عام من صمود الريال في مواجهة تداعيات الحصار والعدوان
180
Share
كتب / أحمد الطيار
ثلاث عقبات وضعتها دول العدوان أمام الريال اليمني كحزمة لمحاربته ضمن خطط لتدمير الاقتصاد الوطني منذ 26 مارس 2015م إنها استغلال تحرير أسعار المشتقات النفطية ،وتوسيع السوق السوداء، وإغراق السوق بالسلع الخليجية غير الضرورية لسحب أكبر قدر ممكن من النقد الأجنبي والمضاربة بالعملة المحلية.
إنها ثلاث خطوات مستمرة منذ ذلك الحين وحتى اليوم كلها ضربات موجعة توجه للتضييق على الشعب اليمني في قوته لكن البنك المركزي اليمني وبقيادة الأستاذ محمد عوض بن همام محافظ البنك كانت لهم بالمرصاد ،فالإجراءات التي اتخذها البنك المركزي اليمني وبالتعاون مع الخيرين من العاملين في سوق الصرافة استطاعت وقف أي محاولات لتدمير الريال اليمني بل استطاعت وقف المضاربات عليه في السوق السوداء وضبط المتلاعبين به من السماسرة وتجار الأزمات.
شنت دول العدوان حربا على الريال اليمني من ناحيتين الأولى المضاربة عليه في المناطق التي يتواجدون فيها من خلال عرض الريال وضخه لدعم عملياتهم الحربية الحاقدة وتسليمه لمرتزقتهم كمجهود حربي حيث تقدر مصادر اقتصادية انهم ضخوا أموالا تصل إلى 100 مليار ريال في الشهر الواحد والثاني عبر التضييق على الريال اليمني بمحاربته في القيمة من خلال زيادة الطلب على الدولار حتي يتعرض لخفض القيمة وهم بذلك وراء القفزات التي صعدت بالدولار إلى 270 ريالا الآونة الأخيرة.
جهود البنك المركزي
يقود البنك المركزي سياسة نقدية متزنة مكنت الريال اليمني من الصمود في وجه التقلبات واستطاع مواجهة الضغوط السياسية والعدوان من خلال سياسة الاستقرار النقدي فالبنك المركزي وبسياسته الحيادية بين جميع الأطراف تمكن من الاستمرار في تسليم مرتبات موظفي الدولة والمحافظة على الاستقرار النقدي للعملة وتأمين الواردات السلعية الغذائية مما جعل الخبراء يصنفونه في مراتب متقدمة من التصنيفات الائتمانية في وضع كوضع اليمن.
وفي هذا الصدد يؤكد الخبير الاقتصادي احمد حجر أن الواقع الميداني للسياسة النقدية يتسم بارتفاع حجم الأصول الخارجية للبنوك التجارية والإسلامية لدى البنوك الأجنبية ،مع وجود ضعف الاتساق بين السياسة الاقتصادية والسياستين النقدية والمالية إلى جانب سوء إدارة التجارة الداخلية، وما تعانيه البلد من الركود الاقتصادي الحالي والمتوقع على الأمد المتوسط ، و هروب جزء هام من موارد القطاع الخاص إلى خارج البلاد خلال الخمس السنوات الأخيرة 2011-2015م ،ويشير حجر إلى أن الحرب على اليمن لم تكن حربا عسكرية فقط بل استخدمت دول العدوان الحرب الاقتصادية وأولها ضد الريال اليمني من خلال استغلال تحرير أسعار المشتقات النفطية وتوسيع السوق السوداء وإغراق السوق بالسلع الخليجية غير الضرورية لسحب أكبر قدر ممكن من النقد الأجنبي والمضاربة في العملة المحلية وهذا ما اثر على الريال وجعله يواجه اعتداء وحشيا بالمعنى الاقتصادي.
ويضيف أحمد حجر بالقول: :يتسم القطاع المصرفي اليمني بالمحدودية ويتركز نشاطه في المدن الرئيسية و ضعف بنيانه وتردي البيئة الاستثمارية وميول رجال الأعمال للاعتماد على السيولة المتاحة لديهم أو على الودائع لأجل وبالأخص بالعملات الأجنبية ، وجود خلل كبير في هيكل قروض الجهاز المصرفي ومع تلك المشاكل فقد استطاع البنك المركزي المحافظة على الاستقرار وجلب الأمان للريال خلال العام الماضي مما يعد نجاحا يحسب له بكل المقاييس.
تأمين الريال
يدعو أحمد حجر الى تعزيز دور البنك المركزي في رسم السياسة النقدية وتنفيذها مع إشراك البنوك والقطاع المصرفي ويشدد على أهمية الإسراع في تحقيق توافق سياسي لتجاوز الانقسام والأزمة كخطوة ضرورية للتخاطب مع المجتمع الدولي حول الحصول على دعم للاحتياطي النقدي وقروض ميسرة ،واعتبار الملف الاقتصادي أحد المحاور الرئيسية لأي مفاوضات أو حوار ، وأهمية الرؤية الاقتصادية لإدارة وتوجيه الاقتصاد الوطني بما يتناسب مع الظروف الحالية والاستفادة القصوى من الإمكانيات والموارد لمرحلة إعادة الإعمار ،والاهتمام بتحسين البيئة الاستثمارية وخصوصاً تجفيف منافذ الفساد وتحسين عمل أجهزة القضاء والأمن وتوفير شروط المنافسة الحقيقية ،ووضع آليه عملية ومستمرة تضمن تكاملا وتناسقا حقيقيا وفاعلا بين محاور سياسات الاقتصادي الكلي (السياسة المالية، والسياسة النقدية، وسياسة الاقتصاد الحقيقي).
