قوانين الفيسبوك : لا يمكنك الدعوة لقتل ترامب لكن يمكنك التهديد بخنق النساء!
يمانيون -متابعات
كشفت وثائق داخلية من شركة فيسبوك أن قواعد الشركة لا تحظر نشر محتوى يتضمن التهديد بخنق النساء وضرب الأطفال.
وتم الكشِفَ عن الإرشادات والقواعد السرية لموقع فيسبوك، بشأن المحتوى الذي يمكن لمستخدمي شبكة التواصل الاجتماعي، البالغ عددهم ملياري مستخدم، نشره على الموقع، وذلك لأول مرة من خلال تحقيق استقصائي لصحيفة الغارديان البريطانية. وسيؤدي هذا الكشف إلى إشعال جدلٍ عالمي بشأن دور شبكة التواصل الاجتماعي العملاقة والأخلاقيات الحاكمة لها.
ونقل موقع قناة الجزيرة عن الصحيفة أن تحديات جديدة مثل “الانتقام الإباحي”، أي حين ينشر أحد طرفي علاقة صوراً إباحية للطرف الآخر انتقاماً منه، قد أربكت المشرفين في فيسبوك الذين لا يكون أمامهم سوى “10 ثوانٍ فقط” لاتخاذ قرار ما إذا كان يتوجب حذف المحتوى أم لا.
وكان مارك زوكربيرغ، مؤسس ورئيس موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قد أعلن في عام 2015 عن قوانين جديدة تتعلق بحظر المحتويات العنيفة والإباحية والهجومية، لكن دون التأثير على حرية تبادل المحتويات، التي قال إنه يحرص على تشجيعها.
وحسب هذه القوانين، يستمر حظر المنظمات الإرهابية، مثل “داعش”، وأيضاً الآراء التي تؤيد الجماعات المشاركة في عمليات “العنف” أو “الجريمة” أو “الحقد”. وأضاف زوكربيرغ أن حظر الأشياء التي تهدد الناس بالأذى الجسدي، أو الأذى المالي، أو البلطجة، أو تسبب أو تشجع على الانتحار، أو تشجع أنواعاً مؤذية لتخفيض الوزن.
لكن صحيفة الغارديان اطلعت على أكثر من 100 كتيب تدريب داخلي، وجداول، ورسوم بيانية، ما أتاح فرصةً غير مسبوقة لرؤية وفهم مُخطَّط عمل فيسبوك المُستخدَم للتعامل مع مشاكل كالعنف، وخطاب الكراهية، والإرهاب، والصور الإباحية، والعنصرية، وإيذاء النفس.
وتوجد حتى إرشادات للتعامل مع أمورٍ كالتلاعب بنتائج المباريات، وأكل لحوم البشر.
وقال تقرير الغارديان: “تمنحنا ملفات فيسبوك نظرةً أولى للقوانين والقواعد، التي وضعها الموقع تحت ضغطٍ سياسي في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية. وتوضح هذه الملفات الصعوبات، التي يواجهها المديرون التنفيذيون للشركة عند التعامل مع تحدياتٍ جديدة مثل “الانتقام عن طريق التشهير الجنسي”، فضلاً عن التحديات التي يواجهها مراقبو المحتوى، الذين يقولون إنهم مُثقَلون بكمٍّ كبيرٍ من الأعمال، ما يعني أنهم يضطرون غالباً لاتخاذِ قرارٍ بنشر محتوى من عدمه خلال “10 ثوانٍ فقط”.
وقال مصدر لصحيفة الغارديان: “لا يستطيع فيسبوك مواصلة التحكُّم في محتواه. لقد توسَّع لدرجةٍ كبيرة للغاية وفي وقتٍ سريعٍ للغاية”.
وقد قيل إن بعض مراقبي المحتوى تراودهم مخاوفٌ بشأن الطبيعة الغريبة لبعض السياسات المُستخدَمة في فيسبوك وتناقضها، إذ تُعتَبَر القواعد المُتعلِّقة بالمحتوى الجنسي، على سبيل المثال، أكثرها تعقيداً وإرباكاً.
وتقول إحدى الوثائق إن فيسبوك يراجع أكثر من 6.5 مليون تقرير أسبوعياً، تتعلَّق بحساباتٍ شخصيةٍ وهمية، تُعرَف اختصاراً بـ”FNRP”، وتعني “مزيف، شخص غير حقيقي”.
