أفق نيوز
الخبر بلا حدود

قائد الثورة في محاضرتة الرمضانية الخامسة : الشيطان تحول إلى رمز لأهل الضلال والباطل والفجور

208

 

واصل السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في محاضرتــه الرمضانية الخامســة مســاء امس حديثه عن علاقة الشيطان بالانسان وكيــف أنــه تحــول إلى رمــز لأهــل الضــلال والفجــور والطغيــان, داعيــا إلى ضرورة الوعي بهذه العلاقة ليســهل على الانسان الســير في طريق مســتقيم لا يضــل فيها ولا ينحرف.

وفي ما يلي نص المحاضرة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كنا في حديثنا بالأمس بشأن العدو الألد للإنسان وللبشرية وهو الشيطان، الشيطان الرجيم نعوذ بالله منه ومن كل شياطين الإنس والجن، تحدثنا في آخر ما وصلنا إليه في محاضرة الأمس كيف كان موقفه ما بعد الأمر من الله سبحانه وتعالى بالسجود، وهو كان في مصافِّ الملائكة، وضمن الملائكة متواجدا في السماء، كيف أنه عصى الله سبحانه وتعالى واستكبر وكان من الكافرين كما ورد في الآيات القرآنية، وكيف أن الله سبحانه طرده من السماء ولعنه وخسر خسارة كبيرة جدا، خسر مقامه خسر دينه، خسر إيمانه، خسر علاقته مع الله سبحانه وتعالى، خسر القدسية التي كان فيها في مصاف الملائكة، وصار إلى مطرود وملعون وخسيء ورجيم وسيء ورمز للشر ورمز للعصيان، فكانت خسارته خسارة كبيرة جدا، وكان لذلك نتيجة وتأثير في مدى حقده لآدم وفي مدى تركيزه على الانتقام من الإنسان بشكل كبير، فاتخذ قراره بالعداوة للإنسان والانتقام من الإنسان، من آدم وبنيه، لذلك قال مقسما: (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين)، الله سبحانه وتعالى حدد المصير الحتمي لإبليس ومن تبعه من بني آدم، من تبعه من الجن، أن يكون مصيرهم جهنم والعياذ بالله، (قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين)، أيضا في نص قرآني آخر يقول الله سبحانه وتعالى حاكيا مقولة إبليس: (قال فيما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم ساجدين)، هنا نتحدث عن نقطة مهمة، يجب الوعي بها والفهم لها، هل أن الشيطان هو العامل الرئيسي الحصري لضلال من يضل من البشر وغواية من يغوى من البشر، وأنه لولا الشيطان ولولا وجود إبليس ونشاطه الذي يمارسه في إضلال البشر أن البشر سيكونون كلهم مهتدين وصالحين وطيبين، المسألة ليست كذلك، الإنسان خلق في نفسيته وطبيعته وقدراته، مداركه ورغباته وشهواته على النحو الذي يكون فيه القابلية للخير والقابلية للشر، الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم عن النفس البشرية: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)، يقول عن الإنسان هديناه النجدين، الإنسان لديه بنفسه قابلية وميول وإمكانية أن يتجه في طريق الحق والخير والزكاء والصلاح والتقوى والرشد والهداية إلى آخره، طريق الحق وما يتبعه على مستوى القيم والأخلاق إلى آخره، أو طريق الشر، طريق السوء، طريق العصيان، طريق الفجور، الإنسان لديه القابلية لهذا، نفسيته لديها القابلية للاتجاهين، إما اتجاه الخير وإما اتجاه الشر، إما اتجاه التقوى والاستقامة