حرب اليمن … المطامع الغربية و أدوار دول العدوان في تنفيذها.. “تفاصيل”
204
Share
كتب / محمد الحاكم
يظن البعض أنه ليس هناك ثمة خطرستقوم به دول العدوان بعد إنتهاء عدوانها على اليمن أكبر مما تقوم به الآن , إلا أنهم في ظنهم هذا يعتبرون مخطئون و مسيئون التقدير , فالكيان الأماراتي و السعودي على سبيل المثال بأعتبارهم أهم الأطراف الرئيسية المشاركة في هذا العدوان على اليمن منذ إندلاعه في 26/3/2015م ينفذون و بمنتهى الدقة كل التوجيهات و الأوامر الموكلة إليهم من قبل رعاة هذا العدوان وعلى رأسه أمريكا و إسرائيل , و التي سوف تتضح مساوئ هذا الدور فيما بعد وقف إطلاق النار , وما كل المهام و الخطوات التي يقوم به الكيانان الإماراتي و السعودي الآن على الأراضي اليمنية لا تعد إلا إرهاصات قذرة ستتجلى مساوئها بعد إنتهاء الحرب .
لقد قسمت دول الإستكبار الأدوار و المهام الواجب تنفيذها لسيناريوهات هذه الحرب بين كل الدول المشاركة في هذا العدوان, إلا إنني هنا لن أتطرق الى تفصيل المهام و الأدوار الموكلة الى كل دول العدوان , لأن أدوارهم و مهامهم مؤقتة تتحدد في فترة الحرب ولن يكون لهم أي دور هام أو رئيسي إن لم يخلى الأمر من بعض المهام الثانوية بعد الإنتهاء , لكنني هنا سوف أتطرق الى أبرز الأدوار و المهام التي تكفلت بهما أهم دولتين من دول العدوان ألا وهما الأمارات والسعودية , وما قاما به وما زالا يقومان به من أدوارمهمة جدآ في تحقيق أهداف ومطامع دول الأستكبار , على رأسها الصهيوأمريكي .
هناك تصوربسيط يمكن أن نبني من خلاله أبرز الأهداف و المطامع التي تسعى من ورائه دول الأستكبار الغربي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل في حربها على اليمن , و الذي يمكننا طرحه وتلخيصه فيما يلي :-
لم تكن لتلك التقسيمات او تلك الأعتبارات أو إستعادة الشرعية المزعومة لعبدربه منصور هادي ومن سار على نهجه من المرتزقة الأسباب الحقيقيه لشن هذا العدوان برمته بقدر ما كانت آمالهم وتطلعاتهم و أطماعهم أكبر و أبعد من ذلك , فالأستيلاء و السيطرة على كل الجزراليمنية الإستراتيجية و التي على رأسها سقطرة , و ميون القابعة في مضيق باب المندب وبعض الأجزاء الساحلية الغربية لليمن الواقعة على البحر الأحمرمثل المخا و ذو باب وغيرهما , بالأضافة الى كل المناطق النفطية و الغازية في كلآ من الشمال و الجنوب , و كذا الموانئ البحرية الجنوبية في كلآ من عدن و حضرموت وشبوة , كل ذلك يعد هدفآ أستراتيجيآ دوليآ يمكنهم من تعزيز قدراتهم الأقتصادية و العسكرية و السياسية على المستويين الأقليمي و العالمي خاصة في فترة تنامي صراعاتها الجيوسياسية و الأقتصادية بينها وبين مختلف القوى الدوليه والتي على رأسها روسيا و الصين و إيران , وهذا لن يتأتى إلا من خلال مايلي :-
( أ ) …..وجوب سرعة بسط سيطرتها وتحكمها على الملاحة الدولية من خلال بناء قواعد عسكرية لها في كلآ من جزيرة سوقطره ذات الأهمية الإستراتيجة في تحكمها لخط الملاحة الدولية في كلآ من المحيط الهندي وبحر العرب و أمكانية أمتداد سيطرتها على مضيق هرمز على مدخل بحر الخليج العربي .
