الشيخ صالح بن ناصر الأحمر: السعودية خسرت علاقاتها بمشايخ القبائل
حاوره / معاذ منصر
على مر التاريخ، ظلت ولا تزال القبيلة تلعب دوراً مؤثراً في التحولات السياسية اليمنية، خصوصاً منذ قيام ثورة سبتمبر، ولا شك أن في الحرب الدائرة اليوم تحضر القبيلة، وللأخيرة فيها أدوار بارزة تجعل أطراف الحرب تحسب لها الحسابات، وتتأكد الأهمية من خلال تعيين الرئيس عبد ربه منصور هادي علي محسن الأحمر نائباً له، التعيين الذي قال عنه مراقبون إنه لم يستمد أهميته فقط من مكانة الرجل في نظام الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، بل أيضاً من قربه من القبائل، وهو ابن قبيلة الأحمر.وتعزز ذلك خطابات علي عبد الله صالح الموجهة إلى رجال القبائل، في الآونة الأخيرة.
القبيلة، ذلك المكون الرئيسي المتجذر في المجتمع اليمني، سلطة لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها، نظراً لما لها من ثقل وتأثير على الحياة السياسية والاجتماعية، حد اعتقاد البعض أن القبائل اليمنية يمكن أن تكون مفتاحاً لإنهاء الحرب.
في هذا الحوار مع الشيخ القبلي، وأحد رموز قبيلة حاشد وقبيلة آل الأحمر، صالح بن ناصر الأحمر، يناقش “العربي” الدور الذي تلعبه القبائل في المعارك، وفي الحرب بشكل عام، ويطرح استفساراته حول كثير من المواقف والحسابات وكثير من القضايا.
لو بدأنا الحديث عن دور القبيلة اليمنية، وتحديداً قبيلة حاشد كبرى قبائل اليمن، في التحولات السياسية، أين تقف القبيلة اليوم من ما يجري؟
بالنسبة لموقف قبيلة حاشد، موقفها هو من موقف القبائل اليمنية، هي ضد العدوان، وهي ترفض التدخل الأمريكي، وترفض “الأقلمة”، وثالثاً ترفض دخول اليمن تحت الوصاية الدولية، ورجال القبائل مستعدون للوقوف ضد العدوان، والتضحية بالمال، وكل ما يمتلكوه، وفي السابق حقيقة، قبيلة “حاشد” وقبيلة “بكيل” هاتان القبيلتان، كانتا تسميان في الداعي الكبير قبيلة همدان بن زيد، وهذه القبيلة لها الدور الأكبر في تاريخ اليمن، واجهوا الغزو الدنماركي، والغزو الفرنسي، والغزو البرتغالي، والغزو التركي. بالنسبة للغزو التركي، والبرتغال، والفرنسي، هذه الغزوات كان الغاية منها سابقاً هو احتلال باب المندب، كما هو اليوم، كذلك تركيا؛ كانت الغاية السيطرة على باب المندب، تحت الاحتلال العثماني، ما عدا هذه القبيلة، هي المنطقة الوحيدة، التي لم يستطع الأتراك السيطرة عليها، بل كانت تغزو غزوات، كان الأئمة والقبائل تتمركز في جبل برط وفي كثير من المناطق، وإذا كان هناك أسرى من الأتراك كانوا يضعوهم في جبل برط، ولا يتمكن الأتراك من إخراجهم، بعد قتل الآلاف والعشرات الذين كانوا يحاولون العمل على إخراجهم.