والزكاء والطهارة أو اتجاه الفجور والدنس والعصيان ومساوئ الأخلاق، وقد يتجه الإنسان، يعني حتى لو لم يكن ثمة إبليس، ولو لم يكن ثمة شياطين، البعض قد يتجه في طريق الشر وطريق الفجور ويميل إليها، ويسير فيها، ولكن هناك أيضا عامل يساعد على ذلك، يعني الشيطان عامل يساعد على المزيد من الانزلاقة نحو طريق الشر نحو طريق الفجور نحو التوغل فيها، وفي نهاية المطاف يعتبر الوعي بمسألة الشيطان وأنه عدو مبين ويسعى إلى جرك إلى طريق الفجور والعصيان وهو الشر والضلال، يعتبر الوعي بهذا عاملا إيجابيا ومهما، في النهاية ما تعتبر مسألة وجود الشيطان أنه تمثل كارثة على الإنسان وأن الله سبحانه وتعالى ظلم هذا الإنسان والعياذ بالله، لا، وسلط عليه الشيطان يضله ويغويه، مسكين ابن آدم الذي تُرك لتسليط الشياطين وإضلالهم وإغوائهم، وإلا كان سيكون صالحا ومؤمنا ومن أهل الجنة، ولم يكن ليصل إلى جهنم، لا، الشيطان في النهاية تحول إلى رمز وكبير لأهل الضلال لأهل الباطل لأهل الفجور، رمز لهم، جهة معينة يأوي إليها يتجه إليها هذه الفئة من الناس الذين اتجهوا جهة الفجور والعصيان، وجُعل لها إمكانية التأثير بشكل كبير عليهم، فرمزيته للشر، رمزيته للفجور، رمزيته للطغيان، رمزيته للدنس والمساوئ من موقعه كعدو للإنسان وعلى خصومة مع الإنسان تعتبر هذه المسألة عاملا مساعدا للإنسان على الاستقامة إن وعى بها، ما دامت تلك الطريق طريق الانحراف، طريق الفجور، طريق العصيان، ما دام على رأسها عدوك وخصمك اللدود الذي يضمر لك الشر، والذي يريد بك الشر، والذي يسعى إلى إهلاكك، ما دام على رأسها عدوك هذا يساعدك على الاستقامة، عامل يساعدك على الاجتناب لها، الإنسان بفطرته، هو عندما يحمل العداء لطرف آخر ويصبح بينه وبين طرف آخر عداوة حقيقة ومشكلة حقيقية، هو فطريا يجتنب ذلك العدو، يبتعد عن ضلال ذلك العدو، يحصل ما بينه وبين ذلك العدو تمايز وتباين، تباين في التوجه، تباين في الموقف، مقاطعة إلى آخره، ولذلك ما إن يحمل الإنسان الوعي بعداوة الشيطان ويحمل العداوة في المقابل إلا ويكون ذلك عاملا مساعدا له على زكائه على صلاحه على هدايته، على اجتناب تلك الطريق، طريق الفجو طريق العصيان، طريق الدنيس طريق المساوئ، طريق الشرور بعامل مهم هو العداوة ما بينها وبين الشيطان والعداء للشيطان، لذلك كانت مسألة فاتخذوه عدوا، مسألة مهمة مسألة إيجابية، مسألة مفيدة مسألة مساعدة على الاستقامة، ولذلك كان الذي ينقصنا كبشر هو الوعي اللازم الكافي بمسألة عداء الشيطان لنا، الاستحضار لهذه المسألة في الذهنية، في المقامات التي تحتاج إلى استحضار لهذه المسألة في الذهنية، لا نغفل عنها في المواقف التي يجب أن نتذكرها، المواقف التي يسعى الشيطان إلى إغوائنا وإلى إضلالنا وإلى جرنا إلى العصيان، لا، الاستحضار في أوقات كثيرة وفي تلك اللحظات الحساسة بالذات، اللحظات التي تكون فيها عرضة للإغواء وللوقوع في العصيان، إما على المستوى الشخصي أو على مستوى الموقف أو عند حالة الغضب، أو عند حالة الإغراء المادي، أو عند إغراء الشهوة، كل اللحظات والحالات التي تكون فيها عرضة للإغواء من الشيطان.
