وساطة الكويت والإمارات أم تدخُّل ترامب؟ هذه هي الأسباب وراء عودة النفط السعودي إلى مصر
يمانيون -متابعات
أثار قرار شركة النفط السعودية أرامكو إعادة ضخ البترول لمصر قبل أيام، الأسئلة والتكهنات بشأن توقيت القرار، واحتمال تدخل أطراف خليجية أو غربية، لتقريب وجهات النظر بين الرياض والقاهرة.
هناك 4 تطورات متلاحقة استغرقت 15 يوماً، أثارت جدلاً حول وجود علاقة بينها أم لا؟ وماذا يجري في كواليس العلاقات المصرية السعودية.
الأحداث بدأت بزيارة سامح شكري وزير الخارجية المصري للولايات المتحدة، ثم التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالرئيس الأميركي ترامب في 14 مارس.
وفي اليوم نفسه تحدث رئيس البرلمان المصري علي عبد العال عن تحريك ملف اتفاقية “تيران وصنافير” لحسمه داخل البرلمان، رغم الحكم النهائي الصادر من المحكمة الإدارية العليا منتصف يناير/كانون الثاني، إبطالها.
بعد هذا كله بيوم واحد قررت أرامكو ضخ صفقات النفط المتفق عليها بين السيسي والملك سلمان في أبريل/نيسان 2016، والمتوقفة منذ 5 أشهر لمصر.
دبلوماسيون وخبراء تحدثوا لـ “هافينغتون بوست عربي” ربطوا بين الأحداث وتكلموا عن وساطة أميركية قادها ترامب لحشد القاهرة والرياض في “ناتو عربي” متحالف مع إسرائيل ضد إيران، فيما رأى آخرون أن الوساطة الإماراتية الكويتية المستمرة منذ فترة هي التي قربت وجهات النظر المصرية السعودية.
اتفاقية تيران وصنافير تعود للأضواء
من بين الذين رجحوا الفرضية الثانية، كان السفير نبيل العربي مساعد وزير الخارجية السابق، الذي يرى أنه “لا وجود لوساطة أميركية لإنهاء الخلاف المصري السعودي”، ملمحاً لنجاح الوساطة الإماراتية، وأن إعادة توريد النفط من أرامكو لمصر جاء عقب تسليم اتفاقية تيران وصنافير (محل الخلافات) للبرلمان لتمريرها.
وقال في تصريح خاص لـ “هافينغتون بوست عربي” إن إعادة ضخ البترول “محاولة طيبة لإصلاح الأمور ورأب الصدع بين البلدين خاصة أن موقف مصر واضح وصريح بعد تحويل قضية تيران وصنافير للبرلمان”، مشيراً إلى أن هناك لقاء منتظر بين الملك سلمان والرئيس السيسي خلال أيام في مؤتمر القمة العربية ولا يمكن أن يلتقي الزعيمان والخلافات قائمة على أرض الواقع.
وعن سبب زيارة وزير الخارجية سامح شكري، ثم الأميرمحمد بن سلمان لأميركا، قال العربي إن الأهداف على التوالي: “تعزيز العلاقات وتوضيح موقف مصر من قضايا إقليمية كالوضع في سوريا وليبيا واليمن وتوطيد العلاقة بين المملكة والإدارة الأميركية الجديدة”.
ويؤيده الدكتور وحيد عبد المجيد، نائب رئيس مركز الدراسات السياسية بالأهرام، الذي قال “من المشكوك فيه أن تسعى أميركا لرأب الصدع بين المملكة ومصر أو أن تكون هناك وساطة أميركية لتقوية العلاقات المصرية السعودية”.
فالرئيس الأميركي -بحسب تصريح عبد المجيد لـ “هافينغتون بوست عربي”- فهمه محدود للغاية في العلاقات الدولية وذو خلفية ضحلة وغير ملم بأية تفاصيل دقيقة خاصة بالعلاقات المصرية السعودية، على حد قوله.
وذكر أن زيارة شكري لأيركا هي إجراء بروتوكولي استعداداً لزيارة الرئيس السيسي المنتظرة لأميركا، وزيارة ولي العهد السعودي لأميركا “لتقوية العلاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة”.
