أفق نيوز
الخبر بلا حدود

إنفصال بريطانيا عن الإتحاد الأوروبي: تقييمٌ محليٌ ودولي

202

يمانيون../

هي ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها مسألة خروج دولةٍ أوروبية من الإتحاد الأوروبي. فقد سبق أن جرى الحديث عن القيام بإخراج دولة اليونان العام الماضي، وذلك بعد تعرضها لأزمة مالية حادة، كادت تودي بها للإفلاس.

لكن أولوية إبقاء الإتحاد الأوروبي موحداً، دفعت بالإتحاد لإنقاذها. أما اليوم، فيتم الحديث عن خطر تفكك الإتحاد الأوروبي، مرة أخرى. في حين أن بريطانيا هي الدولة المعنية.

فخلال الشهر الحالي وتحديداً في الـ 23 منه، سيجرى استفتاء يُصوت فيه الشعب البريطاني حول بقاء أو مغادرة بريطانيا للإتحاد الأوروبي.

فماذا في التقييم المحلي والدولي لخروج بريطانيا؟

بريطانيا وخصائص يجب الإلتفات لها

إن عدداً من الأمور يجب الإلتفات لها، والتي تتعلق ببريطانيا، عند محاولة تحليل مسألة انفصالها والنتائج. وهي على الشكل التالي:

إن بريطانيا لم تشارك في اتفاقية العملة الموحدة (اليورو)، وأبقت على الجنيه الإسترليني كعملة لها. كما أنها لم تنخرط جغرافياً باتفاقية “شنغن” لفتح الحدود بين الدول.

تُعد بريطاينا ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، ولديها أسلحة نووية. كما أنها عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، فضلاً عن قيامها بدورٍ مهم ومركزي، كلعبها دور صلة الوصل بين أوروبا وأمريكا، ولأسبابٍ جغرافية عبر المحيط الأطلسي.

وحول الإستفتاء فيجب الإلتفات الى أنه ومنذ بداية العام وحتى اليوم، تضاربت الآراء والمواقف حول نتائج الإنفصال. الى جانب وجود عددٍ من السلبيات والإيجابيات.

كما أن أطرافاً ستكون من بين الرابحة وأخرى ستكون خاسرة.

في حين أظهرت نتائج استطلاع، قبل ثلاثة أسابيع من الإستفتاء، أن مؤيدي الخروج يشكلون 52% مقابل 48% من مؤيدي البقاء.

مما انعكس على الأسواق، التي تخشى أن يؤدي الخروج إلى تباطؤٍ في الاقتصاد البريطاني وتراجع قيمة العملة البريطانية أي الجنيه الإسترليني.

المواقف الحالية حول الخروج: تقييم محلي

عددٌ من المواقف والآراء قد تساهم في تقييم الوضع الحالي، ويمكن سردها كما يلي:

على الصعيد الرسمي البريطاني، وفي بداية الشهر الحالي، صرح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بأن خروج بلاده من الإتحاد الأوروبي سيكون كوضع قنبلة تحت اقتصادها، حيث سيتسبَّب ذلك، بمرحلة من الغموض ستستمر لسنوات. الأمر الذي سيجبر بريطانيا على توقيع اتفاقيات تجارية أخرى مع الإتحاد مما سيؤثر سلباً على اقتصادها.

فيما عاد وطالب الإتحاد بتنفيذ إصلاحات في أربع نقاط أساسية، تتعلق بالهجرة الى أوروبا، سياسة المساعدات الإجتماعية للمهاجرين من داخل الإتحاد الأوروبي بهدف العمل في بريطانيا، إعطاء المزيد من الدور لما يُسمى بالبرلمانات الوطنية وتخفيض سلطة الإتحاد والحد من مسؤولياته.

أما الأطراف الأخرى المنقسمة بين معارضٍ ومؤيد، فيُعبر معارضو الإنفصال بأن الخروج من الإتحاد هو من الأمور السلبية على بريطانيا، حيث سيؤدي إلى فقدان ما بين ثلاثة وأربعة ملايين وظيفة.

بينما يعتبر الطرف المؤيد للإنفصال، بأن ذلك سيحرر الشركات الصغيرة والمتوسطة من عملية الرقابة والبيروقراطية الإدارية.

الأمر الذي سيسمح لها بزيادة فرص التوظيف. كما سيساهم في منحها قدرةً أكبر من المرونة والتأقلم بعيداً عن الروتين المُكلف.