( ب )…. وجوب السيطرة على جزيرة ميون القابعة على مضيق باب المندب المتحكم على البوابة الجنوبية للبحر الأحمر والذي لا يمكن لها الأستمرار مالم يكن هناك تعزيزات عسكريه على ضفتي البحر الاحمر عند مدخله الجنوبي في كلآ من اليمن و جيبوتي و أرتيريا .
( ج ) ….. تأمين نقل خطوط الأمداد النفطي و الغازي لكل دول الخليج و اليمن , من خلال نقل مسار خطوط الأمداد البحريه لدول الخليج و التي تجري حاليا عبر الموانئ البحرية المطلة على الخليج العربي , و إستبداله بخطوط أمداد برية تبداء من منابع الإنتاج الشرقية و الشمالية للخليج العربي , لتشق طريقها عبر الصحراء جنوبآ عبر صحراء حضرموت الى أن تصل مينائي الضبة اليمني في حضرموت, وميناء بلحاف الغازي في شبوة القريبتين جدآ من جزيرة سقطرة , وذلك كله بهدف تأمينها من التهديدات البحرية الأيرانية القابعة في الخليج العربي و المتحكمة حاليآ بمضيق هرمز .
( د ) …. الأستفادة الأقتصادية لكل من ميناء عدن و الذي يمكن أن يكون الميناء الحر البديل لميناء دبي لما تملكه عدن من موقع إستراتيجي دولي يقلل من تكلفة نقل البضائع وتعريفاتها مقارنة بتلك التعريفات التي تقدمها الشركات العالمية عند دخول السفن الى ميناء دبي الأماراتي , أضف الى ذلك أمكانية الأستفاده من موقع جزيرة ميون وما تملكه من مقدرات أقتصاديه ضخمه خاصة في مجالي السياحة و الكهرباء على سبيل المثال .
( ه ) …. أحتمالية تفكيك الأنظمة الخليجية , وسيطرة القوات العدوان و الأستكبار على أهم و أبرز القواعد العسكرية و الأستراتيجية في اليمن مثل المنطقة العسكرية الأولى في حضرموت وقاعدة العند , وجزيرة سوقطرة , و محاولاتها الآنية في السيطرة على جزيرة ميون وبعض الجزر و المناطق القابعة في البحر الأحمر , كل ذلك سيؤدي الى قيام دول الأستكبار الى نقل قواتها العسكرية من مواقعها الأستراتيجية المتواجدة حاليآ في الخليج في كلآ من قطر و الكويت و معظم مناطق السعودية بهدف تأمينها من أي مستجدات صراع قد يحدث في تلك الدول الخليجية .
( و ) …. إن تحقيق هذه الرؤية و الأهداف لابد و أن تسبقها إرهاصات تستوجب على دول العدوان القيام في تنفيذها , تتمثل في وضع اليمن شماله وجنوبه في ضل صراع دائم ومستمر , على أن يقسم هذا الصراع على مرحلتين يتم خلال تلك المرحلتين تقسيم طبيعة الصراع الى منطقتين شمالية و جنوبية , يمكن إستخلاص تلك المرحلتين بما يلي :-
( أولآ ) ….. مرحلة الأستهداف المباشر.
وفيها يكون الإستهداف لكل مقومات ومقدرات و أمكانيات الدولة اليمنية البنيوية التحتية و الخدمية وبما يجعلها منهكة إقتصاديآ و عسكريآ لا يمكنها حتى من مجرد التفكير بالدخول في أي حرب جديدة قد تفرض عليها , و القبول بأي شروط أو أملاءآت حتى و أن كانت تمس سيادة و كرامة اليمن أرضآ و إنسانآ , وبناء على هذه المرحلة كان لا بد تقسيم طبيعة الصراع الى قسمين وفقآ لعدة إعتبارات منها ظاهرية يتم وضعها في قوالب دعائية و أعلامية يصدقها ويتقبلها المجتمع الدولي , ومنها مخفية تحقق الهدف من وراء هذه المرحله.