يعني بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل تماسك الجبهة الداخلية، في تلك الأيام استطاعوا أن يدحروا كل العدوان، ما كان هناك مفاضلة، وما كان هناك تفرقة مذهبية، هذه القبيلة المتمثلة بداعي همدان حاشد وبكيل، كان يجمعهم المذهب الزيدي، ويجمعهم داعي قبيلة همدان بن زيد، واستطاعوا أنهم يحققوا المعجزات، وبالنسبة إلى الوقت الحاضر، لا يمكن أن نتكلم عنهم خاصة، لأن القبائل اليمنية كلها أثبتت وجودها في الساحة حقيقة، والدليل على ذلك الوقفات الاحتجاجية، ودعم ورفد الجبهات بالمال والرجال والسلاح. فاليمن لها موقف عظيم، خصوصاً في هذه الأيام، وإن شاء الله، وإضافة إلى ذلك الشريحة القبلية تعتبر هي الشريحة العظمى في المجتمع اليمني، ويصبغها طابع القبيلة، والقبيلة هذه تعتبر السياج المنيع لوحدة الناس والدفاع عن الشعب والدين والوطن، وهذه صفات اليمنيين الذين ما يزالون متمسكين بالقبيلة، والقبيلة تتمثل في مكارم الأخلاق.
إلا أن هناك من حارب القبيلة وضيعها، وفرقوا بين الناس، ونصبوا في القبيلة مشائخ فاسدين، رشحوا من تحتهم مشائخ أفسد منهم، حتى ضاع مفهوم القبيلة، كلام قبيلي هذا عاده وصال بقبيلته، لأنها تحولت إلى همجية القبيلة، بفعل فاعل، والناس استعادوا اليوم نشاطهم، وأدركوا أهمية هذا الشيء، وعند اليمنيين طبيعة نفسية، حتى في نفس الأنسان، ما أحد يفرط بنفسيته، إذا اختلفت قبيلتان، يقدم الناس مئات القتلى، أما الآن عدوان خارجي، واستعانوا علينا باليهود والنصارى، لا يمكن أي يمني أن يتخلى عن الدفاع عن الدين والشعب والوطن، مهما كانت التضحية، فالقبائل اليمنية لها دور عظيم قبل الإسلام، وبعد الإسلام، وفي الوقت الحاضر.
هذه القبائل هي ترفض العدوان، حسب كلامك، لكن على مستوى الأطراف الداخلية قبيلة حاشد وبكيل من تؤيد ومن تعارض؟
بالنسبة للعدوان الخارجي قد شمل الجميع، وبالنسبة للداخل؛ كل إنسان له اتجاهه، بالنسبة للمصالح والمذهبية، ولكن أنا أؤكد لك في ظل المسيرة ستنتهي كل الفوارق، لأن المسيرة القرآنية ما فيش فيها حزبية، فالله سبحانه وتعالى خلق الكون، وخلق الخلق، وخلق لهم “كتلوج” الحياة، متمثلاً بكتاب الله، وفي حال لم يطبقوا التعليمات الإلهية تتلخبط حياتهم. الآن الناس وعوا وأدركوا، لأنهم عاشوا خلال الفترة الماضية حروباً أهلية داخلية وقطاعات. وقبيلة حاشد قد ساهمت بالمال والرجال، وتدعم المجهود الحربي، ومستعدون أن يضحوا بكل غالٍ ونفيس.
هل قبيلة حاشد الآن حاضرة في الجبهات؟
نعم موجودون، إلا أنه لم تكن هناك قيادة من حاشد، ونحن كنا نتمنى أن تكون هناك قيادة مستقلة من حاشد تقود هذه القبيلة، من أجل أن يبرز موقفها، ولكن للأسف القيادات متفرقة، ولو كان هناك قيادة واحدة من حاشد، وقادت مجاميع حاشد، لبرز دورها أكبر، وقد قدمت هذه القبيلة شهداء.