نأتي لنتحدث على ضوء هذا النص القرآني: (قال فبما أغويتني)، يعني بما أنه سلك طريق الغواية وسقط في طريق الغواية وهذه كارثة ومشكلة كبيرة وخسارة رهيبة، وليس هو أن الله هو الذي أغواه، الله خذله طرده من ساحة الرحمة، فهو توعد مقسما (لأقعدن لهم صراطك المستقيم) هذا أولا، هنا تحددت طبيعة الحرب ما بين البشر وبين الشيطان وحقيقة وطبيعة الصراع ما بين البشر وبين الشيطان، هذه حربه معنا، وهذه طريقته في الاستهداف لنا، (لأقعدن لهم صراطك المستقيم)، أقعد لصدهم، عملية الصد لنا عن صراط الله المستقيم، في كل ما فيها من أعمال، كل ما فيها من مواقف، كل ما فيها من التزامات أخلاقية، الصراط المستقيم هو منهج حياة، منهج حياة، فيه ما نعمل وفيه ما نترك، يعني التزامات عملية، أن نعمل شيئا أن نترك شيئا آخر، فيه التزامات أخلاقية، فيه مواقف، فيه تضحية، فيه كل ما شرعه الله لنا وأمرنا به، هذا هو عبارة عن الصراط المستقيم، أشبه بطريق نمشي فيها، يعني منهج حياة، لأن الحياة هذه حركة، مسيرة نتحرك فيها، مسيرة نتجه فيها فيما نعمل، فيما نضحي فيما نقفه من مواقف، فيما نلتزمه من التزامات، فمن أهم ما يركز عليه الشيطان هو الصد لنا والتخذيل لنا والتثبيط لنا عن كل عمل صالح مهم، وعن كل خطوة عملية مهمة نكسب رضا الله وفيها الخير لأنفسنا، الصد يقعد قدامك في الطريق، يحاول أن يردك أن يُخَذلك، أن يثبطك أن يدفعك نحو التقاعس نحو التخاذل، نحو الفتور، أن يفقدك العزم، الاهتمام التوجه التمام، (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم)، هو هنا يتحدث عن كل الأساليب والوسائل بهدف التأثير علينا والإغواء لنا، لماذا؟ هو يعرف أن طبيعة النفس البشرية تتفاوت من إنسان إلى آخر في الميول والرغبات والتوجهات والاهتمامات بمستويات متفاوتة، الناس البشر بطبيعتهم، هذا الإنسان قد تكون عنده توجهات معينة، التركيز على أشياء معينة، اهتمامات معينة، مثلا البعض من الناس طموح، يحرص ويرغب أن يكون له اعتبار، دور معنوي، أهمية وجاهة شهرة، سمعة، هو سيشتغل عليه في هذه الميول، في هذه الرغبات، في هذا التوجه، سيدخل له من هذا المدخل وسيدفعه لأن يتجه في هذا اتجاها سلبيا ويعتمد على وسائل سلبية وتصرفات فيها معصية لله سبحانه وتعالى، البعض لا، توجهاته وطموحه ورغباته على نحو زائد ماديا، طماع، يريد المال، يريد أن يكسب ثروة كبيرة، اتجاهه في الحياة نحو هذا الجانب الرئيسي وأكثر من أي اهتمامات أخرى ورغبات أخرى، ويتفوق على كثير من الناس في هذا الاتجاه، سيدخل له من هذا المدخل، البعض لا مثلا، أكثر ميوله، أكثر رغباته نحو جوانب أخلاقية مثلا، يرغب مثلا في المتعة الجنسية الرغبة الجنسية الميول الجنسي، وتركيزه على نحو أكثر في هذا الجانب، يركز عليه في هذه المسألة، وهكذا كل إنسان مثلاً إنسان معين مثلاً عنده غضب عنده انفعال عنده شدة يحاول أن يدخل له من هذا المدخل، وهكذا يدخل لكل إنسان من المدخل الذي يناسبه حتى أحياناً من العناوين الدينية، البعض مثلاً قد يكون له توجه ديني واعتبارات دينية فيغويه من هذا الجانب، لا يتجه إليه في مسألة ليس له إليها أي التفات ولن يتفاعل معها أي تفاعل وسيجعله ينافس مثلاً في المقامات الدينية والاعتبار الديني والمقام الديني، يحرص على أن يكون له سمعة دينية وأن يكون مشهوراً على أنه إما عالم ديني عظيم أو عابد من العباد المشهورين وذوي السمعة الراقية والعالية ويدفعه إلى الرياء بعبادته أو الرياء بعلمه الديني أو الرياء في مقامه الديني أو يدفعه إلى السعي للشهرة حتى تكون الشهره مبتغى له وبعنوان