كاتب عربي يكشف عن أجندات الحروب فى المنطقة : اميركا و”اسرائيل” وايران وتركيا والشعوب العربية.. تفاصيل
377
Share
خالد فارس
هناك ما يكفى من المؤشرات ما يعزز من احتمال دخول المنطقة فى حرب, تجمع بين الحروب القائمة، أو تعبر عنها وتختزلها كتعبير عن مشروع سياسى.
تريد دولة الكيان الصهيونى أن تُلْغى أو تَمْسَح القضية الفلسطينية من الاجندة السياسية فى المنطقة, واستبدالها فى مشروع بديل, سواء كان الوطن البديل, فى الاردن, أو سيناء غزة, أو مزيد من تقسيم فى القضية, وتحويلها الى قضايا جزئية فرعية, تتجاذبها قوى اقليمية, وعالمية, تغيب فيه القضية الاصلية, وتنتهى مسألة القضية المركزية للامة العربي, لانه لايوجد قضية, بل قضايا.
يتناغم مع هذا الطرح, عن غير قصد, أحياناً!, سذاجة المثقف العربى والفلسطينى, الذى يحاول اعادة تعريف القضية, تحت ستار تجديد معرفى فى فهم القضية الفلسطينية, وفى حقيقة الأمر, هو تفتيت جديد لاصل القضية. وأعتقد أن أخطر ما تعيشه القضية الفلسطينية, ليس خطر الانظمة, بل حماقات المثقف. فلسطين ليست بحاجة الى اعادة تعريف, بحاجة الى تحرير.!
تشكلت قوى جديدة فى المنطقة العربية, وأصبح لها موقعاً فى الخارطة السياسية, لاتقبل أصول القضية الفلسطينية, الا باللفظ, أو باللغة والخطابة, أما فى الواقع, فهى تضمر قبولها بتغيير تعريف القضية الفلسطينية, وتعتبر أن أصول الاعتقاد بالقضية الفلسطينية بالمنطق التاريخى الذى انطلق فى القرن العشرين, هو أحد اسباب أزمات المنطقة, لذلك يجب تغييره. وهؤلاء يتمثلون فى اليمين اللبنانى, والتيار الرئيس فى قوى 14 اذار اللبنانية, والمعارضة السورية (الاتجاه المسيطر عليها), وفلسطينيو أوسلو, ومجموعات قَبَلِية عربية, والليبراليون العرب الذين يعتقدون فى الديمقراطية الغربية أكثر مما يؤمنون بتحرير فلسطين, ففى رأيهم انشاء ديمقراطية عربية ليبرالية, أهم وَيَسْبُقْ تحرير فلسطين.
فى الجبهة التركية, يتضح أن مشروع اردوغان دخل مرحلة جديدة, وهى اطلاق المشروع التركى من قلب الوطن العربى. بعد أن استطاع السيطرة على الواقع الداخلى, أصبح الخارج التركى, الأهم. ولانه يواجه فى المحيط الاوروبى تحدى فرنسى ألمانى و بريطانى, يعتبر أن عمقه الاستراتيجى هو سوريا, العراق, فلسطين, لبنان, والاردن, والعالم العربى بشكل عام.
تؤكد المعطيات من الداخل التركى, أن اردوغان يتجه للانقضاض على المؤسسسة العسكرية التركية, ورهن مصيرها الى مشروعه فى الداخل والخارج. وبذلك يكون قد قَبَضَ على الدولة التركية, واعاد رسم المفاصل التاريخية لها. يبقى الاقتصاد, وهو شأن لن يستطيع التحكم به بالكامل, لانه تحت رحمة وسيطرة الامبريالية العالمية.
خارج تركيا, يسعى الى تأصيل مسألة جيش سورى بديل, وما وقوف الجيش التركى فى عمليات مباشرة فى سوريا, والى جانب الجيش السورى الحر, هو عملية تموضع للجيش التركى خارج الحدود, عسى أن تتحول الى أمر واقع, وفى نفس الوقت, تأهيل عسكرى وسياسى للجيش السورى البديل.
فى الجبهة العراقية,يقول أردوغان فى 23 أكتوبر/تشرين الأول 2016: “يجب فهم أن كركوك كانت لنا، وأن الموصل كانت لنا, وأضاف أردوغان: “لماذا هذا الكلام لا يعجبهم؟ أنا فقط قدمت درسا في التاريخ، يجب فهم هذا”, وكان قد طالب، الأسبوع الذى سبق تصريحه هذا, بتعديل اتفاقية لوزان 1923, ، التي على أثرها تمت تسوية حدود تركيا.
