على عتبات دخول العام الثالث من العدوان …القوى ” الصهيوامريكية ” و ” الوطنية ” و الرهانات الأخيرة التي تمكنهم من إنهاء هذه الحرب …!! (تحليل)
186
Share
محمد الحاكم
قبل أن أتطرق الحديث عن مضمون هذه المقالة , سوف أتعمد في أختصار تحديد قوى الأركان الرئيسية المشاركة في العدوان , و التي تعتبر القوى الصهيوامريكية أبرز القوى الحقيقية الوحيدة المستفيدة من تنفيذ مخططاتها العدوانية في المنطقة , مستبعداً القوى الأقليمية الأخرى و على رأسها الكيان السعودي , بالرغم من أنها تعد من الأركان الرئيسية المباشرة في تنفيذ هذا العدوان , إلا أن فكرة إستبعادي لها يأتي من منظور و إعتقاد جازم في أنها جزء لا يتجزاء عن مجموعة الدول المستهدفة , و المندرجة ضمن إطار الأهداف الرئيسية التي تهدف القوى ” الصهيوامريكية ” الى تفكيكها و تدميرها سياسياً , إقتصادياً , فكرياً و دينياً , كما أن سبب تحديد الطرف الرئيسي المستفيد من هذا العدوان هو من أجل قراءة الكيفية التي تمكن القوى الوطنية في الداخل من مواجهة هذا الطرف و إلزامه في فرض وقف هذا العدوان .
عموماً …. هناك الكثير من الكتاب قد تطرقوا في مقالاتهم الى سرد مجمل الأهداف السياسية , و الإقتصادية , و العسكرية , و الدينية , والتي تسعى وراءه القوى ” الصهيوامريكية ” من تحقيقه خلال فترة عدوانها على اليمن , وما بعد إنتهاء العدوان , إلا أنه قلما منهم تحدث عن كيفية طبيعة الرهانات والسبل و الخطوات المتبقية , المتوقع تحقيقها من أجل إنهاء هذا العدوان و تحقيق الإنتصار , سواءً كانت من منظور قوى العدوان , أو من خلال منظور القوى الوطنية الصامدة في وجه العدوان .
فعلى عتبات نهاية العام الثاني من العدوان الوحشي على اليمن أرضاً و إنساناً , و مع بروز ملامح دخول العام الثالث , ترتسم و تتجلى لنا الصورة الكاملة لطبيعة هذه المرحلة و التي تؤكد لنا إستمرار القوى ” الصهيوامريكية ” في إستكمال وحشية عدوانها البربري اللامبرر , وفق ما تبقى له من رهانات , يتجسد جلها في الجانب الإقتصادي , حيث يرون لأنفسهم من خلالها إمكانية تحقيق إنتصار حقيقي يسجل لصالحهم ضد القوى الوطنية و الشعب في الداخل .
في المقابل ترتسم لنا أيضاً ملامح الرهانات المتبقية لدى القوى الوطنية في تحقيق إنتصار حقيقي منصف لها و يسجل لصالحها ضد كل قوى العدوان , و التي يمكننا قراءة جل خيارها فيما يتمثل في الجانب العسكري المهدد للمصالح ” الصهيوامريكية ” الإقتصادية في المنطقة , و على رأسها منابع النفط السعودية في المنطقة الشرقية و الجنوبية – الغربية من المملكة .