ديني فهو يدخل لكل إنسان من الجانب الذي يميل إليه، يتفاعل معه يرغب فيه يتجه نحوه ويحاول أن ينفذ إليه بشكلٍ يدفعه فيه إلى ما هو معصية لله سبحانه وتعالى، إلى ماهو خروج عن خط الاستقامة عن التوجيهات والتعليمات الإلهية إلى ما هو خروجٌ أيضاً عن الالتزامات والحدود التي حدها الله سبحانه وتعالى للإنسان، وهو عندما يقول (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ) إذا أتى لك من جانب لم تتفاعل معه سيبحث عن جانبٍ آخر قد تتفاعل معه، ولن يستفيد الشيطان في ذلك الا من خلال هوى نفسك أنت ميلك أنت، الانحراف من جانبك أنت لن يجبرك لن يغصبك غصباً عنك ولن يقسرك قسرا ويأخذ بيدك رغماً عنك في الاتجاه الخطأ في أي مجال من المجالات، مجالات دينية مجالات دنيوية مجالات أخلاقية مجالات تتعلق بالالتزامات الأخلاقية إلى أي جانب من الجوانب.
هو يستفيد فقط وفقط من رغبتك أنت من انحرافك أنت، قابليتك أنت من تفاعلك أنت وانزلاقتك أنت عندما تميل أنت نحوه، فيدفعك أكثر ويشجعك على ذلك أكثر، وهذه مسألة مهمة ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ) هو ما يمتلك سلطةً عليك أنت فيأخذ بيدك رغماً عنك ويسوقك سوقاً، الانحراف في أي مجال من مجالات الانحراف لا، هو يأتي لك فقط من حيث ترغب أنت فإذا ملتَ ازداد بك كيلاً إذا انحرفت ازداد بك انحرافاً، وسنأتي للحديث عن هذه المسالة.
على العموم بدأ معركته أول معركة خاضها مع أبينا آدم وأول منازلة وأول عملية للإغواء والهجوم على هذا الإنسان بدأت مع أبينا آدم عليه السلام، القرآن حكى لنا ذلك الله جل شأنه بعد أن خلق أبانا آدم عليه السلام وخلق زوجته حواء أسكنهما جنة، جنةً للاستقرار فيها وابتداء الحياة فيها تتوفر فيها المتطلبات الأساسية للحياة والضرورية للحياة، طبعاً ليست جنة المأوى جنة الآخرة لا، جنة المأوى التي عرضها السماوات والأرض والتي من دخلها لن يخرج منها أبداً، لا، لأن الإنسان من الأساس خُلق ليكون خليفةً في الأرض، البعض من المثقفين والبعض من الخطباء، والبعض من المتعلمين يقدم المسألة وكأن الله سبحانه وتعالى أسكن أبانا آدم عليه السلام جنة المأوى جنة الآخرة الجنة التي هي دار المتقين دار الجزاء، دار الجزاء، جزاء المؤمنين الذين آمنوا وعملوا الصالحات واستقاموا على نهج الله وطريق الله وطاعة الله سبحانه وتعالى، وبسبب مشكلة إبليس وما عمله مع آدم أُخرج أبونا آدم من الجنة وابتلينا بالأرض هذه والدنيا والحياة في الدنيا كإجراء عقابي، لا، الاستخلاف لآدم وبنيه على الأرض ليس إجراءً عقابياً على العكس هذا هو التكريم هذه مسألة حكى الله كيف أن الملائكة في البداية كانوا يرغبون هم أن يكونوا من يُستخلف على هذه الأرض الملائكة قالوا لله سبحانه وتعالى أتجعل فيها يعني في الأرض خليفة من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، لماذا لا تستخلفنا نحن على الأرض وليس البشر، الإنسان ابتداءً خلقه الله ليكون خليفةً له في أرضه (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ليس إجراءً عقابياً والله سبحانه وتعالى أعد الأرض لربما هي أعجب الكواكب في هذا الكون في هذا العالم عالم الدنيا، العالم الأول قبل عالم الآخرة، وهيأها تهيئةً عجيبةً للإنسان وأودع فيها من عجيب نعمه ومن الخيرات الوافرة جداً، ما أنعم به على هذا الإنسان وكرم به هذا الإنسان وأتاح من خلال ذلك للإنسان دوراً متميزاً في هذا العالم وفي هذا الكون، فكان هذا الإنسان هو العنصر الأبرز في طبيعة دوره كخليفة لله سبحانه وتعالى في أرضه وفي هذا العالم.
