نص خطاب السيد عبدالملك الحوثي في مناسبة الذِّكْـرَى السنوية للشَّهِيْـدِ القائد1438هـ
السيد عبدالملك الحوثي في خطاب بمناسبة الذِّكْـرَى السنوية للشَّهِيْـدِ القائد:
الخيارُ الصحيحُ الذي يرتضيه اللهُ لنا وينسجمُ مع كرامتنا وحقنا الإنساني وفي القانون وأعراف البشر:
نقاوم ونجاهد ونتصدى للعدوان
قال إن الشهيدَ القائدَ عنوانٌ لقضية عادلة ومؤسّسٌ لمشروع عظيم
السيد عبدالملك الحوثي يحدّدُ أولوياتِ المواجهة:
- – الزكاة تخصَّصُ للفقراء الطبقة الأكثر انتشاراً
- – العنايةُ بالإيرادات المالية لتوفير ما أمكن من المرتبات
- – الاهتمامُ الشعبي والرسمي بمعركة الساحل وبقية الجبهات
- – الخيارُ الصحيحُ الذي يرتضيه اللهُ لنا وينسجمُ مع كرامتنا وحقنا الإنساني وفي القانون وأعراف البشر:
نقاوم ونجاهد ونتصدى للعدوان
- – مسؤوليتنا الحفاظُ على وحدة صفّنا الداخلي ومَن يتحرك عكسَها فهو مجرم ومذنب
- – معنيون كيمنيين أن نبنيَ أنفسَنا على أننا شعبٌ مستهدَفٌ ومن أمة مستهدفة
- – نحتاجُ إلى الإيمان إلى الصبر إلى العزم إلى اليقين، نحتاج إلى المبدأ
- – تحدثنا على ١٢ نقطة مهمة تتعلق بالجانب الرسمي ومَن انزعج منها فليضرِبْ برأسه في كُلّ ما باليمن من حديد صلب
نص الخطاب:
أَعُوْذُ باللهِ من الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحَمْدُ لله رَبِّ العَالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أن سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُه ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صليتَ وباركتَ على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيد.
وارْضَ اللَّهُمَّ برِضَاك عن أصحابه الأخيار المنتجَبين وعن سائرِ عبادِك الصالحين.
أيها الإخوةُ والأخواتُ.. السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
في الذِّكْـرَى السنوية للشَّهِيْـدِ القائد حسين بدر الدين الحوثي، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ، نقولُ من جديد عظّم اللهُ لنا ولكم الأجر، ونسألُ اللهَ أن يرحَمَ شهيدَنا العظيمَ وأن يجزيَه عنا وعن الأُمَّـةِ خيرَ الجزاء.
وفي الذِّكْـرَى السنوية للشَّهِيْـدِ ومن واقع أُمّتنا المليء بالمآسي والأحداث وبالفتن والمحن، ومن واقع شعبنا المظلوم، الذي يواجه أعتى عدوان وأشدَّ حرب ظالمة على الساحة العالمية اليوم، نتحدَّثُ عن الشَّهِيْـد عنواناً لقضية عادلة ومُؤسّساً ورائداً لمشروع عظيم.
مشروعٌ نهضوي لتغيير واقع الأُمَّـة والارتقاء بها
القضيةُ متمثلةٌ بالتحَـرُّك العمليّ المسئول الواعي المشروع في مواجَهة الأخطار على أُمَّتنا من قبل أمريكا وإسرائيل، والمشروعُ هو المشروعُ القُـرْآني النهضوي التصحيحي البنّاء؛ بهدف التغيير لواقع الأُمَّـة والإصلاح لواقع الأُمَّـة؛ بُغية الارتقاء بها من خلال العَودة إلى القُـرْآن الكريم؛ لتكونَ في مستوى المسئولية وفي مستوى مواجَهة التحدّيات غير المسبوقة عليها.
القضية والمشروع كلاهما لم يأتِ من فراغ، ولا كان عبثاً ولا كان فضولاً، بل فرضت ذلك وأوجبت ذلك الهُويةُ والمبادئُ والقيم والأَخْلَاق، واستوجبت ذلك التحَدِّيـَّـاتُ والأخطارُ الواقعية والحقيقية والمؤكَّدة والواضحة.
هجمةٌ أمريكيةٌ “إسرائيلية” غير مسبوقة
من المعلوم أنه منذُ مطلعِ الألفية الثالثة هذه، الألفية الميلادية الثالثة دخلت الهجمةُ الأمريكية والإسرائيلية على أُمَّتنا مرحلةً متقدمةً وغيرَ مسبوقةٍ في مستوى خُطُورتها وشُموليتها وتأثيراتها، وأريد لأحداث الحادي عشر من سبتمبر أن تكونَ هي الذريعةَ الأَكْبَـرَ والعنوانَ الأبرزَ لهذه الهجمة، وكانت هذه الهجمةُ وفي امتداداتها العسكرية التي امتدّت فورًا لتستهدفَ العراق وتستهدفَ أفغانستان كبلدَين مسلمَين، في مقدّمة الاستهداف لكل البلدان الإسْلَامية في المنطقة العربية، وفي غير المنطقة العربية، ثم على مستوى بقية المجالات، ليس فقط الاستهداف العسكري، بل الاستهداف الشامل الذي طال الأُمَّـةَ وتوجَّهَ إلى الأُمَّـة في كُلِّ المجالات، على المستوى السياسي وعلى المستوى الإعلامي وعلى المستوى الثقافي والفكري، ووصل إلى التدخُّل حتى على مستوى الخطاب الديني وما يتعلق بالمناهج المدرسية وغير ذلك، ثم بالتأكيد وبشكل كبير جداً على المستوى الاقْتصَادي.
هذا الاستهدافُ الشاملُ أتى ضمن تحالف عالمي بقيادة أمريكا وبهجمة كبيرة وظّفت كُلّ الطاقات والإمْكَانات، والطاقات العسكرية والإعلامية والاقْتصَادية والسياسية، واتجهت هذه الحملة كحملة نستطيع القول إنها غير مسبوقة في مستوى ضخامتها، قدراتها، حجمها ومستواها على أمتنا، في مقابل واقع بئيس تعيشُه أُمَّتُنا على مستوى أوضاعها الداخلية، حالةٌ كبيرةٌ من الانقسام أمام هجمة شملت تحالُفاً دوليًا واسعًا ومتعصّبًا ومتجهًا اتجاهًا واحدًا لأَكْبَـر القوى الموجودة في الساحة في هذا العصر.
الواقع هذا المليء بالانقسامات: الانقسامات السياسية، الانقسامات الثقافية والفكرية، الانقسامات الجغرافية، الانقسامات التي قطّعت أوصالَ الأُمَّـة وأوهنتها وأوصلتها إلى أسوأ حال من الضعف والعجز والحيرة، وفي مقابل انعدامٍ للرؤية التي تجمَعُ أَبْنَـاء الأُمَّـة للاتجاه الواحد والموقف الواحد، وفي اتجاه الكثير من المشاكل والتعقيدات التي أغرقت الأُمَّـةَ وجعلتها ذاهلةً وغائبةً عن الاهتمامات الكبيرة التي يمكنُ أن تساعدَها على التحَـرُّك المفترَض، التحَـرّك المسئول، التحَـرّك الذي ينبغي أن يكونَ في مواجهة أخطار كهذه وتحَدِّيـَّـات بهذا المستوى.
وَاقعٌ داخليٌّ بئيسٌ يساعد على نجاح الهجمة على الأمة
فكما هو الواضح هجمة كبيرة جدّاً وضخمة وهائلة ولها كُلّ القدرات والإمْكَانات، وضمن تحالف دولي واسع جدًا، ومن أَكْبَـر القوى الموجودة في الساحة العالمي على أمّة ضعيفة مشتّتة منقسمة غارقة في مشاكل لا أول لها ولا آخر، وكذلك رهينة لكثير من التعقيدات التي تجعلُها تكادُ تكونُ مكبّلةً في مواجَهة هذه الهجمة وهذا التحدّي وهذا الخطر.
الهجمةُ هذه بكل ما فيها وبكل ما تستهدفُه فينا كأمّة وواقعنا الداخلي البئيس والمؤلم الذي يساعد أَيْـضاً على نجاح هذه الهجمة، جعلنا في مستوى خطر جدّاً كأمّة مسلمة وفي مستوى يشكّلُ فعلاً خطورةً على وجودنا ككيان إسْلَامي كبير وككيان في هذه المنطقة وجعلنا عُرضةً للانهيار، عُرضةً للضياع، وكانت فرص نجاح هذه الهجمة بالنسبة للأمريكي والإسرائيلي ومن معهم تمثّل فرصةً حقيقية وكبيرة ومطمِّعة ومغرية، مغرية لهم بما تعنيه الكلمة.