يمكننا توضيح الصورة الممكن قرائتها لما تحمله الفترة المقبلة من رهانات أخيرة قد تلجئ الى إستخدامها القوى ” الصهيوامريكية ” و ” القوى الوطنية ” و ذلك من خلال مايلي :-
أولاً …. لقد دأبت القوى ” الصهيوامريكية ” خلال العامين الماضيين , ومن منطلق إستراتيجيتها الفكرية و التي أتضحت صورتها من خلال نتائج تنفيذ مخططاتها العدوانية على اليمن , فقد حاولت إستدراج القوى الوطنية الى منزلقات عسكرية متنوعه , تمثل بعضها في الدفع بها الى الإقدام و التهورعلى اغلاق مضيق باب المندب , وضرب الموارد الإقتصادية و العسكرية الإستراتيجية لقوى العدوان في كل من السعودية و جيبوتي و إريتريا , بصورة كلية تفضي و تعبر عن مجمل كل الخيارات الإستراتيجية التي تمتلكها القوى الوطنية , و بما يمكن القوى ” الصهيوامريكية ” من قراءة كل تلك الخيارات و التعامل معها جملة واحدة , تؤدي الى إفقاد القوى الوطنية روح الصمود , و إنسداد كل السبل و الخطوات الدفاعية الممكنة في مواجهة قوى العدوان و بما يمكنها من إستدراك الوضع و تحقيق الإنتصار , وكذا وضعها في مأزق دولي يبرر للقوى الدولية في تصديق كل الإفتراءات المزيفة التي ترسمها قوى العدوان عليهم .
رغم تلك المحاولات فقد إصطدمت تلك القوى بالإستراتيجية الفكرية الممنهجة التي رسمت خطوطها العقلية اليمنية الفذة , فكانت خيارات النفس الطويل و الإستنزاف الممنهج للموارد الإقتصادية الخاصة بالكيان السعودي ,و إتباع سياسة التنوع و التدرج لمختلف المظاهر العسكرية من أبرز ملامح تلك الإستراتيجية , وهذا ما أدى بدوره الى قيام القوى ” الصهيوامريكية ” خلال الأشهر الأخيرة من العام الثاني للعدوان الى تغيير منهجيتها العدوانية , فلجأت الى تنفيذ رهاناتها الأخيرة , فكان الحصار الإقتصادي المستمر لكل الموانئ البحرية و الجوية الى حد الأن , الصورة النهائية التي يعتقون فيها بأنها سوف تقوض كل صور و معاني الصمود اليمني , و تنهي بأعلان إنتصارها مرحلة العدوان .
إعتماد قوى العدوان لهذا الخيار يستند الى عدة إعتبارات يمكن إيجازها فيما يلي :-
1… معرفة هذه القوى بمستوى الحد الأدنى للمخزون الإستراتيجي الغذائي للبلاد و فترة إنتهاءه و نفاذة , وذلك وفق ما تبينه كل تقارير المنظمات الغذائية و الإنسانية و الإقتصادية التابعة للأمم المتحدة و منظمات المجتمع الدولي المستقلة , و الذي تعتقد في أن دخول الحكومة اليمنية سوف يضعها في مأزق سياسي مع كل المنظمات و الأحزاب و المكونات السياسية المختلفة من ناحية , و مع الشعب اليمني بأكملة من ناحية أخرى .
2-…. لزيادة حدة المأزق التي من المحتمل أن تقع فيه هذه الحكومة نتيجة تدني مستوى المخزون الإستراتيجي الغذائي , فأنها سوف تقوم بالإيعاز الى الفئة الصامتة في الداخل الى التحرك تحت مبررات مطالبة الحكومة بتوفير المواد الغذائية الأساسية و زيادة الضغط عليها بهدف الوصول الى تقسيم الشعب و مكوناته الحزبية و السياسية الى قسمين أولاها تتمثل في القوى الوطنية الملتزمة بصمودها في مواجهة قوى العدوان عند مختلف الظروف , حيث أنها ستطالب الشعب بالصمود في مواجهة شبح المجاعة و عدم الإقتتال الداخلي , و الثانية و تتمثل في الفئة الصامتة , المتوشحة في ظاهر الصورة بعباءة الوطنية المقاومة للعدوان , حيث ستقوم بالضغط على بقية القوى الوطنية بالتفاوض مع قوى العدوان و تقديم التنازلات التي حسب ما يعتقدونه بأنها سوف تفضي الى وقف العدوان , وتحقن دماء الشعب من إمكانية حدوث إقتتال داخلي بسبب ما سيحدثه شبح المجاعة .