أنت تتحدث عن قيادة واحدة لهذه القبيلة، لكن ما مصير زعيمها القبلي الشيخ صادق الأحمر الذي تم اختباره بعد والده كزعيم للقبيلة؟ وبعد أن حصلت هذه التطورات من يحرك اليوم هذه القبيلة؟ وهل ما زال الشيخ صادق الأحمر هو زعيم قبيلة حاشد؟
الآن بالنسبة لقبيلة حاشد، ليس هناك من يقودها، صحيح أن الشيخ عبد الله استدعى الناس، وجعلهم أنهم يبايعوا الشيخ صادق، منهم من بايعه، ومنهم ومن حايد، ولكن الشيخ صادق لم يثبت وجوده في الميدان، خصوصاً أن إخوانه كانوا في المقدمة، وممن وقفوا في وجه المسيرة وفي هذه الحرب، وهم أصبحوا مستهدفين، ولكن حتى وإن كان أنا الذي أحس أن الناس يحترموه ويقدروه لأنه صادق، بمعنى الكلمة، ليس ذلك مجاملة، رغم أن بيني وبينهم خلافات أسرية واضحة، لكن الإنسان يقول الحق، ولكن الشيخ صادق لم يقم بدوره، وأنا قد تواصلت مع بعض المشايخ وكبار السن الذين هم أكبر مني سناً، منهم الشيخ علي حميد جليدان، واتصلت به، وعاد المسيرة و”أنصار الله”، في حرف سفيان، لم تكن قد دخلت قبيلة حاشد، تواصلنا به وقلنا له يا شيخ علي، الشيخ عبد الله قد توفي، والشيخ مجاهد أبو شوارب توفي أيضاً، والشيخ علي شويط قد توفي، والشيخ حمود عاطف مقعد، والآن ما عاد تبقى إلا انت شخصية مخضرمة، وتعتبر رافدة من روافد حاشد، ونحن مستعدون (لأن) ندعمك، لكنه لم يقبل، وكذلك تواصلنا مع الشيخ عبد الله بن علي ناشر، وكيل محافظة البيضاء لشؤون رداع.
الآن الناس في مهمة إعادة التركيبة القبلية، فالتركيبة القبلية والقبيلة لا يمكن التخلي عنها، المجتمع اليمني مجتمع قبلي، له عاداته وتقاليده وله تركيبته القبلية ونظامه، وله أسلافه وأعرافه وله ضوابط، وما تركب النظام القبلي إلا بسبب فقدان الدولة المركزية في الفترة السابقة، فاضطروا إلى تشكيل كل مجموعة أو أسرة كبيرة لها، صوان، وكل قبيلة مرتبطة بشيخ، وكل قبيلة بقبيلة أخرى، وهكذا وصلت إلى عند شيخ حاشد وبكيل، والأمر بمثابة مجلس شيوخ، كان له تركيبته القبلية، وله قواعد تنظيمية، منظمات قاعدية، على مستوى المديرية، وعلى مستوى المحافظة، وعلى مستوى انتخاب مجلس أعلى قبلي.
الإنتماء السياسي للقبيلة، خصوصاً قبيلة حاشد، وبحكم أن الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر والشيخ صادق في الواجهة، البعض يعتقد بأن الإنتماء السياسي لمعظم قبيلة حاشد هو لـ”حزب الإصلاح”، اليوم ماذا عن هذا الإنتماء؟
بالنسبة للقبائل اليمنية هي لا تعرف مفهوم الحزبية، هذا في الأصل، ونحن نرفض الحزبية رفضاً باتاً، إنما فرضت علينا، عندما توحدنا نحن و”الحزب الاشتراكي” الاشتراكيون ضغطوا أنه ما في إلا نقبل بالحزبية، وإلا نحن ما نشتي الحزبية، إضافة إلى ذلك لأن الحزبية لا تتواءم مع القبلية، والحزبية بمثابة المجموعة الشمسية، عند الناس الذين يفهموا المجموعة الشمسية تتكون من عدة كواكب والشمس تدور حول هذه الكواكب، والشمس بمثابة الدولة، وكذلك هي الأحزاب تدور حول الدولة، وتستمد قوتها من الدولة، وهناك قوة طاردة، وهناك قوة جاذبة، السلبية، والايجابية، لكن الناس في اليمن لا يعرفوا مفهوم الحزبية، ما به إلا قولي والصميل. ذلك في الدول الغربية يعرفون مفهوم الحزبية ومعنى الديمقراطية.
