جولة جديدة من المفاوضات اليمنية.. تحركات أممية مشبوهة
يمانيون / تقارير / صحيفة البديل المصرية
بعد محاولات سابقة فاشلة للمبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من أجل إنهاء الحرب هناك، مرة جديدة يعود إلى اليمن في مسعى لاستئناف مشاورات السلام اليمنية المتوقفة منذ أواخر العام الماضي.
المشاورات اليمنية متوقفة، ومحاولات استئنافها متعثرة، لا سلاسة في مجريات التباحث، ولا جديد حتى الآن في أوراق المبعوث الأممي إلى اليمن، فحقيبته مثقلة بالأعباء، شهر رمضان بدأ يقترب والطرح الحالي هو ضرورة وقف إطلاق النار خلال الشهر الكريم، والشروع في المفاوضات السياسية فيما بعد، في مسعى لتحريك الملف السياسي المتوقف منذ مشاورات الكويت، مع التأكيد على الشروط الثلاثية في أي مفاوضات يمنية، وهي مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، قبل الغوص في ألغام قضايا وقف إطلاق النار وتسليم السلطة أو الأسلحة وإطلاق المعتقلين لدى الطرفين.
ويتوجه ولد الشيخ إلى السعودية أيضًا، حيث تكمن العقدة والحل في آن واحد، على الرغم من ترجيح أن تعقد الجولة المقبلة في مكان آخر، كالكويت كما في السابق أو جنيف.
وفي أول ردود فعل مع الحراك الأممي، تجاوب الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، مع فكرة المفاوضات، لكنه شدد في الوقت نفسه على فكرة الندية في التعاطي مع الرياض.
وهنا نجد أن متاهات كثيرة تشوب أروقة السياسة، لكن في ساحة الميدان، فتبدو معادلتها أوضح فهناك الضغط الحقيقي وكلمة الفصل التي تجبر الجميع في النهاية على العودة إلى طاولة المباحثات.
المفاوضات اليمنية الجديدة
من الصعب في الظروف الراهنة الحديث عن أرضية للمفاوضات اليمنية اليمنية، فالحديث على أن هذه المفاوضات ستعقد قبل رمضان يزيد من صعوبة انعقادها فرمضان بات على الأبواب، كما أنه مازال هناك انعدام للثقة في دور الأمم المتحدة، فدور ولد الشيخ هامشي لا يقدم ولا يؤخر كثيرًا، حيث يقوم بلقاءات هامشية وروتينية لا تلامس جوهر الخلاف في حقيقته، فمبعوث الأمم المتحدة لا يمتلك رؤية ولا مشروع ولا حتى قرار مستقل، ومنذ توقف مشاورات الكويت وحتى اليوم، ولد الشيخ لم يقدم أي شيء جديد، حتى أنه يتغاضى ربما عن قصد او غير قصد عن موقف المملكة السعودية ومن تدعمهم في رفضهم لمناقشة موضوع الخارطة السياسية التي قدمها ولد الشيخ نفسه والتي وافق عليها المؤتمر الشعبي العام وحركة أنصار الله كأرضية للنقاش، وبالتالي لا فائدة ترجو من عودة المبعوث الأممي إلى المنطقة.
تحركات مشبوهة
تحركات المبعوث الأممي في هذا التوقيت تثير جدلًا كبيرًا، فغالبًا ما تتناغم تحركاته مع أجندة سعودية أمريكية، فمنذ آخر جولة تفاوضية بين اليمنيين في الكويت، أتاحت الأمم المتحدة الفرصة للسعودية وحلفائها للحسم عسكريًا، وظلت تتفرج كل هذه المدة، وحتى وقت قريب لم نسمع أي صوت أممي فيما يخص حتى المأساة الإنسانية التي عصفت باليمن، كالجوع ووباء الكوليرا ووفيات الأطفال، ويرى مراقبون، أنه عندما تبحث المملكة عن محاولة إيجاد ثغرات في الصف الوطني يبدأ ولد الشيخ بالتحرك، وفي هذا التوقيت قد تكون لتحركاته علاقة بما يسمي بالقمة الإسلامية الأمريكية برئاسة ترامب والتي تعقد في 21 من الشهر الجاري، وما إذا كانت هذه القمة تحوي على قرارات أو تحركات تخص اليمن، فربما يراد من ولد الشيخ في هذه المرحلة أن يمثل الغطاء السياسي لإزالة أي مسؤولية عن الأمم المتحدة والتي تتمثل في أنها عرضت الحل السياسي على الفرقاء اليمنيين لكنهم رفضوا، حيث يتم الحديث الآن على أن أمريكا هي التي ستقود معركة الساحل الغربي في اليمن، وهنا يجب أن لا ننسى أن الدور الأمريكي في اليمن موجود منذ اليوم الأول على اليمن، حتى أن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أعلن الحرب على اليمن عبر الأراضي الأمريكية عندما كان سفيرًا للسعودية في واشنطن في 26 من مارس 2015، كما أن الولايات المتحدة تقدم دعمًا لوجستيًا ومخابراتيًا وعبر أقمارها الصناعية للمملكة، كما تزود طائراتها مقاتلات تحالف العدوان بالوقود جوًا، وقبل أيام أفادت معلومات إعلامية عن وجود صفقات جديدة بين البنتاجون والسعودية.
تحركات ولد الشيخ تأتي أيضًا في ظل ترويج إعلامي وسياسي سعودي لخلافات تطال حلفاء المقاومة اليمنية ضد العدوان السعودي على اليمن، وهم أنصار الله والمؤتمر الشعبي، حيث قال ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إن الرئيس اليمني السابق، علي صالح، يترقب الفرصة للخروج من صنعاء لإعلان موقفه الحقيقي، قادة من المؤتمر وأنصار الله قالوا إن كلام بن سلمان يعكس الرغبة السعودية في تفكيك التحالف اليمني لا الواقع.
وبالنسبة لما نشرته وكالة واس السعودية، فقد فنده في اليوم نفسه خطاب لعلي صالح، هاجم من خلاله السعودية وحلفاءها، وأكد على ضرورة أن تتحاور مع الطرف الفاعل والحاكم في صنعاء، صالح كان قد كشف في خطابه ما قبل الأخير رفضه لعروض أمريكية سعودية للتحاور معه بمعزل عن حركة أنصار الله، الأمر ذاته أكده زعيم أنصار الله، عبد الملك الحوثي، الذي لم تخلو خطاباته الأخيرة من الإشارة إلى عمق الشراكة مع المؤتمر الشعبي.
ويرى مراقبون أن هناك خلافات أو اختلافات بين المؤتمر وأنصار الله، لكنها لا ترقى إلى تفكيك الوحدة الوطنية بينهما، وتتمحور هذه الخلافات في مسائل إجرائية تتعلق بإدارة الدولة، كمشكلة رواتب الموظفين وغيرها من المشاكل، إلا أن هذا الأمر طبيعي في ظل تسيير شؤون بلد كاليمن بكل إشكالياته وحروبه، ولكن سقف هذه المشاكل يندرج تحت المجلس السياسي المشترك بين المؤتمر وأنصار الله، وهو المرجعية الذي يفترض أن تحل فيه كل الاشكالات.