المجلس السياسي ووفده الوطني بين الواقع ومرارة الأيام
بقلم/ محمد الحاكم
شهرين… هما الفترة الزمنيه التي تلي الأنتخابات الرئاسيه الأمريكيه في الثامن من نوفمبر الفان وستة عشر والتي تم فيها إعلان أسم المرشح الفائز في هذه الإنتخابات وهو دونالد ترامب، وهي الفترة أيضآ. التي تسبق اليوم الرسمي لتسلمه زمام السلطة رسميآ في العشرون من يناير ألفان وسبعة عشر .
هي فترة قد يراها البعض بالقليله والتي يمكن أن يعلقوا فيها الآمال بوجود حل ينهي هذا الصراع وهذا العدوان المريرين .
يوافقني الكثير بأنها ستكون فترة طويلة فهي ستكون من جانب ذات طابع ساكن من الناحية التفاوضية، وذات طابع محتدم عسكريآ و أقتصاديآ بين القوى الوطنية وقوى العدوان، و أيضآ ستكون ذات طابع إضطرابي سياسي وشعبي متوتر بين المجلس السياسي و اللجنة الثوريه، وكل ذلك من جانب آخر .
ما يمكنني أن أجزم به في بناء أعتقادي هذا , هو من خلال تنوع الحراك السياسي الدولي و الأممي الذي قام به المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ في زيارة الأخيرة لليمن قبيل أعلان الإنتخابات الأمريكية بأيام قليله , وما نتجت عنه في مباحثاته و تفاوضاته مع الوفد الوطني، والتي وصفت بالإيجابية على حد وصفه، و أيضآ ما نتجت عنه زيارته للرياض من رفض هادي وحكومته , وتوجهه لمقابلة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بدلآ من مقابلة هادي وحكومته , وذلك كله عقب عودة من صنعاء .
لم تأتي زيارة ولد الشيخ الأخيرة لصنعاء بهدف طرح مبادرته و خارطة طريقه والطلب من الوفد الوطني بضرورة القبول بها او الإطلاع على وجهات رؤاهم حولها , بقدر ما كان هدفه الحصول على أي إلتزام بعدم تشكيل اي حكومه , حتى ولو كان هذا الإلتزام من طرف واحد , وهذا ما تم بالفعل فتصريح الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح بقبول هذه الخارطة و إمكانية إعتبارها أرضية صلبة للتفاوض , لا يعد سوى إلتزام ضمني بعدم تشكيل أي حكومه , إذ أنه ليس من المعقول ان اقبل و أعتبر هذه المبادرة أرضية صلبه لبناء أي مفاوضات من جانب , و أنفيها من جانب آخر حينما أقوم بالأعلان بتشكيل حكومه , وهذا ما سيجعل الوفد الوطني في حالة هذا الحدوث من أن يؤكد أطروحة ولد الشيخ في أحاطته الأخيرة في مجلس الأمن , بقيام الأطراف بعمل إجراءآت أحادية الجانب .
هناك دلالات لنتائج زيارة ولد الشيخ الأخيرة لليمن شكلت في مجملها حملآ كبيرآ على المجلس السياسي ووفده المفاوض , إذ أنه يمكننا وصفها بالأيجابي يصب في صالح السعودية ودول العدوان , و الآخر سلبي مؤثر على الطرف اليمني الوطني .
فا الكيان السعودي وخاصة في ظل فترة الشهرين هذه التي تسبق التولي الرسمي للرئيس الأمريكي لزمام الحكم , تسعى الى توطيد علاقاتها مع هذا الرئيس وتحديد مسارات العلاقات معه بما يكفل لها الأبقاء على نفس ذاتيه العلاقه التي شهدتها السعوديه مع القيادة الأمريكيه السابقه , وبما يساعدها في معرفة ومشاركة القيادة الأمريكيه الجديده في رسم الوضع الذي تسعى فيه السعوديه فرضه على اليمن و اليمنيين , فكان لا بد من منع الطرف اليمني من تشكيل حكومه , و إبقاء الوضع السياسي و العسكري و الإقتصادي كما هو عليه طيلة فترة هذا الشهرين .
أما في الجانب الآخر و الذي يمكننا أسقاطه على الطرف اليمني الوطني ممثلآ بالمجلس السياسي و الوفد الوطني المفاوض فهو سيكون سلبيآ عليه , إذ أن خروج ولد الشيخ من صنعاء بعد ان أخذ رؤيتهم السياسيه تجاه مبادرته , وبعد تقديمهم لأي صورة من صور الإلتزام او التعهد في عدم القيام بأي فعل أحادي الجانب و الذي يعد تشكيل الحكومة أهمها , فقد وضعهم داخل دائرة الفراغ التفاوضي قد تصل الى فترة زمنيه مشابهه لفترته الشهرين هذه , وذلك بعد أيهامهم و أيهام العالم برفض هادي وحكومته لمقابلته لمعرفة توجهاتهم و آرائهم حول نقاط التعديل التي تقدم بها الوفد الوطني حول مبادرته , و الأكتفاء بمقابلة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع عدم تحديد نتائج لقائه هذا ليتوجه بعد ذلك الى وجه غير معلومه , وهذا ما تطلعت إليه السعودية ورغبت في تحقيقه من ناحيه.
ومن ناحية أخرى فأنها أي (السعودية) قد سعدت من بعض نتائج زيارة ولد الشيخ لليمن و التي كان اهمها أنها أسفرت في تنامي السخط الشعبي و الثوري على المجلس السياسي ووفده المفاوض وذلك بسبب عدم قيام المجلس بالإعلان عن تشكيلة حكومه بن حبتور وتسمية أعضائها , مسببين رأيهم في ذلك بأن المجلس قد رضخ لضغوطات و إملاءآت ولد الشيخ ومن وراءه المجتمع الدولي المؤيد لهذا العدوان , وكما لو أنهم متجاهلين في ذات الوقت لمطالب الشعب وتطلعاته ونصرة لدماء الشهداء و الجرحى , وهذا ما شكل عبئآ ثقيلآ على كاهل المجلس السياسي في حالة تجاهله .
بصراحه ….. أعتقد بأن المجلس السياسي وخاصة في ظل هذه الفترة الى حين تولي الرئيس الأمريكي الجديد لمنصبه قد وضع بين أمرين إما الوقوف مع مطالب الشعب وتطلعاته متجاوزآ حدة حالات السخط الشعبي , متخلفآ لتعهداته و إلتزاماته التي قدما للمجتمع الدولي ومتخذآ لدور الدفاع و المقاومه كحل أنسب يبقيه في هرم السلطه ومشكلآ ضغوطآ مستمره على دول العدوان و المجتمع الدولي .
أو ان يكون عكس ذلك وهو الأمر بأن يكون متحملآ لعتبات وتنامي السخط الشعبي الثوري و التي قد يضاعف من حدة الإنقسام بينه وبين الشعب من جهه , و فيما بين ذاته بأعتباره مكون سياسي مشكل من مختلف الأحزاب و المكونات المختلفه في توجهاتها الفكريه , والمتحده حول كيفيه مواجهه العدوان و رفضه , وهذا ما سوف نلاحظه في مقبل الايام القادمه .