إنخراط القبيلة في الحرب اليوم، هل له مصالح ذاتية؟
لا يوجد هناك في القبائل أي مصالح ذاتية، مصلحة القبائل إلى حد الآن ليس لهم شيء، مهمشين الآن، ما نقول إنهم قدهم معهم مصالح، ما قد استقرت الدولة، الناس ما قدروا يحصلوا مرتبات، الناس الذين ما عندهم ضمائر، والدولة فقيرة، وأنا عن نفسي الدولة حرمت عليا كما حرمت مكة على بني إسرائيل، وما معي من الدولة ريال واحد، ويجب علينا أن نخدم وطننا.
فيما يتعلق بموقف الشيخ هاشم الأحمر، وعندما حصلت المواجهات بينه وبين جماعة “أنصار الله”، ما كان موقف قبيلة حاشد؟ وحالياً ما موقفهم من ما يقوم به الشيخ هاشم؟ فهناك من يقول إن الرجل ما زال يمتلك أنصاراً وقادر على تحريكهم في قبيلة حاشد لصالح الشرعية وقوات هادي، ما صحة ذلك؟
لا يوجد هناك شرعية، عبد ربه منصور هادي ليس له شرعية، فهو عندما ترشح ترشح مفرداً، وهذه من الأضحوكة على عقول اليمنيين، يستهتروا بأبناء اليمن، في أي دولة يترشح شخص واحد دون منافسين، حتى يكون انتخابه حقيقياً، ونحن قبيلة حاشد تركنا لهم الحبل على الغارب، وعندما كانت الناس تتكلم، قالوا أنتم ملكيون ورجعيون، أنتم هذا من جانب، ومن جانب آخر على أي حال سلمونا لدول الغرب، وأدخلونا تحت الوصاية الدولية، والوصاية تعتبر ولاية، والرسول يقول لا ولاية للكافر على المسلم.
وبالنسبة للشيخ هاشم الأحمر، هو يمثل نفسه، ومعه شلة من عبيد المال فقط، أما اليمنيون الرجال الأحرار، سواء في حاشد أو بكيل، هم داخل الوطن، والشرعية هي للأغلبية، إذا كانوا يعرفون مفهوم الديمقراطية، أما إنسان قد أكل خيرات البلد ثم عاد ليدمر البلد وجلب العدوان، ما قد حصلت في تاريخ اليمن. لا يوجد لهم أي شرعية إطلاقاً.
القبائل التي تحتشد مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، من تمثل؟ وأين تتركز؟
ملفلفين، والناس التي تحتشد مع هادي وهم من رجال القبائل، هم عبيد المال، أما الرجال الوطنيون لا يمكن أن يبيعوا وطنهم أو يتنازلوا عن شبر منه. وهؤلاء دمروا الوطن؛ قتلوا النساء والأطفال واليمنيين، وأي عدل في هذه الشرعية، ليسوا شرعيين، ولا يمكن أن يقبل بهم الشعب، ما عاد قبل ببيت “حميد الدين” بعد قيام ثورة سبتمبر، عاده بيقبل بهؤلاء. هذا كلام عسر (صعب).
فيما يتعلق بالقائد العسكري والقبلي علي محسن الأحمر، والذي تم تعيينه نائباً للرئيس، يقال إن هذا التعيين له أبعاد قبلية، وأن الرئيس يريد بهذا القرار الاستعانة بالرجل والاستفادة من علاقاته بالقبائل، ويقال إن علي محسن قادر على تحشيد القبائل والاستعانة بهم في معركة صنعاء، ماذا تقول أنت؟
هذه أشياء وهمية، ويخيل لهم هذا الكلام، وإلا هم قد انسلخوا، دولة بتقصف نفسها من دول أخرى، الشعب اليمني شعب مستقل، ذا سيادة، والشرعيون والوطنيون داخل الوطن، وصحيح إنهم استخدموا ضد اليمنيين كل الوسائل في الحرب، عجزوا، الآن ممكن أنهم يستخدموا المال مع ضعف وتدهور الاقتصاد في اليمن، ويفعلوا قلاقل، لكن يستبعد أنهم يحققوا غايتهم، أو يحققوا هدفهم؛ الشعب اليمني واقف لهم بالمرصاد. إنسان باع وطنه وباع شعبه ويشتي يرجع يحكمه، هذا مستحيل.
