قراءة في قراري تعيين علي محسن وبن دغر
د. أحمد النهمي
لماذا جاء تعيين علي محسن الأحمر وأحمد عبيد بن دغر بدلا عن خالد بحاح في هذا الظرف الذي ينتظر فيه اليمن والعالم إيقاف العدوان والتوصل إلى تسوية سياسية ؟
لا يخفى على أحد أن القرارين أصدرهما هادي ، بتوجيهات السعودية وإلحاح من مراكز نفوذها اليمنية ممثلة بمحسن وآل الأحمر ورافعتهما السياسية (حزب الإصلاح) وبعض القوى الأخرى .
الهدف الأول من هذين القرارين هو إفشال المشاورات المنتظرة بين الأطراف اليمنية من التوصل إلى تسوية سياسية، فالأطراف الثلاثة (هادي، السعودية، الإصلاح) يشعرون بالخسارة المستقبلية إذا نجحت المشاورات وتوقفت الحرب، وتوصلت الأطراف اليمنية إلى تسوية سياسية.
أما هادي فيرى أن التسوية السياسية ستفضي إلى الإطاحة به وإخراجه من المشهد السياسي وتنازله عن صلاحياته لنائبه (بحاح) كجزء أصيل من التسوية، وبالتالي فإن تغيير بحاح وتعيين محسن تحديدا هو الخيار الأنسب لإفشال التسوية وضمان بقائه في السلطة .
السعودية بعد عام كامل من العدوان، ترى أنها لم تحقق أهدافها الأساسية من شن الحرب، فالحوثي وصالح التي سعت للقضاء عليهما لم يزل خطرهما، بل ازدادا قوة وجماهيرية، بدلالة فعاليتي السبعين والروضة، والمحافظات التي تقع تحت سيطرتهما أكثر استقرارا وأمانا من المحافظات التي ترى أنها حررتها ، والجبهات التي فتحتها هنا وهناك في الداخل لم تراوح مكانها وتعيش حالة من التعثر ، والخوبة والربوعة وكثير من المواقع والقرى الحدودية يسيطر عليها الجيش اليمني واللجان الشعبية …والتوصل إلى تسوية سياسية في ظل بقاء مكوني (أنصار الله والمؤتمر) بهذه القوة، لا يعني هزيمتها فحسب ، بل وتحمل تبعات مجازرها الوحشية بحق المدنيين اليمنيين وفقدان التأثير المستقبلي في القرار السياسي اليمني .
…ولا يختلف الحال بالنسبة لمراكز نفوذها التي سقطت في 21 سبتمبر ممثلة بمحسن وآل الأحمر ورافعتهما السياسية (حزب الإصلاح) فهذه القوى كانت تنتظر من تحالف العدوان أن يعيدها إلى صنعاء فاتحة منتصرة ، بعد أن يخسف بالحوثيين وصالح تحت الأرض ، لكنهم اليوم إذا ما نجحت التسوية وعادوا إلى صنعاء سيستقبلهم أغلب اليمنيين على أنهم مجرد عملاء وخونة ومرتزقة، وسيظلون يتحملون تبعات الحرب وآثارها ، وبالتالي لن يكون لهم تأثير في الحياة السياسية المستقبلية في اليمن.
لهذا فقد سعت هذه الأطراف الثلاثة من خلال قراري تعيين (محسن وبن دغر) إلى استباق المشاورات وإفشال التسوية، وبالتالي استمرار الحرب….على أن يقتصر دور السعودية وسائر دول التحالف في المشاركة المستقبلية على تقديم المال والسلاح والغارات الجوية المركزة ، ويلتزم محسن وآل الأحمر وقادة الإصلاح ومن يدور في فلكهم للمملكة بتفعيل الجبهات الداخلية وتقديم أداء أفضل في المعارك القادمة من استنفار قواعدهم الجماهيرية في كل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون وصالح، وتفعيل المال السعودي الخليجي في شراء الولاءات القبلية والقيادات العسكرية وتجنيد آلاف الشباب اليمني للدفاع عن حدود السعودية أيضا، وبالتالي تواجه المملكة زحوفات الجيش واللجان الشعبية بمقاتلين يمنيين .
في إحاطته الأخيرة التي قدمها أمام مجلس الأمن ألمح إليها المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر بأن السعودية ومن يدور في فلكها (هادي والإصلاح ) هي التي وقفت ضد التوصل إلى تسوية سياسية بين الأطراف اليمنية بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى من الاتفاق.
اليمنيون اليوم بعد عام من معاناة الحرب والحصار يتطلعون إلى السلام ، ويراقبون بحذر شديد مواقف الأطراف السياسية من إيقاف الحرب ، وبالتالي فإنهم سيقفون في وجه من يعيق جهود السلام …ومن يدري فقد ينقلب السحر على الساحر.