وباستخدام آلاف الصور ولوحات العرض، يضع فيسبوك إرشاداتٍ قد تبعث القلق في نفوس النقاد، الذين يقولون إن الموقع أصبح الآن ناشراً ويجب عليه فعل المزيد لإزالة أي محتوى مُؤذٍ يتسم بالعنف أو الكراهية.
وربما تتسبَّب هذه المخططات أيضاً في إثارة القلق لدى المدافعين عن حرية التعبير، والذين يتخوَّفون من الدور الفعلي لفيسبوك كأكبر رقيب في العالم. وقد يطالب الجانبان على الأغلب بمزيدٍ من الشفافية بشأن السياسات المنظمة لمحتوى شبكة التواصل الاجتماعي.
لا يمكنك الدعوة لقتل ترامب لكن يمكنك التهديد بخنق النساء!
واطلعت صحيفة الغارديان على بعض الوثائق الممنوحة لمراقبي المحتوى بفيسبوك خلال العام الماضي، 2016.
وتقول الوثائق لهم:
يجب إزالة محتوى مثل “فليُطلِق أحدهم النار على ترامب”؛ ذلك لأنه (ترامب) في فئةٍ محميَّةٍ لكونه رئيساً للبلاد. لكن يمكن السماح بقول: “لنحر عنق عاهرة، احرص على استخدام كل قوتك للضغط على منتصف عنقها”، أو “فلتغرب عن وجهي ولتمت”؛ لأن هذه الأحاديث لا تُعدُّ تهديداتٍ حقيقية.
رغم الإبلاغ عن مقاطع الفيديو، التي تُسجِّل حوادث الموت العنيفة كمحتوى مزعجٍ، لا ينبغي محوها دائماً لأنها قد تخلق وعياً بشأن قضايا كالمرض العقلي.
لست مضطراً لمحو بعض الصور التي تعرض أذى جسدياً غير جنسي و”الاستقواء” على الأطفال أو “اتخاذ قرار بشأنها” إلا إذا كانت تتسم بطابعٍ سادي أو احتفالي.
يمكن نشر صور الإساءة للحيوان، مع وضع علامة تحذيرية على الصور التي تُشكِّل مصدرَ إزعاجٍ شديد.
يمكن السماح بنشر جميع الأعمال الفنية “المصنوعة يدوياً”، والتي تتسم بالعري وتعرض أفعالاً جنسية، لكن لا يُسمَح بنشر أي أعمالٍ فنية مُنتَجة رقمياً وتعرض ممارسات جنسية.
يمكن السماح بنشر مقاطع فيديو عن الإجهاض ما لم تكن تتضمَّن عُرياً.
سيسمح فيسبوك للأشخاص باستخدام البث الحي لعرض محاولات إيذاء النفس لأنه “لا يريد أن يراقب ويعاقب الأشخاص الذين يواجهون المحن”.
يُصنَّف أي شخصٍ لديه أكثر من 100 ألف متابع على موقع التواصل الاجتماعي كشخصيةٍ عامةٍ، ما يحرمه من الحماية الكاملة التي يتمتَّع بها الأفراد العاديون.
تسمح الوثائق بنشر أنواع أخرى من الكلام ومنها: “على الفتاة الصغيرة أن تهتم بشؤونها فقط حتى لا يحطم والدها وجهها”، و”أتمنَّى أن يقتلك أحدٌ ما”. يُنظر إلى هذه التهديدات على أنها إما عامةٌ أو لا تتسم بالمصداقية.
اللغة العنيفة مسموح بها
وفي إحدى الوثائق المُسرَّبة، يعترف فيسبوك بأن “الأشخاص يستخدمون لغةً عنيفة للتعبير عن إحباطهم على الإنترنت”، ويشعرون “بالأمان لفعل هذا” عبر الموقع.
وتقول الوثيقة: “يشعرون بأنه لن يكون هناك رد فعل تجاه الموضوع، ويشعرون باللامبالاة تجاه الشخص الذي يهدِّدونه بسبب نقص التعاطف الناتج عن التواصل عبر الأجهزة بدلاً من التواصل وجهاً لوجه”.
