في مطلع الألفية الثالثة ، عرفت عبد الكريم الخيواني، صحفيا ملتزما ، وسياسيا عصيا في مواجهة قوى الفساد والإرهاب في البلاد المتحكمة بالمال والسلطة…..و على مدى خمسة عشر عاما والمعركة بينه وبين هذه القوى مستمرة لم يخفت لها أوار.
خلال رئاسته لصحيفة الشورى الصادرة عن حزب اتحاد القوى الشعبية اليمنية استطاع الخيواني أن يحقق تحولا مفصليا في تاريخ الصحافة والإعلام في اليمن، فقد رفع سقف الحريات الصحفية، ونجح في استنطاق المسكوت عنه، وفتح ملفات خطيرة لم تجرؤ الأحزاب الكبيرة وصحفها وأقلامها على مناوشتها أو حتى الاقتراب منها أو الإشارة إليها من قريب أو بعيد.
بعد أن نشر ملف التوريث وملفات أخرى عن فساد هذه القوى. استعرت معركتهم معه، وحاولوا إسكات صوته، لكنهم فشلوا، فقد وجدوا أنفسهم أمام صحفي من طراز فريد لم تجد نفعا في استقطابه وشراء مواقفه أساليب الترغيب ومغريات المال والسلطة ، لذلك لجأوا إلى أساليب الترهيب ، فأودعوه السجن مرااات، ومارسوا معه البطش والتعذيب والتنكيل…لكنه كان يخرج كل مرة أكثر صلابة وأجهر صوتا في فضح الفساد وأدواته.
.
قبل ثورة 2011م كانت منظومة الفساد تشكل فريقا واحدا ، وبالتالي فإن تصفية الخيواني والقضاء عليه سيجعلها في دائرة الاتهام المباشر وستتحمل المسئولية المباشرة عن سلامته .
في حديث ثنائي بعد الإفراج عنه ذات اعتقال أخبرني الشهيد الخيواني أنه تلقى اتصالا هاتفيا من سيد القصر يفيد أن الغاية من سجنه كانت الحفاظ عليه من تصفية جسدية محتملة يمكن أن تنفذها أطراف أخرى في إشارة إلى علي محسن الأحمر ،الذي كان الشهيد الخيواني قد حطم قداسته وتجاوزها عندما نعته بـــــ (علي كاتيوشا) و (علي كيماوي) مذكرا بالأسلحة المحرمة التي استخدمها علي محسن في حروب صعدة .
عبد الكريم الخيواني عاش مثالا للصحفي الحر والكاتب الأمين على شرف الكلمة والسياسي العصي على الترويض ترغيبا وترهيبا، فاستحق تكريم العالم وتقديره ، وحصل على جوائز عالمية عديدة ووصل إلى أعلى مراتب النجومية الصحفية كسفير للنوايا الحسنة.. ميادين الفعاليات الجماهيرية المنددة بالعدوان تعانق في ذكرى رحيله الثانية أصداء كلماته، وعلى ألواح الخلود ترتسم تقاسيم صورته، كمشترك بين القوى الوطنية الرافضة للهيمنة الخارجية … إلى عالم الخلود .ارتحل الخيواني شهيدا ……وقوى الفساد وأدواتها الإرهابية في طريقها إلى مزبلة التاريخ يلاحقها الخزي والعار في الدنيا …وعند الله تجتمع الخصوم.
ظلال شعرية
وداعا إلى الله
يا سيد الأصفياء
وبوح اليتامى
وأيقونة الدرب للحالمين .
وداعا إلى واحة الضوء
حيث الأرائك لا تقبل الأدعياء
ولا تعزف الأيك لحن الخلود
إلا لأمثالك الطيبين