إتفاق مسقط …. ( المولود الميت )
كتب/محمد الحاكم
في بيان صادر عن وزارة الخارجية العمانية والذي بثتة وكالة الأنباء العمانية يوم أمس الثلاثاء 15/ نوفمبر / 2016 , والذي تطرق هذا البيان الى قرآءة آخر المستجدات السياسية التفاوضية بين الأطراف اليمنية و الدول الراعية للسلام , فقد اتى هذا البيان لينشر تفاصيل نتائج الإتفاق الذي كان تحت رعاية وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية ( جون كيري ) , ومعالي وزير الخارجية العمانية ( يوسف بن علوي بن عبدالله ) , وما بذلاه من جهد في مباحثاتهما مع وفد صنعاء حسب ما ذكره البيان , وما نتج عن هذا الإتفاق من ضرورة الإلتزام ببنود 10/ ابريل / 2016 الخاص بوقف الاعمال القتالية إعتبارآ من يوم 17/ نوفمبر /2016 , وكذا إستئناف المفاوضات بين الاطراف اليمنية في نهاية شهر نوفمبر /2016م على إعتبار ان خارطة الطريق المقدمة من المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ تعتبر أساسآ وقاعدة لتلك المشاورات , وعلى أن يأتي نهاية شهر ديسمبر/ 2016م إلا وقد تم تشكل حكومة جديدة مشكلة من كل الأطراف اليمنية المتصارعة وتكون قد باشرت عملها في صنعاء الآمنه في ذات الوقت .
لا يهمني هنا التطرق الى بنود هذا الإتفاق من حيث قرائة حيثيات تشكيله ومرتكزاته و اهدافه , بقدر ما يهمني قرائة المضمون و الهدف الخفي وراء هذا الإتفاق الذي يمكنني وصفه بالمولود الميت , من خلال إستشفافه بالتركيز على بعض ما جاء في صيغة هذا الإتفاق والتي تؤكد مما لا يدع مجالآ للشك بأن هذا الإتفاق قد يعقد من امكانية قبوله تنفيذه جملة وتفصيلآ .
لقد جاء هذا الإتفاق بعد تقديم كلآ من الجانب الأمريكي و العماني ضمان إلتزام كل الأطراف اليمنية المنظوية كل منها تحت ضلال تلك الضمانات في القبول و التنفيذ لاي اتفاق قد يفضي الى إنهاء هذه الحرب و إيجاد الحل الشامل و الكامل و الدائم و العادل لكل الأطراف بلا إستثناء , وعلى هذا الضمان فقد أستطاع الجانب العماني من أخذ قبول و ألتزام أنصار الله و المؤتمر الشعبي العام لهذا الإتفاق , وهذا ما تجلى في موافقة أنصار الله المتواجد حاليا في مسقط , وكذا موافقة المؤتمر الشعبي العام من خلال بيان اجتماعه الاستثنائي الذي عقد صباح هذا اليوم 16/نوفمبر/ 2016 .
في المقابل نرى عدم وجود أي رغبة امريكية في تنفيذ هذا الاتفاق او إلزام أطرافه على القبول به وتنفيذه , إذ انه وهذا ما تجلى واضحآ من خلال قراءة بعض الدلائل و الإشارات التي تؤكد صحة ما أشرت اليه و التي يمكن ايجازها فيما يلي :-
* ان هذا الاتفاق اتى في الوقت الذي يمكننا وصفه بالوقت الضائع حتى و إن كانت الآمال معقودة في إمكانية تنفيذة ,لكنه جاء في الوقت الذي وضع الجانب الامريكي في وضع لا يخوله قانونيآ رسم أي سياسة خارجية للولايات المتحدة الامريكية خاصة بعد فوز المرشح الرئاسي الجديد ( دونالد ترامب ) والذي يلزم على كل الأطراف السياسية في الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها بوقف أي نشاط فعال ومحسوب على الإدارة الامريكية السابقة , وبناء على ذلك فان أي ضمانات او تعهدات قد تبديها الخارجية الامريكية الحالية تعتبر غير فعالة وغير ملزمه التنفيذ , اذ انه لو كانت للخارجية الامريكية الرغبة الحقيقية و الكاملة في إيجاد أي إتفاق و إدخاله حيز التنفيذ لكانت قد حققته في الوقت الذي سبق مجيئ الانتخابات الرئاسية الامريكية ليتم على ضوئه أضفاء المسئولية الحقيقيه من قبل الجانب الامريكي أو الاطراف التي تنضوي تحت ضماناتها .
