ضغوط أمريكية وخلافات سعودية تمهد لحلحلة الأزمة اليمنية
يمانيون- متابعات :
تغيرات في الاستراتيجية السعودية تظهر في الأفق، وتحركات جديدة وزيارات غير عادية ومواقف مستغربة من المراقبين والمتابعين للموقف السعودي من العدوان على اليمن.
البعض يتحدث عن خلافات بين الرئيس اليمني المستقيل، عبد ربه منصور هادي، والراعي الرسمي له “السعودية”، والبعض الآخر يتحدث عن ضغوط أمريكية جعلت المملكة تتخذ خطوات غير عادية لحل الأزمة اليمنية في أقرب وقت ممكن.
زيارات وتنازلات سعودية
خطوات متسارعة اتخذتها السعودية خلال الأيام الأخيرة تعكس تغير موقفها تجاه الحكومة اليمنية التي ترعاها المملكة منذ العدوان السعودي على اليمن، بل وتشير إلى قرب تخلي المملكة عن الحليف اليمني، الذي كان سببًا في اندلاع العدوان السعودي على اليمن.
فقبل أيام نقلت مصادر سعودية مطلعة أن رئيس وفد أنصار الله لمشاورات الكويت، محمد عبد السلام، وصل إلى المملكة السعودية، وأوضح عبد السلام في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أن زيارة السعودية تمت في سياق التفاهمات القائمة وبعد التنسيق مع الأمم المتحدة.
استقبال السعودية لرئيس وفد أنصار الله لمشاورات الكويت دفع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، إلى عقد اجتماع طارئ مع مستشاريه في الرياض، حيث احتج “هادي” أمام مستشاريه على استقبال السعودية رئيس وفد أنصار الله والتفاوض معه مباشرة، خاصة وأن هذه الزيارة سبقها إرسال الرياض مبعوثًا إلى إيران من أجل مساعدة المملكة؛ لإيجاد حل سياسي للأزمة في اليمن، حسبما أفاد به مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية، حسين أمير عبد اللهيان، الذي قال إنه على الرغم من قطعها للعلاقات الدبلوماسية مع إيران، بعثت الرياض بوسيط إلى طهران، وطلبت منها أن تساعد على إيجاد حل سياسي لليمن، وقبلت طهران بذلك، مؤكدًا أن هذا الحل سيوفر الأمن للسعودية وللمنطقة عمومًا.
كما أن زيارة “عبد السلام” للمملكة جاءت بعد يوم من لقاء عضو وفد أنصار الله، ناصر باقزقوز، بالرئيس اليمني الأسبق، علي ناصر محمد، في العاصمة اللبنانية بيروت، وذلك تزامنًا مع بحث المفاوضات في الكويت عن اختيار شخصية توافقية للرئاسة.
الخطوة السعودية التي أثارت غضب “هادي” أعقبتها محاولات من الرئيس اليمني لسحب وفده المشارك في المفاوضات، ولكنها محاولة باءت بالفشل بعد إصرار سعودي على بقاء الوفد، واعتبر بعض المراقبين محاولات “هادي” سحب الوفد من المشاورات تأتي في سياق الرد على الخطوة السعودية التي أثارت قلق الرئيس اليمني.
في ذات الإطار أفادت مصادر إعلامية قبل أيام بأن السعودية طلبت من الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، إعادة حكومته إلى عدن، وهو ما وجه به هادي خلال اجتماع بمستشاريه.
هل يصبح “هادي” كبش فداء؟
الخطوات السعودية السابقة والتحركات والزيارات الأخيرة أثارت المزيد من القلق لدى الرئيس المستقبل وحكومته على مصيره في حال التوصل إلى اتفاق، حيث تقول التقارير إن “هادي” بات مقتنعًا بخروجه من المشهد اليمني المقبل، وإن مفاوضات الكويت ستضعه بعيدًا عن المرحلة المقبلة في اليمن، وإنه أصبح خارج حسابات السعودية، بل أصبح عقبة أمام الحل، مشيرة إلى أن المملكة ربما ستجعل منه كبش فداء للتخلص من المستنقع اليمني، وهو ما بدأ يظهر خلال الفترة الأخيرة، الأمر الذي دفع هادي للمطالبة بالحصول على حصانة قضائية تعفيه من ملاحقة قانونية محتملة فيما بعد.
هل توجد بصمات أمريكية؟
أرجع بعض المراقبين الخطوات التي اتخذتها السعودية خلال الفترة الأخيرة إلى تزايد الضغوط الأمريكية على المملكة بجانب تزايد الانتقادات الدولية الموجهة للسعودية وعدوانها خلال الفترة الأخيرة، سواء من الأمم المتحدة أو منظمة هيومن رايتس ووتش أو منظمة العفو الدولية، وحتى حكومات بعض الدول الغربية والأوروبية، إضافة إلى إدراج الأمم المتحدة مؤخرًا التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن في اللائحة السوداء للدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الأطفال في النزاعات والحروب.
كما أن التحركات السعودية تأتي بعد أيام قليلة من إعلان وزارة الخارجية الأمريكية أن جماعة أنصار الله التي يقودها عبد الملك الحوثي، وتقاتل القوات الموالية للحكومة في اليمن، ليست منظمة إرهابية، حيث قال منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية، جاستين سايبيريل: إن الولايات المتحدة لا تعتبر الحوثيين منظمة إرهابية، وإنما يعدون طرفًا في النزاع وجهة في المفاوضات التي تهدف لتسوية هذا النزاع. وأكد سايبيريل أن الولايات المتحدة قلقة إزاء تأييد إيران للحوثيين، لكنه عاد ليؤكد أن واشنطن لا تعتبر هذا التأييد دعمًا للنشاط الإرهابي، وهي التصريحات التي ربما أعطت الضوء الأخضر للمملكة لبدء مباحثات مباشرة وبعيدة عن مشاورات الكويت مع جماعة أنصار الله.
أضف إلى ذلك أن الولايات المتحدة حاولت منذ فترة غسل يدها من الدماء اليمنية، من خلال إدانة العدوان على هذا البلد، واتخاذ إجراءات توحي بأن واشنطن غير مسؤولة أو مشتركة في هذا العدوان، وهو ما ظهر عندما أقرت الإدارة الأمريكية مؤخرًا وقف توريد القنابل العنقودية إلى السعودية، الأمر الذي جعل المملكة تشعر بأنها أصبحت وحيدة في المستنقع اليمني، وأن أقرب حلفائها تخلى عنها، وهو ما دفعها إلى السعي نحو إنهاء هذا الصراع الذي أشعلته في البلد الجار.
على الرغم من أن كل الخطوات التي اتخذتها السعودية مؤخرًا لم تؤثر بعد على المشاورات المتواصلة في الكويت بين الأطراف اليمنية، إلا أن تغير السياسة السعودية في حد ذاته، سواء كان بسبب ضغوط أمريكية أو خلافات بين القيادة السعودية واليمنية، يمثل خطوة على طريق الوصول إلى حل سياسي قد يظهر خلال الأيام القادمة.
المصدر : البديل – هدير محمود