في ذكرى إستشهاد الإمام زيد بن علي عليهما السلام
كتب د/ علي الطائفي
يتأمل الدارس لحياه الإمام زيد بن علي رحمه الله، ليرى من خلالها ملامح شخصيته المتكامله جليه، فهو ذو شخصيه علميه واعيه ، وذو شخصيه اجتماعيه محبوبه ، اتصف بالأخلاق العاليه ، والخصال الزكيه الرفيعه .
وكانت أول ملامح شخصيته : تقواه ؛ فقد كان على جانب كبير من التقوى ، روى الأصفهاني في مقاتل الطالبين عن أبي قرة قول زيد له : ( يا أبا قره والذي يعلم ماتحت وريد زيد بن علي إن زيدآ بن علي لم ينتهك لله محرمآ منذ عرف يمينه من شماله..
وأخرج أيضآ عن أبي الجارود قوله (قدمت المدينه فجعلت كلما سألت عن زيد بن علي قيل لي : ذلك حليف القرآن)
وأخرج عن عاصم بن عبيدالله قوله (رأيته-يعني زيدآ-وهو بالمدينه شابآ يذكر الله عنده فيغشى عليه حتى يقول القائل ما يرجع إلى الدنيا ).
ولقد كان نور الإخلاص يبدو في وجهه وقوله وعمله ، وقد قال فيه بعض معاصريه ؛ ( كنت إذا رأيت زيد بن علي رأيت أسارير النور في وجهه ).
ومن ملامح شخصيته ؛ هيبته ، فقد آتاه الله بسطه في الجسم بمقدار ما آتاه الله قوه في العقل ، وحكمه في الفعل، وحياء جمآ ، حتى كان يملاء قلوب الناس مهابه منه وإجلالآ وحبآ له.
وفي معركته مع أهل الشام كان مخالفوه يفرون منه ، ولم ينالوه إلا بسهم من بعد .
وإلى جانب هيبته فقد كان شجاعآ أبيآ ، وهب الله له شجاعه أدبيه و شجاعه في ميدان القتال دفعته إلى قول كلمه الحق لايخشى في الله لومه لائم.
فعندما جاء الرافضه يسألونه عن أبي بكر و عمر أجاب بكل صراحه و قوه : ماسمعت فيهما إلا خيرآ ، صحبا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأحسن الصحبه ، وهاجرا معه وجاهدا في الله حق جهاده .
ولم يكتف بذلك.. بل أعلن البراءه ممن يبرأ منهما ، فقد طلب منه الرافضه البراءه من أبي بكر و عمر ، فرفص وقال ؛ بل أتولاهما و أبرأ ممن يبرأ منهما .
هذه هي ” الزيديه ” الصحيحه وليس كما يروج له دعاه ذلك الفكر الوهابي الشاذ من الإساءه للصحابه، بغرض الأستحواذ على قلوب وعقول البسطاء من الناس “محدودي الثقافه والإطلاع ” والمعرفه الكامله بحقائق الأمور.
تجلت مظاهر شجاعه الإمام زيد وإبائه أكثر عندما تحاور مع هشام بن عبدالملك ذات مره فكان يجيبه بكل جرأه و شجاعه.
حتى روى ابن الأثير أن زيدآ عندما أمره هشام – بعد أن أعيته الحجه – بالخروج بقوله له : أخرج ؛قال الإمام زيد ، أخرج ولا أكون إلا حيث تكره .
خروجه على هشام بن عبدالملك و استشهاده ؛
لقد كان للإمام زيد رحمه الله كما قدمنا من قوة الشخصيه ما جعله شامخآ كالطود لا يقبل الذل والهوان ، أضف إلى ذلك عده عوامل كانت جميعها هي الدافع له إلى الخروج ، ومن تلك العوامل ؛
– تكوينه الشخصي وما يتصف به من التقوى والغيره على الحق التي دفعته إلى الجهاد والإستشهاد لإزاله الظلم وإقامه العدل.
– شعوره بالمظالم الواقعه على الناس ، والمنكرات التي تفشت في زمانه جعله يخرج آمرا بالمعروف ناهيآ عن المنكر.
لهذه العوامل ولغيرها عزم الإمام زيد على الخروج ، فبايعه جمهور كثير من أهل الكوفه وفقهائها ، ثم بعث الدعاه إلى خارج الكوفه فأتته البيعه من الآفاق ، واشتمل ديوانه على خمسه عشر ألفآ ممن بايعه من أهل الكوفه من دون غيرهم من سائر البلدان،
قال أبو معمر ؛ بايعه ثمانون ألفآ.
ولما عزم على الخروج، وبدأت المعركه تخاذل عنه أهل الكوفه وانتكس أكثرهم ، ولم يثبت معه سوى (218) رجلآ كما يقول الطبري.
أو خمسمائه كما يقول صاحب كتاب مقاتل الطالبين ، أما جيش الأمويين فكان اثني عشر ألفآ.
فدارت رحى معركه غير متكافئه كان لشجاعه الإمام زيد فيها السبب الأكبر في أستمرارها عده أيام انتهت باستشهاده رحمه الله عليه..
ففي ذكرى إستشهاد الإمام زيد بن علي (ع) وقبلها ذكرى إستشهاد جده الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)، من ضربوا لنا أروع أمثله البطوله والشجاعه والإباء والدفاع عن دين الله وعن كلمه الحق، ضد الظلم والطاغوت والفسق والجبروت أيا كان حجمه وأيآ كان دعمه ، متوكلين على الله وحده دون غيره.
مهما كانت الظروف وكيفما كانت المعطيات ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، من لم يدرك معنى تلك الثورات ويستوعب مابها من عبر و دروس عظيمه “خاصه أهل اليمن وفي أيامنا هذه بالذات “
فلن يدرك شيئآ بعد ذلك ، حتى لو خلد في هذه الدنيا إلى يوم يبعثون.