أسكن آدم الجنة جنة يستقر فيها تتوفر فيها متطلبات الحياة حتى لا يحتاج إلى أن يكابد مشاق هذه الحياة ومسؤولياتها منذ اللحظة الأولى، يعني نفخ فيه الروح ويشغله من أول لحظة، يالله يلهم الله يسرح يكد ويزرع ويتعب ويشتغل ويعمل على توفير متطلبات حياته، لا، الله رحيم أراد لآدم أن يستقر أولاً وأن يرتاح حتى تحصل له ذرية تعينه وأولاد وبنون يشتغلون معه في هذه الحياة يعملون معه في هذه الحياة ولكن، أسكنه الله وزوجه حواء عليها السلام الجنة (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)، قال أيضاً لآدم عليه السلام (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ).
أخبر الله آدم عليه السلام وأخبر زوجته حواء معه كذلك أن الشيطان عدوٌ لهما وسيعمل على إخراجهما من تلك الجنة التي هي مُستقَر مريحٌ للحياة تتوفر فيها متطلبات الحياة (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ) كل ما تحتاجه من طعامك متوفر في هذه الجنة مختلف أنواع الطعام فلا تحتاج إلى أن تعاني ولا تكد لتحصل على طعامك (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ) ما تحتاج إليه من الملابس متوفر ملابس جاهزة ما تحتاج تعاني وتتعب إلى أن توفر لنفسك ولزوجتك الملابس (وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ) فكل ما تحتاج إليه من الشراب والمياه متوفر أيضاً، ولا تضحى لا تتعب بين حرارة الشمس وتحت أشعة الشمس وأنت تكد وتعمل وتشتغل لتوفير احتياجاتك الأساسية لحياتك، لا من طعام ولا من ملابس ولا من شراب.