وتضيف الوثيقة: “ينبغي القول إن اللغة العنيفة لا تتسم غالباً بالمصداقية إلا إذا كانت اللغة مُحدَّدَة ودقيقة لدرجةٍ تعطينا أسساً منطقيةً لاعتبار الكلام متجاوزاً كونه مجرد تعبير عن المشاعر ليتحوَّل إلى مؤامرة أو مُخطَّط. ومن هذا المنظور، فإن استخدام لغةٍ مثل (سأقتلك) أو (أغرب عن وجهي ومُت) لا تتسم بالمصداقية، وهي تعبيرٌ عنيفٌ عن النفور والإحباط”.
وتتابع الوثيقة: “يعبِّر الناس عادةً عن ازدرائهم ورفضهم عن طريق التهديد والدعوة إلى العنف باستخدام أساليب ساخرة وغير جديةٍ”.
وقد اعترف فيسبوك بأنه “ليست كل المحتويات المُزعِجة وغير المُتوافَق عليها تُشكِّل انتهاكاً لمعايير موقع التواصل”.
السخرية
وتقول مونيكا بيكرت، مديرة وحدة إدارة سياسة العمل الدولية بشركة فيسبوك، إن الموقع لديه حوالي ملياري مُستخدِم وكان من الصعب الوصول إلى إجماعٍ بشأن معايير المحتوى المسموح بنشره.
تقول مونيكا: “يوجد بالموقع مجتمعٌ دولي مُتنوِّع، وسيكون لدى الأفراد وجهات نظر متباينة بشأن ما قد يُسمَح بمشاركته. أينما وضعت سقفاً أو رسمت حدوداً، سيكون هناك دائماً بعض المناطق الرمادية.
وعلى سبيل المثال، يكون الحد الفاصل بين السخرية والفكاهة وبين المحتوى غير الملائم رمادياً في كثير من الأحيان. من الصعب اتخاذ قرار بشأن السماح بنشر بعض المواد على الموقع من عدمه”.
وتضيف: “نشعر بالمسؤولية تجاه مجتمعنا من أجل الحفاظ على سلامته وبأننا خاضعون للمساءلة. نحن مسؤولون بكل تأكيد عن الإلمام بما يحدث بالموقع. إنه التزامٌ على الشركة. وسنستمر في الاستثمار لتفعيل إجراءات استباقية للحفاظ على الموقع آمناً، لكننا نريد أيضاً منح القدرة للناس للإبلاغ عن أي محتوى ينتهِك معاييرنا”.
وقالت مونيكا إن بعض التعليقات العدوانية قد تنتهك سياسات فيسبوك في بعض السياقات، لكنها قد لا تُشكِّل خرقاً في سياقات أخرى.
الموت العنيف والاعتداء على الأطفال
وتظهر سياسات عمل فيسبوك المُسرَّبة بشأن موضوعات كالموت العنيف، وصور التعدي الجسدي غير الجنسي على الأطفال، ووحشية التعامل مع الحيوان الكيفية التي يحاول بها الموقع المناورة في حقلٍ من الألغام.
وتقول الوثائق: “إن مقاطع الفيديو، التي تعرض مشاهد موتٍ عنيفة، مزعجةٌ لكنها قد تخلق وعياً. بالنسبة لمقاطع الفيديو، نرى أن الأفراد القُصَّر يحتاجون إلى الحماية، والبالغين يحتاجون إلى الاختيار. نضع علامةً تفيد بأن هذا المحتوى “مُزعِج” على مقاطع الفيديو التي تعرض حوادث موت عنيفة لأفراد. ينبغي إخفاء هذه المقاطع عن القُصَّر لكن لا ينبغي حذفها بشكلٍ آلي لأنها قد تكون مفيدةً لخلق وعيٍ بشأن إيذاء النفس والمرض العقلي، أو جرائم الحرب وغيرها من الموضوعات الهامة”.
وفيما يتعلق بموضوع التعدي غير الجنسي على الأطفال، يقول فيسبوك: “لا نتخذ رد فعل تجاه صور إيذاء الأطفال. نضع علامةً تفيد بأن مقطع الفيديو مزعج ويحتوي على انتهاك للأطفال. نُزيل صور التعدي على الأطفال إذا كانت قد نُشرت بطريقة تتسم بالسادية والاحتفال”.
وتشرح إحدى لوحات عرض البيانات أن فيسبوك لا يُزيل أدلةَ التعدي غير الجنسي على الأطفال حتى تصبح قابلة للتداول، وكي “نتمكَّن من تحديد هوية الطفل وإنقاذه، لكنه يضيف الحماية اللازم توفيرها للجمهور”.