وبين الرابحين والخاسرين من الإنفصال، تختلف القطاعات في ذلك. فبحسب التقارير، يُعتبر قطاع السيارات الأكثر خسارة في حال الخروج. حيث تعتبر السوق الأوروبية الملاذ الأهم للسيارات المصنعة في بريطانيا.

فيما تربح قطاعاتٌ أخرى، كالأغذية مثلاً، والتي تصدر إلى مناطق غير أوروبية، في حال حصل أن تراجع الجنيه الإسترليني أمام الدولار الأمريكي، وبالتالي يُساهم ذلك في فتح أسواق جديدة لها.

أما القطاع المالي وخصوصاً المصارف، فيشير خبراء أنه سيربح إزالة رقابة بروكسل على البنوك البريطانية. فيما سيخسرون عدداً من الوظائف البنكية، الى جانب أن عدداً من البنوك العالمية ستنقل مقارها الى خارج لندن.

وفيما يخص العملة، فهي بحسب مراقبي الأسواق المالية، ستتأثر بشكلٍ كبير حيث سيصل سعر الجنيه الإسترليني الى ما دون 1.2 دولار.
التقييم الدولي لإنفصال بريطانيا

عددٌ من الدول عبَّرت عن رأيها تجاه انفصال بريطانيا:

في العديد من خطبها، خرجت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مؤيدةً للمطالب البريطانية التي دعا لها ديفيد كاميرون لإصلاح الإتحاد الأوروبي. معتبرةً إياها مبررة ويمكن تفهمها. خصوصاً فيما يتعلق بتحسين قدرات الإتحاد وتقليل البيروقراطية، مؤكدةً أن برلين تشترك مع لندن في هذه النقاط.

وخلال شهر شباط الماضي، أصدرت مجلة دير شبيغل الألمانية، ومن خلال غلافها، طلباً من البريطانيين بالإستفتاء على البقاء في الإتحاد الأوروبي. حيث حمل غلاف المجلة عنواناً: “من فضلكم لا تغادروا الإتحاد … لماذا تحتاج ألمانيا للبريطانيين”.

وهنا فإن الرأي الألماني بأغلبه، يعتبر خروج لندن، مسألةً خطيرة ستؤثر على اقتصاد أوروبا، والعالم.

من جهتها حذرت هولندا عبر دراسة أجراها مكتب التخطيط المركزي الهولندي الحكومي من تضرر هولندا بشدة في حال خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي.

والسبب يعود بشكل مختصر، للإنخفاض الذي سيحصل في حجم التبادل التجاري بين البلدين، مما سيساهم في تراجع الناتج المحلي. ومن المعروف العلاقة القوية بين كلٍ من هولندا وبريطانيا.

أما بالنسبة للدول خارج الإتحاد الأوروبي، فقد عبَّرت أمريكا عن اعتبارها أوروبا مصدراً للإستقرار العالمي، وشريكاً تجارياً لأمريکا. وهنا فإن الطرفين الأوروبي والأمريكي، يسعيان منذ فترة لتوقيع اتفاقية الشراكة للإستثمار والتجارة عبر الأطلسي. وهو ما يدفعهم لمنع أي سببٍ قد يؤثِّر على استقرار أوروبا، الأمر الذي قد يمنع حصول الإتفاقية.

لذلك قام الرئيس باراك أوباما بإظهار دعمه الكامل لديفيد كاميرون، خلال زيارته الأخيرة إلى بريطانيا، مطالباً الشعب البريطاني بالبقاء في الإتحاد الأوروبي.

بدورها اليابان عبرت منذ أيام، عن قلقها على شركاتها التي تعمل في بريطانيا، حيث صرَّح وزير الإقتصاد الياباني، بأن اليابان تراقب عن كثب التأثير المحتمل للإستفتاء.

لا شك أن مسألة خروج بريطانيا أو بقائها ستنعكس بشكلٍ كبير على دول الإتحاد الأوروبي. فيما سينعكس ذلك أيضاً على العالم بأسره لا سيما الغرب. فالحدود المفتوحة بين الدول وتداخل المصالح، يجعل التأثيرات تتوزع على الأصعدة كافة.

حيث لا يمكن فصل السياسة عن الإقتصاد أو المال. وهو الأمر الذي يجعل الجميع ينتظر نتائج الإستفتاء بعد أيام.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com