وساطة إماراتية كويتية
وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي يعتبر التحسن في العلاقات المصرية السعودية، الذي اقترن بإعادة أرامكو النفط لمصر، وبدء البرلمان المصري مناقشة اتفاقية تيران وصنافير التي تعتبر الجزر سعودية، جاء “نتيجة اختراق أحدثته وساطة إماراتية كويتية بدأت قبل عدة أشهر”.
وأضاف “جهود عربية عدة تمت خلال الفترات الماضية ووفود دبلوماسية إماراتية كويتية وهذا ما أسهم في إعادة ضخ أرامكو للنفط بمصر مرة أخرى بعد أن تفهمت الرياض الموقف المصري”.
وقال إن “قرار إعادة ضخ النفط جاء كنقطة بداية لتمهيد أجواء مناسبة قبل التقاء الزعيمين في القمة العربية التي ستشهد جلوس الملك سلمان بجانب الرئيس المصري كإعلان عن نهاية الخلاف”، بحسب تأكيده.
تيران وصنافير
الدكتور سمير غطاس النائب بالبرلمان المصري، ومدير مركز “مقدس” للدراسات، أشار أن “دخول ملف تيران وصنافير للبرلمان وراء إثبات حسن النية وأن هناك جهات رسمية تتولى حسم القضية، ومن ثم إعادة أرامكو ضخ النفط، بعدما تفهم الجانب السعودي ذلك”.
هل هناك علاقة بين خبر استئناف أرامكو توريد شحنات البترول الشهرية المجانية اليوم ، وبين خبر احالة تيران وصنافير للجنة المختصة بالبرلمان أمس ؟
وذكر لـ “هافينغتون بوست عربي” أن لديه معلومات على أن العلاقات بين البلدين في سبيلها للعودة كما كانت، وأرجع تأخر ذلك لـ “الدور الفاشل للجامعة العربية الغائب في التعاطي مع مثل هذه القضية وغيابها عن التوفيق في العديد من الملفات العربية مما أتاح الفرصة لتدخل أطراف أخرى”.
“صفقة كاملة” تنتهي بكارثة!
السفير عبد الله الأشعل أستاذ القانون الدولي بالجامعة الأميركية ومساعد وزير الخارجية الأسبق ينظر لهذه التطورات على أنها “جزء من الصورة الكلية” التي يضعها مخططو ترامب الذين وصفهم بـ “الظلاميين”، ويتخوف من أن تؤدي لانفجار في منطقة الشرق الأوسط.
الصفقة الكاملة أو الـ “package”، كما يراها الأشعل، تعد محور لقاءات ترامب مع نتنياهو وبن سلمان ثم السيسي في واشنطن، وتقوم على “تسليم مصر جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، ثم تشكل مصر وإسرائيل ناتو عربي ضد إيران لدفعها للانسحاب من سوريا أو لتحجيمها”.
وبدأت الأزمة السياسية بين البلدين مبكراً بخلافات حول تشكيل القوة العربية المشتركة، ثم تعارض المواقف حول سوريا، ومشاركة مصر في الحرب البرية باليمن. وكان مظهرها البارز في أكتوبر الماضي 2016، قرار “أرامكو” بوقف توريد المواد البترولية لمصر.
وساطة أميركية
أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية نهى بكر، رجحت أيضاً أن يكون الاجتماع الذي جمع ولي ولي العهد السعودي، والرئيس الأميركي “ناقش قضية إمداد مصر بالبترول والتي من شأنها تقليل النفوذ الإيراني بالمنطقة”.
أما سبب الوساطة فيرجع لأن “من مصلحة كل من الولايات المتحدة والسعودية، إبعاد إيران عن السيطرة على منطقة الشرق الأوسط بكافة الطرق، وعدم إتاحة الفرصة لها لأن تقيم علاقات مع دول عربية مثل مصر، لهذا جاء استئناف أرامكو امتداد مصر بالبترول”.
آراء أجنبية: ترامب تدخل
تقارير الصحف والفضائيات الأجنبية والمصرية لم تكن بعيده عن طرح تفسيرات أخرى تربط بين التطورات المتلاحقة مؤخراً، تتعلق بوساطة ترامب وبالتحالف السني ضد داعش وإيران.