الاستجابة الشعبية الواسعة لدعوة السيد عبدالملك الحوثي بشأن دعم البنك المركزي والاقتصاد الوطني، تنطوي على رسائل عديدة ذات مغازي عظيمة ، البطل فيها هو الشعب اليمني العظيم، الذي يتحدى صنوف العدوان والحصار والترهيب بالمزيد من الحراك الواعي والمدهش.
استشعر المواطن العادي خطورة وأبعاد تحالف العدوان السعودي والأمريكي، ولم ينتظر جدل الساسة والنخبة، فسبق الجميع إلى ميادين التضحية والفداء ورفد الجبهات بالرجال وبالأموال، وتوالت قوافل المدد على مدى يوميات العدوان دون انقطاع.
إنها القوة الكامنة التي لم تكن منظورة من قبل، أحسن السيد القائد وأنصار الله توظيفها في الثورة وفي معركة الكرامة، غير أن الزخم الشعبي الأخير فاق التوقعات، خاصة وأن اعتبارات كثيرة كان بإمكانها أن تشكل عائقا أمام الحملة الشعبية لدعم البنك المركزي.
فبالإضافة إلى المعاناة الاقتصادية التي يعيشها المواطن اليمني، حاول العدوان ومرتزقته اللعب بورقة الاقتصاد، بهدف تثوير الناس ضد أنصار الله، وكان قرار نقل البنك المركزي إلى عدن بمثابة ساعة الصفر التي انتظرها أعداء الوطن، كي يشهدوا حالة عارمة من السخط في أوساط الشعب اليمني، غير أن هذه الصورة انقلبت بشكل كلي، وقدم الشعب اليمني ولا يزال لوحة زاهية من التحدي والبذل والعطاء، ومن مختلف قطاعاته، ومن فقرائه قبل أغنيائه.
وكما سجل التاريخ ملاحم البطولة للرجال الرجال في جبهات النزال، فإن صفحاته الناصعة لن تتجاهل هذه الهبة الشعبية الواعية لمخاطر المؤامرة الاقتصادية على بلادنا، وسيكتب الباحثون والمؤرخون، أن اليمن وهي البلد الأفقر في الشرق الأوسط، وقفت بكل شموخ في وجه الأعاصير التي جمعت لها قوى الشر والطغيان في العالم، فحاصرت أكثر من 25 مليون نسمة، وحاربتهم في قوتهم اليومي، ونكلت بالبشر والحجر قتلا وتميرا، لكنها لم تفلح في تركيع الشعب اليمني، بقدر ما منحته مزيدا من التلاحم والصلابة والفخار.
يأتي المواطن مهرعاً إلى البنك المركزي وإلى فروع البريد في مختلف المحافظات، رافعا رأسه، وهو يجود بما يملك قل أو كثر، وكله إيمان بالله وبالوطن وبالمعركة المصيرية، التي يخوضها الوطن مع أعدائه، بينما على الطرف الآخر دولة هي الأغنى في المنطقة، وحشدت العالم من حولها للعدوان على اليمن، ثم ما لبثت الهزائم والانكسارات تلاحقها، حتى أصابت خزينتها العامة، فاضطرت لإعلان إجراءات تقشفية، وهي حاسرة الرأس، بعد أن كان الزهو والخيلاء يصاحب نبرات تصريحات مسئوليها، وهم يتوعدون الشعب اليمني بالويل والثبور.
وتتوالى المخاطر المحدقة بدولة ونظام آل سعود على إيقاع (سلم نفسك يا سعودي) و(سلم فلوسك ياسعودي)، بينما اليمني الحر يعيش زمن الانتصار والكرامة، وكله ثقة أن وطنا حراً كريماً مستقلاً، يتشكل على صفيح المعركة !