عدنان المداني… جريمة تأبى النسيان
يمانيون../
بعد رحلة علاجية قاربت العامين من البحث عن الشفاء، عاد الناشط النقابي في المؤسّسة العامّة للكهرباء عدنان المداني إلى العاصمة صنعاء، منتصف الأسبوع الماضي، قادماً من ألمانيا التي أجرى في عدد من مستشفياتها 25 عملية جراحية معظمها تكللت بالنجاح وتركزت في الوجه والجسم.
وعلى الرغم من مشواره العلاجي الطويل الذي بدأه في مستشفيات الأردن عقب تعرّضه مطلع سبتمبر 2014 للحرق بمادّة الأسيد، على خلفية مناهضته للفساد وإبلاغه عن فاسدين في قضية لا زالت مفتوحة، إلا أنه لا يزال فاقداً للسمع والبصر وبحاجة إلى ستّ عمليات عمليات ضرورية لإعادة الحاستين الحيويتين التي افتقدها.
المداني النقابي الوحيد في مؤسّسة الكهرباء الذي سعى جاهداً إلى اجتثاث الفساد، إلا إن أيادي الفاسدين امتدت إليه بوحشية قلّ نظيرها ولا يزال يدفع ثمن موقفه الشجاع والوطني في عهد اتسم بالمحاصصة والتقاسم لكل موارد الدوله.
جريمة الأسيد
بعد تلقيه عدداً من التهديدات عبر هاتفه الشخصي من قبل مجهولين توعّدوه بمصير مؤلم في حال استمرار مناهضته لقضايا الفساد في المؤسّسة العامّة للكهرباء ونشره وثائق تدين مسؤولين فيها بوقائع فساد مع زملائه عبر صفحات التواصل الإجتماعي، تعرّض المسؤول الإعلامي للجنة النقابية في مؤسّسة الكهرباء، عدنان المداني، لهجوم من قبل مجهولين ترصّدو تحرّكاته وترقّبوا خروجه من منزله في منطقة الجراف في العاصمة صنعاء للإنتقال إلى العمل، فهاجموه برش حامض الكبريت “الأسيد” الخام على وجهه وجسمه. ولم يكتف المهاجمون بتنفيذ تلك الجريمة غيّرت الجريمة ملامح وجه عدنان الذي عرف بلباقته ودفاعه عن حقوق زملائهالتي هزّت مشاعر اليمنيين وأصبحت قضية رأي عام، بل وثّقوا أحداثها ونشروها في مواقع التواصل الإجتماعي.
الجريمة النوعية التي ارتكبت ضدّ المداني في 7 سبتمبر 2014 هزّت العاصمة صنعاء، وأثارت موجة استياء عارمة في الأوساط الحقوقية والاعلامية التي رأت في ما تعرّض له المداني جريمة جبانة ورسالة تهديد خطيرة من قبل الفاسدين لكلّ من يقف في طريق الفساد المالي والإداري المستشري في مؤسّسات الدولة المختلفة.
الجناة خارج العدالة
غيّرت الجريمة كل ملامح وجه عدنان الذي عرف بشجاعته ولباقته وقدرته على الدفاع عن حقوق زملائه في مؤسّسة الكهرباء في صنعاء، وتسبّبت له بإعاقة ذهنية وسمعية ومأساة لا حدود لها.
المطالب الحقوقية التي تصاعدت بسرعة لإلقاء القبض على الجناة وإنزال أقسى العقوبات الرادعة بحقّهم لم تتحقّق بعد، فالعدالة لم تطل حتّى الآن الجناة الذين صدر بحقهّم أمر قهري من قبل النائب العام منذ أكثر من عام.
وأصدرت النيابة العامة اتهاماً مرفقاً بالأدلّة بحقّ خمسة أشخاص، أحدهم كان مسؤولاً كبيراً في المؤسّسة، إلا أن كل تلك الإجراءات القانونية لم تكن كافية للقبض على الجناة الذين يتمتّعون بحماية الفاسدين الذين عملوا لصالحهم. وفيما ألقت عناصر من “الحراك الجنوبي” القبض على المسؤول الأوّل في الجريمة في مطار عدن الدولي، مطلع العام الماضي، أثناء محاولته الفرار إلى تركيا ومنها إلى السويد، إلا أنه لم يعرض بعد على المحكمة، فيما لا يزال أربعة من الجناة المتّهمين في القضية فارّين من وجه العدالة.
تكريم المداني
وعقب عودته من ألمانيا أخيراً، لعدم قدرته على سداد تكاليف ستّ عمليات ضرورية لتعود إليه نعمة السمع والبصر، كُرّم المداني من قبل عدد من منظّمات المجتمع المدني والإتّحادات والنقابات العمالية في العاصمة صنعاء، وسبق أن كُرم المداني من قبل عدد من المنظّمات المختصّة بمكافحة الفساد، منها الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، التي اختارته شخصية العام 2014 للنزاهة ومكافحة الفساد.
إلا أن التكريم الذي يطالب به المداني، وفق رسالة بعثها في الـ 18 يناير الماضي من ألمانيا إلى اليمن، تتمثّل بإنصافه عبر علاجه على نفقة الدولة وإنصافه من المجرمين.