اتفاقية لوزان قادت المجتمع الدولى الى الاعتراف بتركيا الحديثة, وريثة السلطنة العثمانية, وهذه الاتفاقية التى رسمت خارطة تركيا الحديثة, أُعيدَبها ترسيم الحدود مع سوريا بما يشمل ضم أراض واسعة وتضم من الغرب إلى الشرق مدن ومناطقمرسينوطرسوسوقيليقيةوأضنةوعنتابوكلسومرعشواورفةوحرانوديار بكروماردينونصيبينوجزيرة ابن عمر.
ولاننسى قصة لواء الاسكندرون السورى, الذى تم منحه حكماً ذاتيا قبل أن يتم فصله عن الدولة السورية, وعندما انسحب الاحتلال الفرنسى, دخلت قوات تركية, وقامت بضمه واعلانه جزءاً من الجمهورية التركية الحديثة تحت اسم “هتاى”.
استقلال كردستان كان على الاجندة السياسية فى عام 1921, ولكنه اختفى من الاجندة السياسية فى عام 1922, وانتهت مسألة استقلال الكرد, فى ذلك الوقت.
كل ذلك يعنى أن سيادة الدولة التركية الحديثة, نشأت فى اطار التدافع مع المحيط, وليس بفعل نشوء طبيعى مُسْتَقِل من الداخل التركى. لذلك تبقى عملية تدافع القوة التركية مع سوريا والعراق, أمراً أصيلاً فى مشروع الدولة التركية.
“اسرائي” تريد حرباً لازالة القضية الفلسطينية من الاجندة السياسية, وتركيا تريد حربا من أجل ازالة القضية الكردية من الاجندة السياسية, اضافةً الى أجندة لتغيير مفهوم حدود سوريا والعراق, وازالة أجندة النظام السورى الحالى من الوجود, استبدالها باجندة الجيش السورى-االتركى.
ابان سايكس بيكو, لم تكن ايران موجوده, بل كانت احدى الحلقات الضعيفة, بل كانت تحت السيطرة البريطانية. أما اليوم, ايران قوة لايمكن لاى أجندة سياسية أن تنجح دون التفاهم معها. لذلك تفكير قوى سايكس-بيكو, يتسائل كيف تستديم أجندة سايكس بيكو, وايران قوة حَرِجَة لنا؟
هذه المسألة مثيرة لاجندات الحروب فى المنطقة. تسعى أميركا ترامب ومن خلفها “اسرائيل”, وقوى اقليمية, الى الغاء الاجندة الايرانية من سياسة الشرق الاوسط. من أجل ذلك, وجدت “اسرائيل” مكاناً لها مع دول فى الخليج العربى.
“اسرائيل” تَسْتَغِل وتستخدم دول الخليج لصالحها. وليس هناك أية فائدة سوف تعود على الشعوب الخليجية, العروبية الاصيلة, التى لن تقبل بان تُساوم على تاريخها العروبى الاصيل, وتقبل بان تكون هذه الشعوب “ألعوبة” فى أيدى “اسرائيل”.
دخول أميركا ترامب الى المعادلة السياسية, يعنى فرض اجندة سياسية على أساس: “اميركا اولاً عالميا واسرائيل فوق الجميع فى الشرق الاوسط”. لتحقيق ذلك, لابد من اطلاق عملية تاريخية كبيرة, تسعي فيها الى رسم نمط للحروب بالوكالة, تديرها أميركا و”اسرائيل” عن بعد, او فى الخفاء.
ليس لدينا أدنى شك, بأن هناك اعداد لعملية عسكرية-سياسية, نوعية وكبيرة فى المنطقة, تنطلق من عمليات عسكرية متدحرجة, كرة لهب تتعاظم, الى أن تلتقى فى نقطة الانفجار الكبير.
يعمل الجميع على تسخين وتسويق حروب الاجندات الجيو-عسكرية, والاقوى هو من سيفرض أجندته.
المرحلة, ليست للمثقف العربى “الاحمق”, أو الانظمة العربية المتخاذلة منذ سايكس بيكو, ولا للاحزاب “الحربائية” مع شعوبها, انها مرحلة الشعوب, التى لابد من أن تعيد تنظيم واعداد نفسها من أجل استقلال قومى عربى. أن يتوقف كل هؤلاء, وأن يقرر العرب مصير أمتهم.