أفق نيوز
الخبر بلا حدود

نحن بحاجة إلى الإيمان بالجزاء المرتبط بالعطاء المالي

83

من هدي القرآن الكريم |

 

وسورة بأكملها جاءت في الجانب المالي لوحده.. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} (الليل:1-3) ثلاثة أيمان، أليست ثلاثة أيمان؟ من الذي يُقْسِم هنا، من الذي يقسم؟ هو الله، لماذا يقسم، أليس هو أصدق القائلين؟ في الواقع إن قضية المال بالنسبة لنا، لو يحلف عشرة أيمان ما يهتز لواحد راس، يؤكد بثلاثة أيمان، وهو أصدق القائلين، وهو من لا يحتاج إلى أن يقسم {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} أقسم بكل مخلوقاته {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}(الليل:4) عملكم في هذه الدنيا مختلف متنوع، وكل عمل له غاية، وكل سائر على طريق له نهاية، إما إلى الجنة وإما إلى النار {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (الليل:5) أعطى ماذا؟ أليس هذا حديثاً عن المال؟ بعد أن ذكر أن أعمالنا مختلفة، وتحدث من بداية العمل إلى غايته، ابتدأ في الحديث عن المال {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى} أعطى ماله واتقى الله، أعطى في سبيل الله ابتغاء وجه الله {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (الليل:6).
وما أعجب هذه الآية، عودنا القرآن الكريم أن يقدم دائماً كلمة: {اتَّقُوا اللَّهَ} أليس هذا هو منطق القرآن؟ لكن هنا قدم الجانب المالي على كلمة {وَاتَّقَى} ليكشف لنا أهمية العطاء في تحقيق التقوى، في تحقيق الإيمان، في تحقيق أو الوصول إلى الغاية المهمة، الغاية التي هي فوز وفلاح ونجاة {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} بجزاء الله.

الله يقول لنا في القرآن الكريم: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}(الأنفال: من الآية60) يعطيك الله أكثر مما أعطيت هنا في الدنيا قبل الآخرة {وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} لا تنقصون مثقال ذرة مما أعطيتم، بل يضاعف لكم، لكن هل نحن نصدق بهذه الحسنى؟ الحسنى معناها هنا الجزاء المرتبط بالجانب المالي للإنفاق، والجزاء الموعود بالأعمال الصالحة بشكل عام.

الجزاء المرتبط بالجانب المالي مثل قوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}(سـبأ: من الآية39) كلمة: {فَهُوَ يُخْلِفُهُ} تساوي الحسنى {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}الجزاء الحسن {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} يوف إليكم: هو الجزاء من جهة الله سبحانه وتعالى بسببه أيضاً، أو هي من مصاديق كلمة: {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} هل نحن نصدق بهذه؟ أكثر الناس لا يصدق بهذا وهو يعلم أن الله سبحانه وتعالى هو ملك السموات والأرض، هو من بيده خزائن السموات والأرض، فهو من يستطيع أن يجفف كل منابع أرزاقنا إذا ما أمسك القطر قطر السماء المطر تتجفف كل منابع أرزاقنا، وتشحب وجوهنا، وتجف جيوبنا، وحتى مطابخنا ومنازلنا وملابسنا، كلها، كلها إلى الأدنى فالأدنى إلى الإنحطاط، إلى الذبول، أليس هذا معروفاً وواضحاً؟.
هذا الذي بيده كل شيء لا نكاد نصدق بوعده، لا نكاد نصدق بقوله: {فَهُوَ يُخْلِفُهُ} {يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}؛ لهذا الجانب المالي، ليس فقط مرتبط باليوم الآخر، قضية مهمة فيما يتعلق بصدق إيماني بالله.

هل الله عندي عظيم؟ هل الله عندي مصدق؟ هل الله محبوب لدي أعطيه ما سألني؟ أقدم من أجله ما يطلب مني؟ فإذا لم أكن على هذا النحو فمعناه أن المائة الريال هي عندي أحب من الله، المائة الريال عندي أغلى من الله، المائة الريال عندي أعظم مما وعدني به الله في هذه الدنيا وفي الآخرة، فحتى إيماني بالله وإيمانك أنت بالله، الجانب المالي يستطيع أن يقضي عليه، يستطيع أن يهزه؛ ولهذا كانت قضية مهمة فقدمها في هذه الآية: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (الليل:5) ييسر من البداية بعدما قال: أعمالكم مختلفة اتجاهين، بداية الإتجاه هو الإتجاه الإيجابي الذي هو الغاية الحسنة يبدأ بالجانب المالي {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (الليل:5-6) فماذا؟ {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}(الليل:7) في الدنيا وفي الآخرة.

 

دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة ” وأنفقوا في سبيل الله ”
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 2/9/2002م
اليمن – صعدة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com