سامسح دموعك وانام
كتب / اسامة الموشكي
في الساعات المتأخرة من الليل.،
يتسكع طفلي الصغير في ارجاء البيت رافضا ان يذهب الى سريره ليخلد للنوم.،
محاولا اقناعه بشتى الوسائل الا انه يرفضها بتاتا بدون اي نقاش.،
حملته بيدي عاليا اخاطبه متوددا مبتسما مالذي استطيع ان افعله لكي تنام،؟
شرد بعينيه يفكر .. ثم قال :
احكي لي قصة ان اعجبتني سأنام وان لم تعجبني لن ننام .،
قلت له اقبل :
وضعته على سريره؛ اطفأت الانوار؛ وضعت رأسي بجانب رأسه؛ تقاسمت معه اللحاف؛
وحذرته:
سأقص عليك قصة حقيقة لكن اياك ان تنام لانني اظن اني بعدها لن أستطيع ان انام . .،
هز رأسه وعيناه يملؤها البريق وكأنه يقول ابدأ لا تضيع الوقت .،
في البداية:
ساروي لك بختصار؛ مالذي جرى وصار؛ اندلعت ثورة لثوار وأثوار ؛ لاجتثاث حكم فاسد اذاقنا طيلة أعوام ماهو أشد مرارة من الصبار؛ وحينها قر القرار؛ بمنح الحصانة وننسى كل ما جرى وصار؛ وهذه كله بمباركة من أثوار العار؛ اما الثائر الذي ثار ظل رافضا منتظرا خلف الستار؛
وببريق اكثر قال لي اكمل:
وبعدها عشنا حكمهم لسنوات قليلة واذا بهم للفساد والظلم ممن سبقوهم كانوا الافضل؛ وطموح التغيير اصحبت هي المعرقل؛
ولدم الشهيد هم اول من نسى ويخذل؛ ولم يكن هناك فرق فقط .. هذا بثوب قصير ومن سبقوه بقميص مبنطل.،
عندها ثارت ثائرة الشعب لهكذا حال؛ ونشوته الثورية ان تسكت عن هذا الوضع كان من المحال؛
لعلك يابني سمعت عن كلمة حذاري.؟
_ نعم سمعت.،
هذه الكلمة كانت كصمام امان لمن بالحق ينادي؛
واصبحت لفظا مجازي.،
تعني الركون لقائد يصدع بالحق وامام الظلم لا يأبه ويبالي؛
وبعدها انتصرت الثورة؛ وأصبح القرار يخص الدولة؛ والارتهان للغير اصبح منسيا؛ ولم يعد هناك احد مقصيا؛
الامان،الاستقرار،الرخاء،والإخاء يعم المكان ليحكي؛
دفن حقبة سوداء كان سوادها سيمحي مخطوطات املٍ للبلاد تنمي.،
نهض من على فراشه متشوقا قائلاً اياك ان تقول انتهت:
لا لا لم تنته؛ عد الى فراشك واستلق؛ لأكمل ما بدأت به لانهي؛
هذا الاستقرار لم يعجب الجار؛ وكيف لا وهو من كان يتحكم بالقرار؛ فشن غضبه وملأ الارض نارا؛ فصمدنا وصارت الدماء انهارا؛
ورحل منا الرجال الاخيار؛ ومر الليل .. ليلية النهار؛
وام الشهيد تصرخ متحدية بالجهار بأن النصر ات لا محال؛
وتئن بوجعها في زاوية المكان ماسحة دموعها بمنديل كانت تبلله وتضعه على جبينه ان ناداها ليلا يشكوا مرضا او سعال؛
وزوجة الشهيد تشكوا قساوة الفراق وتهنهن قائلة :
ماذا لو عاد .. ثم تبكي بحرقة وتدعوا يالله قرب المعاد؛
وابن الشهيد يتغنى ويفخر ان اباه نال فضلا مجيدا .. لكنه يتألم إن اتى العيد ليجد نفسه في منزله يتيما وحيدا؛
واذا بطفلي يهمس ويده عند عيني تحسس قائلاً:
سامسح دموعك وانام .،
وسأرى بقية قصة النصر في المنام وسأرويها لطفلي ان أبى يوما ان ينام .،