وجنة تتوفر فيها احتياجاتهما من هذه اللوازم للحياة من طعام وشراب وملابس بشكلٍ واسع يعني هو ليس شيئاً محدوداً (وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً) قال الله رغداً يعني واسعاً وهنيئاً ومتوفراً برفاهية وراحة، ولكن هناك شجرة واحدة في تلك الجنة بين كل ما فيها من أشجار بين كل ما فيها من احتيجات متوفرة وواسعة، وليست شيئاً يسيراً أو محدوداً.. شجرة واحدة منعا منها ولا تقربا هذه الشجرة,, شجرة واحدة اختلف المفسرون عن ماهية هذه الشجرة وحقيقة هذه الشجرة ليس هذا هو المهم… الشجرة هذه قال الله (ولا تقربا هذه الشجرة) وحددها لهما بالإشارة والتوضيح هذه الشجرة.. فتكونا من الظالمين.. تظلمان أنفسكما وتجنيان على أنفسكما بالمعصية لله أولاً وبالإخراج من الجنة ثانياً.. الشيطان أتى بعد أن طرد من السماء ذهب الى هذه الجنة الى أدم عليه السلام وذلك ليبداء عمله العدواني ضد الانسان والاستهداف لهذا الانسان.. فما الذي عمل؟؟ فوسوس اليه الشيطان.. الشغل الذي يعتمد عليه الشيطان والوسيلة التي يعمل عليها الى اغوائنا هي ماذا؟؟ الوسوسة يوسوس لنا يحاول أن يزرع في نفوسنا وفي روعنا وفي تفكيرنا مفاهيم مغلوطة نظرة مغلوطة تصور مغلوط عن الأمور.. يزين لنا من خلاله ويرغب لنا من خلاله ويرغبنا من خلاله لفعل أشياء معينة بناءً على أوهام ليست صحيحة.. لاحظوا في وسوسته الى أدم ما الذي ركز عليه.. قال يا أدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى.. قدم صورة عن هذه الشجرة ليست صحيحة نهائياً صورة غير واقعية وهمية خيالية أن هذه الشجرة التي نهيتما عنها شجرة لها سر عجيب هي شجرة الخلد اذا اكلتما منها لن تموتا ستبقيان على قيد الحياة للأبد.. والانسان بطبيعته ينفر من الموت ويرغب في البقاء الدائم لا يرغب في الموت يريد أن يبقى على قيد الحياة للأبد ما يموت نهائياً.. فدخل لهما من هذا المدخل الذي يشكل رغبة لديهما.. وهو الخلد (هل أدلك على شجرة الخلد) سر الحياة الأبدي شجرة اذا أكلتها لا تموت نهائياً وملك وأيضاً اذا أكلتما من هذه الشجرة فهذا ضمان لملك أبدي لا يبلى لا يبلى ملك متجدد وملك مستمر.. فهو يركز في وسوسته للإنسان على ما هو مرغوب لدى الإنسان ويصنع صورة خيالية للإنسان ووهمية لا حقيقة لها.. وهذه المسألة مسألة كان بإمكان أدم من كل الاعتبارات أولاً باعتبار أن الشيطان عدو فلا يصدقه ولا يتفاعل معه نهائياً.. اثنين باعتبار أن الله قد نهاهما وفي مقاربتهما وأكلهما من هذه الشجرة معصية لله سبحانه وتعالى.. ثم إن المعرفة أن الحياة بيد الله وليس في شجرة تأكل منها ولا عصير تشربه أو أكل تأكله فتبقى على قيد الحياة للأبد لا.. على العموم استمر استمر في محاولاته هذه استمر بشكل مكثف وتردد عليهما كثيراً وسعى كثيراً لدرجة أنه كما أخبرنا الله في القرآن الكريم وقاسمهما أنه لهما لمن الناصحين يعني أقسم لها بالله وحلف على ذلك أنه ناصح لهما أنه ناصح لهما وأن ما يقوله بشأن هذه الشجرة هو نصيحة وحرص على مصلحتهما.. هذا أسلوب خطير يعني سنأتي الى كيف سيستخدمه أولياء الشيطان من بقية أعداء البشرية أسلوب خداع أسلوب خداع.. وكما يروى أنه بعد أن أقسم لهما بالله تأثرا كثيرا وصدقاه مع أن الله حذرهما منه، يعني كان من المفترض بتحذير الله لهما منه أن لا يقبلا منه أبدا وأن لا يصدقانه نهائيا وأن لا يلتفتا إليه نهائيا وأن ينظرا إليه كعدو، وبالتالي لم يكن ناصحا لهما ولم يرد لهما الخير أبدا، وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين، حلف