سوريا تنتصر..
بقلم/ عبدالله علي صبري
هو انتصار مر بلا شك ، وما يزال بحاجة إلى جهود مضنية للبناء عليه وإخراج سوريا من نفق الإرهاب والاستبداد.
وحتى إن قيل أنه لامعنى لانتصار طرف على آخر في إطار الحرب الأهلية، فالمعروف أن أطرافا خارجية كانت ضالعة وبقوة في حرب سوريا، وأن المؤامرة على سوريا ونظامها كانت جلية ولا ينكرها إلا متعصب.
نعم خرج الشارع السوري مطالباً بالحرية والتغيير في خضم بدايات الربيع العربي، بيد أن أغلبية من نزلوا كانوا من (الملثمين) ، ثم سرعان ما تحولوا إلى عناصر مسلحة، بزعم الدفاع عن النفس، وشيئا فشيئاً وإذا بالتنظيمات الارهابية تعلن عن حضورها في سوريا، بل وتتصارع فيما بينها وسط دعم تركي، قطري ، سعودي، ومباركة أمريكية أوروبية.
اختلط الحابل بالنابل، وسلك الثوار درب الإرهاب ، بينما مجتمع النفاق الدولي كان يضغط بكل وسيلة لإزاحة بشار الأسد من المشهد السياسي ، وتسليم دمشق العروبة هدية بالمجان للكيان الإسرائيلي.
جرت في النهر مياه كثيرة ، وتجرع السوريون ولا يزالون ويلات الحرب والدمار والنزوح، وكان لابد أن تنتصر إرادة الدولة، فجاءت معركة حلب المفصلية ، وانتصرت سوريا بفضل تماسك الجيش العربي السوري ومؤسسات الدولة، ثم بدعم من الأصدقاء الروس والإيرانيين وحزب الله ، والأحرار في العالم …
وهذه خلاصة تجربة ما زالت معاشة ، ويتعين أن نستفيد منها يمنياً. ليعلم المرتزقة أن إرادة الشعوب هي الأمضى ولو تحالف آل سعود والأمريكان علينا ، وليعلموا أيضاً أن فرصة السلام اليوم قد تكون أقل تكلفة عليهم من الغد ، وأنه لا مناص من الحل السياسي لضمان أمن اليمن ومؤسساتها وديمومة وحدتها واستقرارها. ليعلموا أيضا أن ما عجز عنه العدوان خلال عامين من الحرب والحصار لن يظفر به خلال الأشهر المقبلة الحبلى بمفاجآت المتغيرات الدولية والإقليمية، وأن اليمن كما سوريا على موعد مع الانتصار الكبير، مهما تكالب الأعداء واشتدت الخطوب.
سوريا تنتصر، لكنها بحاجة إلى الكثير من الوقت حتى تداوي جراحها وتتعافى، ولن يكون لها ذلك إلا إذا نسجت مصالحة مجتمعية واسعة، وأسست لديمقراطية حقيقية تقوم على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، وهو ذات التحدي الذي ينتظر اليمن بعد العدوان.