دراما رمضان… “همّي غير همّك”
تقرير / علي أبو علوه
مع حلول شهر رمضان، تعود الدراما إلى شاشات التلفزة اليمنية لأوّل مرّة منذ بدء الحرب، واتّساع نطاق الإقتتال الداخلي. عودة تطغى عليها الآثار النفسية والإقتصادية والإجتماعية للصراع، إلّا أنّها تبدو بعيدة عن سبر أغوار التفاصيل الإنسانية، التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم.
“كلّه يهون”
قناة “اليمن” الخاضعة لسيطرة جماعة “أنصار الله”، والتي تبثّ من صنعاء، دشّنت، خلال شهر رمضان الحالي، خارطة برامجية ملفتة، تنوّعت بين الدراما والشعر والتوعية الثقافية وبرامج المسابقات، وعكست تداعيات الحرب والحصار والإقتتال الداخلي. وتعود القناة، بقوّة، خلال أيّام وليالي الشهر الفضيل، من خلال 12 برنامجاً ومسلسلاً، منها مسلسل “كلّه يهون إلّا الوطن” الذي يشارك فيه عدد من ألمع نجوم الكوميديا في اليمن.
في المقابل، إكتفت قناة “اليمن”، التابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي، والتي تبثّ من العاصمة السعودية الرياض، ببثّ مسلسلات سعودية سبق وأن عرضت على شاشات التلفزة السعودية، والإبقاء على الخارطة البرامجية السابقة، التي يغلب عليها الطابع السياسي، بسبب أوضاع مالية تعانيها القناة الإعلامية التابعة لـ”الشرعية”، وفق ما تفيد مصادر عاملة في القناة.
“همّي همّك”
كما دشّنت قناة السعيدة الخاصّة، التي تعدّ من القنوات الإجتماعية، خارطة برامج جديدة، منها مسلسل “همّي همّك” الشهير في نسخته الثامنة، والذي يصوّر الوضع في اليمن بـ”قرية مركوضة ” يتصارع الكبار فيها، ويدفع ثمن صراعاتهم المواطنون، بالإضافة إلى المسلسل الإجتماعي الشهير “صابر”، والمسلسل الإجتماعي “أبواب مغلقة”، وبرنامج المسابقات “أتحداك في نصف ساعة”، والبرنامج السنوي “الكاميرا والريف”، وبرنامج “حياة الناس”.
من جهتها، دشّنت قناة “يمن شباب”، التابعة لفرع الإخوان المسلمين في اليمن، والتي تبثّ من تركيا، سلسلة برامج منها، مسلسل “هفة” مع النجمين صلاح الوافي ومحمد قحطان، وبرنامج “تفاحيط” الساخر، ومسلسل “سقوط الخلافة الإسلامية”، وبرامج دينية أخرى، فيما القناة برنامج مسابقات وأعلنت “التبرّع بتكاليفه للمحتاجين في تعز”.
برامج ثابتة
قناة “المسيرة”، التابعة لجماعة “أنصار الله”، والتي تبثّ برامجها من العاصمة اللبنانية بيروت، لم تعلن عن تغييرات في خارطة برامجها، واستمرّت في العمل بخارطة برامجها الإخبارية والسياسية والتحليلية السابقة، وكذلك قناة “الساحات” الإخبارية السياسية، التي تبث برامجها من بيروت، لم تعلن، هي الأخرى، عن أيّة تغييرات. غابت البرامج الإنسانية عن الخارطة الرمضانية على الرغم ممّا تمّر به البلاد من ظروف صعبة.
والحال نفسه ينسحب على القنوات التلفزيونية التابعة لحزب “الإصلاح”، وخصوصاً قناة “سهيل” التي تبثّ من تركيا. إذ لم تعلن القناة أيّ تغيير في خارطة برامجها بمناسبة شهر رمضان الكريم، كما لم تعلن قناة “بلقيس” التابعة للناشطة الإخوانية توكّل كرمان، والتي تبثّ برامجها من تركيا، عن أيّ مسلسلات درامية خاصّة، على الرغم من أن القناة سياسية اجتماعية.
واكتفت بعض القنوات بإعادة مسلسلات وبرامج سابقة نظراً للظروف المالية التي تعيشها، ومن تلك القنوات قناة “سبأ” الحكومية، وقناة “رشد” التابعة لحزب “الرشاد” السلفي، والتي دشّنت، قبل عامين، خارطة برامجية ودرامية رمضانية.
إنقسام درامي
الإنقسام السياسي كان حاضراً بقوّة في الدراما اليمنية خلال شهر رمضان الجاري. فالقنوات الفضائية اليمنية العامّة والخاصّة انقسمت بين مؤيّد ومناهض لما تمرّ به البلاد من حرب وحصار واقتتال داخلي، باستثناء قناة “السعيدة” التي لا تزال تبثّ من صنعاء، وتحاول أن توصل رسالة إعلامية محايدة من خلال برامجها المختلفة.
كما انعكس هذا الإنقسام على مشاركة نجوم الدراما اليمنية، حيث بيّنت المسلسلات الدرامية التي تعرض خلال الشهر الكريم غياب عدد من النجوم الدراما اليمنية عن المشاركة في المسلسلات، وخاصّة التي تمّ إعدادها وتصويرها في صنعاء، بسبب رفضهم “الإنحياز إلى طرف”.
وكان للإنقسام، أيضاً، دور بارز في توقّف سوق الإعلان، الذي كان يغطّي نفقات العديد من البرامج الجماهيرية والمسابقاتية والمسلسلات الدرامية قبل الحرب. إذ امتنعت الشركات ورجال المال والأعمال عن الإعلان في القنوات التلفزيونية اليمنية المختلفة، خوفاً من ردّة فعل الطرف الآخر أو احتسابهم على طرف.
يضاف إلى ذاك أن الإنقسام أثّر على نسبة مشاهدات تلك القنوات الحكومية والحزبية والأهلية، من قبل المواطن اليمني، منذ بدء الحرب وإلى الآن.
غياب البرامج الإنسانية
من خلال خارطة البرامج الرمضانية التي دشّنتها عدد من القنوات التلفزيونية الحكومية والخاصّة، لوحظ مدى التراجع الكبير في البرامج الإنسانية، وخصوصاً برنامج “بسمة أمل”، الذي يتمّ، من خلاله، جمع المساعدات المالية لمرضى السرطان في اليمن، والذي نجح في جمع تبرّعات بأكثر من 5 مليار ريال يمني عبر قناة “السعيدة” خلال عامي 2013 و2014. وبواسطة تلك التبرّعات المالية، تمّ افتتاح وحدات دعم مرضى السرطان، وإنشاء أوّل مستشفى للسرطان في اليمن في محافظة عدن، والذي لم يستكمل حتّى الآن. ويأتي التوقّف الغامض للبرامج الخاصّة بدعم مرضي السرطان، هذا العام، في ظلّ ظروف إنسانية في غاية الصعوبة، يعانيها مرضى السرطان في مختلف محافظات البلاد.
وسط ذلك الشحّ في البرامج الإنسانية، أعلنت قناة “الإيمان” عن برامج دينية وإنسانية لمساعدة المحتاجين، بمعاونة القطاع الخاصّ وفاعلي الخير، ولكن يبقى دور القناة متواضعاً مقارنة بقناة “السعيدة”. كما دشّنت قناة “اليمن اليوم”، التابعة للرئيس السابق، علي عبدالله صالح، برنامج “إنسان”، الذي يتطرّق إلى معاناة المواطنين بشكل عامّ، والسجناء المعسرين في السجون اليمنية، بشكل خاصّ.
المصدر / الأناضول