قوىً في الأمة تجعلَ من نفسها تابعاً وأداةً لهذا العدو
أمام هذه الهجمة وأمام هذا الواقع الكبير كان هناك ثلاثة اتجاهات في داخل الأُمَّـة، الاتجاه الأول ويشمل البعضَ من الأنظمة والكثير منها أنظمة وحكومات وَسلطات في بلداننا وشعوبنا، والكثير أَيْـضاً من الاتجاهات الشعبية، بعض الأحزاب السياسية، بعض القوى، بعض المُكَوّنات، اختارت أن يكون توجُّهُها أمام هذه الهجمة ومن هذا الواقع هو الاستسلام والدخول ضمن الأجندة الأمريكية، والأجندة الإسرائيلية، وأن تجعلَ من نفسها جزءاً تابعاً ولاحقاً لهذا العدو الذي يهجم هذه الهجمة على الأُمَّـة ويستهدفها هذا الاستهداف، فاتجهت الكثيرة من الأنظمة والكثير من الحكومات واتجهت معها الكثير من التيارات في بلداننا لتتجه اتجاهَ الولاء والعمالة، أنْ لا تواجهَ أمريكا، وبكل وضوح وبالعلن وليس بالخفاء بالعلن، وأن تعتبر نفسها جزءاً من هذا التحالف الذي يستهدفُ مَن؟!.. يستهدف أُمَّتنا وبكل وضوح، وأن تجعل نفسها أداةً من الأدوات التي يستخدمُها الاستكبارُ في هجمته على أمتنا، فكان هذا اتجاهها وكان هذا خيارَها وكان هذا مسارَها وكانت هذه طريقها.
أغلبيةٌ ساحقةٌ من الشعوب.. بلا موقف وَتنصُّلت عن المسئولية
اتجاهٌ آخر ويشمل أَيْـضاً بعض من الأنظمة، ويشمل الأغلبية الساحقة في الشعوب الكثير من التيارات الشعبية والمُكَوّنات الشعبية والاتجاهات الشعبية من النخب ومن خارج النخب كان هو اتجاه الصمت والاستسلام والجُمُود بدون موقف!، الانتظار لما تسفر عن النتائج والاستسلام لهذه الهجمة ولتأثيراتها ولما يمكن أن ينتجَ عنها.
وهذا كما قلنا يشمل الكثير من البلدان، ويشمل الكثير من التيارات، اتجاه التنصل عن المسئولية والتهرب من الموقف والاذعان والانتظار لما تُسفِرُ عنه الأحداث.
اتجاهٌ ثالث اختار موقفاً وَمسئولاً بالتصَـدِّي للهجمة
وكان هناك اتجاه ثالث بين أوساط الأُمَّـة، أختار الموقفَ الطبيعي والسليم والمنطقي والمسئول، وهو التصَـدِّي لهذه الهجمة بكل ما تشكّله من خطورة علينا: خطورة علينا في ديننا، خطورة علينا في اسْتقْلَالنا، خطورة علينا في هُويتنا، وخطورة علينا في ثرواتنا، خطورة علينا في أرضنا، خطورة علينا في عرضنا، خطورة شاملة واستهداف شامل.
فكان الموقف الطبيعي الذي يكفله الحقّ، الحق من الله سُبْحَانَـهُ فيما شرعه وفرضه لعباده، والحق الإنْسَاني الذي تقر بهِ المواثيق وتقر بهِ الدساتير ويقر بهِ ما تعارَفَ عليه البشر في حق الدفاع عن النفس، فاختار اتجاهٌ داخل هذه الأُمَّـة، الموقعَ المسئولَ الذي تسبقه المسئولية الدينية، المسئولية الوطنية، المسئولية الإنْسَانية، المسئولية لأي اعتبار من الاعتبارات، وبالاستناد إلى أي شيء يمكنه الاستناد عليه في المتعارَف عليه بين البشر والتحمل للمسئولية واستناداً إلى الحق.
الاتجاهُ الحرُ في أمّتنا
وَهذا الاتجاه الذي نستطيع بكل راحة بال أن نسميه الاتجاه الحر في أمتنا، الاتجاه الاسْتقْلَالي الاتجاه المسئول، يتجه إلى البديهيات الواضحة في موقفه، موقفه من أمريكا وإسرائيل موقفه من هذه الهجمة التي تستهدفنا في هذه الأُمَّـة أولاً.
مما لا شك فيه أن هذه الهجمة الأمريكية والإسرائيلية في كُلّ اتجاهاتها العسكرية والاقْتصَادية والثقافية والسياسية والإعلامية، تشكل خطورة كبيرة علينا، وتمثّل عداءً حقيقيًا لنا، يعني شغل عدائي، شغل استهدافي، عمل ظالم، عمل نتائجه كارثية علينا في هذه الأُمَّـة، يفقدنا اسْتقْلَالنا، يسلب منا حريتَنا، يهيننا ويذلنا ويقهرنا يقتلنا، يدمر بلداننا، ينهب ثرواتنا، يحتل بلداننا، كُلّ ما يمكن وصفه من أشكال الخطورة حاضر في هذا الاستهداف وفي هذه الهجمة، فإذاً الشيءُ الطبيعي، الشيء الفطري الذي تدفع إليه الفطرة الإنْسَانية أن لا نقبل أن تُحتَلَ بلداننا، أن لا نقبل بأن تُسلَبَ منها حريتُنا، أن لا نقبلَ بالإذلال، أن لانقبل بالاستعباد، أن لا نقبل بأن نتحولَ إلى أمة مستباحة، يقتَلُ منها مئاتُ الآلاف في بلدانها وشعوبها وأن يجرح كذلك الملايين وتُدمَّرُ المنازل والمدن والقرى وكل أشكال هذا الاستهداف وتطمس الهوية ونُضرَبُ في روحنا المعنوية، ولا يرضى أولئك منا أن نبقى على مستوى اللائق بنا كبشر، بكل ما يفترَضُ أن يكونَ عليه الآدمي البشري الإنْسَان بكل ما له من حق بهذه الحياة، بكل ما له من اعتبار في هذا الوجود، الشيء الطبيعي أن لا نقبل.
الموقفُ المنسجمُ مع الفطرة أنْ لا نقبل بالإذلال
هذا المستوى من الإهانة، هذا المستوى من الاذلال، هذا المستوى من الاستعباد، هذا المستوى من الاستهداف الذي نراه يومياً، نرى مشاهدُه اليومية، قتلاً ودماراً وتخريباً وتدميراً وإفساداً، وإهلاكاً للحرث والنسل واحتلالاً وكل أشكال الخطورة، وكل أشكال أنواع الاستهداف، أَصْبَـحت مشاهدُه يوميةً، ألا نقبل بذلك، لا فطرتنا تقبل لنا ذلك وتستسيغ لنا ذلك ولا ديننا ولا قيمنا ولا أَخْلَاقنا ولا مبادئنا ولا أي شيء، ما دُمنا أناساً طبيعيين، سليمين، من الطبيعي ألا نقبل بذلك.
الوقوفُ ضد الاستهداف أقلُّ كلفةً ومُجدٍ وعاقبتُه حسنة
الموقفُ المنسجمُ مع الفطرة، مع الدين الذي يكفله الحق والقانون الدولي، الموقف الذي تفرضه المسؤولية، الموقف المجدي هو التصَـدِّي لهذا الخطر، والوقوف ضد هذا الاستهداف، هذا شيء طبيعي مهما كان مستوى الضجيج والصراخ والحملة التضليلية من الأعداء، لا، المسألة واضحة جداً، وهو أَيْـضاً الأقل كُلفة، صحيح أن هذا الخيار له ثمن، خيار التصَـدِّي لهذه الهجمة لهذا الاستهداف لا بد فيه من التضحيات على كُلّ المستويات، التضحيات بالشهداء، التضحيات نجرح، نقدم الشهداء، نضحي مادياً، نضحي على كُلّ المستويات، ولكنه الأقل كلفة، والمجدي الذي له نتيجة وعاقبة حسنة، وإن كان لا بد من تضحيّات بأي مستوىً من التضحيات.
لكن لو اتجهت الأُمَّـة بكلها نحو خيار الاستسلام والإذعان والخضوع للعدو، وفتح المجال لهذه الهجمة لتصلَ إلى آخر حد لها، ولينفذ الأعداء في هجمتهم هذه كُلّ ما يريدونه من أهداف وينفذون كُلّ ما يسعون له من أجندة، النتيجة كارثية، نخسر الدنيا والآخرة، نخسر كُلّ شيء، والكلفة هائلة جدّاً على كُلّ المستويات، يقتل الملايين، الملايين يمكن أن يُقتلوا، البعض بشكل مباشر، والبعض الآخر يفوّجون جنوداً مجنّدة لأمريكا وإسرائيل لقتال فئاتٍ أُخْـرَى وأطراف دولية أُخْـرَى؛ لأن أولئك أرادوا أن يسيطروا علينا كبشر سيطرةً تامة، أن يمتلكوا فينا الإرادة والتوجُّه والتفكير والعقيدة والنظرة والرؤية وكل شيء.
يسعى الأمريكي ويسعى الإسرائيلي أن يمتلكَك كإنْسَان، تفكر بما يريد، تقرر ما يريده، تتجه في الاتجاه الذي يريده، تتحَـرّك كما يريد هو كما يرسم هو كما يخطط هو، يحرّكك في الوجهة التي يريدها، تعادي مَن يريد منك أن تعاديه، تقاتل من يريد منك أن تقاتله، تتحَـرّك بنفسك وبمالك وبكل ما تملكه، وبكل وسائل يمكن أن تتحَـرّك عليها، يشغلك في كُلّ ما يمكن لك تشتغل فيه، فقط وفقط وفقط لما يراه مصلحة له هو وليس مصلحة لك أنت، وبدون قيود ولا ضوابط تتحَـرّك في الموقف الخطأ، في الموقف الظالم، في الموقف الإجرامي في الموقف المفسد، وأيضاً فيما فيه ضرٌّ لك، وعواقبه سيئة عليك، ليس المهم أنت، المهم بنظره هو ومصالحه، هذا هو المهم، أما ما يمكن أن يكون هناك من تبعات أَوْ ارتدادات أَوْ نتائج سلبية أَوْ كارثية أَوْ فظيعة عليك أنت في سبيل أنك تنفذ أجندته وتتحَـرّك له وتجاهد في سبيله وتعمل له ما يشاء ويريد فهو لا يبالي بك، لا يرى فيك إلا أداةً رخيصة منعدمة القيمة لا ثمن لها لا اعتبار لها، لا كرامة لها.
