عبدالمنان السنبلي
كنا نعتقد أنه ببدء عملية المفاوضات أن الطرف الآخر سيكون صادقاً و غير ماكرٍ و أنه لن يحاول التملص من إلتزاماته و تعهداته من أجل الوصول إلى حلٍ عادلٍ و دائمٍ للقضية اليمنية .
و كنا نعتقد أيضاً أنه بذهابنا إلى الكويت أننا سنلتقي مع رجالٍ مُخيَّرين غير مُسيَّرين و على قدرٍ عالٍ من الحكمة و المسئولية و الحس الوطني المستقل و ليس ببعض ( القُصَّار السياسيين ) العاجزين حتى عن المبادرة و إتخاذ القرار .
لم نكن في حقيقة الأمر نعلم أنهم و أسيادهم سيسعون إلى إستثمار الهدنة و المفاوضات من أجل تحقيق بعض المكاسب العسكرية و السياسية و الإقتصادية كما لو كانوا يهيئون و يعدون لجولةٍ أخرى من العدوان أو هكذا يريدون أن يبدو عليه الأمر.
و لم نكن نعلم فعلاً حقيقة ما يُراد لنا من هذه المفاوضات و ذهبنا إليها بإخلاص لعلنا نجد فيها مخرجاً لبلادنا من مشكلته و طريقاً يوصلنا إلى وقف العدوان و معالجة آثاره ليس من جانب ضعفٍ أو يأس – معاذ الله – و إنما حرصاً منا على حقن دماء المسلمين و وقف نزيفها و فتح قنواتٍ للحوار .
إلا أنه و قد أوشكنا على إكمال الشهر الأول هناك في الكويت في ظل تعنت الطرف الآخر و مراوغته المستمرة في محاولةٍ ربما منه لكسب الوقت و التنفيس عن نفسه من وقع الضغوط الدولية المتزايدة عليه و الداعية إلى ضرورة وقف العدوان، فأنه قد بات واضحاً لدينا أنهم غير جادين في الدفع بإتجاه الحل السلمي المرضي لجميع الأطراف خاصةً في ظل تصاعد العمليات العسكرية العدوانية على الأراضي اليمنية و إستمرار عملية التحشيد و التجييش و التسليح في كل الجبهات و التي لم يعد ممكناً بأي حال من الأحوال إعتبار ذلك لا يخرج عن إطار و نطاق الخروقات.
في ظل هذه المعطيات يحق للمرء منا اليوم أن يتسآءل عن جدوى و قيمة هذه المفاوضات و الإستمرار فيها، فلا العدوان توقف و لا الحصار رُفع و لا أحرزت المفاوضات أي تقدمٍ إيجابيٍ و نوعي الأمر الذي يُحتم علينا الآن إعادة النظر في تحديد سُلّم الأولويات الوطنية المواجهة للعدوان و إعادة ترتيبها بحسب الأنجع و الأكثر جدوىً في جر قوى العدوان و إجبارهم على المضي قدماً و بصورة جدية في التخلي عن مشروعهم التآمري و العدواني على اليمن، و لا أعتقد أن هنالك أكثر جدوىً من الإعتماد بعد الله سبحانه و تعالى على أبطالنا في الميدان و خصوصاً في جبهات الحدود لإرباك و إفشال خطط العدو التي يحاول تنفيذها خلال فترة الهدنة و التي ليس آخرها محاولة العبث و التلاعب بإستقرار سعر العملة… فالحقُ أبلجُ و السيوف عواري…