الكوليرا يفتك بالناجين من أطفال اليمن وسط غياب مخجل للمنظمات الإنسانية
يخطو أطفال اليمن بأقدامهم العارية أرصفة اليمن، بحثاً عن الامان. يتشردون في بلدهم بمآسيهم، وأحزانهم.
أطفال اليمن الذين يحملون طفولتهم على ملامحهم البريئة، ويعرضونها صباحاً ومساءً على أرصفة الحاجة والضياع. هم طبعاً لا يعرفون ساعة الصفر التي بدأت عندها حكاياتهم الدموية.
لا يعرفون كيف تدحرجت المصائب لتسقط على رؤوسهم.
يمانيون – متابعات :
المسألة أصبحت أخطر من شبح العدوان السعودي، هي كارثة إنسانية أكبر في اليمن. تزايدت في الآونة الأخيرة الحالات المصابة بوباء “الكوليرا” بوتيرة متسارعة، وذلك منذ السابع والعشرين من نيسان الماضي في العاصمة صنعاء ومحافظات يمنية، حيث أعلنت وزارة الصحة اليمنية حال الطوارئ صحياً في العاصمة صنعاء. ما زاد من معاناة الشعب اليمني معاناة، ومن آلامه آلاما، ومن سيلان دمه دماء.
“الوضع كارثي ومأسوي ، ولو قدر لي أن أجد تعبيراً أشد لعبرت به”، بهذه الصورة يصف منسق مركز “الترصد الوبائي في مدينة صنعاء” محمد قاسم الوضع اليمني، مشيراً الى أن الظروف المعيشية القاسية بالاضافة الى النظام الصحي شبه المشلول أدى إلى أثار كارثية للمرضى اليمنيين خصوصاً وسط تفشي مرض “الكوليرا”.
ويتابع في حديث لموقع ” العهد ” الاخباري: “كان لأثر الحرب عواقب وخيمة بوجه الخصوص على الفئات الضعيفة كالعجّز والمواليد والأطفال الصغار. وإن الأمراض التي كانت سهلة العلاج في اليمن يوماً ما أصبحت أشبه بحكم الإعدام اليوم”.
يذكر أن منظمة الصحة العالمية أعلنت عن وفاة 51 شخصا جراء مرض “الكوليرا” و”الإسهالات المائية” الحادة، في مناطق يمنية مختلفة، إضافة لوجود 2752 حالة اشتباه بالإصابة بالمرض.
“الكوليرا” عبارة عن عدوى بكتيرية معوية حادة تنشأ بسبب تناول طعام أو ماء ملوث ببكتيريا الضمة الكوليرية (Vibrio Cholerae)، وتصيب هذه العدوى الجهاز الهضمي خاصة الأمعاء الدقيقة، وتعد من أمراض الإسهال الحادة التي يمكن أن تصيب الأطفال والبالغين على حد سواء .
وبحسب بيانات وزارة الصحة اليمنية، فإن 8595 حالة يشتبه في اصابتها بوباء الكوليرا، فقد توفي 115 شخصًا في 14 محافظة دهمها الوباء، وقد تكون الاعداد غير الرسمية ضعف ذلك.
في هذا الصدد يقول قاسم إن منظمة الصحة العالمية بالاضافة الى وزارة الصحة اليمنية قامتا ببعض الجهود وإن لم تكن بالقدر المطلوب. من إنشاء مراكز للمعالجة وتوفير الادوية والطاقم الطبي. لكن ظروف الحرب والحصار حالا دون توسيع هذه الجهود.
قاسم يؤكد أن العلاج حالياً يكون بالتوعية لتخفيف عدد الاصابات، مشيراً الى أن “مركز الترصد الوبائي” و الوزرات المعنية كالصحة والمياه، قامت بدورها بعدة حملات تثقيفية للتوعية على ضرورة الوقاية من المرض قبل الاصابة به.
ويناشد عبر موقعنا المنظمات الدولية والدول العربية للتحرك والدعم لأن اليمن يحتاج للدعم أكثر من أي وقت مضى.
منظمة الصحة العالمية لم تتحمل مسؤوليتها الكاملة
“الوضع الكارثي” عبارة يوافق عليها الخبير في القانون الدولي حسن جوني، الذي يعتبر أن في اليمن انتهاكًا واضحًا وصريحًا لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني، ويشكل جريمة حرب.
ويؤكد في حديثه لـ “العهد ” أن الحل الدائم والوحيد لهذا الوضع هو إنهاء الصراع. والمطلوب الإيقاف الفوري والفعال لإطلاق النار وإيجاد حلول سياسية لإيقاف العنف ضد الأطفال والنساء خصوصا،ً والسماح للمنظمات الإغاثية بممارسة عملها بشكل امن.
ويتطرق جوني الى دور “اللجنة الدولية للصليب الاحمر” التي تقوم ببعض الجهود لمحاربة الوباء بقدر المستطاع، داعياً “مجلس الامن الدولي” و”الجمعية العامة للامم المتحدة” للتحرك السريع لمعالجة القضية.
ويقول جوني في هذا السياق إن “الجمعية العامة” و”مجلس الامن” يتحدثان دائماً حول اعطاء الدول المحاصرة الحق في المساعدة. ولم نلحظ أي تقدم وجديد في اعطاء هذا الحق للشعب اليمني، في ظل غياب دور المنظمات العالمية كمنظمة الصحة العالمية التي لم تضع النقاط على الحروف ولم تتحمل مسؤوليتها الكاملة”.
ويستنكر جوني الانتهاك الواضح والصريح لـ “القانون الدولي الانساني” و”اتفاقيات جنيف الاربع”، خصوصاً البنود التي تنص أن “على الدولة المحاصرة في حالة الحرب أن تسمح بمرور الاغاثة للمدنيين وتزويدهم بما يحتاجون من غذاء ودواء وملابس”.
ويضيف استاذ القانون الدولي “هذا الى جانب التجاهل الصارخ للقانون الإنساني الدولي الذي يعطي حماية خاصة للأطفال والعجز والنساء الى جانب الحماية كمدنيين”. بالإضافة الى الحماية الخاصة في القانون الدولي للجهاز الطبي وكل ما له علاقة بالاغاثة.
ويؤكد جوني في معرض حديثه أن ما يحدث من جرائم حرب في اليمن يشكل انتهاكًا واضحًا للمادة السادسة من “العهد الدولي المتعلق بالحقوق السياسية والمدنية”، وهو الحق في الحياة.
جوني يعتبر أن هذه الانتهاكات تدق ناقوس الخطر في اليمن، حيث يتحمل المدنيون وطأة العنف الدائر وقد أدت هذه الظروف الصحية إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الخانقة علاوة على سنتين من الفقر والحصار والعدوان، مما تسبب بمعاناة هائلة.
*ايمان مصطفى – العهد