اختارت أم سيدنا موسى (ع) أن ترمي برضيعها للمصير المجهول على أن يأتي المصير المعلوم وهو قتل ولدها أمام ناظريها .. فكان القرار المجنون هو القرار الحكيم في زمن الطغاة المتجبرين .. فرمت به لليمّ وفؤادها يمتلأ بالصلوات على أن يحفظه الله أو يباركه لها شهيداً .
لم أكن أتوقع أن أُشاهد يوماً قصة أم موسى ‘ عليه السلام ‘ ماثلةً أمامي ، وهي تلقي بأبنها في اليمّ ، وتستجيب لخطاب الله تعالى، الذي علمها كيف تتحكم بعواطفها وتتفاءل وتثق به، رغم قساوة وضراوة الموقف ، عندما طغى فرعون وفسد واستكبر ، وأمر بقتل كل صبي يولد .. فأصبحت حقاً راميةً للمعجزات حين صدق الله وعده وأهلك فرعون وجنده . .. أصبحنا نرى صبر أم سيدنا موسى (ع) في عزيمة المرأة اليمنية، المجاهدة الصابرة ، قوية الموقف والإيمان ، في ظل الغزو الصهيوأمريكي الإجرامي على بلدنا، وهي تدفع بأبنائها إلى جبهات القتال للذود عن الأرض والعرض، ضد فراعين هذا الزمان، فاخترن المصير المجهول إيماناً بوعد الله، على أن يحل المصير المعلوم من جحافل الغزاة من استباحة للأرض والعرض وإبادة وإهلاك للحرث والنسل، فكان وعد الله متجلياً بأجواء يسودها الرحمة والعناية والطمأنينة أولاً للأم الذي يحترق فؤادها بالصلوات لحفظ ولدها او تكريمها وتقليدها بالشهادة، وثانياً لولدها المجاهد في جبهات الشرف والكرامة بتساقط المعجزات والتأييد والتمكين الإلهي له أمام أقوى الجبابرة عدة وعتاد ، فتساقطت المعجزات بالانتصارات الممزوجة بالتضحيات بعد أن ثبتهما الله بالإيمان والحكمة . .. فكانت حقاً المرأة اليمنية راميةً للمعجزات .. وكان حقاً أبنائها صُناع المعجزات كـ موسى !! ..