وقد تكون إحدى وسائل الحماية هي وضع تحذيرٍ على مقطع الفيديو يفيد بأن المحتوى مزعج.
ويوضح فيسبوك سياسته بشأن الإساءة للحيوان في إحدى لوحات عرض البيانات، قائلاً: “نسمح بعرض الصور ومقاطع الفيديو التي تسجل التعدي على الحيوان لنشر الوعي، لكننا قد نضيف إجراءاتٍ لحماية المشاهد عند عرض بعض المحتويات التي يُعتقد بأنها مُزعِجة للغاية.
ويتابع: “نسمح بمشاركة صور التعدي على الحيوان بشكلٍ عام على الموقع. يمكن وضع علامة تحذيرية على بعض الصور المُزعِجة للغاية”.
وتوضع علامةٌ تحذيرية على صور بتر أجزاءٍ من الحيوانات، بما فيها تلك التي يظهر بها تعذيب، تفيد بأن المحتوى مزعج بدلاً من حذفها.
ويقول فيسبوك: “نسمح للأفراد بمشاركة صور التعدي على الحيوان لرفع الوعي وإدانة الانتهاك، لكننا نحذف المحتوى إذا كان يحتفي بممارسة الوحشية بحق الحيوانات”.
العري
وتظهر الملفات أن فيسبوك أصدر إرشاداتٍ جديدة تتعلَّق بالعري بعد حالةِ الغضب التي عمَّت خلال العام الماضي عندما حذف الموقع صورةً شهيرة لحرب فيتنام لأن الطفلة الموجودة في الصورة كانت عارية.
بات فيسبوك يسمح الآن بنشر “استثناءات لأهميتها الإخبارية” وفقاً لإرشادات لديها تسمى “إرهاب الحرب”، لكنها تضع حداً فاصلاً عند نشر صور “عري الأطفال في سياق الهولوكوست”.
وقال فيسبوك لصحيفة الغارديان إنه يستخدم برنامجاً لاعتراض بعض المحتوى المصور قبل نشره على الموقع، لكن “لأننا نريد أن يتمكَّن الأفراد من مناقشة الأحداث الجارية والعالمية، لذا فإن السياق الذي تُشارك من خلاله الصور يعد أمراً مهماً في بعض الأحيان”.
وطالب بعض النُقَّاد في الولايات المتحدة وأوروبا أن تخضع الشركة لنفس التشريعات المنظمة لعمل قنوات البث الإذاعي والتلفزيوني الرئيسية والناشرين.
لكن مونيكا بيكرت، مديرة وحدة إدارة سياسة العمل الدولية بشركة فيسبوك تقول إن فيسبوك “شركة جديدة من نوعها. فهي ليست شركة تكنولوجية تقليدية. وليست شركة إعلام تقليدية. نحن نبني تكنولوجيا ونشعر بالمسؤولية تجاه كيفية استخدامها. لكننا لا نكتب الأخبار التي يقرأها الناس على الموقع”.
ويقول تقرير لمجلس العموم البريطاني، نشر في الأول من مايو/أيار 2017: “إن شركات التواصل الاجتماعي الكبيرة والغنية بعيدة كل البُعد عن اتخاذِ رد فعلٍ كافٍ للتعامل مع المحتوى الخطير وغير الشرعي وتطبيق معايير مجتمعية ملائمة أو الحفاظ على سلامة مستخدميهم”.
وحسب تقرير الغارديان “يجد فيسبوك صعوبةً دائمةً في تقدير القيمة الإخبارية أو حجم التوعية التي قد توفِّرها بعض الصور العنيفة. وبينما واجهت الشركة مؤخراً انتقاداتٍ لاذعة بسبب عدم حذفها مقطع فيديو يُظهِر مقتل روبرت غودوين في الولايات المتحدة بعد أن تم تصوير الجريمة من قبل القاتل، وآخر لوالدٍ يقتل طفله في تايلاند، لعب موقع فيسبوك أيضاً دوراً هاماً في نشر مقاطع فيديو لعمليات القتل، التي ترتكبها الشرطة وغيرها من الانتهاكات الحكومية.
وفي العام الماضي 2016، حذف فيسبوك مقطع فيديو يُظهِر الفوضى التي أعقبت قتل الشرطة لفيلاندو كاستيو رمياً بالرصاص، لكنه أعاد نشر مقطع الفيديو لاحقاً، قائلاً إن الحذف كان “خطأً”.