من ناحيه اخرى وتأكيدآ لصحه ذلك هو ما ورد في مضمون هذا الإتفاق من شرط لا يجب طرحه في هذا الإتفاق كون أن الطرف الامريكي و العماني هما الضامنان لقيام اطرافهما بالقبول به وتنفيذه , فكان طرح الشرط ( شريطة التزام الاطراف الاخرى بتنفيذه ) مؤشرآ يعطي في فتح المجال للقوى السعوديه و مرتزقتهم المتمثلين في عبدربه منصور هادي ومزعوم حكومته بالرفض وعدم الالتزام بأي اتفاق , وهذا ما تجلى صورته في الخروج السريع لوزير خارجيه عبدربه ( عبدالملك المخلافي ) ليدلي بالتصريح بأن هذا الاتفاق لا يعنيهم وبأنهم لا يتقبلون أي أوامر أو إملائات من أي طرف كان حتى لو كان هذا الطرف هي الولايات المتحدة الامريكية ممثلة في وزارة خارجيتها .
أضف الى ذلك ما جاء في هذا الإتفاق هو تضمنه لفترة زمنية يصعب على المرء القبول به , يتم على ضوء هذه الفترة تحديد مصير أمة بأكملها عانت طيلة أكثر من ستمائة يومآ من العدوان ويلات الحرب وظلمها.
إذ جاء في هذا الإتفاق على ضرورة عودة المفاوضات بين الأطراف إعتبارآ من نهاية شهر نوفمبر/ 2016م وعلى أن يكون نهاية شهر ديسمبر/ 2016م وقد بدأت الحكومة الجديدة بممارسة أعمالها في صنعاء الآمنه , ومن خلال قياس هذه الفترة نجد أنها فترة شهر واحد فقط يقوم فيه الأطراف بمناقشة و إقرار خارطة الطريق الأممية , والتي الى حد الآن يبدي نحوها الجانب الوطني تحفظه على معظم بنودها , ناهيك عن قيام الطرف الآخر في رفضها جملة وتفصيلآ .
وهي أيضآ ذات الفترة التي يستلزم على كل الأطراف المتصارعة التقديم و التوافق على نائب الرئيس المزمع تعيينه خلفآ للفار عبدربه وهو ذاته الذي سيتولى تكليف مرشح رئاسة الحكومة وتشكيل كل أعضائها بناء على ما سوف يتوصل اليه كل الأطراف من تقديمهم لمرشحيهم لشغال تلك المناصب الوزارية في الحكومة الجديدة .
كما أن هذه الفترة هي نفسها التي سيقوم خلالها كل الأطراف بتقديم وتنفيذ الإجراءآت الملزم تنفيذها قبل أي اتفاق من تسليم أسلحه و خروج من المدن , وخلو الوطن من أي معتدي و مرتزق اجنبي داس وطأة هذه الأرض الطاهرة, وذلك إنطلاقآ من مبداء حسن النية و الرغبه في الصلح.
إختصارآ ….. هناك بعض التفاصيل والجزئيات الأخرى و التي تضمنها هذا الإتفاق , والتي لم أود سردها لكونها لا تضفي أي شيء يغير في مضمون وهدف هذا الإتفاق بقدر ما همني قرآءة الأركان الرئيسية لهذا الإتفاق وما سيئول من خلال نتائجه أي مستجدات قد تحدث .
أخيرآ …… وليس بالأخير سنقف هنا , وسوف نرى ما ستلقيه علينا نقبل الأيام ومتغيراتها إما بالإثبات أو النفي .