يتجهُ للسيطرة علينا جَميعاً كأمة، على أرضنا على مقدراتنا، على منطقتنا؛ باعتبار أهميتها الجغرافية على المستوى العالمي، هذا لا شك فيه، هذا أوضح من الواضحات وأبين من البينات، وليست مسألةً غامضةً ولا خفية، ثم هو يتحَـرّك بروح عدائية، يعني هو يعتبرنا أعداءً، له موقفٌ عدائي من ثقافتنا من هُويتنا الإيْمَانية في شكلها الصحيح، وليس في شكلها الزائف، ما عنده مشكلة أن نكون مسلمين ولكن بالطريقة التي يرسُمُها هو، ينتزع من إسْلَامنا هذا كُلّ القيم الأصيلة والمهمة والبنّاءة التي تجعل منا أمّةً سوية مستقلة وأمة رشيدة ناضجة واعية فاهمة مستبصرة مستنيرة، فيُبقي لنا إسْلَاماً له الشكل الذي ولفه مع النظام السعودي، إسْلَاماً لا بصيرةَ فيه، لا نور فيه، لا هداية فيه، لا رُشْدَ فيه، لا وعي فيه، إسْلَاماً مع عمى، إسْلَاماً مع جهل، إسْلَاماً مع غباء، إسْلَاماً مع تبعية مطلقة بدون أية ضوابط لذلك الأمريكي ولذلك الصهيوني، بدون أي ضوابط ولا قيود ولا اعتبارات، إسْلَام بهذا المستوى ليس فيه عنده أية مشكلة، جيد؛ لأنه أَصْبَـح معوجاً وليس صراطاً مستقيماً، بل إسْلَام يمكن أن توظف فيه بعض العناوين على غير مضامينها الحقيقية وعلى غير مدلولاتها الحقيقية، توظف لصالح الأمريكي نفسه، لصالح الإسرائيلي نفسه، وتُشَغَّلُ ضمن ذلك.
العمالة لأمريكا وإسرائيل شملت تياراتٍ منها متدينة متأسلمة
طبعاً التيار الذي اتجه اتجاه الولاء لأمريكا وإسرائيل واتجاه العمالة شمل تياراتٍ متنوعة من داخل الأُمَّـة ممن يقدمون أنفسهم كتياراتٍ دينية متدينة متأسلمة إلى آخره، من بعض من يقدمون أنفسهم قوميين، من بعض من يقدمون أنفسهم وطنيين، من بعض من يقدمون أنفسهم متحررين، من مختلف التيارات، هو أَصْبَـح له من كُلّ هؤلاء من ينطلق معه، من يتحَـرّك معه، والكل يوظفون ما لديهم من عناوين، ما لديهم من أبجديات، وما لديهم من تبريرات واعتبارات، وهكذا على النحو الذي يريده ويرغب به.
مَن يقدّم إسرائيل شيئاً منفصلاً عن أمريكا إما غبي أو يتعمد ذلك كأسلوب تضليلي
طبعاً أمريكا وإسرائيل كلاهما وجهان لعملة واحدة، من يقدم أمريكا شيئاً هناك وإسرائيل شيئاً منفصلاً عنها هناك هو إما غبي وإما يتعمد أن يفعل ذلك كأسلوب تضليلي، وجهان لعملة واحدة، إسرائيل هي ربيبة أمريكا في المنطقة، يتوفر لها كُلّ الدعم، توفر لها الحماية من أمريكا بلا شك، وهي هنا بالنسبة لأمريكا جبهة متقدمة في المنطقة، وشوكة في حلق الأُمَّـة مزروعة لصالح الاستعمار الغربي، فإذن هما وجهان لعملة واحدة، والأجندة التي تخدم أمريكا تستفيد منها حتما وبلا شك إسرائيل، ومن له ارتباطٌ تامٌّ بأمريكا لا بد أن يترافقَ معه ارتباطٌ مع إسرائيل، هذه أَيْـضاً من البديهيات الواضحة.
أمريكا وإسرائيل في تجربتهما مع الأُمَّـة استفادتا الكثير والكثير من الدروس والعِبَر، نستطيع أن نقولَ ذلك، مثلاً الهجمة العسكرية، حينما تتجه بشكل رئيسي إلى الأُمَّـة ولا تواكبها الوسائل الأُخْـرَى بنفس القدر من الزخم، أَوْ بنفس القدر من التوجه يكون لها مردود سلبي وانعكاسي على أمريكا، مثلاً في بداية الهجمة على العراق وعلى أفغانستان، طغت الهجمة العسكرية والمسار العسكري، طغى بشكل رئيسي على طبيعَة هذه الهجمة على الأُمَّـة، اتجه بشكل كبير ومتهوّر، ودخلوا العراق ودخلوا إلى افغانستان، لكن على نحو استفزازي، كان له نتائجُه السلبية عليهم، أثار هذا الشعبَ العراقي، وأثار هذا الشعب الأفغاني، بدأت التحَـرّكات في أوساط الشعب العراقي لمقاومة ومواجهة الاحتلال الأمريكي، وعلى نحو فعّال ومؤثّر، وباتت العمليات في مرحلة من المراحل التي تستهدفُ الجنودَ الأمريكيين المتواجدين في المدن وفي الأسواق وفي الطرقات وليس فقط في القواعد ضمن انتشارهم الكبير في البلد هناك شبه حالة يومية، الاستهداف اليومي لهم، القنّاصة، التفجيرات، كُلّ أشكال ووسائل المقاومة تحَـرّكت هناك، كذلك في أفغانستان.
الأمريكي كلنا نعرف ماذا فعل بعد احتلاله للعراق، كيف استباح النفس المحرمة وبدأ يقتل الناس بشكل عشوائي وبكل استهتار، كيف انتهك الأعراض، ما فعله في أبو غريب، ما فعله أَيْـضاً من اعتقال آلاف مألّفة من النساء، قرابة كما في بعض الاحصائيات 18 ألف امرأة عراقية تعرضن للاعتقال والاغتصاب، ما فعله في أفغانستان من قتل جماعي للناس، من انتهاك للكرامة، من انتهاك للأعراض، إلى غير ذلك، ما فعله في العراق وأفغانستان من استهداف المقدسات وبكل استهانة وبكل احتقار، ما فعله مع المساجد ما فعله مع المصاحف، إلى غير ذلك.
هذه الهجمة بشكلها الاستفزازي حرّكت الشعب العراقي وحرّكت الشعب الأفغاني للمقاومة والمواجهة والتصدي، هذا كبّد الأمريكي خسائرَ كبيرةً جداً، الإسرائيلي له تجربته في لبنان وفي مواجهة حزب الله، له تجربته في غزة مع حركات المقاومة هناك، فإذن اتجهت أمريكا وإسرائيل واتجهت هذه الهجمة الغربية الاستكبارية على بلداننا لتفعّل الوسائل والأساليب الأُخْـرَى التي تهيءُ الأُمَّـة أَكْثَـر، وركّزت بشكل كبير جدّاً على أسلوب التطويع، تعميم وتوسيع دائرة العمالة في داخل الأُمَّـة، أنه ليس فقط الاقتصار على نظام هنا ونظام هنا ونظام هنا يتجند ويتحَـرّك مع الأمريكي ومع الإٍسرائيلي، أَوْ اتجاه هنا واتجاه هناك من الأوساط الشعبية، بل السعي لفرض حالة العمالة والولاء لأمريكا وإسرائيل لتكون حالة شاملة في واقع الأُمَّـة بكلها، واعتبار من يشذ عن ذلك من الأنظمة أَوْ من داخل الشعوب، من الحكومات أَوْ من الأوساط الشعبية، مارقاً وكافراً، ليس فقط مارقاً، وكل شيء، كُلّ ما أردت أن توصفه من أوصاف سيئة أَوْ ألقاب ينبز بها إلى غير ذلك، وأن يحارب من الجميع، وأن تُحَـرَّكَ عليه الجبهة الداخلية، يعني في الواقع العربي تحَـرّك الأنظمة العربية عليه، في الأوساط الشعبية تحَـرّك أي تيارات يمكن أن تستجيبَ لمواجهتك، طبعاً هذا سيحتاج إلى عناوينَ ويحتاجُ إلى تبريرات، ويحتاج أَيْـضاً إلى نشاط إعلامي نشاط ثقافي، نشاط فكري، نشاط بأساليب متعددة وشاملة.
