اليمن والنبوة، علاقة حب ازلي
بقلم: رجاء ابراهيم الوزير
إن مولد المصطفى هو اهم وأسعد حدث يهم البشرية تحقق خلال عمرها الأخير , لان كونه خاتم الأنبياء دليل على كون البشرية تعيش آخر اطوارها او مراحلها , وهو الحدث الذي الذي يستحق عنده الناس ليتأملوه ويتفكروا في رحمة الله وعظمته ولطفه بعباده يقول الله في سورة الانعام (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ۗ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ ۖ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا ۖ وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ )
وقد عرض القرآن قصصا لنزول الملائكة بالبشرى على بعض انبيائه يبشرونهم بقرب مولد نبي من أولادهم , فهذا نبي الله إبراهيم جاءته الملائكه تبشره بقرب مولد ابنه نبي الله إسحاق , واخبروه في ذات الوقت انهم في طريقهم لإنزال العذاب على قوم لوط ( ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما , قال سلام , فما لبث ان جاء بعجل حنيذ ).
وهذا نبي الله زكريا نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب تبشره بولده نبي الله يحي عليه السلام , فكيف لا تكون ذكرى ولادة خاتم الأنبياء أمرا يستحق الاحتفاء والاهتمام , ويستوجب إإظهار البهجة والسرور ؟
كيف لاتكون أمرا يستحق الحمد والشكر لله الذي بعثه رحمة للعالمين , وإنقاذا لهم من الضلالة والكفر ؟
كما ان السرد القرآني يبين ان اليهود هم أشد الناس غيظا وحنقا من خروج النبوة من بني إسرائيل بولادة محمد بن عبدالله صلوات الله عليه وآله (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54) سورة النساء ولذلك فإن الاحتفال بذكرى مولده فيه بنعمة الله والإغاضة لأعداء رسول الله صلوات الله عليه , من اليهود والمنافقين الذين يشتركون مع اليهود في كراهية يوم المولد , ولذلك فإن عودة الاحتفال بالمولد النبوي في اليمن بعد غيابه لسنوات جاء مترافقا مع العدوان على اليمن , وقد غاب الاحتفال خلال الفترة السابقة بسبب سيطرة الفكر الوهابي وتسلطه على مراكز القرارفي اليمن خلال عقود , وارتبط ذلك مع هيمنه سياسية سعودية على القرار السياسي اليمني , وعمل حثيث وخبيث على إلغاء الهوية اليمنية , إبتداء من إحلال أناشيد(الاخوان المسلمين ) محل التواشيح والتسابيح اليمنية , وانتهاء باقتطاع أراضي وقرى ومدن يمنيه في شمال اليمن وإلحاقها بأراضي المملكة السعودية .
يتضح ان العدوان على اليمن يمتلك خلفية فكريه , بل يشكل منظومة متكاملة فكرية وعسكرية وإقتصادية تتحالف مع أعداء رسول الله صلوات الله عليه وآله ضد الأمة وضد مصالح الأمة ووحدتها , وقد تجاوز شر هذه المنظومة المعادية لله ورسوله اليمن ووشمل معظم بلاد العرب والمسلمين , وحارب الهوية الثقافية الخاصة بكل بلد وحاول دمجها كلها تحت لواء الوهابية التي تقطع أواصر القربى وتحتقر الأوطان , وتروج للخيانة والارتزاق تحت مسمى وحدة الهدف والحب في الله والبغض في الله , ولذلك وصل الحال ببعض المراهقين المتبعين لمثل تلك الأفكار التكفيريه الى التجرد من المشاعر الإنسانيه الفطرية , والاعتداء على من يخالفهم بالقتل حتى لو كان احد الوالدين , وطبعا الذبح هو الطريقة المثلى لديهم لأنها تشبع رغبتهم في الانتقام وتروي شعورهم بالكراهية .
ويأتي الاحتفال بالمولد النبوي ضمن اشد ما يبغضه المنافقون واحب ما يفعله الذين آمنوا بنبوة محمد الذين يظهرون محبتهم له ويتبعونه ويطيعونه , كما ان البعض قد يظنون ان الآيات القرآنية التي تتحدث عن المكابرين من اهل الكتاب الذين رفضوا التصديق بالنبي الذي يجدونه مكتوبا عندهم , هي آيات خاصه بزمانه , وليس لها أي ارتباط او انعكاس لما يحدث اليوم من حروب وصراعات , وهذا قصور في الرؤية لان التآمر على امتنا ليس خاليا من الدوافع الأيديولوجية وليس مبنيا فقط على صراع مصالح وهذا ما يفسر التوافق الشديد بين سياسة أمريكا وإسرائيل , ويفسر أيضا إصرار اليهود على إقامة دولتهم في فلسطين واكتشاف الهيكل المزعوم تحت المسجد الأقصى تحديدا .
إن الاحتفال بمولد المصطفى هو صمود وتحدي يغيظ الأعداء ويربكهم , ويذكرهم ان الله معنا لأننا مع نبيه ومع خط القرآن والأنبياء ومع آل بيت رسول الله صلوات الله عليه وعليهم , وان النصر الذي وعدنا الله به سيأتي طال الزمن ام قصر , والفتح الذي نترقبه صار اقرب من أي وقت مضى .
( قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون ).