محمد أنعم
تكشف سيرة الخائن عبدربه منصور هادي عن تاريخ أسود لهذا المجرم والذي كرس حياته منذ أن كان »خادماً« مجنداً لدى جيش الغزاة مع ضابط استخبارات بريطاني في خمسينيات القرن الماضي، وظل يتنقل معه في جبهات القتال لمواجهة وقمع الانتفاضات الشعبية في الجنوب ضد الاستعمار البريطاني وبعد انتصار ثورة 26 سبتمبر 1962م واندلاع ثورة 14 أكتوبر 1963م من جبال ردفان الشماء ضد الاستعمار البريطاني وعملائه في الجنوب، ازدادت الأجهزة الاستخباراتية البريطانية قناعة بتجنيد عملاء لها في اليمن لأنها بدأت تدرك أنها سترحل عن اليمن لا محالة مع تزايد عنفوان ثورة الذئاب الحمر وإلحاق هزائم نكراء بقوات الاستعمار البريطاني وعملائه من قوات المشائخ والسلاطين والأمراء الذين ظلوا يمثلون كلاب حراسة للدفاع عن القوات البريطانية المحتلة لجزء غالٍ من الوطن العزيز، لذا اهتم الغزاة بتأسيس فرع استخباراتي لهم في اليمن وكان من ضمن العناصر التي حظيت بالاهتمام من قبل المخابرات البريطانية الخائن عبدربه منصور هادي، والذي بالتأكيد كان من ضمن اصحاب الأقنعة السوداء الذين كانوا يصطادون ثوار الجبهة القومية وجبهة التحرير أو يقومون بالقبض عليهم مع الأجهزة الاستخباراتية البريطانية في عدن إبان الكفاح المسلح..
هناك العديد من الشهادات التي أدلى بها مناضلون من أبناء المحافظات الجنوبية والتي تؤكد أن الخائن والعميل هادي قد تم القبض عليه عقب الاستقلال وتحديداً بعد حركة 22 يونيو 1969م وأودع السجن وتمت محاكمته بتهمة الخيانة في عهد سالم ربيع علي »سالمين« وصدر حكم بإعدامه، إلاّ أنه ودون أن يُكشف عن السبب تم العفو عن هادي في اللحظات الأخيرة، ليتوارى سنوات عن الانظار ليظهر بعد ذلك في عهد الحزب الاشتراكي اليمني كقائد كتيبة للتصفيات لاسيما بعد احتدام الخلافات بين قيادتي الحزب الاشتراكي اليمني.
ليس من باب المكايدات السياسية عندما يفضح الزعيم علي عبدالله صالح بعض أسرار الملف الأسود لتآمرات الخائن هادي بين الحين والآخر، فكشف الحقائق للشعب بات اليوم ضرورة وطنية ليطلع الجميع على الحقائق وألا يظلوا مخدوعين بهذا المجرم والعميل الذي تربى بين أحضان المخابرات البريطانية.. ولعل من بين تلك الحقائق التي كشفها الزعيم أن هادي مجرم حرب.. وأنه أجرم بحق الشعب اليمني بداية من مذبحة 13 يناير التي شهدتها مدينة عدن عام 1986م عندما تفجر الصراع داخل أجنحة الحزب الاشتراكي اليمني وتسبب بكارثة مايزال الشعب يعاني منها الى اليوم وكان أبشع تلك الجرائم قيام هادي بتصفية المئات من الضباط والجنود في معسكري بدر والصولبان وبشكل جماعي وكانت الفرق التابعة له تقوم بالاعدام وفقاً للبطائق ومكان الميلاد.
وذهب القتلة التابعون للمجرم هادي إلى المستشفيات لتصفية الجرحى وتمت تصفيتهم على أسرّة الرقود أو داخل غرف العمليات.. تلك الجرائم البشعة كانت وراء انهزام جماعة »الزمرة« نظراً لالتفاف المواطنين حول »الطغمة« هرباً من بشاعة هذه العصابة الإجرامية التي تسعى للحكم عبر المذابح، لذا كان هادي أول الفارين الى المحافظات الشمالية وقد وصل الى مكيراس وكان في استقباله الشهيد محمد ناصر العامري وأنزله في بيته وأكرمه وعمل من أجله المستحيل.. وبعد أن أصبح هادي رئيساً للجمهورية كان من ضمن قراراته إبعاد الشهيد العامري من قيادة محافظة البيضاء.
ولا يفوتنا هنا الاشارة الى حقائق يجهلها الكثيرون ومن ذلك أنه بعد قيام الجمهورية اليمنية عام 1990م اشترط الحزب الاشتراكي طرد القيادات المتورطة بجرائم حرب في أحداث 13 يناير وكان في المقدمة عبدربه منصور هادي، وهو الاسم الذي ظل يردده علي سالم البيض مراراً وتكراراً على الرئيس علي عبدالله صالح.. لكن هادي كان يومها قد فر خارج صنعاء وعاش متخفياً في إحدى مناطق محافظة حجة خشية من أن يتم القبض عليه واعدامه.. كانت النيات الطيبة وحسن الظن تخدم مجرم الحرب هادي، والذي ظل يجيد دور الضحية ويتمسكن أمام الجميع حتى سنحت له الفرصة عند اندلاع مؤامرة الانفصال عام 1994م فعاد الى الواجهة أو كما قال الزعيم علي عبدالله صالح في كلمته أمام أبناء سقطرى أن هادي خرج من تحت الطاولة الى فوق الطاولة واصبح من أبرز قيادات الدولة، بيد أن هادي ظل مجرد عميل قذر ولم يحترم لا دستوراً ولا قانوناً ولا يهتم بدماء الشعب ولا يكترث بانتهاك سيادة الوطن واستقلاله.. نفس طبيعة العميل التي تربى عليها من قبل الغزاة البريطانيين..
إن الجرائم التي ارتكبها الخائن هادي بحق الشعب والوطن واستدعاءه العدوان تظهر سر اصرار الحكومة البريطانية على عدم الكشف عن وثائق واسرار آخر سنوات حكمها في عدن خلافاً للقانون، وكانت المبررات التي يطرحها المسئولون البريطانيون دائماً هي أن هناك متعاملين مع الاستعمار يومها يشغلون مناصب في الدولة اليمنية إلى اليوم، ولم تذهب توقعات المتوقعين الى أن الخائن »هادي« هو المعني.
لذا فعندما تولى هادي الرئاسة عمل بشكل واضح على تنفيذ مخطط تآمري بريطاني سعودي مستخدماً صلاحياته الدستورية لتنفيذ هذه المؤامرة فلم يكتفِ باغراق البلاد بالفوضى والفساد والإرهاب بل إنه مارس نفس سياسة »فرّق تسد« التي استخدمها البريطانيون لإضعاف الجنوب، وبنفس هذه السياسة القذرة التي ظل يلعب بها هادي على نارٍ هادئة استطاع أن يمزق الاحزاب الوطنية وتفجير صراعات بينها ثم انتقل إلى تفكيك الجيش والأمن وعمل على التخلص من الاطراف السياسية بالاستقواء بأطراف اخرى، كما يدفع بعض الاطراف لتصفية اطراف سياسية اخرى، كما فعل ذلك مع الاصلاح ضد المؤتمر ومع الحوثيين للتخلص من أولاد الأحمر، والقيادات العسكرية الإخوانية، ومثلما تخلى بالأمس عن السلفيين في دماج ها هو اليوم يستغل السلفيين لمواجهة الاصلاح في عدن والمؤتمر في لحج وتعز.
غير أن الحقائق المؤكدة أن الخائن والعميل هادي وبرغم الجرائم التي ارتكبها مع العدوان السعودي بحق الشعب اليمني، فشل في تنفيذ المخطط التآمري الذي يستهدف اليمن ووحدته واستقلاله، وازداد الشعب صموداً وإصراراً على تحقيق الانتصار وهزيمة هذا المخطط الذي يستهدف تفتيت وتمزيق اليمن كما هزم المحاولة الانفصالية الفاشلة في عام 1994م.
وها هو الشعب اليمني يزداد قوة وتماسكاً في وجه العدوان والحصار أكثر من أي وقت مضى لاسيما وأن اليمنيين مايزالون يحفظون في ذاكرتهم مآسي مذبحة 13 يناير عام 1986م والتي مضى عليها 31 سنة ومايزالون يزدادون إصراراً على الثأر من مجرم الحرب عبدربه منصور هادي الذي صدر حكم إعدام بحقه جراء ما ارتكبه من جرائم، وكان إفلاته من العقاب وراء تماديه في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب والوطن اليوم.. الأمر الذي يتطلب تخليص الشعب من هذا الكائن الكارثة الذي اُبتليت به اليمن منذ عقود من الأمن.