لا شيء كما الوعي.. الأمة في حاجة إليه كحالة عامة
ولكن أمريكا وإسرائيل ترى أن ما يمكنُ أن يوصلَها إلى أهدافها بالسيطرة التامة على هذه الأُمَّـة وعلى بلدان هذه الأُمَّـة وعلى ثروات هذه الأُمَّـة هو سياسة التطويع كسياسة رئيسية، تتحوَّلُ هذه الأُمَّـة إلى أمة مطيعة فقط لهم، مذعنة لهم، متجندة معهم، تتحَـرّك لهم، على حساب نفسها، على حساب قيمها، على حساب أَخْلَاقها ومبادئها ومصالحها إلى آخرها، إلى غير ذلك، تمارِسُ في سبيل فرض هذه السياسة، هذا التوجّه التضليل بشكل كبير للحيلولة دون وعي الأُمَّـة؛ لأن أَكْبَـر ما يمكن أن يحصّنُ الأُمَّـةَ في واقعها الداخلي هو الوعي، ولا شيء الأُمَّـة في حاجة إليه مثل ما هي بحاجة إلى الوعي، وأن تكون حالة عامة، اليوم نحتاج إلى هذا الوعي ليكون حالة عامة اليوم نحتاج إلى هذا الوعي ليكون حالة عامة في أوساط أُمَّتنا لا يقتصر على النخب، ولا يقتصر على الاتجاهات الرئيسية في هذه الأُمَّـة أَوْ من المُكَوّنات الرئيسية أن يكون حالة عامة عند كُلّ أَبْنَـاء الشعوب رجالًا ونساءً، في المدن والقرى وكل مكان، كُلّ فرد في هذه الأُمَّـة يحتاج إلى أن يتسلح بالوعي، ما لم يتسلح بالوعي سوف يكون حتمًا ضحيةً لذلك المستوى الهائل من التضليل، ولذلك المستوى الكبير جدًا جدًا جدًا والنشاط غير المسبوق من الاستقطاب.
فئة القعود وَالصمت والتجاهل واللامبالاة تستقطب اليوم بشكل كبير
حركةُ التطويع في داخل الأُمَّـة وهي حركةُ النفاق التي تعمل لصالح أعداء الأُمَّـة، تنشَطُ نشاطًا استقطابيًا هائلًا، لا يتركونك لشأنك، أنت في تلك المدينة، في تلك القرية في تلك المنطقة أَوْ في ذلك البلد، أَوْ في ذلك البلد، لا يتركونك لحالك لتبقى حتى صامتًا، ولهذا الفئة الصامتة اليوم الفئة التي آثرت والقعود والجمود آثرت الصمت والاستسلام والتجاهل واللامبالاة تجاه الأحداث اليوم تستقطب بشكل كبير؛ لأن الحركة الاستقطابية النفاقية كبيرة جدًا وتستخدم ضغط المال والإغراء ضغط الإرهاب والقتل والتخويف ضغط الدعاية الإعلامية الهائلة جدًا والعناوين الأُخْـرَى الاستفزازية مثلما العناوين الطائفية والمذهبية إلى آخره.
فإذًا هذه استراتيجية، اليوم تعتمدُ عليها أمريكا في المنطقة وحرّكت لها هذه الوسائل والعناوين.
تسعى أَيْـضاً مثلما تسعى للحيلولة دون وعي الأُمَّـة، تسعى لضرب الروح المعنوية للأمة، إما أن تكون إمعةً وغبيًا وجاهلًا فيأخذونك في ذلك الاتجاه، اتجاه العمالة والولاء لأمريكا وإسرائيل أن تتخذهم أولياء، وإما أَيْـضاً لو بقي لك بعضٌ من الوعي مثلًا الوعي بأن ما يحدث من جانب أولئك هو ظلمٌ طغيان شر على الأُمَّـة، لكن يسعَون إلى ضرب معنوياتك؛ لإفقادك العزم والهمة والإحساس بالعز والكرامة والإباء، إلى تفريغك من كُلّ ما يساعدك على الصمود والثبات والمواجهة، حتى تنكسرَ إرادتُك وحتى يوهَنَ عزمك وحتى تصلَ إلى درجة اليأس والاستسلام، يشتغلون شغل واضح في هذا الاتجاه.
أمريكا تسعى لأن تكون المعني الأول بأمرنا
ثم يسعون إلى فرض حالة عجيبة في واقعنا كأمة تسعى أمريكا وبكل وضوح ومعها إسرائيل في جانبها، تسعى لأن تكون هي حصريًا المعنية بأمرنا وليس لأحد دور في ذلك إلا بحسب ما هو مرسوم في أجندتها، يعني تسعى لفرض هذه الحالة كحالة مقبولة في داخل الأُمَّـة.
إن المعني الأول بأمر اليمنيين في اليمن هو الأمريكي، أن المعني الأول بأمر السعوديين في السعودية هو الأمريكي، أن المعني الأول بأمر السوريين في سوريا هو الأمريكي، أن المعني الأول بأمر العراقيين في العراق هي أمريكا، أن المعني الأول بأمر المصريين في مصر هي أمريكا، يتدخل الأمريكي ويقدم نفسه في أوساط أُمَّتنا على أنه هو المعني الأول والوحيد في شأننا في كُلّ بلداننا، أن ليس لأحد في هذه الأُمَّـة، لا نظامًا ولا شعبًا ولا سلطةً لا مُكَوّنًا ثقافيًا ولا اجْتمَاعيًا ولا سياسيًا أن يتحَـرّك في أي اتجاه إلا في الاتجاه الذي تريده أمريكا أن يتحَـرّك، ولا يقولُ إلا ما تريده أمريكا أن يقول، فما كان مسموحًا به أمريكيًا فلا بأس وما ليس مسموحاً به أمريكيًا فممنوع، هذه هي الحالة التي يجري عليها العمل حاليًا في المنطقة، اشتغل فيما تسمح به أمريكا، ما لا تسمح به أمريكا ممنوع، قُل ما تريده أمريكا، ما لا تريده أمريكا ممنوع، تحَـرَّكْ في حدود ما رسمت لك أمريكا، إذا خرجت عن ذلك ممنوع، تحارب يعتدى عليك، يحرك الآخرون كلهم ضدك، العب دورًا هنا أَوْ هناك عسكريًا لا بأس إعلاميًا سياسيًا ثقافيًا بأي شكل من الأشكال لكن ضمن تنفيذ الأجندة الأمريكية، ولا بأس إذا كنتَ ضمن الدور الأمريكي فليس هناك أي عوائقَ أَوْ ضوابطَ أَوْ حقوقٍ أَوْ اعتبارات.
لا اسْتقْلَال ولا شأن داخلي.. انتهى إذا كان ضمن الدور الأمريكي
تلتغي اعتباراتُ الشؤون الداخلية للدول ضمن مواثيق الأمم المتحدة ضمن المواثيق المتعارف عليه دوليًا إنْسَانيًا وبين البشر أن لكل دولة حقها في الاسْتقْلَال والحرية، ولا يسمح لأحد بالتدخل في شأنها الداخلي، هذا انتهى إذا كان ذلك ضمن الدور الأمريكي، فليأتِ السعوديّ ويقتحم ويتدخل في اليمن ويتدخل في كُلّ صغيرة وكبيرة في اليمن إذا كان ذلك ضمن الدور الأمريكي، ولتنفيذ أجندة أمريكية، حينها لا يبقى لنا كيمنيين لا حق الاسْتقْلَال ولا حق الحرية.
ومسألة أن يأتي أحد في شؤوننا الداخلية أَوْ لا يتدخل ينتهى الأمر، يأتي الإماراتي إلى بلدنا ليحتل ليقتل ليدمر، ولا مشكلة عندهم أن يقتل نساءً أَوْ أطفالًا أَوْ يدمر مناطق سكنية أَوْ طرقًا أَوْ يستهدف مصالح اقْتصَادية أَوْ يحتل قواعد أَوْ مناطق أَوْ جزر، فليأتي حتى ليضع له قاعدة عسكرية في جزيرة ميون في باب المندب، أَوْ ليفعل أي شيء وليذهب سقطرى إلى غير ذلك، لماذا؟ أَوْ ليس اليمن بلدًا مستقلًا أَوْ ليس لنا حرمة كيمنيين أَوْ أو إلى أخره؟ لا ما دام ذلك في الدور الأمريكي وفي مصلحة إسرائيل وترى إسرائيل في ذلك مصلحة لها وترى أمريكا في ذلك تحَـرّكًا ضمنها هي وضمن توجيهاتها هي وبإشرافها هي، المسألة طبيعية وعادي جدًا والموضوع ليس فيه أي إشكال نهائيًا، لا أمم متحدة سيكون لها موقف لا جامعة “عبرية” عفوًا عربية سيكون لها موقف ولا أحد سيكون له موقفٌ، الأمر طبيعي جدًا وليس أمرًا مستفزًا عند الكثير.
