من المعروف أن الإنسان “يقضي نحو ثلث حياته نوما”. ولكن هذا الثلث ضروري لبقاء الإنسان على قيد الحياة، فالنوم ضروري وجوهري بالنسبة لعملية التجدد النفسي للإنسان حيث يمكن أن يتعرض الإنسان لأضرار صحية بالغة إذا لم تحدث هذه العملية.
ما هو النوم الصحي؟ يوصي الخبراء المعنيون بأن ينام الإنسان سبع ساعات ونصف يوميا حتى وفاته ويرون أن هذا هو النوم الصحي.
ما الفرق بين النوم السيء والأرق؟ ربما جاز القول إن تعرض الإنسان لصعوبات ليلا فيما يتعلق ببدء النعاس ثم النوم العميق لا يعد مشكلة نوم. ولكن إذا حدثت هذه الصعوبات ثلاث مرات في الأسبوع وعلى مدى أكثر من ثلاثة أشهر، فإن الخبراء يتحدثون عندئذ عن اضطرابات في النعاس أو اضطرابات في الاستغراق في النوم.
فإذا تزامنت هذه الاضطرابات مع الشعور بالإرهاق نهارا وأدت إلى تقصير الإنسان في دوره الوظيفي والاجتماعي، فإن الخبراء يصفون ذلك بـ”الأرق الشديد”.
ما مدى انتشار الأرق في بلد أوروبي مثل ألمانيا؟ وفقا للتقرير الصحي لشركة دي آ كا الألمانية للتأمين الصحي عام، 2017 فإن 80% من العاملين من شملهم استطلاع بهذا الشأن قالوا إنهم يعانون من وقت لآخر من “مشاكل في النوم” أي بزيادة 66% عن تقرير مشابه عام 2009.
وجاء في الدراسة أن واحدا من كل عشرة أشخاص يعاني من “أرق شديد”، أي بزيادة 60% مقارنة بالسنوات السبع الماضية. وقال إنجو فيتسه، خبير النوم في مستشفى شاريتيه في برلين، إنه نفسه لم يتوقع مثل هذا الارتفاع في عدد المصابين بالأرق.
ما الذي يمكن أن يؤدي لاضطرابات النوم أو الأرق؟ وماذا يمكن أن تؤدي إليه هذه الاضطرابات؟ الضوضاء الليلية المستمرة يمكن أن تقلل النوم بشكل هائل. تبدأ قدرة أداء الإنسان في وظيفته في التراجع بعد التعرض للأرق على مدى ثلاث ليال متتالية. كما أن اتباع أسلوب حياة غير منتظم يتضمن النوم ساعات قليلة وقلة فترات النوم والراحة سواء كان ذلك خلال العمل أو أوقات الفراغ، يمكن أن يؤدي لاضطرابات النوم أو الأرق.
أوضح رئيس شركة دي آ كا، أندرياس شتروم أن تراجعا منذ عقود في الأعمال الجسدية أثناء الوظيفة “في حين أن هناك تزايدا في الأعباء النفسية” وأن هناك علاقة متبادلة بين المشاكل النفسية و اضطرابات النوم، كما أن الأرق يمكن أن يؤدي إلى حالات الإصابة بالاكتئاب والخوف والعكس صحيح.
كما أنه من غير المستبعد أن تحدث متاعب جسدية مزمنة مثل الإصابة بارتفاع ضغط الدم أو السكري جراء الأرق المستمر.
بما يوصي الأطباء المصابين بالأرق؟ على الإنسان أن يفكر في طريقة نومه قبل أن يلجأ للأقراص المنومة. وتوصي الجمعية الألمانية للأرق وطب النوم باتخاذ عدة احتياطات لمنع الأرق، من بينها الحرص كل يوم على النوم والاستيقاظ في نفس الموعد وألا يذهب الإنسان لفراشه، إلا إذا شعر فعلا بأنه بحاجة للنوم مع ممارسة الرياضة بشكل منتظم و عدم تناول قهوة أو مشروبات كحولية أو التدخين قبل النوم وكذلك تجنب القيلولة.
وماذا عن المهدئات والأقراص المنومة؟ يوضح فيتسه أن واحدا من بين كل شخصين مصابين بالأرق يلجأ لتعاطي مثل هذه الأقراص بدون وصف من الطبيب وبدون اللجوء لأصحاب الدراية في هذا الشأن، مشيرا إلى أن الصيادلة قلما يستطيعون توعية المرضى بشأن الأدوية التي يتعاطونها.
كما أوضح فيتسه أنه ربما أصبح تناول الأقراص المنومة في حالة الإصابة بالأرق المزمن ضروريا وذلك لفترات طويلة أيضا. يؤكد الخبراء أن قلة النوم تكلف الاقتصاد ثمنا باهظا حيث تشير بيانات معهد روبرت كوخ الألماني الرسمي للصحة إلى أن غفوة سائقي السيارات أثناء القيادة تكلف أوروبا مليارات اليورو سنويا.
ومن الصعب تقدير الخسائر الناجمة عن تراجع الطاقة الإنتاجية للعاملين جراء قلة النوم. ولكن هناك تزايد في أيام التغيب عن العمل جراء الإصابة بالأرق.