نظرة القبائل لعلي محسن الأحمر، ماذا عنها؟
علي محسن كان إنساناً اجتماعياً، وكان له علاقة بالقبائل، شيء لا ينكر، وهو كان مسؤولاً في الدولة، ناس تراعي مصلحتها، وناس تخاف من أن تنصب وتلفق لها قضية، وناس وهم ما حكموا الناس إلا بهذا الشي، اما أسلوب اقناع وبشكل تلقائياً.
وقد حاول الإصلاحيون، وقد فعلوا الذي فعلوه مع “المؤتمر الشعبي العام” سابقاً، وفشلوا، خيب الله عملهم، والشعب اكتشف حقيقتهم جميعاً، وظهرت حقائقهم في تفكيرهم من بدايتها إلى نهايتها، وظهرت أن هذا كله من تحت راس “الإصلاح”، ولا أقول “الإصلاح”، كلهم لأنه هناك إصلاحيون حقيقيون، وفي إصلاحيين متمصلحين، حتى “الإصلاح”، لا نسيء إليهم كلهم، فهناك فيهم متمصلحين، خصوصاً القيادات، والتي لها ارتباطات بالخارج، ولا يهمهم إلا مصالح أنفسهم لا مصلحة الوطن والمواطن.
هل ما زال هناك من ينتمي الى “الإصلاح” في قبيلة حاشد؟
الإصلاحيون إخواننا، وهناك ناس أبي، وهناك أخي، وهناك صديق، وعزيز، ونحن وهم أسرة واحدة، على رؤوسنا، ونحن أهل بلد واحد ويجمعنا سوق واحد وطريق واحد ومسجد واحد، هذه من السياسات الخارجية التي زرعت المسميات والتفرقة، والحزبية سرطان الشعوب، عند من لا يفهم معناها. ونحن كان عندنا نظام فاسد، حاولنا القضاء عليه، ولما أزحناهم، إلا وجاءت لنا السعودية مباشرة، وهؤلاء كانوا عملاء في الداخل، حتى من مواثيق الأمم المتحدة هو الاحترام المتبادل بين الدول وعدم التدخل في شؤون الغير.
يعني هل كنتم تنظرون لنظام صالح على أنه نظام فاسد؟ وماذا عن الخلافات التي ظهرت بين صالح وبين زعيم قبيلة حاشد الشيخ الأحمر مسبقاً؟ ما موقف القبيلة ومع من وقفت؟
في ذلك الوقت كان نظاماً فاسداً، وعندما وقعت الاهتزازات بين علي عبد الله صالح وعبد الله بن حسين الأحمر، وأذكر عندما قال “المؤتمر” “الإصلاح” وزعيمهم عبد الله بن حسين الأحمر لا يتعلمون السياسة وإنما يتقنون الخساسة، هذه جزء مما قيل عندما وقعت المهاترات، رداً على الإصلاحيين، عندما قالوا إن الحكومة نفق مظلم، وأتذكر في تلك الفترة جاء وفد من السعودية، ثلاثون شخصاً، جاؤوا على متن طائرة، وضغطوا على علي عبد الله صالح، ما به إلا الشيخ ابن الأحمر ما به إلا كذا، والسعودية كانت مهيمنة على اليمن، ووجود الشيخ عبد الله الذي كان مسيطراً على مشائخ اليمن كلها، وعلى الدعم الذي كان يقدم من السعودية، والمشائخ والقبائل تعتبر في واجهة المراكز الوطنية، ومن يسيطر عليها سيطر على الوضع بشكل عام، الجندي تبع شيخ، والضابط تبع شيخ، والوزير تبع شيخ، وهذا وذاك تبع شيخن، بالإضافة إلى أنهم كانوا يقدروا الشيخ عبد الله لكبر سنه ولخبرته في العمل، ولكنهم لم يستغلوا نفوذهم لما يرضي الله سبحانه وتعالى، والرسول قال ما اجتمع قوم على ضلالة إلا ماتوا أعداء. وهذا الذي حصل، كانوا في خندق واحد وتحولوا إلى أعداء. توفي الشيخ عبد الله، وقاموا أولاده بعد أن ترك لهم المجال، حلوا وحرموا وعاثوا وفعلوا المستحيل، وفي الأخير قلبوها فوق الرئيس صالح حينها وقالوا علي صالح وحملوه المسؤولية، والآن علي عبد الله صالح أثبت وجوده واستعاد ثقته بالجماهير.