فكانت المنطقة الأولى تتمثل في المناطق الشماليه و الغربية و الوسطى , و يكون فيها الإستهداف مباشرآ سياسيآ و إقتصاديآ وعسكريآ وعلى مستوى كافة القطاعات البنيوية التحتية وبأقصى درجات الإمكانات المتاحة لأنواع الإستهداف , ذلك لأنها تعد أكبر المناطق سيطرة من قبل أنصار الله وكل الأحزاب المناهضة للعدوان سياسيآ وعسكريآ وشعبيآ على مستوى اليمن , حيث تكفلت في تنفيذ هذه المرحلة وهذه المناطق الكيان السعودي ودول التحالف وبدرجات متفاوتة حققت بمقتضاهات على سبيل الإيجاز لا الحصر ما يلي :-
( 1 ) ……. التدمير الكامل و الشامل لكل البنى التحتية و الخدمية المختلفه , وبما ستجعل حسب أعتقاداتهم أن أي حكومة يمنية في المستقبل القريب أو البعيد ستقبل بأي تسوية سياسية كاملة وشاملة تجنب اليمن في أطاره الوحدوي أو الأقليمي ليمكنها الأنكفاء في إحداث أي تغيير تنموي وفق ما يتبقى لها من موارد ذاتية .
( 2 ) ….. سعت في إطار حربها هذه الى إثارة النعرات الطائفية و المناطقية و الجهوية , كهدف تعزز من وراءه الروح التشطيرية بين المناطق للوصول الى تشتيت وتقسيم اليمن الى أقاليم , وهذا ما نراه من خلال الترويج أعلاميآ بضرورة الأستفتاء على الدستور الجديد الذي يدعم مشروع الأقاليم , و أنزال الصور الجديدة لأعلام الأقاليم وغير ذلك .
( 3 ) …. التكرار المتعدد في زحوفاتها العسكرية على مختلف المناطق الشمالية و الغربية في كلآ من مأرب و الجوف لما يملكانه من ثروات نفطية وغازية , وكذا في جبهتي ميدي و البقع لما لهما من أهمية أستراتيجة على الساحل الغربي لليمن , كل ذلك بهدف بسط السيطرة على مينائي الحديدة و الصليف و رأس عيسى , وكذا محاولاتها في السيطرة على جبهتي نهم وصرواح و اللتان لهما أهمية أستراتيجة في فصل منابع النفط و الغاز في كلآ من مأرب و الجوف , عن مركز القرار السياسي لليمن في صنعاء .
أما المنطقة الثانية فهي المناطق الجنوبية من اليمن , وكان فيها الإستهداف ثانويآ لا يرقى الى ذلك المستوى من التدمير الذي لاقته المناطق الشمالية , لأعتبارها أكثر المناطق سيطرة من قبل جماعات عبد ربه منصور هادي والحراك الجنوبي المسلح بأستثناء الحراك الجنوبي في حضرموت الذي تحت قيادة ( باعوم ) , أضف الى سيطرة بعض الجماعات و التنظيمات الدينية المسلحة كالأخوانية و السلفية و القاعدية المنتشرة في مختلف المناطق الجنوبيه , حيث تكفلت بهذا الدور في أطاره الرئيسي الأمارات والى جانبها القوات السودانية إلا ان الأمارات و خاصة في الآونة الأخيرة قد أستطاعت أن تستفرد بكافة الأمور وفرض سيطرتها , وكان لهذا الأستفراد دورآ مهمآ في محاولة تعزيز و أستكمال وتنفيذ المخطط الدولي بعد إنتهاء الحرب تمثلت تلك الخطوات في صورة الإيجاز لا الحصر فيما يلي :-
( 1 ) …. تعزيز القدرات العسكرية المتنوعة في شتى المجالات الآلية منها و التدريبية , تمثلت في أرسال المعدات العسكرية الثقيلة و المتوسطة و الخفيفة وتوزيعها على مختلف المناطق الجنوبية و كان أهمها حضرموت ولحج وعدن و الوازعية وجزيرة ميون .
