شهر الرحمة
عائشة محسن شروان
في شهر الخيروالرحمة تتجلى أمام أعيننا أسمى معاني الروحانية والتقرب لله بالطاعات ..تهتف الأفواه بطيب الكلام .. وتسموا الأنفس بالسماحة والسلام تتجسد فيه معاني الإخــاء والرحمة والسخاء ؛ الرحمة التي هي من صفات الإنسان ّ الأزمان فهم والتي اتصف بها أهل اليمن على مر ّ أرق قلوباً وألني افئدة كما ذكرهم نبي الرحمة .
ولذلك فالرحمة صفة وخصلة موجودة في الإنسان مفطور عليها تألفها نفسه وتختلج روحه بطيبها وتنتشي جوارحه عند جني ثمارها وتسموا أخلاقه ألقا من رحمات رب السماء والجود والثناء فهي الشعور النابض بالحب والرأفة والطيبة والسكينة.
كما إن الرحمة في أعلى مواضعها وأسمى معانيها اتصف بها الخالق جل في علاه وتقدست أسماؤة فرحمته شملت الوجود وعمت الملكوت وقد قال الله في محكم كتابه الكريم (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون) بل إن الله تعالى أرحم بنا من أنفسنا فهو العالم بمكنون الأنفس وماتخفي الصدور ومافيه صلاحها قبل الانشاء وبعدالخلق وعند النشورقال الله عزوجل ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)، وكذلك أمرالله نبيه عليه الصلاة والتسليم بالرحمة والتراحم بني الناس وتـرك المجافاة والقسوة واستجلاب كل معاني الأخلاق السامية وأنه أنزله بالرحمة لتعم بشائر الألفة للناس كافة وهذا ما برهن عليه القرآن الكريم (وما أرسلناك إلارحمة للعالمني ) وذلك لما للرحمة من تأليف للقلوب وإرضاء للمعبود وإزكاء للنفس من متاع الدنيا واجتثاثها من زيف الحقد وبراثني التكبر الزائفة لترتقي وتبني جسور الود والعطف والتعاون بني البشرو الشعور بمعاناة الناس والتخفيف عنهم واستشعار المسؤولية.
كيف لا وقد أوجب الله رحمته في العشر الأوائل من رمضان فحري على المسلم أن يكون سباقا للخير .. تواقة للعطاء .. تستبيح نفسه كل طريق يقربها للجنان ونيل رضا المنان وجادة في تطبيق المنهج القرآني الذي يأمر بالتراحم والانفاق والعطاء لنيل الجزاء من رب السماء وذلك بترسيخ مبدأ التراحم والتعاون في ظل وضع الناس الكئيب جراء ما تمر به البلاد من أزمة اقتصادية وانقطاع للرواتب وتدهور للأوضاع المعيشية وكـذا مد يد العون للفقراء والمحتاجني من الناس وكذا أسر النازحني وأسر الشهداء والحث بل والسعي لاستجلاب ودعوة رجال المال والأعمال والتجار للتخفيف من هذه المعاناة.
في شهرنا المبارك وحتى تخرج بلادنا من هذه الضائقة وكماأن لبذلهم وعطائهم الجزاء الوفير..والثواب الجزيل.. من رب التنزيل فقد قال الله جل في علاه (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجركريم ) وقال رب السموات والأرض من له خزائن لاتنفد..
وعطايا لاتعد.. في آياته الكريمات (وأنفقوا من مارزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحني ) والأمــر ليس محصورا على رجال الأعمال والتجار بل إن المسؤولية تعم الجميع، فيجب علينا مساعدة بعضنا البعض كل بما تجود به نفسه وتستلهم روحه ذلك الشعور والاحساس بالضعفاء من الناس وإرســاء مبادئ الأخلاق المتمثلة في البذل والعطاء والجود والسخاء طلبا في نيل أعلى الدرجات من رب السماوات وقدقال رسولنا الكريم من جاء بدين الرحمة (الراحمون يرحمهم الله ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) والإسلام رسالة خير وسلام ..وهدى ووئام .. وعطف على البشر واستثمار للجهود ..
وشد اللأيادي لإزالة دمعة يتيم ومساعدة فقير جادت عليه الدنيا بقسوتها لتخرجه من ركام الحزن إلى وهج الحياة المتمثل بتلك الابتسامة التي تتألق على محياه.. لتجني تلك الايادي البيضاء الحب والوفاء والدعاء من الضعفاء جسراً يصل عنان السماء.
حيث مثل نبينا الكريم تعاطف الناس وتوادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضوتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ٌ فكان حــري بالإنسان أن يساهم في مساعدة الفقير.. والمسح على رأس اليتيم والحث على فعل الخير واستمالة كل بسمة ترتسم على محياهم لترتقي الأنفس عند بارئها وتتخلى عن زيف الدنيا وحب التمسك بها لتنال أعلى الدرجات وتسموا إلى الله بالقربات، فلن تنال أعظم الدرجات وأرقاها إلا عندما تنفق مما تحب..
وتجود بما ترغب وقد ذكر منهجنا القرآني الكثير من الأيات التي تحث على البذل ّ والعطاء وتختمها بمن الله وفضله وجزيل امتنانه على فاعلها حيث قال الله في كتابه الكريم (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) وقول الجليل (وماتقدموا لأنفسكم من خيرتجدوه عندالله هوخيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ).
من أجـل ذلـك ؛ يجب أن تتكاتف جهودنا ونتعاون فيما بيننا ونشد الأيادي وننظر لمن حولنا من الناس المحتاجني لتكن ارواحنا قريبة منهم وألسنتنا رحيمة بهم وأفئدتنا سخية عليهم دون ّمن أو رياء لنصل لأرقى الدرجات في شهرنا الكريم شهر الرحمة والغفران .
- صحيفة الثورة