التدخُّلُ الأمريكي وقواعده.. ليس مستفزًا بل أصبح أمراً عادياً جداً
الأمريكي يفعل ما يريد وليضع له قاعدة عسكرية في أية منطقة من مناطقنا، سواءً في اليمن في العند أَوْ في غير العند في حضرموت، أَوْ في أية منطقة في أي بلد عربي يشاء، في سوريا في أي منطقة عربية، في العراق في أي بلد عربي، ليس مستفزًا أن يتدخل سياسيًا ليس مستفزًا، أن يتدخل في أدق التفاصيل حتى على مستوى المناهج المدرسية عادي جدًا، يتدخل أولئك الذين أَصْبَـحوا أدوات له يحركهم في المنطقة كذلك هنا أَوْ هنا، يؤزم لك الوضع السياسي في مصر الوضع الأمني في مصر، يثير مشاكل في تونس، يلعب هنا، يثير مشكلة هناك، يؤجج الصراع داخل ليبيا، يفتن بين اليمنيين يلعب لعبة هنا ولعبة هنا، ليفعل كُلّ ذلك طبيعي جدًا ما هناك مشكلة في هذا لماذا؟ لأنه يفعل ذلك لتقر عين أمريكا لخدمة أمريكا لتنفيذ أجندة أمريكية فالمسألة مقبولة.
حينما تتحَـرّك لتكون مستقلًا وقرارُك من نفسك تصبح مارداً وكافرًا وَمجوسيًا وتُقتل وتحاصر
لكن حينما نتحَـرّك نحن، نستند إلى الحق، إلى الحق الشرعي الذي فرضه الله لنا إلى الحق الإنْسَاني المكفول لنا، حتى في مواثيق الأمم المتحدة والمتعارف عليه بين أوساط البشر.
حينما نتحَـرّك حتى لما يخصنا نحن في شأن أنفسنا نحن، نحن قوم نستهدف، نقتل، تحتل أرضنا، نحن نحاصر، نظلم اقْتصَاديًا، نظلم في كُلّ شيء، مستهدفون في كُلّ شيء، لا، لا تتحَـرّك، ما دمت تريد أن تكون حرًا هذه مشكلة لا يمكن أبدًا السكوت عنها، ما دمت تريد أن تكون مستقلًا وأن يكون لك قرارك في نفسك، أنت كشعب يمني تُريد أن تكون المعني، أنت بنفسك بأمورك بقراراتك معني أنت بشأن نفسك، لا، هل تريد ذلك، هذه إذًا هي أَكْبَـر مشكلة لا يمكن السكوت عنها، أنت حنيئذٍ ماردٌ وتعتبر كافرًا وتعتبر مجوسيًا، وتعتبر مصدرَ شر وخطراً عالمياً وإقليمياً ودولياً ومحلياً، ويصبون عليك كُلّ السب والشتائم وكل الاتهامات والادعاءات والافتراءات ويتحَـرّكون ضدك بكل الوسائل والعناوين والأساليب وتصبح مشكلة كبيرة.
لكن الأمريكي، لا، طبيعي يتدخل في شؤوننا ما هناك مشكلة، ما يعتبرون المسألة تمثل أي إشكالية نهائيًا، أما نحن فيريدون لنا أن لا نتحَـرّك، يعتبروننا فضوليين، عندما نقول أي شيء يعنينا نحن عندما نتحَـرّك في بلداننا عندما نتحَـرّك في اليمن، لا! أنت أيها اليمني تريد أن تحتل عدن! تريد أن تحتل الجنوب! أيها اليمني تريد أن تحتل مأرب! أنت أيها اليمني محتل لصنعاء! أنت أيها اليمني محتل لعمران! أنت أيها اليمني محتل لمأرب! ومحتل للجوف! ومحتل لصعدة! لا بد أن يأتي الأمريكي وأن يأتي الإسرائيلي وأن يأتي السعودي وأن يأتي الإماراتي وأن يأتي من يستجيب لهم من شذاذ الآفاق ليحرروا منك يا أيها اليمني صنعاء! ليحرروا منك يا أيها اليمني بحرك وبرك وأرضك وبيتك أيها اليمني كيف تجلس في بيتك أنت محتل! إما أن يدمّر هذا البيت هذا المنزل! وإما أن تُخرج منه وتُطرد منه أنت محتل لا يجب أن يبادر السعودي فورًا ويجب أن يبادر النظام الإماراتي هناك من أبو ظبي لينقذ منك يا صاحب المخاء منطقتك ويحرر بيتك منك لأنك محتل!
هذا الباطل الكبير وَالطغيان والاستكبار يُحرك كُلّ من بقي فيه ذرةٌ من إنْسَانية، وإباء، وحرية
هذا هو الطرح هذه هي السياسة هذا هو الباطل الكبير الذي ملأوا به كُلّ آفاق الدنيا، هذا هو الظلال هذا هو العمى هذا هو الطغيان هذا هو الاستكبار، ها هو الذي يُحرك كُلّ من بقي فيه ذرةٌ من إنْسَانية، ذرة من إباء، ذرةٌ من حرية، ذرة حتى بالمستوى المتعارف عليه في هذا العصر عن الذرة الجزئية الذي لا يُمكن أن يُرى أبدًا، هذا المستوى كفيل بأن يستفزك نحن تجاه أنفسنا يعتبروننا فضوليين وغير أحرار في بلداننا نُعتبر فضوليين، في بلدك وحتى في الساحة من حولك ساحة أمتك يمكن للأمريكي أن يأتي من أقصى الدنيا، وللإسرائيلي أن يأتي من أي قطرٍ من أقطار العالم، يمكن لأي طرف في ظل الدور الأمريكي، ماهناك مشكلة يدخل إلى أي منطقة إلى أي بلد إلى أية قرية إلى أية مدينة يتمركز على أي جزيرة يستهدف أي ساحل، هذا طبيعي جدًا في ظل الدور الأمريكي مسموح في كُلّ شيء كُلّ شيء مسموحٌ به مهما كان ظلمًا وطغيانًا وإجرامًا مهما تفلّت عن كُلّ القيود الإنْسَانية والضوابط الشرعية والأَخْلَاقية كُلّ شيء مسموح به، فقط فقط الشرط الوحيد أن يكون لمصلحة أمريكا، وما عداه ممنوع حتى لو كان حقًا لو كان فطريًا لو كان مشروعًا لو كان إنْسَانيًا لو كان عادلًا، حق وعدل وصدق وخير وكل ما تريد من العناوين الصالحة هذا غير مسموح.
المعيار الوحيد مصلحة أمريكا فقط
المعيار اليوم الذي يُفرض في المنطقة والذي يُشتغل عليه في المنطقة والذي يعملون عليه داخل ساحتنا الإسْلَامية والعربية أن يكون المعيار الوحيد بما هو مسموح أَوْ غير مسموح مقبول أَوْ غير مقبول مصلحة أمريكا فقط، وأن تكون هي الحق الفصل هذا الذي يعملون عليه، يتحَـرّكون يفعّلون وسائلَ من أنظمة وجماعات كما هو الحال مع النظام السعودي والإماراتي، وجماعات كما هو الحال مع التكفيريين في نفس السياق ومن يلف لفهم، ويصنعون عناوين كغطاء، مع أنه غطاء مكشوف عنوان الإرهاب بات غطاءً مكشوفًا وباتوا هم أم الإرهاب وأبوه وخاله وجده وعمته وأخته وكل شيء له، أيديه وأرجله كالأخطبوط، كُلّ شيء هم الإرهاب بذاته هم الفتنة هم الظلم هم الجريمة هم الطغيان.
ويشتغلون على عنوان محاربة النفوذ الإيراني
وعنوان آخر يُفعلونه مع من لا يخنع لهم لا يستسلم لهم هو عنوان محاربة النفوذ الإيراني هذا عنوان يركزون عليه يشتغلون عليه، من الواضح أن الجمهورية الإسْلَامية في إيران كنظام وكشعب توفقت لأن تكون حرةً، بينما الكثير من الأنظمة والبلدان خنعت واستسلمت واتجهت اتجاه العمالة لأمريكا، واعتبر ذلك ذنبًا كبيرًا واعتبر أمرًا فظيعًا ومشكلة لا يساويها مشكلة في كُلّ الدنيا.
إيران ليس ذنبها لأنها شيعة، إيران الشيعة أيام الشاه يوم كان النظام هناك عميلًا لأمريكا منسجمًا مع إسرائيل، متفاهمًا مع إسرائيل، لم يكن هناك حساسية من إيران كبلد فيها أغلبية شيعية ما دام النظامُ فيها المسيطِرُ على الأوضاع فيها مواليًا لأمريكا وإسرائيل، ما كان يقال عن إيران مجوس، ولا كان يقال عن إيران العدو الأول والأخير للأمة، ولا، ولا أي شيء أبدًا؛ لأن المعيار كما قلنا المعيار الأساسي الحقيقي لدى أولئك لدى قوى النفاق والعمالة التي تشتغل ضمن الأجندة الأمريكية، والعنوان المعيار الذي تسعى أمريكا لفرضه أصلًا، هو مسألة الولاء لها والعمل لمصلحتها.
كل من يقول أنا أريد أن أكون مستقلًا وحرًا، هُويتي تفرض عليّ ذلك، مبادئي وقيمي ومصلحتي وحقي الإنْسَاني، يقولون إذاً أنت إيراني، كُلُّ مَن يقول إسرائيل خطر علينا خطر على أُمَّتنا مغتصبة لأرض من أراضينا كعرب وكمسلمين، والمقدسات محسوبة على أمّتنَا، من أهم مقدّساتها إذا هو إيراني، إيراني “قُح”.
