جريمة شرف
كتب/ أسامة الموشكي
يتعالى ضجيجُ الحضور.
ممزوجاً بأصوات صخب يهيمن عليها أصوات سرور.
ومن قفص السجن وجوه نتنة وللحكم منتقدة وبأصوات خافتة مضطربة.
لماذا قضية شرف؟.
ضرب القاضي بمطرقته باغياً السكوت للحظة.. مالَ إليَّ مستشاره ليخبره خلسةً.. أسمعت غباء وغرابة سؤال هؤلاء المرتزقة؟.
ضحكةٌ خافتةٌ ساخرة تعتري قضاة من للحكم معلنه!.
صرخة غاضبة مِن المدعي العام قائلاً:
أعترض..
بالعُرف القانوني أرفض أَيَّةَ ضحكة أمام هؤلاء القتلة.
وبالعُرف الإنساني أرفض حتى أن يسألوا، فهُم سفلة.
القاضي:
اعتراضٌ مقبول.. ولتتفضل هيئة دفاع المتهم لتدلي بما عندها فقط تماشياً مع العرف القضائي.،
نهض العديدُ من المحامِين بجنسيات وألوان مختلفة!.
وبصوت واحد:
نحن هيئة الدفاع عن المتهم.
مرة أُخْــرَى المدعي العام:
أرفض أن يكونوا هؤلاء هيئة دفاع وهُم شركاء المتهم في الجريمة.
القاضي:
إعتراض توقيته غير مناسب.
ولهيئة الدفاع التفت:
يجبُ أن تختاروا واحداً منكم يمثّلكم جميعاً.،
مشاوراتٌ بينهم سريعة:
قررنا أن يمثلنا المحامي ‘الأَمريكي’ ولعدم قدرته النطق بالعربية سيترجمُ ما يقوله زميلة المحامي ‘السعودي’.
القاضي:
حسناً تفضل..
المحامي:
سيدي القاضي حضرات المستشارين المتهم بريءٌ حتى تثبت إدانته، وَأن ثبتت لكم الحرية باختيار طريقة حسابه.،
لكن نتمنى من سيادكم أن تأخذوه بعينِ الرأفة، فهو أعمى لا ينظر وأصم لا يسمع ومعدوم لا يحس وكان مسيراً لا مخيّراً.،
وشكراً سيادتكم لتفهمكم، واسمح لنا بالمغادرة فقد حان موعدُ العودة لبلادنا إلى هنا اكتمل دورنا!.
ضجيج خافت خجول يرافقه ضحكات عالية استهزاء بنهاية مصير المتهم.
القاضي ضرب بمطرقته طالباً الهدوء، يمكنكم الذهاب إلى حين انْتهَاء المحاكمة.
فليتفضلوا محامو الوطن.
هدوء يعم المحكمة، وأنظارٌ متجهة صوب الباب متلهفة، الباب يفتح ببطئه، يطل عكاز بجانبه، قدم مجروحة، شامخ الرأس، أغبر الوجه، أشعث الشعر، يملك معطفاً يزدان باللون الأحمر.. الأبيض.. الأسود، ينظر إلى قفص المتهم بامتهان، ينظر الي محاميه بوعيد الانتقام، ينظر إلى القاضي بثقة.
ويقول:
سيدي القاضي حضرات المستشارين، اعتذر عن التأخير، فطريق النصر كان وعراً ومريراً.
سيّدي القاضي، في البداية أقول أنا لست محامياً للوطن أنا فقط سأتحدث باسم حماة الوطن!.
سيدي أود القول:
أنا كوطني جريح.
وأطفالنا من جراء حصارهم جاعوا وصوتهم كان يصيح.
وبيوتنا إثر عدوانهم تهدمت، ونساؤنا بسببهم رملت.
وعن إدانة المتهم لديّ شهود.
أسالوا الشجر البشر الحجر كيف أُحرقوا، والمتهم كان يقول مزيداً ومزيداً.
سيدي أملك وثائق في طياتها تقول:
إن أوراقها ابتلت من دموع ابن شهيد، وسطورها تلاشت لوجع زوجة شهيد، واحترقت لحرقة أُمّ شهيد،
محامي المرتزق:
إذن لا يوجد دليل واضح.
المتحدث باسم الوطن:
حال اليمن دليل فاضح.
صمت مريب، انسحاب لمحامي المتهم بشكل عجيب، انهيار تام للمتهم، عويلٌ لمناصريه،
القاضي:
ثبات حكم ‘جريمة شرف’ وعقوبتها الإعدام، تأجيل موعد التنفيذ، إلى حين اكتمال جميع المتهمين.
رفعت الجلسة ولنا عودة.