القبائل عرف عنها أنها لا تلتزم بالقوانين ولا الدساتير، وأنها ظلت تعرقل مشروع بناء الدولة طوال الفترات السابقة، ماذا تقول أنت؟
القبائل كانوا مساكين، ولا أحد يحارب مصلحة نفسه، لكن الدولة التي هي نفسها من تسبب للناس هذه الأشياء سابقاً، كان عندنا الثارات والقطاعات والاقتتال وصراع قبلي بين منطقة وأخرى ومحل مع محل ومن محافظة إلى محافظة ومن مديرية إلى مديرية، والقتل داخل صنعاء، رغم أنهم ما كانوا يدخلوا صنعاء إلا بتفتيش، يلقطوك من الأمن السياسي والأمن العام ومن الشرطة، كان القتل موجوداً، الآن، رغم كل الخلافات والمذاهب والاختلاف في الرأي، إلا أن القطاعات والثارات انتهت وتوقفت، ما السبب؟
لأن الذين كانوا يغذون هذه الصراعات رحلوا، ولم يعد هناك من يحتضن السفيه والمتقطع والسارق والمقاتل، وهذا أكبر دليل، ولا أحد يسمع في وقتنا الراهن أياً من هذه العمليات، مع أن الذين كانوا يقومون بتنفيذ هذه العمليات موجودون في الساحة، لكن بعد رحيل من كانوا يحتضنوهم، وعلي عبد الله صالح كان عنده قصور على مستوى السياسة الداخلية، لكن على مستوى السياسة الخارجية كان ناجحاً، وكان يتعامل مع القضايا حسب ما تقتضيه الظروف.
علي عبد الله صالح في خطاب أخير له وجه نداء للقبائل لمحاربة “الاخوان المسلمين” في إطار القبيلة، كيف تعامل رجال القبيلة مع هذه الدعوة؟ وهل صوته ما زال مسموعاً لدى القبيلة؟
نعم علي عبد الله صالح ما زال صوته مسموعاً لدى القبيلة، وأنا كنت أحد ممن كان معقد منه ويكرهه، لأنه سلط علينا ناس وأولاهم الحكم وسلم لهم المفاتيح، ولكن ما الذي فعلوه هم وعلي صالح قصر، وهو كان رئيس دولة لكنه لم يسلمنا للخارج، ولكن في تلك الفترة كان الرئيس من جهة والشيخ عبد الله من جهة وما عاد عرفنا نحن القبائل من هو المسؤول عنا.
وبالنسبة لنداء علي عبد الله صالح، نحن القبائل نعتبر في الأول والأخير الإصلاحي “الاخواني” أو “الاشتراكي” أخاً لنا، لكن من هو على حق نحن معه ومن هو على باطل نحن ضده، وعلي عبد الله صالح وقف مع الشعب والقبيلة تحترم مواقفه الأخيرة، والآن الحاصل هو أن السعودية هي سبب بلاء اليمن من البداية وحتى الآن من فترة اغتيال الرئيس الحمدي وحتى اليوم.
كان للملكة العربية السعودية تحالفات وخطوط تواصل مع زعامات قبلية خلال الفترات الماضية، اليوم ماذا عن هذا الأمر؟ هل ما زال للسعودية علاقة بالقبيلة وببعض الزعامات القبلية؟
في الوقت الحاضر لا أفتكر أنه هناك علاقة، ولكن ربما في بطرق سرية، أما علنياً لا يوجد، وهي أسلوبها لا يختلف عن أسلوبها في فترة الملكية، تستخدم المال في مثل هكذا أمور، أما أن يكون لها يد قوية اليوم فهذا مستحيل.