كُلّ من يريد يقول: أنا لا أقبل بأن أظلم لا أقبل بأن أقتل لا أقبل بان استباح إذن هو إيراني من الطراز الأول، وهكذا يجعلون من هذا عنوان تبريريًا، تبريريًا لاستهداف أي أحرار هناك وهناك، أَوْ أي أطرف لا يقبل بأن يعادي إيران لأنها مارقة عن الولاء لأمريكا بحسب تقييمهم، ولا يتبنى وجهة نظرهم في العداء لإيران وتوجيه العداء لها بدلًا عن أمريكا وبدلًا عن إسرائيل، يعتبرونه إذن هو إيراني!
كل من يقول يجب أن يكون كُلّ المسلمين كُلّ البلدان الإسْلَامية يجب أن تكون متوحّدة؛ لأنها كلها مستهدفة حتى من يخدم أمريكا، فور أن تستغنيَ منه أمريكا وعنه أمريكا ستسحقه أمريكا، وفعلت ذلك مع الكثير، والبعض تجاربهم واضحة وعلنية أنظمة، يا كم أنظمة خدمت قدمت كُلّ الخدمات فعلت في سيبل أمريكا كُلّ شيء، ولحظة من اللحظات تخلت عنها أمريكا وتآمرت عليها أمريكا، هذا شيء واضح وله أمثلة واضحة في منطقتنا وقريبة العهد، فإذن، فإذن يجعلون من هذا العنوان عنوانًا تبريريًا لا أقل ولا أَكْثَـر.
ولاحظوا القوى الحرة في المنطقة، سواء في اليمن أَوْ في سوريا أَوْ في لبنان أَوْ في العراق أَوْ في بلد تعتبر بنظر الأمريكي وأدواته في المنطقة مارقة.
يعتبرون تعاطَفَ المظلومُ مع المظلوم الآخر جريمة لا أَكْبَـر منها!
ويعتبر أي قدر من التفاهم بينها أَوْ التعاطف فيما بينها، إذا تعاطَفَ المظلومُ في لبنان مع المظلوم في اليمن أَوْ المظلوم في اليمن مع المظلوم في البحرين، أَوْ المظلوم في العراق مع المظلوم في أي قطر آخر عربي أَوْ إسْلَامي، هذه جريمة لا أَكْبَـر منها جريمة، ويتهم هذا بالعمالة لهذا وهذا بأنه يخدم هذا أَوْ يتعاون مع هذا، والتعاون فيما بين المظلومية الذي تجمعهم رابطة الإنْسَانية، ورابطة المظلومية، ورابطة الإسْلَام، ورابطة المنطقة الواحدة كمنطقة عربية واحدة كُلّ الروابط، هذه مسألة غير مقبولة، ها تريد أن تتعاون يا أيها المسلم العربي اليمني مع المسلم العربي الفلسطيني! أنت أَكْبَـر مجرم إذن! تريد يأيها المسلم اللبناني العربي أن تتعاون مع المسلم اليمني العربي المظلوم! أخاك في الإنْسَانية أخاك أَيْـضاً في العربية، أخاك في الدين، أخاك في المظلومية، أخاك الذي تربطك به كُلّ الروابط، هذه مشكلة وغير مسموح بذلك وهذا أمر مرفوض قطعًا، لكن أن تأتي كُلّ أشكال وألوان قوى النفاق والإجرام والطغيان من كُلّ أرجاء الدنيا من شرقها ومن غربها على مستوى القارات وليس فقط البلدان، ليتعاونوا جميعًا على ظلمنا في اليمن، طبيعي ما به مشكلة! بل الكل مدعوون لذلك من جانب الأمريكي ومن جانب السعودي الكل مدعوون لأن يشاركوا ويتعاونوا علينا في اليمن، وأن يكون التحَـرّك ضدنا كشعب يمني تحت عنوان تحالف دولي.
القوى الحرة المظلومة المستقلة النظيفة الشريفة المستقلة الحرة في المنطقة يجرم بينها أي قدر أَوْ مستوى من التعاون والتعاطف، حتى التعاطف جريمة، حتى بالصوت جريمة، وجريمة ما أَكْبَـر منها ويكفي أن تكون دعاية، دعاية كبيرة مثلًا اليوم يعتبر أي تعاطف إيراني معنا كشعب يمني مظلوم جريمة وأمر ندان به، ومطلوب منا في اليمن أن نعتبر أنه ليس لأحد أن يتعاون معنا بأي قدر من التعاون وأن نعتبر ذلك مسبّةً وعيبًا ومشكلة وأمرًا خطيرًا و إلى آخره، وأن تكون نظرتنا على هذا النحو لا أحد يتعاطف معنا ولا أحد يتعاون معنا لأن هذا غلط يعني، غلط كبير لكن ليتعاون الجميع علينا جيد هذا أمر جيد، يعني بالنسبة لهم للأعداء أن يأتي الإماراتي والسعودي والأمريكي والإسرائيلي وكُلٌّ يسهم ويلف معهم دولًا عربية أُخْـرَى ودولًا من العالم الإسْلَامي ودولًا حتى من أمريكا اللاتينية، أتى من الأرجنتين أتى من كولومبيا، أتى من دول كثيرة جدًا مقاتلون في بلاك ووتر ليشاركوا عندنا في اليمن ما هناك مشكلة.
علينا مسؤولية في أن نتعاون
هذه قواعد باطلة لسنا معنيين أبدًا، لسنا معنيين أبدًا أبدًا أبدًا أن نعترفَ بها، بل إن علينا مسؤولية كُلّ المظلومين، كُلّ المظلومين في هذه الأُمَّـة وفي كُلّ أقطارها، والله علينا مسؤولية في أن نتعاون، أن يكون لنا الصوت الواحد تجمعنا المظلومية الواحدة، وتجمعنا الكثير من الروابط الأساسية والمهمة، مهم جدًا ومسؤولية علينا أن نتعاون، وأن نتكاتف، وأن تتظافر الجهود لدفع هذه المظلومية؛ لأننا مظلومون جميعًا ومعتدىً علينا بشكل عام، ولسنا معنيين بأن نذعن لما يريده الآخرون منّا، لا باستسلام ولا بركوع وصمت ولا بأي شيء، هذه مسألة واضحة.
لا مصلحة لمن تجنّدوا مخلصين بأنفسهم وبأموالهم مع أمريكا ولخدمة مصالح إسرائيل
أَيْـضاً لاحظوا، أولئك الذين اتجهوا في خيار الولاء والعمالة وتجنّدوا جنودًا مخلصين بأنفسهم وبأموالهم مع أمريكا ولخدمة مصالح إسرائيل هؤلاء هل يمثل هذا حلًا بالنسبة إليهم ومصلحة بالنسبة لهم؟ لا.
هم الذين هم في أَكْبَـر خطأ، هم الذين تقلّدوا العار الأبدي والخزي الأبدي، هم الذين تنصبُّ عليهم اللعنات لدى كُلّ الأجيال المقبلة، هم الذين نكبوا الأُمَّـة، هم الذين أسهموا في جَرّ الويلات على هذه الأُمَّـة، هم الذين أسهموا في خدمة أعداء الأُمَّـة وفي النهاية هم خاسرون.
تتولّاهم بأن تتحَـرّك لتنفيذ أجندتهم
أولاً: على المستوى الشرعي باعتبارهم ينتمون إلى الإسْلَام، والبعض منهم يقدم نفسَه أنه خليفة المسلمين، وأنه هو الإسْلَام الحق، الإسْلَام والقُـرْآن يقول (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ).
يا أيها النظام السعودي أنت بحكم الله في كتابه الكريم بآياته الناطقة أمريكي متأمرك متصهين، أنت تحشر يوم القيامة مع الصهاينة، كما قاتلت لمصلحتهم في الدنيا كما عملت لهم الكثير والكثير، وقدّمت لهم الكثير من الخدمات، بولائك لهم أنت محسوبٌ عند الله معهم وفي صفهم، ومحسوب هالك معهم، محسوب معهم في كُلّ شيء، في ما يقلدون به من عار وخزي، وفيما هم موعودون به من عذاب الله ومن سخط الله، (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
إنه من الحتمي أن من يتولهم فإنه يصبح ظالماً.. تتولّاهم كيف؟ تتحَـرّك لتنفيذ أجندتهم كُلّ أجندتهم ظالمة، تتحَـرّك لتنفيذ مؤامراتهم وكلها ظلم تصبح واحداً من الظالمين في هذا العالم ظالم، ظالم.