إنها نصيحة وأقسم إنها نصيحة وبحرص عليهما، فدلاهما بغرور يعني استدرجهما استدرجهما وأزلهما حتى سقطا وأوقع بهما، غرور وخداع استخدمه وتورطا وأكلا من الشجرة فلما ذاق الشجرة بدت لهما سوءاتهما عندما ذاق الشجرة كانت ورطة كبيرة ووقعا في المعصية، خالفا النهي الإلهي لإن الله نهاهما عن الأكل منها، وكانت النتيجة أن أخرجا من تلك الجنة ونزعت عنهما حتى ملابسهما لم يسمح لهما حتى بالخروج بالملابس من تلك الجنة وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكم الشجرة؛ وأقل لكما إن الشيطن لكما عدو مبين فالله سبحانه وتعالى لم يكن من جانبه أي تقصير ؛نهى نهيا واضحا عن تلك الشجرة فكان واجبهما أن يلتزما بذلك وأن لا يتجاوزا النهي الإلهي، حذرهما من الشيطان ونبههما على عداوته وأنه عدو مبين لن يسعى معهما إلا من منطلق العداوة كعدو وفيما يضر بهما كذلك حذرهما أنه سيسعى إلى إخراجهما من الجنة؛ من خلال أن يدفعها إلى فعل ما يسبب لهما ذلك فكانت حجة الله تامة؛ طبعا أبونا آدم عليه السلام تاب الله عليه وهداه للتوبة واصطفاه وانتجبه وهداه وخرج من الإثم كإثم؛ ومن الزلل كزلل ولكن لم يعد إلى تلك الجنة حتى توبته لن تُعده إلى تلك الجنة، لم تدفع عنه ما ستدفع عنه من متاعب ابتداء حتى يستقر وضعه في هذه الأرض وهبط من إلى هذه الأرض ليتحمل أعباء هذه الحياة في كل متطلباتها واحتياجاتها هذه الحادثة باعتبارها أول حادثة وقعت فيها مخالفة من البشر؛ وكانت تمثل درسا مهما حتى لآدم فيما بعد بالتأكيد سيأخذ حذره بشكل أكيد من الشيطان فيما بعد هذه الحادثة وسينتبه وأصبحت هذه العملية عملية تدريب لآدم؛ ينتبه من خلالها، يستيقظ من خلالها يخرج من حالة الغفلة والبساطة تجاه هذا العدو ويأخذ حذره من هذا العدو فيما هو أخطر وفيما هو أكثر خطورة، ولكن فيها دروس مهمة لنا كبشر؛ لبني آدم ولهذا أتى الخطاب لنا يا بني آدم لا يفتننكما الشيطان كما أخرج أبويكما من الجنة؛ لأنه سيستمر في نفس الأسلوب وفي نفس الطريقة وعداوته لبني آدم عداوة مستمرة وعداوة شديدة وعداوة على أشد ما يكون، وهو القائل أيضا :(أرأيتك هذا الذي كرمت علي) لأنه حينما أمره الله بالسجود لآدم كان هذا تكريما؛ تكريما لآدم وتكريما للإنسان بشكل عام لبني آدم، الله كرمنا كبني آدم وكإنسان عليه عندما أمره بالسجود لنا وهو يريد أن يسئ إلينا، أن يدنسنا أن يسقط عنا هذه الكرامة وهذه الاعتبار من خلال أن يورطنا معه في المعصية قال: (أرأيتك هذا الذي كرمت علي لإن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا)، يعني لآخذنهم بالحنك لآخذنهم بلجامهم، ألجمهم وآخذهم في الطريق الخطأ نحو الطريق الخطأ، ( قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا)، نكتفي بهذا المقدار من الحديث في محاضرة اليوم.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُجيرنا وإياكم من الشيطان الرجيم، وللحديث تتمة، سنتحدث إن شاء الله في المحاضرة القادمة بتوفيق الله وبإذن الله، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم في هذا الشهر المبارك لطاعته ولما يرضيه وأن يجيرنا وإياكم من نزغات الشياطين وهمزات الشياطين وأن يعيننا وإياكم على تحمل مسؤولياتنا في هذه الحياة، في كل ما فيه مرضاة له سبحانه وتعالى، أن ينصر شعبنا المظلوم وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا وأن يفك أسرانا إنه سميع الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com