السيد حسن نصر الله: السعودية والمصاحف المرفوعة.. “مفاوضاتُ حقٍّ يُرادُ بها استسلام”
تقرير/ محمد الباشا :
السعودي يذهب إلى المفاوضات تحت الضغط وعندما لا يحقّق أهدافه يقوم بإسقاطها”.. هكذا قرأ الأمينُ العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مشهدَ ما يجري في الكويت من مفاوضات مضى أسبوعان من دورانها في حلقة مفرغة جرّاء تعنُّت وفدها القادم من عاصمتها الرياض الذي لم يقدم رؤية، بل إن كُلّ أطروحاته، أو ما أتيح له، يوحي بأنه جاء يقدم وثيقة استسلام لا أكثر، لهذا شخّص السيد حسَن، الغايات بأن “السعوديَّة في المفاوضات تريد شروطَ استسلام لا حلاً”.
ومما يدلل على المقاصد أن “الشروط السعودية في مشاورات السلام اليمنية في الكويت هي شروط تعجيزية والهدف إفشالها”.
السيد نصر الله أطلق، في خطاب باحتفال مركزي لهيئة دعم المقاومة الإسلامية في النبطية وحناويه وبعلبك وبيروت، استفهامَه الاستنكاري بشأن وفد الرياض، ومِن تصرفات مَن لا يريدُ خيراً لبلاده يوصّف سيدُ المقاومة، المنطلقاتِ التي يستند عليها القادمُ من الرياض والمنتظِرُ الاملاءاتِ منها لكل خطوةٍ يخطوها في التفاوض، “هل هذا شخص يريد أن يتفاوض؟ أم إنه شخص جاء ليتلو شروطَ استسلام؟ مثلما تفعل الدولة الغالبة على المغلوبة.
هذا إعتقد إنه منتصر وجاء ليتلو شروط استسلام. طبعاً جاء الجواب اليمني واضح، نحن ما اتينا إلى هنا لنستسلم أتينا لنفاوض. نحن لا نريد أن نستسلم، نحن جاهزون لنقاتل إلى الأبد، وأثبت اليمنيون أنهم مستعدون ليقدموا أغلى التضحيات دفاعاً عن سيادتهم، وكرامتهم، وحياتهم، وأعراضهم، ودمائهم، وعزّتهم، وقد فعلوا ويفعلون”.
النتيجةُ التي توصَّل إليها نصرُ الله، في خطاب عصر الجمعة، بأن “هذه المفاوضاتِ لا توصل إلى حل؛ لأن الذين قاتلوا 5 سنوات في سوريا وسنة في اليمن ليسوا مستعدين للاستسلام”. لافتاً إلى أن “الحرب في اليمن تجاوزت السنة وصمد الشعب اليمني”، واستبعد “التوصل إلى حلّ في مشاورات جنيف والكويت بسبب الشروط السعودية التي ترعى “النصرة” وداعش”.
وإذ أبدى طمأنينةً بحُكْمِ معرفته بحقيقة شعبٍ وقف شامخاً في وجه الأهوال، جدّد تأكيدَه بأن الشعبَ اليمني ومجاهديه سيظل عصياً على الانكسار، فهو كان كذلك في سنة انقضت، “الآن بدأنا في العام الثاني ـ صمدوا، صبروا في وجه أعتى حرب، هذا العدوان الأميركي ـ السعودي على اليمن الذي يحظى بدعم دولي للأسف الشديد، ودعم إقليمي كبير، هؤلاء الناس صمدوا، بالمظلومية، وبالغربة، وباللحم الحي قاتلوا، لم يقدر السعودي أن يحقق أهدافه”.
وبما يشي بخِبْرَةِ مَن سَبَرَ أغوارَ الحُرُوبِ والمطلِّعِ على ألاعيب أعداء الأمة، استنتج السيدُ حسن أنه “لو خضع اليمنيون أو وكذلك السوريون في الجبهات، فالمستقبلُ هو مستقبل داعش، والنصرة، والقاعدة، والتكفيريين التي ترعاهم السعودية، وتمولهم وتدعمهم. وبأن هكذا مستقبل هو المرسوم للمنطقة ككل، من لبنان، إلى العراق، وكل المنطقة، وحتى دول الخليج ذاتها”.