مَن يتولى أمريكا يخسر مرتين
ثم عندما نأتي إلى الاعتبارات الأُخْـرَى هذا باعتبار الدين باعتبار الهُوية، باعتبار القُـرْآن باعتبار الإسْلَام عندما نأتي إلى اعتبار المصلحة هل أنت مستفيد؟ لا قد تظن بأنك مستفيد أنت تخسر وستخسر مرتين المرة الأولى وأنت تنفذ أجندتهم ومؤامراتهم تقدم التضحيات البشرية تخسر مادياً تنفق الأموال الهائلة المليارات الكبيرة التي أوصلت اقْتصَادك إلى وضعية مأزومة بكل ما تعنيه الكلمة، هذا أولاً الخسارة الكبيرة على مستوى الخسائر البشرية والمادية والأَخْلَاقية والإنْسَانية وغير ذلك، ثم ستخسر بعد ذلك حينما تكمل ما أرادو منك أن تفعله، وقد خسرت الكثير وضحيت بالكثير وأدخلت نفسَك في متاهات كبيرة وجرائم فضيعة وتبعات في الدنيا والآخرة كثيرة يقومون بسحقك بخذلانك بالقضاء عليك، ولا يقدرون لك بمثقال ذرة كجميل ما قدمته إليهم، حصل هذا، حصل لزعماء وحصل لأنظمة البعض حارب سنوات طويلة معهم فعل كُلّ شَيء من أجلهم قدم خدمات جليلة لهم، ضحى بتضحيات جسيمة وهائلة من أجلهم، اللحظة التي رأوا فيها أن مصلحتهم في التخلص من هذا الزعيم أَوْ من هذا النظام أَوْ من هذا الرئيس، هنا أَوْ هناك، أَوْ من هذا التيار أَوْ من هذا الطرف أَوْ من هذا الشخص، من مستوى كيان إلى مستوى شخص بسرعة يتولون القضاء عليه أَوْ يساعدون في القضاء عليه، ويوظفون ذلك لمصلحة أُخْـرَى، هذا يحدث وسيحدثـ إن الله في سورة المائدة توعد الذين غرقوا في الولاء لهم بالخسران والندم في عاقبتهم كعاقبة حتمية.
لا مناصَ لنا كشعوب إلا التحمّل للمسؤولية في مواجهة الخطر
من هنا كان تحَـرّكنا في هذا المشروع القُـرْآني وانطلق الشَّهِيْـد القائد رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ في هذا المشروع القُـرْآني النهضوي الاسْتقْلَالي المتحرّر لمواجهة هذه الأخطار التي طغت، ومنذ ذلك اليوم من أول لحظة تحَـرّك بها في هذا المشروع ضمن هذه القضية العادلة وإلى حين استشهاده، ومنذ استشهاده وإلى اليوم على مدى ستة عشر عاماً، كُلّ الأحداث كُلّ المتغيرات كُلّ المواقف تمثل شواهد ودلائل على ضرورة هذا التحَـرّك وعلى ضرورة هذا الموقف، وأنه لا مناص لنا لا خيار لنا كشعوب في مواجهة هذا الخطر، إلا التحمل للمسؤولية.
الاستسلام يسهّل على الأعداء قتلَنا واحتلال بلداننا
لا الاستسلام خياراً ناجحاً ولا خياراً مجدياً، ولا يمكن أن يقينا أي شر ولا أن يدفع عنا أي خطر، بل يسهل على الأعداء قتلنا وإبادتنا وإهانتنا وإذلالنا واستعبادنا وقهرنا واحتلال بلداننا بدون كلفة ونهب ثرواتنا بدون أية متاعب، ولا خيار العمالة خياراً صحيحاً؛ لأنه يتناقَضُ مع هُويتنا مع مبادئنا مع قيمنا مع كرامتنا الإنْسَانية؛ ولأن له مخاطرَ علينا؛ لأن معناه أننا نذهب من الأول ومن اللحظة الأولى لنملّك أعداءَنا أنفسَنا وثرواتنا وبلداننا.
معنى العمالة أنهم ملّكوا الأمريكي أنفسهم والمال والوطن والثروة والموقف
هذا هو معنى العمالة الذين هم اليوم في خط العمالة والولاء لأمريكا وإسرائيل ملّكوا الأمريكي أنفسهم والمال والوطن والثروة والموقف، وتحَـرّكوا على حسب ما يريد لا مشكورين ولا مقدورين ليس لهم قدر ولا اعتبار ولا كرامة، خدام حينما يكملون ما يراد منهم يتخلص منهم، الخيار الصحيح الذي يفرضه الله علينا كمسلمين مأمورين أن نسعى لإقامة القسط وللقيام بالعدل في الساحات العالمية.. دعك عن أنفسنا، الله لا يرضى أن نقبل بالظلم على أنفسنا ولا أن نقبل بالذل ولا بالهوان على أنفسنا ولا أن نبيع أنفسنا، ولا أوطاننا ولا ثرواتنا ولا أي شيء، هذا غير مقبول عند الله منا، يعذبنا عليه يوم القيامة بجنبهم، ويعذبنا عليه في الدنيا بالخزي والهوان والتسليط، وأن يسلبنا النصر.
الخيارُ الصحيحُ أن نقاوم وأن نجاهد
الخيارُ الصحيحُ الذي يرتضيه الله لنا والذي ينسجم مع كرامتنا الإنْسَانية، وحقنا الإنْسَاني في القانون الدولي في مواثيق الأمم المتحدة المتعارف عليه بين البشر في أعراف البشر أن نقاوم وأن نجاهد وأن نتصدى لهذه الأخطار، أن نتصدى لهذه الهجمة، سواء من خلال أدواتها الذين تشغلهم أمريكا بشكل مباشر منها، أَوْ من خلال التدخل الأمريكي المباشر في كلتا الحالتين، كلاهما موجودان، الأمريكي يتدخل بشكل مباشر في مستويات معينة، ويزُجُّ بأدواته هذه لتتولى التبعات بشكل أَكْبَـر، وتكون هي في المقدمة، نحن معنيون بحكم المسؤولية أمام الله أمام أنفسنا أمام أجيالنا اللاحقة.
ونحن في هذا الشعب اليمني العظيم نحن في الحالة الراهنة نحن نتصدى لهذا العدوان، من كُلّ فئات هذا الشعب ومن كُلّ مُكَوّناته هذا الشعب معنيون بحكم المسؤولية أمام الله، وبحكم المسؤولية أمام أنفسنا وأمام أجيالنا أن نتحَـرّك بكل جد وأن نتصدى للعدوان، الذي تشرف عليه أمريكا وتتحَـرّك فيه بأدواتها الإقليمية، بالنظام السعودي المستكبر الخائن لله وللحرَمين وللأمة الإسْلَامية والإسْلَام، الخائن للجوار وحق الجوار، وللنظام الإماراتي المجرم الأرعن المستكبر الغشوم، الذي يلعب دوراً خدوماً لصالح أمريكا وإسرائيل، أولئك ليسوا في مستوى أن يلعبوا هذا الدور بأنفسهم، الإماراتي بنفسه لا يحمي حتى قصوره إلّا بإشراف خارجي من يدير حراستهم الخاصة، من يتولى إدَارَة حماية قصورهم هو الأجنبي.
في المندب وميون وسقطرى.. السعودي والإماراتي يلعبان دور المحتل لصالح الأمريكي
هل هؤلاء في مستوى أن يكون لأنفسهم دور إقليمي وأن يتحكموا هم بأنفسهم لأنفسهم في باب المندب وفي جزيرة ميون؟ لا، هو يريد أن يلعب دور المحتل لمحتل، يعني محتل لصالح الأمريكي الإماراتي يفعل ذلك والنظام السعودي يفعل ذلك، وأَصْبَـحوا مفضوحين وأَصْبَـحت المسألة واضحة، لاحظوا حينما يذهب الإماراتي لاحتلال سقطرى، وسقطرى هناك جزيرة نائية في البحر العربي، ليس هناك مشاكل حربية ولا قتال، ليس هناك أحد يقاتل باسم أنصار الله ولا باسم المؤتمر الشعبي العام ولا باسم أي مُكَوّن من المُكَوّنات الحرة في هذه البلد التي تتصدى لهذا العدوان، يعني وضع طبيعي وعادي ومستقر نوعاً ما، ليس هناك أي حركة تحرّرية هناك.
الإماراتي مع كُلّ ذلك لا يكتفي بوجود عملائه من البلد وجود جماعة عبدربه أَوْ جماعة من القاعدة مثلاً أَوْ جماعات من داعش، أَوْ أي طرف من أدواته في البلد لا يكتفي، يذهَبُ ليحتلَّ جزيرة سقطرى، ويحرص على أن يمتلكَ وثيقةً يوقّع عليها عملاؤه من البلد عبدربه وغيره؛ ليعملوا صك تمليك لهذه الجزيرة، جزيرة لا عليها مشكلات قتال ليس فيها جبهة عسكرية، ليست المسألة إلا مسألة احتلال، تصرفاتهم اليوم في حضرموت كلها تصرفات احتلال، طريقتهم في السيطرة على الموانئ والمطارات والقواعد الاستراتيجية، كلها شغل احتلال، مع الأمريكي وللأمريكي، ما يفعله السعودي كذلك، هو كله شغل احتلال وشغل سيطرة وشغل تدخل للاستعمار لصالح الأمريكي، كلهم يفعل ذلك لصالح الأمريكي، كلهم ليس له أَكْثَـر من هذا الدور ولا مستوى أَكْبَـر لقيد أنملة، أبدا، في هذا فقط.
