الطائر الطنان.
خديجه عباس
في أحد الأيام شب حريق مروع في الغابه اجتاحها بالكامل وامتد الحريق الى أطراف الغابات المجاورة . جميع الحيوانات تركت منازلها وخرجت من مخابئها خائفة تركض هاربة من الحريق نحو الجبل المجاور للغابه المنكوبه ..وعندما وصلوا لحدود الحريق الأمنه وقفوا يتابعون بحسرة وحزن غابتهم وبيوتهم والنار تلتهمها بلا هوادة. جميعهم استسلموا وفكروا انه ليس هناك ما يمكنهم فعله لإيقاف الحريق، وبينما هم كذلك لمحوا من بعيد طائر صغير كان يطير جيئة وذهابا بين جدول الماء وبين الغابه دققوا النظر اليه واذا به الطائر الطنان يحمل الماء من الجدول بمنقاره الصغير ويذهب ليلقي بالقطرات التي يحملها على النار المشتعلة في الغابه .نظرت اليه الحيوانات مندهشة من المشهد الذي تراه. استنكرت ما يفعل وحاولت ان تثبطه عن مايقوم به . صرخ فيه أحد الحيوانات قائلا( أيها الطائر ماذا تعتقد انك تفعل ؟) اجابه الطائر الطنان دون ان يضيع وقته في كثرة الحديث وقال له ( أنا أفعل ماأستطيع فعله ) ..
هذه القصه برغم بساطتها الا انها تحمل في طياتها الكثير من الرسائل والدروس المهمه لنا في كيفية التعامل السليم مع الحياه واحداثها .. كتجربه شخصيه عندما أواجه اي مشكله او معيقات تظهر فجأة في حياتي اتذكر الطائر الطنان واصراره على ان يكون أقوى من الحريق برغم صغر حجمه وضعفه الا ان إيمانه بقدراته وثقته بالله جعلته يبادر لأطفاء الحريق، وأن ارادته أقوى من أكبر الحيوانات حجما ومكانةً . وعندما يأتي علي وقت ما واشعر ان المسؤليات او الالتزامات التي عندي أكبر من إمكانياتي اتذكر قصة هذا الطائر في كل مره واعرف انه يجب علي أن أفعل ما أستطيع فعله وان اعمل بأقصى إمكانياتي .. ليس مهما حجم المشكله التي تواجهها بقدر أهمية العمل الذي تقوم به لمعالجة ولحل هذه المشكله.
ومن جهة أخرى أيضا فيها درس رائع آخر هو ان لا تستصغر او تنظر لأي عمل مهما كان بسيطا انه بغير فائده حتى ولو ان مجهودك البسيط هذا لن يقضي على المشكله نهائيا ولكن على الأقل ستشعر بالرضا عن نفسك لأنك لم تقف مكتوف الأيدي ولم تستسلم لمشاعر الاحباط واليأس واكتفيت بدور المتفرج الذي تملأ قلبه الحسره والحزن واليأس .. تحرك اعمل ما تستطيع عمله ولو بكلمه ايجابيه واحده تساعد بها نفسك ومن حولك لان يستعيدوا ثقتهم بالله وبأنفسهم من جديد ..
اسأل نفسك في هذه اللحظه ما الذي يمكن أن أفعله الأن في حياتي قد يكون له تأثيرا ولو ضئيلا في صنع العالم الذي أتمناه ؟؟
أولاً أبذل وقتا لتطوير نفسك دائماً أحرص على الانضباط الذاتي لانه هو الجسر الواصل بين أهدافك التي وضعتها وبين تحقيق الإنجازات .. القراءه والبحث والتزود بالمعرفة عن كافة الأمور التي لها علاقه بما تريد ان تكون عليه او ما تريد ان يكون عليه عالمك في المستقبل هذا هو اول خطوه تقوم بها الان .. التعلم من كل شئ وعن كل شي حولك باستمرار هذا ما سيجعلك تنتقل لمكان أفضل.
