية أن إقناع اليمنيين بالتخلي عن الهجمات المستقبلية يتطلب معالجة الأسباب الجذرية التي دفعتهم إلى التصعيد، مثل إنهاء الصراعات في غزة واليمن. فالحوثيين يرون أن عسكرة البحر الأحمر من قبل الولايات المتحدة وحلفائها تمثل تهديدًا لسيادة اليمن”. مشيرة إلى أن “واشنطن لجأت إلى تقديم تنازلات اقتصادية لصنعاء، مثل دعم المقترح السعودي بدفع رواتب موظفي القطاع العام في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم. ولكن صنعاء اشترطت إنهاء حملاتهم البحرية بإنهاء إسرائيل عدوانها على غزة ورفع الحصار عن القطاع. ومع انهيار الهدنة بين إسرائيل وحماس، استأنف اليمنيون هجماتهم البحرية. ودفاعاً منها عن مصالح مدللتها “تل أبيب” سارعت واشنطن إلى تنفيذ عدوان غير مبرر على اليمن بغارات جوية جديدة”.
استنزاف الموارد الأمريكية
وكشف تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية أن الجيش الأمريكي أنفق أكثر من مليار دولار في معركة البحر الأحمر، وهو مبلغ يتجاوز بكثير تكلفة المعدات الهجومية التي يمتلكها الجيش اليمني. وهذا الواقع يكشف عن ضعف الجيش الأمريكي في مواجهة حرب غير متكافئة مع القوات اليمنية التي نجحت في استنزاف الموارد الأمريكية وإرهاق القاعدة الصناعية الدفاعية، التي تكافح لتلبية الطلب على صواريخ الدفاع الجوي.
وأكدت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها أن شركات الشحن الكبرى لا تزال تفضل الإبحار حول أفريقيا بدلًا من المرور عبر البحر الأحمر، نتيجة للمخاطر الأمنية. وأكدت الصحيفة أن شركات مثل ميرسك تتوقع أن تكون الأرباح أكبر عند الاستمرار بتجنب البحر الأحمر، حيث لا تزال الشركات تتعامل بحذر مع الوضع الأمني المتوتر.
أورد التقرير أيضًا أن القوات المسلحة اليمنية ما تزال تشكّل تهديدًا كبيرًا للمصالح الأمريكية في المنطقة. دعم هذه النقطة تقديرات مجلة “الإيكونوميست”، التي أشارت إلى أن الهجمات اليمنية أدت إلى انخفاض الشحنات عبر البحر الأحمر بنسبة 70%. ونتيجة لذلك، لجأت الكثير من شركات الشحن إلى تغيير مساراتها عبر رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، مما أضاف حوالي 3500 ميل بحري وعشرة أيام إضافية على الأقل إلى وقت السفر. ويُعدّ هذا أكبر اضطراب للتجارة العالمية منذ جائحة كوفيد-19.
تؤكد مجريات المعركة أن كل خيارات واشنطن في ثني الموقف اليمني عن إسناد غزة قد فشلت فاليمن ماض نحو التصعيد بأكثر مما قد مضى، وقد أكد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في خطاب له 28 مارس أن هناك بشارات قادمة في مجال تطوير القدرات العسكرية اليمنية.
المصدر : موقع أنصار الله