السعودية مرغمة للمفاوضات: أسباب الرضوخ
السعودية التي أرغمت على الجنوح للتفاوض، كما يراها سيد المقاومة؛ بسبب الظروف الميدانية القاهرة لها بعد تلقيها الصفعاتِ تلو الصفعات في أكثر من جبهة، وتضعضع كبريائها المجروح من قبل المتوغلين في عمق أراضيها، وأيضاً بسبب الضغوط الدولية المتصاعدة بعد أن فاحت جرائمها ومجازرها بحق المدنيين في أرجاء العالم.
ورغم كُلّ هذا إلا أن خطاب أمين حزب الله أراد إيصال رسالةٍ بأن من سجاياه المكر لا يؤمَن جانبه، فهو في جُلّ، بل كُلّ منعرجات حياته لن تجدَه يفي بعهوده والتزاماته، إذ يقول بأن “السعودية بعد أن مانعت أن تحصل هذه المفاوضات ونتيجة الضغوط ذهبت إلى المفاوضات، لكن ماذا تفعل هي في المفاوضات؟ ها هي تعمل على خطين”: أحدهما أنها “تعمل على التصعيد؛ لذلك لا يوجد وقف إطلاق النار في اليمن، غارات، وهجومات، واعتداءات، ومحاولة استغلال للفرص، من أجل أي تغيير ميداني.
بالجبهة الثانية نرى السعودي ماضياً في معركته، يوجد ضغوط دولية من أجل أن يكون هناك مفاوضات لحل موضوع اليمن، يوجد ضغوط دولية من أجل المفاوضات في جنيف من أجل سوريا”.
ونبّه السيد نصر الله إلى أن “السعودية تشكّل رأس حربة في المشروع القائم ضد المنطقة”، قائلاً: “السعودية هي التي أسقطت الهدنة في سوريا وتحديداً في ريف حلب الجنوبي، والسعودية تدعم كُلّ خطوات التصعيد الميداني وتسعى لإفشال المفاوضات في سوريا واليمن”، وأضاف “الأمير تركي الفيصل يلتقي علناً مع الصهاينة، وهناك أقنعة سقطت والسعودية مستمرة في ذلك، وهناك تحضيرات لتطوير العلاقات”.
الحذر: توقعاتٌ هي أوهام
وبحكم ما يبدو عليه المشهد السياسي، رأى السيد نصر الله أن “الأمور واضحة للأسف الشديد”، وانبرى ناصحاً بقوله “لا ينخدعن أحد، ولا يضعنّ أحد توقعات هي أوهام، حتى لا يغفل أحد عن المواجهة الحقيقية، كلا هناك شهور صعبة. يدفع السعودي المزيد من المال، والمزيد من القوات، ويحرض المزيد من المرتزقة، ويكمل بالمزيد من التحريض المذهبي، والطائفي، والتكفيري، وليس لديه أية مشكلة، يريد أن يكمل في سوريا، وفي اليمن، ويريد أن يفجر العراق، ولبنان لو يستطيع، لولا وعي اللبنانيين، ويعطل في البحرين، ويعطل في كُلّ مكان بانتظار الانتخابات الرئاسية الاميركية” التي ستجري في يناير من العام 2017م.
وحتى ربما تأتي إدارة جديدة تماشي السعودية بحروبها التدميرية، بالنهاية أميركا لا تعمل عند السعودية، أميركا تشغّل السعودية لديها، ولكن يحاول السعودي أن يشغّل الأمريكان لديه ولم يقدر حتى الآن، بالنهاية الأمريكان يديرون اللعبة في اليمن، وفي العراق، وفي سوريا، وفي المنطقة، ويوظفون كُلّ هذه الأوضاع بما يخدم مصالحهم ومشاريعهم.
إذاً يوجد تقطيع وقت، يوجد المزيد من الكيد، المزيد من سفك الدماء، والمزيد من المكر السياسي، والإعلامي، الذي يحتاج في المقابل من قبلنا في كُلّ دول المنطقة، في لبنان، في سوريا، في العراق، في إيران، في البحرين، في دول الخليج، في اليمن، في فلسطين، في كُلّ دول المنطقة، إلى الانتباه، وَعدم الغفلة، إلى الحذر، وإلى المزيد من الحضور في الميادين والساحات العسكرية والأمنية، والساحات السياسية.
وبشأن حزب الله، قال أمينه العام بأنه “في أحسن حال من كُلّ الجهات رغم كُلّ الضغوط والحملات عليه، وقادرون على تجاوز هذه المرحلة”، مضيفاً “نحن مهيأون لمواجهة التحديات الجديدة والحملات علينا”، وأضاف “يجب أن نواجه التحدي الجديد بالصبر والصمود والعزم”.