ويشدد الخبير الاقتصادي حجر على موضوع مهم يتمثل في مراجعة كافة السياسات والإجراءات المرتبطة بتحويلات المغتربين والعمل على تبسيطها وتوفير حوافز بما يساهم في توفير دخول حقيقية لأفراد المجتمع وتحريك عجلة الاستثمار. وتنظيم وتحديث العمل المصرفي من خلال إنشاء شركات ومكاتب صرافة مؤهلة ومسؤولة في تنفيذ السياسات النقدية والمشاركة الفاعلة في رسمها وتحديد الإجراءات الكفيلة بتحقيق أهدافها مع الحد من تنفيذ سياسات نقدية ذات طابع إداري أو أمني لا يتنفق مع أسس وقواعد اقتصاد السوق.
سوق المشتقات النفطية
يرى الخبراء أن سوق المشتقات النفطية الأسود يتحمل الجزء الكبير في وضع سوق صرف العملة في اليمن فهم المسئولون عن الطلب على الدولار والارتفاع في قيمته امام الريال، ويقول خبراء إن الطلب المتكرر والاحتياج الكبير للعملة الأجنبية لمصافي عدن يمثل أحد الأسباب الرئيسية للاضطرابات في السوق ويجب ان يكون ضمن آلية و إجراءات لضبط السيولة النقدية المتدفقة إلى السوق المحلي وبمبالغ تصل حجمها لمليارات بالريالات عبر البنوك ولحسابات رجال الأعمال. ويتطلب بشأن ذلك اتخاذ معالجات تقوم على قرار عملي وبصورة عاجلة ينظم عملية الاستيراد للمشتقات النفطية ويحصر نطاق وكميات الطلب والاحتياج المحلي للمشتقات النفطية وما يقابلها من العملة الأجنبية وحصرها على فئة من المستوردين.
ويشرح الخبراء كيف أن هذا الطلب الكبير والمتكرر للعملة يشكل ضغطاً وإرباكاً على السوق المحلي ويستنزف حجماً كبيراً من العملة الأجنبية وعلى حساب الاحتياجات الغذائية الأساسية ويؤثر بدرجة رئيسية على سعر صرف العملة وسيصعب بالتأكيد السيطرة على سوق صرف العملة مستقبلا في حال لم يتخذ بشأن ذلك إجراءات وضوابط تحد من عمليات استنزاف العملة الأجنبية نظرا لحجم الطلب في ظل ندرة وشح العرض من العملة الأجنبية وتركز الشراء على العاصمة صنعاء أوجد اختلالات واضطرابات على سعر الصرف بحسب استمرار الاشتباكات ،مما يستوجب أن يتم حصر وتحديد قائمة بالأولويات والاحتياجات الضرورية للسلع الأساسية وما يقابلها من العملة الأجنبية لتغطية استيرادها.
تحذير وتوصيات
نشأت في الأونة الاخيرة اضطرابات في سوق الصرف المحلي ناجمة عن ضغوطات الطلب على الدولار مقابل الريال اليمني مما حدى بالبنك المركزي لاتخاذ إجراءات بحق شركات الصرافة ضمن خطواته لتحقيق الاستقرار في السوق النقدي المحلي ورغم أن شركات الصرافة والمصارف والبنوك ترى انها مجحفة لكن خبراء يؤكدون انها أسهمت في الاستقرار إلى حدما.
وتشرح جمعية الصرافين اليمنيين المشكلة بالقول: كان الدولار من عام 2009 وحتى قبل الأزمة شبه مستقر لأن البنوك كانت تقوم بدورها في توفير واستقرار العملة الصعبة وكان أي تاجر يشتري العملة الصعبة من البنك المركزي بدون أي مشاكل ،حاليا وفي هذه الأيام البنك المركزي والبنوك الأخرى لا تقوم بهذا الدور في توفير العملة الصعبة.
شركات الصرافة الموجودة حاليا هي من تقوم بهذا الدور بتوفير العملة الصعبة بتدوير ما هو موجود في السوق حيث تقوم بشراء ما يعرض وتبيع عندما يتم الطلب منها من التجار لكن بسعر السوق الحالي وليس سعر الورق والتقارير المكتوبة في أروقة البنكً المركزي ، إذ من الملاحظ أن شركات الصرافة غدت جزءاً من الخلل والمشكلة.
واقترحت جمعية الصرافين عدة ضوابط لتنظيم سعر الصرف منها الزام البنوك بالتدخل في السوق المحلي والتخفيف من سياساتها التحفظية تجاه التعامل بالدولار والبيع وفق سعر مواز بــــــ 250 ريالاً للدولار الواحد من مراكزها المالية ،على أن تلتزم منشآت وشركات الصرافة بالبيع للقطاع التجاري لغرض تقليل الفجوة بين السعر الرسمي وسوق الصرف والذي بدوره سيرفع من حجم المعروض للعملة الأجنبية داخل القطاع المصرفي و سيقلص من حجم التعاملات والطلب داخل السوق الموازي ويحد من عمليات المضاربة على العملة الأجنبية.
وتدعو الجمعية لضبط ومراقبة أرصدة البنوك العاملة في اليمن وحركة عمليات ( التحويل من حساب لآخر – حسابات تجار المشتقات النفطية – حسابات الصرافين – السحب والإيداع ) وكذا حسابات الودائع وأذون الخزانة في البنك المركزي وبصورة يومية بهدف التحكم بالسيولة بالريال وللمبالغ التي يفوق حجمها 100 مليون ريال يمني.