انتصرت إرادة الشعب اليماني من جديد وهو يخرج في احتشاد مليوني داعماً ومباركاً للمجلس السياسي الأعلي، ومتحدياً لغطرسة تحالف العدوان، ومعلناً عن جهوزية عالية لأية خطوة تصعيدية قد تشهدها الأيام القادمة في أي من جبهات القتال.
وبغض النظر عن الموقف الدولي الذي يستغشي ثيابه حتى لا يبصر حقيقة التفاف الشعب اليمني حول القيادة السياسية في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي، المتلفع بشرعية زائفة، فإن اللوحة الزاهية التي شهدتها صنعاء أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن النصر حليف هذا الشعب الواحد والمتحد، والذي استبسل لأكثر من عام ونصف، صامداً في وجه آلة القتل والدمار والحصار، ومتعالياً على الأذى المادي والمعنوي الذي ألحقه العدوان بالبشر والحجر والشجر وكل ما يدب على أرض اليمن.
لقد عرف العالم العربي أكثر من ثورة شعبية خلال الخمس السنوات الماضية، وحظيت عدد من هذه الثورات بالمباركة الدولية على أساس احترام إرادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها ومن يحكمها. ومن هذا المنطلق أيضا بارك المجتمع الدولي ثورتين متوالتين ومتناقضتين في مصر، وضرب بعرض الحائط مزاعم الشرعية التي تهالك في الدفاع عنها إخوان مبارك ومرسي! غير أن المجتمع الدولي نفسه الذي دعم السيسي في مصر وحق الشعب المصري في التغيير، لم يحترم بعد حق الشعب اليمني، وما يزال يعتدي على بلادنا تحت غطاء شرعية هادي، الذي عجز أن يحتمي بمنطقة يمنية واحدة يدافع على أرضها عن شرعيته الساقطة.
ليس جديدا القول أن المجتمع الدولي يكيل بمكيالين في قضايا الشعوب، غير أن القضية اليمنية قد كشفت مدى قبح هذا العالم الذي يتحرك وفقا لأهواء الطغاة ولا يحرك ساكنا حيال القضايا العادلة، فكان لزاماً أن تتحرك القوى السياسية الوطنية باتجاه فضح هذه الازدواجية المقيتة وتعرية الذرائع الكاذبة التي يسوقها إعلام العدوان ومرتزقته ليل ونهار، والإعلان مجددا للداخل والخارج أن الشعب اليمني هو حجر أساس الشرعية، وأن القفز على إرادة الشعوب يشكل سابقة خطيرة في العلاقات الدولية، بل ومناقض للمبادئ الرئيسة التي ينتظمها ميثاق الأمم المتحدة وعلى رأسها احترام سيادة الدول، وتجريم التدخل في شئونها.
ما بعد 20 أغسطس 2016 يختلف جذريا عما قبله، وما لم تتحرك الدول الصديقة للشعب اليمني، باتجاه وقف العدوان ورفع الحصار وإرساء السلام، وما لم يدرك النظام السعودي وأزلامه حقيقة المعادلة السياسية الجديدة، فإن إرادة الشعب اليمني الذي لا يقهر، كفيلة بردع المرتزقة والمعتدين..وإن غدا لناظره قريب!