وزير الخارجية هشام شرف : ماذا لوكانت السيدة “ريما خلف”في مكان الأمين العام السابق للأمم المتحدة وما الذي تعلمه العالم من دروس على يد هذه المرأة العظيمة؟
175
Share
م. هشام شرف
قبل حوالي عام من اليوم أو أقل بقليل رضخ السيد (بان كي مون) الأمين العام السابق للأمم المتحدة للتهديدات السعودية على خلفية ادراج إسم المملكة في” قائمة العار ” لثبوت تورطها في قتل أطفال اليمن ,وقد أفادحينها بأن المملكة هددت بسحب دعمها للمنظمة الدولية إن تم اعتماد ذلك التقرير المتوازن إلى حد حول تلك الجرائم المرتكبة من قِبلها في اليمن.
ولعل الأمر الذي ينبغي الإشارة إليه هنا وبكل أسف ، هو أن الدول التي تدّعي دفاعها عن حقوق الإنسان وتدثُّرها بقيم الحرية والعدالة والديمقراطية لم تتدخل آنذاك وتُسمعنا صوتا ولو خافتا حيال تلك الفضيحة التي إعتراف بها الأمين العام السابق،لتغضّ الطرف عنها وتحقق رغبة المملكة (الثرية).
ومن المناسب أن نُشير في هذا السياق لحدث هام جدا ،يستحق التوقف عنده كثيرا وهو الموقف المشرّف الذي تم قبل أسبوعين تقريبا والمتعلق بتقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا(الآسكوا) والخاص بالتمييز العنصري وكان على وشك الصدور ، حيث كان يتضمن إدانة الكيان الصهيوني بالتمييز العنصري.. ويومها قامت الدنيا ولم تقعد عندما هددت إسرائيل ومعها جوقة الدول المعروفة برفع شعارات براقة عن إحترام حقوق الإنسان وما شابه , وهي أساس بعيدة عن ذلك ولا تعرف إلا لغة المصالح بالدرجة الأولى بإتخاذإجراءات.
ولعل آخر دليل على ذلك الازدواج في المعايير أنها بادرت ودون تردد بإتخاذ مواقف سلبية ضد (الاسكوا) إذا لم يتم سحب التقرير ..وهنا طبعا يأتى الفرق جليا في المواقف الشريفة من دونها،و بين من يمتلك قيما أخلاقية وإنسانية ومبادئا ثابتة عن سواه ، وقد كانت الصورة المشرقة لتلك المواقف بارزة وجلية من خلال رفض السيدة ريما خلف رئيسة( الآسكوا ) الرضوخ لطلبات وتهديداتإسرائيل وحلفائها المتمثلة بسحب التقرير، ولا نستبعد ،بل نثق يقيناإن السعودية أحد الضاغطين..ونتيجة لذلك قدمت هذه الإنسانة الشريفة استقالتها فورا وبشجاعة منقطعة النظير تستحق عليها وبجدارة إحدى جوائز نوبل للسلام وإحترام حقوق الإنسان، هذا إن كانت لجان هذه الجوائز (نوبل) محايدة فعلا وتُقدر من يعزز ويوطد قيم السلام في عالم اليوم العجيب المليء بالمتناقضات..
المهم وبالرغم من وجود تشابه ظرفي في الموقفين حيث وكلاهما( ريما خلف – بان كي مون ) مسؤلان في الأمم المتحدة كانا عندمرورهما بهاتين التجربتين على وشك إنهاء فترتيهما في المنصب , لكن يكفي أن السيدة( ريما) ظهرت أمام العالم بشجاعة ألف ألف رجل وإمرأه وخرجت مرفوعة الرأس أمامنا وأمام العالم أجمع..
وفي تصوري أن ذكرنا لهذه التفاصيل وحديثنا عن هتين المسألتين هنا يأتي ونحن على أبواب صدور تقارير حقوق الإنسان وتحديداعن اليمن من خلال مناقشات تجرى حاليا في جنيف,بينما الإخوة / المعتدون على اليمن في المملكة السعودية ومن يُغرد في فلكهم يحاولون صرف نظر العالم وتنويمه معنطيسيا باستخدام النفوذ والعديد من الأوراق التي يعرفها الجميع وذلك من أجل تغيير التقارير والحقائق وهم يعرفون جيدا أن اليمنيين لم ولن يرضخوا لتقاريرهم المغلوطة،أو لتقارير مجلس الأمن ولجان التهديد والعقوبات التي تريدهم جميعها أن يبصموا عليها بالموافقة ويشهدوا زورا بأنها لم تدمر اليمن طوال (24شهرا) ..
أعود وأقول : برأيي إن موقف السيدة العظيمة (ريما خلف) هو إمتداد لقصة رفض الشعب اليمني للعدوان الظالم الذي تعرض ويتعرض له ،ويتمسك بمبدأ رفضه على مستوى القيادات الوطنية والأوساط الشعبية ومختلف الشرائح المجتمعية.
واسمحوا لي أخيرا ومن باب الانصاف أن أقول للسيدة/ الإنسانة (ريما خلف) : لقد أعدتي لكل الشرفاء في العالم عامة ولصمودالشعب اليمني الكريم الصابر خاصة الكثير من الأمل والعرفان والعنفوان، وأعدتين – أيضا – الاعتبار لكل القيم والمشتركات الإنسانيةالتي يقاسمكِ إياها أبناء الشعوب المظلومة والصامدة في فلسطين واليمن وسوريا وغيرها .
كما قمتين بضخ حياة جديدة في عروق الكرامة الإنسانية التي حاول البعض إيقاف تدفقاتها بسبب فيروس الصفقات والمصالح.
ولكم نتمنى أن يتعلم منكِ الآخرون دروسا في الأخلاق والعزّة والشرف.وفي الختام لكِ سيدتي تحية قومية، إنسانية صادقه, ولترفع السيوف والقبعات إحتراما لشجاعتك ياابنة الأردن الشقيق, وتقبلي خالص التحايا واسمى الإعتبار من يمن الصمود والعروبة والنخوة الذي يثق أبناؤه كثيرا بأن نصر ربهم حليفهم مهما تكالبت عليهم قُطعان الأعداء، كما هو حال رفاق دربهم وأهلهم في فلسطين العروبة ، أرض الأنبياء والرسالات ومصدر المعجزات.