(2) …. تشكيل وتدريب قوات عسكرية موالية لها في أرتيريا وجيبوتي و حضرموت و التي تعتبر قوات النخبة الحضرمية أبرزها , و ذلك من أجل بسط سيطرتهم على كل من حضرموت وعدن وباب المندب .
( 3 ) … أعادة تشكيل و تأهيل الكوادر السياسية و العسكرية المنظوية تحت ولائها ك..خالد بحاح رئيس الوزراء اليمني الأسبق و الذي تسعى الأمارات الى أعادته كرئيس وزراء أو تعيينه كحاكم فعلي للجنوب في حالة تمت الأقلمة , أضف الى ذلك هيثم قاسم طاهر و الذي كان وزيرآ للدفاع أبان حرب صيف 1994م المقيم حاليآ في الأمارات , و الذي تم تعيينه مؤخرآ مستشارآ لقواتها في حضرموت . بالأضافة الى تعيين العميد ثابت جواس قائدآ لمحور العند , وصالح طليس قائدآ للمنطقة الأولى خلفآ للعميد عبدالرحمن الحليلي , و أن كان تعيين هذين الأخيرين قد تم من قبل عبدربه هادي إلا ان تعيينهما سوف يصب في مصلحة الأمارات في المقام الأول .
( ثانيآ ) ….. مرحلة الإستهداف الغير مباشر ، وهي مرحلة ما بعد إنتهاء الحرب ووقف إطلاق النارمن قبل دول العدوان و الإستكبار , والتي لن تأتي إلا بعد إتمام المرحلة الأولى بشقيها المباشر و الثانوي , والتي يمكننا فيها تصور للأوضاع اليمنية بعد الحرب من المنظور دول العدوان و الأستكبار كما يلي :-
( 1 ) ….. طبيعة ونتائج الأوضاع التي ستكون عليها المناطق الشمالية والتي تتمثل في الأنهيار الكامل لكل مقومات الحياة و العمل , مع المستوى الضئيل لموارده النفطية و الغازية , مع أمكانية سقوط بعض الأجزاء الساحلية الغربية لليمن تحت السيطرة الأجنبية بالأضافة الى طبيعة ونتائج الأوضاع التي ستكون عليها المناطق الجنوبية من سقوط معظم المحافظات الجنوبية و مواردها النفطية و الغازية تحت أيدي القوات الأجنبية و أن كانت صورتها في قوات يمنية جنوبية , جميعها هي من ستفرض على الشعب اليمني القبول بالأقلمة حتى في أقل مستوياتها المتوقعة في تقسيم اليمن الى أقليمين شمالي و جنوبي .
( 2 ) …. تعزيز أدوار الأحزاب التي شاركت في هذا العدوان مثل حزب التجمع اليمني للإصلاح والحزب اليمني الإشتراكي وغيرهما , خاصة بعد الوصول الى أي تسوية سياسية, كهدف رئيسي غربي يهدف الى إبطاء وعرقلة مسارات البناء و التطور لليمن الجديد سواء كان هذا اليمن في إطاره الوحدوي أو الفيدرالي .
( 3 ) ….. من أجل تعزيز السيطرة الكاملة لقوات العدوان ومن ورائها قوى الأستكبار على كل منابع النفط و الغاز والممرات المائية البحرية كان لا بد من تعزيز القدرات العسكريه للحكومة الأقليمية الجنوبية في مقابل ضعف القدرات العسكرية للحكومة الأقليمية في الشمال والتي سوف تخلق بينهما صراعات حدودية , وخاصة في المناطق الوسط , لتعيد لنا في الذاكرة حروب المناطق الوسطى في سبعينيات القرن الماضي لما قبل الوحدة .
( 4 ) …. حصر الجماعات الأرهابية في المناطق الشمالية الشرقية لليمن خاصة في منطقه حضرموت الوادي و الصحراء كهدف رئيسي قريب يهدد من وراء تواجدهم هناك الدول الخليجية , خاصة في ضل تنامي التكهنات التي تتحدث عن تفكيك تلك الأنظمة و تجزئتها .