قوات هادي تقول إنها على بعد 25 كيلومتراً من صنعاء، والبعض يرى أن القبيلة تقف حجر عثرة أمام وصولها، وهناك من يطرح إمكانية شراء ولاء القبائل بالمال، ما رأيك بهكذا طرح؟
نحن القبائل أحرار وعبيد لله، وهم قلة قليلة، من هم عبيد للمال، وأما نحن لا يمكن أن نرضى إلا بيمن شريف وحر، ولا يمكن شراؤنا، وبالنسبة لقولهم إنهم على بعد 25 كيلو من صنعاء، القوات الملكية كانت قد هي وسط صنعاء، وكانت تضرب من شعوب إلى باب اليمن، ولم يصح شيء، رجعوا مدحورين، وهذا شيء مستحيل، الشعب اليمني أسطول مسلح، ويحمل الموت ونحن مؤمنون بعدالة القضية ومعتدى علينا من قبل السعودية.
هل هناك تنسيق في إطار القبيلة لتشكيل مقاتلين وإرسالهم إلى الجبهات؟
نعم هذا من واجبنا ومن حقنا، وشي مشروع أننا نشكل وننضم ونحرض ونفعل المستحيل من أجل الدفاع عن الوطن.
من يحافظ على صنعاء من السقوط؟ هل هي القبيلة؟
نعم لولا القبيلة… القبائل هي الشريحة العظمى، هي السياج المنيع للدفاع عن الشعب والوطن والعاصمة وغيرها، ولدينا داخل صنعاء أكثر من اثنين مليون مقاتل غير الذين أرسلناهم إلى الحدود.
من وجهة نظرك، ما الفرق بين المقاتل القبلي وبين المقاتل الجندي من الجيش؟
المواطن القبلي عندما يسير إلى الجبهة يسير عن قناعة، ولهذا يثبت في الميدان، وهو ذهب وهو مقتنع بالحياة أو الموت؛ لكن الجندي عندما يكون مدفوعاً منهم من يكون مستعداً للتضحية ومنهم من يريد أن يعيش، ولا أحد داري كيف، لكن القبيلي عندما يأخذ سلاحه ويذهب من تلقاء نفسه، ينطلق بحماس واندفاع، لا يمكن له أن يتراجع، والصمود الحاصل هو صمود القبيلة، ومع ذلك نحن القبائل لا ننتقص الجيش.
ما موقف القبيلة من الحل السياسي؟
نحن العداء بيننا هو بيننا وبين السعودية، وهؤلاء الذين يريدون الحل ما هم إلا عبارة عن أداة فقط، فالسعودية هي المعتدي، وبالنسبة للفارين في الخارج ما وقفوا أمامنا ولا حتى أسبوع.
والقبيلة لم تسمع عن حل سياسي جاد، والقبيلة لا تريد الحرب وإنما تريد السلم، ولكن حل سياسي بعد ماذا والمتحاورين جلسوا في الكويت ثلاثة أشهر، ماذا فعلوا وماذا فعلت السعودية، ومع ذلك إذا هناك حل سياسي عادل، نحن القبائل قابلين لا يمكن أننا نرفض السلم.
توقعاتكم في القبيلة للحرب؟
من منظور القبيلة، أنا أعتقد أن الحرب ستطول، والأضرار التي حصلت لا حصر لها، هذا من جانب، ومن جانب آخر التعنت من قبل آل سعود، والحل بعيد، والقضية كبيرة، ومن ورائها إسرائيل، والغرض السيطرة على باب المندب، وبقاء اليمن تحت الوصاية الدولية، من أجل أن هم يتحكموا بنا، ونحن قد ذقنا الحروب، ونحن كنا الا شمال وجنوب فما بالك عندما نكون ستة أقاليم والجميع متآمر وجميعهم يريدون السيطرة علينا والسيطرة على كل منافذنا البحرية، ولهذا الحل بعيد، وبالنسبة لنا القبائل مستعدين أن نصمد حتى ألف عام لمواجهة هذه المؤامرة، حتى لو لم يتبق معنا إلا السلاح الأبيض، والنصر مع الصبر.
المصدر / موقع العربي