ثانياً لا تلعن الظروف ولا الزمان ولا الأيام ولا الناس لان هذا لن يعطيك أي نتيجه إيجابيه وإنما يزيد الأمر سوءا ولن يؤدي بك الى اي طريق وإنما سيعميك عن رؤية أي بصيص نور حتى ولو كان واضحا أمامك ، هذه لغة العاجزين والضعفاء .. الظروف الصعبه والسهلة هي من صنع الانسان. وكما صنعها إنسان يستطيع ان يغيرها إنسان آخر مثله.وأنت تستطيع. الله عنده كل الخير لو آمنت بذلك بما يكفي لان تستحقه ستجده يغمر كل حياتك.
مايحدث معك الان مهما كان ليس هو ما يحدد مستقبلك. الذي يحدد مستقبلك هو ردة فعلك نحو الأحداث اذا استسلمت لها وتركتها تؤثر على تقدمك وسعيك نحو مستقبل أفضل فهذا خيارك واذا استطعت ان تكون أقوى منها وتفهم ماهي رسالتها وما الحكمه الكامنه وراء وجودها في حياتك فهذا خيارك أيضا ..انت وحدك لا تستطيع أن تغير العالم كله بين يوم وليله ولكنك تستطيع ان تغيير شعورك الداخلي نحو العالم من حولك ورؤيتك له وهذه هي المهاره التي يجب ان نتعلمها ونتقنها في التعامل مع الحياه .. في هذا الجانب هناك قاعدة مهمه للكاتب ستيفن كوفي وهي 10/90 . معنى هذه القاعدة هي ان 10% فقط من الأحداث اليوميه التي تحدث لنا لا نستطيع السيطره عليها و90% مما يحدث لنا في الحياه تشكله ردود افعالنا وهنا نرى التأثير الكبير الذي قد نستطيع إحداثه في حياتنا اذا استطعنا ان نتحكم ولو ببعض من ردود افعالنا .. انت لا يمكنك ان تمنع شخص ما أن ينعتك بأنك فاشل ( 10%) لكنك تستطيع ان تصنع ردة فعل مناقضه تماما لهذه الكلمه. وتجعلها خاطئه بأن تثبت أن هذا حكم خاطئ وأنك تستطيع النجاح (90%).
الوصول لأهدافك والنجاح لم يكن يوما سحرا او شيئا يحدث فجأة من عالم الغيب النجاح هو ان تبدأ الان بما تستطيع فعله، هو ردة فعل ونتيجه طبيعية وتطور بديهي لتطبيقك المستمر لمبادئ أساسيه في الحياه.ابدأ بوضع الأهداف والخطط الأفضل لحياتك الان.. كن واثقا بالله وتوكل عليه بيقين عميق واعرف أنه اذا لم تضع خططا لحياتك فسوف تقع فريسه سهله لمخططات الأخرين وينتهي بك الأمر تعمل لتحقيق أهداف ناس أخرين .. الأمور لا تصبح اسهل هذه هي طبيعة الحياه الامور تصبح أفضل اذا أنت بدأت بالعمل والمثابرة .. والمشاكل لن تختفي من نفسها الا اذا اكتسبت انت مهارات جديده تساعدك على ان تعرف كيف تتعامل بشكل صحيح معها هذا هو الحل الحقيقي للمشاكل. انت من تقوم بحلها.
تذكر عزيزي القارئ أنت من تصنع الفرق في هذه الحياه وبالذات في حياتك أنت .. تعلم من الطائر الطنان وأبدأ بما تقدر عليه الان. ابدأ بصنع مستقبلك تسلح بالنيه القويه الواضحه والاهداف المحددة والعزيمه والثقه بالله سبحانه وتعالى و الاستمرار في السعي ، ابدأ والنهايه في عقلك، الله سبحانه وتعالى لم يطلب مننا نتائج وإنما أمرنا بالسعي .. السعي عليك انت والنتيجة عليه هو سبحانه ( ولسوف يعطيك ربك فترضى) صدق الله العظيم كن واثقا من وعد الله .