بناءً على ما سبق تأتي الرؤية الفكرية الإستراتيجية للقوى الوطنية مغايرةً تماماً , فهي لطالما استندت على أسلوب حرب النفس الطويل , و عدم كشف كل الإستراتيجيات العسكرية و الإقتصادية و السياسية و النفسية و تقديم مظلومية هذا الشعب الى العالم , وفق الصورة البشعة التي جعلتها قوى العدوان , كما انهاعلمت بأن الأسلوب الحقيقي لتقويض و إستنزاف كل المقدرات العسكرية و الإقتصادية للمملكة و القوى الصهيوامريكية , لا يتأتى إلا من خلال صورة واحدة تتمثل في بتطوير قوتها الصاروخية للوصول الى أقصى درجة من المديات للمواقع المستهدفة .
لقد أرادت القوى الوطنية بهذا الأسلوب و تلك المنهجية أن تبعث برسالة هامة جداً للقيادات الصهيوامريكية مضمونها يتمثل في أن منهجية الأسلوب و الطبيعة العسكرية و الإقتصادية التي سوف يتم إتباعها خلال فترة العدوان سوف تكون متغيرة و محددة للإهداف الحقيقية , والتي سوف يأتى تطبيقها على عدة مراحل :-
أولها… وهي المرحلة التي تخللت العامين من هذا العدوان , حيث تم إستهداف و تدمير مختلف المواقع العسكرية المختلفة , كان أبرزها المواقع الواقعة في قلب الرياض و ضواحيها , كهدف يؤدي الى الردع العسكري و إستنزاف المقدرات العسكرية المكلفة إقتصادياً على المملكة , فكانت رغبة القوى الوطنية برسالتها هذه و خلال هذه المرحلة أن توضح بأن بأستهدافها لتلك المواقع لا يعني بأنه هذا هو الخيار الإستراتيجي الوحيد لها, إذ أن هناك خيار إستراتيجي أسمى و أعظم تسعى إليه القوى الوطنية في تحقيقه , إذا لم تتوقف قوى العدوان في عدوانها .
ثانيها…صحيح بأن إستهداف القوة الصاروخية للمواقع العسكرية سوف يؤدي الى إستنزاف المملكة السعودية و يزيد من أحتمالات إنهياراتها الإقتصادية , لكنه لن يؤدي الى إمكانية توقف العدوان و رفع الحصار على الشعب اليمني , وذلك لأن الكيان ” الصهيوامريكي” لم يتأثر نتيجة هذا الإستهداف إلا ما كان مستفيداً أكثر , من خلال إستنزاف الكيان السعودي من تعزيز قدراته العسكرية و التسليحية و إعادة بناء القواعد العسكرية التي تم تدميرها .
ثالثها…. ما يعزز من إمكانية توقف هذا العدوان هو في ضرب المصالح الإقتصادية الأمريكية في المنطقة و تضررها بصورة مباشرة و حقيقية لا يمكن تحملها , وهذا ما يمكن حدوثه بشكل كبير جداً خلال المرحلة الثالثة من زمن العدوان في حالة إستمرار الحصار الإقتصادي .
لقد أرادت القوة الصاروخية أن تثبت بأن إستهدافها للرياض لم يكن إلا معياراً و مقياساً موازي للمنابع النفطية الواقعة في المناطق الشرقية و الجنوب غربية للمملكة , و بأنها تؤكد في ذات الوقت بأنه في حالة إستمرار رغبة القوى ” الصهيوامريكية ” في فرض و إستمرار الحصار الإقتصادي على الشعب للوصول الى مرحلة إستنفاد المخزون الإستراتيجي الغذائي للبلاد , و إدخال البلاد في مأزق الإقتتال نتيجة ما سيفرضه شبح المجاعة , لن يتأتى طالما و أن القوة الصاروخية قادرة على إستهداف تلك الموارد الإقتصادية الهائل , و التي يعتمد الإقتصاد النفطي الأمريكي ما بنسبته 43% من صادرات هذه الأبار , وما سوف يشكل إستهدافها من إختلال في موازين القوى الإقتصادية على المستوى العالمي .