دورُ العمالة أَوْ اتجاه الاستسلام.. كلاهما خياراتٌ غيرُ مجدية لا تدفع عنا خطراً ولا تقينا شراً
أَيْـضاً اليوم يا إخوة في هذا البلد أقول للجميع كُلّ ما يحدث اليوم هذا العدوان بكل ما فيه، وما حدث قبله من تطورات وأحداث ومشاكل ومستوى التدخلات الخارجية والدور الأمريكي الرئيسي فيها شاهد على أننا معنيون كيمنيين أن نبنيَ أنفسَنا على أننا شعبٌ مستهدَفٌ ومن أمة مستهدفة، مستهدفة كُلّ الأُمَّـة من حولنا ونحن جزء منها، مستهدفون كشعب يمني ومن أمة مستهدفة، معنيون بكل ما يمكن أن نستفيد منه في بناء واقعنا لنواجه هذا الاستهداف وهذا التحدّي وهذه الأخطار، الكثير كانوا في الماضي يصيحون علينا ويصرخون في وجوهنا ويعادوننا بأشد ما يكون من عداء؛ حتى لا نتحدث أي حديث عن الخطر الأمريكي ولا عن الخطر الإسرائيلي، ولا نقول شيئاً من ذلك والكثير، كانت رهاناتهم على دور هنا أَوْ دور هناك، إما ضمن دور العمالة والولاء، وإما ضمن دَور أَوْ اتجاه للاستسلام واتجاه الاستسلام والخنوع، لا هذا يفيد ولا ذاك يفيد، كلاهما خيارات غير ناجحة غير مجدية غير مفيدة لا تدفع عنا خطراً ولا تقينا شراً، الشر قادم لا محالة علينا في اليمن وعلى كُلّ بلدان المنطقة، الأمريكي بشرِّه الإسرائيلي بشرِّه، أدواتهم الإجرامية، أنظمة وجماعات وتيارات تشتغل إجراميا لصالحهم، وتشتغل لتنفيذ أجندتهم الخطيرة جدّاً التي هي كلها شر وكلها خطر، أمر بات قائماً، بات قائما، لا التجاهل يدفعه، لا التغاضي واللامبالاة يقيك ولا…!
المسؤولية والعمل والاستفادة من كُلّ ما من شأنه أن يساعدنا في مواجهة هذا الخطر وهذا الشر وهذا التحدي.
العاملُ المعنوي أولُ ما نحتاجه في هذه المعركة
على المستوى المعنوي، نحتاج إلى معنويات عالية، وأول عامل نحتاج إليه في هذه المعركة لمواجهة هذا الخطر، هو العامل المعنوي، نحتاج إلى الإيْمَان إلى الصبر إلى العزم إلى اليقين، نحتاج إلى المبدأ نحتاج إلى المبدأ، إذاً أنا أحملُ إيْمَاناً بالله، إيْمَاناً بملائكته، إيْمَاناً بكتابه، إيْمَاناً برُسُله، إيْمَاناً راسخاً يحتّمُ عليَّ هذا الإيْمَان ألا أقبل بالعبودية لأي طاغوت لأي مجرم لأي منافق لأي عميل، هذا المبدأ سيساعدني على أن أصمد مهما كانت التحَدِّيـَّـات مهما كانت الأخطار مهما كانت الظروف مهما كان مستوى التضحية ومهما كان مستوى الثمن، إذا أنا أتربّى تربية الإيْمَان بأن أكون عزيزاً، والعزة هذه استوطنت قلبي وسكنت فؤادي، وأَصْبَـحت مزيجاً في لحمي وعظمي ودمّي وجلدي وشعَري وبشري، فلا أقبل أبداً أبداً أبداً بالهوان، حتى لو تحولت إلى ذرات في الهواء، إذا أنا أَصْبَـح الاسْتقْلَال لديّ جزءاً من هُويتي، جزءاً من قيمي، جُزءاً من أَخْلَاقي وحريتي، جُزءاً من كرامتي، وجزءاً من ديني ويقيني وإيْمَاني، هذا يساعدني على الصمود والثبات، صمود جبالنا هذه، صمود نقم وصمود عطان، صمود عطان حتى في مواجهة القنبلة الفراغية، صمود كُلّ جبال اليمن وأَكْثَـر من ذلك وأَكْثَـر حتى من الجبال.
إذاً نحن معنيون على المستوى المعنوي بالحفاظ على المبادئ والقيم والأَخْلَاق التي هي الضامن الأَكْبَـر لصمودنا وثباتنا في مواجهة هذه التحَدِّيـَّـات.
اثنين/ على المستوى الوسائل العملية وعلى مستوى كُلّ الأشياء المهمة، الحفاظ على وحدة صفنا الداخلي، هذه مسؤولية علينا جميعاً، مسؤولية على أنصار الله، على المؤتمر، على كُلّ المُكَوّنات في هذا البلد، مسؤولية علينا، من يفرط في هذه المسؤولية ويتنكر لها ويتحَـرَّك عكساً عنها، فهو مذنب ومجرم أمام الله وأما شعبه، وأمام وطنه، مسؤولية علينا أن تتوحد كُلّ جهودنا، وتتظافر كُلّ جهودنا ويتوحد صفنا في مواجهة هذا الخطر، هو خطر علينا جميعاً، خطر علينا جَميعاً وعلى بلدنا وعلى مستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة، معنيون بالتوحد، معنيون بالتعاون، معنيون بكل ما من شأنه أن يساعد على ذلك.
لا غلط في القول بتطهير مؤسسات الدولة من العملاء والفاسدين
لاحظوا في كلمة مرور عامين على العدوان، تحدثنا على نقاط مهمة، اثنتي عشرة نقطة تتعلق بالجانب الرسمي، كُلّ منها مهمة، يعني إذا تأملت فيها يقتضيها الواقع وتقتضيها الظروف، وليس هناك أية نقطة منها، مستفزة، ولا انطلقنا فيها من مصالحَ فئوية ولا شيء، حينما نقولُ تفعيل مُؤسّسات الدولة لخدمة الشعب ولمواجهة العدوان، وتطهيرها من الخونة والعملاء، هل في ذلك غلط؟ هي فيه أمر يستفز أي إنْسَان سليم، سليم، ومتوجّه بجدية لمواجهة العدوان، حينما نقول تفعيل الأجهزة الرقابية للحيلولة دون الفساد في مُؤسّسات الدولة، هل في ذلك غلط؟ والله ليس فيه ذرة من الغلط، كلام طبيعي كلام سليم، نصيحة طيبة كلام منطقي، ليس فيه محك على أحد ولا خلل على أحد، إلا على الإنْسَان الذي يريد أن يكون فاسداً، وأن يتشبث بالفساد وينزعج من ذلك، حينما نقول يجب تفعيل القضاء لخدمة المجتمع وحل مشاكله وكذلك للتصَـدِّي للخلايا الإجرامية التي تشتغل لصالح الإعداء، هل ذلك خطأ أَوْ غلط؟ لا، كلام منطقي، صح إذا كانت المسألة بحسابات الأعداء بحسابات العمالة بحسابات الخيانة، ممكن أحد ينزعج من ذلك أشد ما يكون الانزعاج وطبيعي جدّاً أن ينزعج، يضرب برأسه كما قلنا في كلمة سابقة، تجاه موضوع آخر، في أصلب صخرة في اليمن، بل يجمع في كُلّ ما في اليمن من حديد صلب ويضرب برأسه في كُلّ قطة منها.
إذا جينا لبقية النقاط، العناية بالموارد المالية، العناية بالشأن الاقْتصَادي، إعطاء الأولوية لخدمة المواطنين والتصَـدِّي للعدوان، كُلّ النقاط الاثنتي عشرة، هي واضحة وتحدثنا عنها، كلها طبيعية ليس فيها ما يستفز أي إنْسَان منصف وسليم، كذلك النقاط المتعلقة بالواقع الشعبي والواقع الداخلي وتظافر الجهود من جميع المُكَوّنات وتفعيل آلية العمل المشترك، والالتفات إلى كُلّ المعانين من أَبْنَـاء هذا الشعب والمحرومين والبائسين والجوعى مع ظروف الحرب، كله كلام طبيعي.
قانون جديد للزكاة
من جديد أَيْـضاً أوجه مطالبتي -أنا مواطن ومن حقي أن أطالب- مطالبتي الملحة على أن يكون هناك قانون جديد للزكاة يراعي فيها أنها ركن من أركان الإسْلَام وفريضة من فرائض الله ولها مصارف حددها الله ربنا في كتابه الكريم، الفقراء، طبيعي، اليوم الفقراء هم الطبقة الأَكْثَـر انتشارا في هذا الشعب الذي كان فقيرا من قبل العدوان، وزادت حالة الفقر ما بعد العدوان، أَيْـضاً أوجّه مطالبتي للحكومة والمجلس الأعلى، وكذلك أؤكد على أهمية مساندة الحكومة والمجلس السياسي الأعلى في ذلك على العناية القصوى، بالإيرادات المالية لتوفير ما أمكن من المرتبات والاستعداد لشهر رمضان في ذلك.
نداءٌ للعناية بمعركة الساحل وبكل الجبهات
أوجّه من جديد ندائي وتأكيدي في وسطنا الشعبي وفي وسطنا الرسمي على العناية بمعركة الساحل وبكل الجبهات، معركة الساحل التوجه الأخير الذي يركز على الساحل، وكذلك التركيز على جبهة نهم، التركيز على باقي الجبهات لكن لتُعطى كُلّ جبهة ما تستحقه وما يقابلها من تركيز من جانب الأعداء، هذه مسؤولية علنا جميعاً.
أسألُ اللهَ سُبْحَانَـهُ وتعالى أن ينصُرَ شعبَنا المظلوم، أن يرحَمَ شهداءَنا، أن يرحَمَ الشَّهِيْـدَ القائدَ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ، نسألُ اللهَ سُبْحَانَـهُ وتعالى أن يفكَّ أسرانا، وأن يفرّجَ عنهم، وأن يشفي جرحانا.. إنّه سميعُ الدعاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ..