حزب الله وتطور معادلات الردع مع العدو الصهيوني
يمانيون – تقارير
بين المقاومة الإسلامية في لبنان والكيان الصهيوني تاريخ من الصراع الطويل، استخدم خلاله حزب الله معادلات ردع مختلفة تدرجت مع كل مرحلة، ابتداءً من بدايات الحزب وحمله لسلاح الكلاشنكوف مرورًا بالصواريخ والطائرات المسيرة، وقدّمت التصريحات الأخيرة لأمينه العام حسن نصر الله، في خطاب الذكرى السنوية ليوم القدس العالمي، معادلات جديدة للردع.
معادلات الردع:
عندما غزت إسرائيل لبنان ووصلت على بيروت عام 1982، انطلقت المقاومة من فصائل مختلفة لمواجهة الكيان الغاصب، سواء من حيث العمليات النوعية ضد مواقع الاحتلال الإسرائيلي، أو من خلال الحرب النفسية التي تمرستها لاحقًا قيادة المقاومة الإسلامية وحزب الله.
استطاعت المقاومة الإسلامية عبر حربها العسكرية والنفسية أن تدفع إسرائيل إلى الانسحاب من لبنان عام 2000، وبدأت بوضع معادلات ردع منذ عام 2002، حينما هددت إسرائيل بضرب منشأة مياه استحدثت على نبع الوزاني جنوب لبنان، فكان قرار قيادة المقاومة الرد المباشر على هذا الاعتداء.
عام 2006، اندلعت الحرب الصهيونية الثانية على لبنان، وحينها تجلت معادلة الردع بصورة واضحة، حيث كرس الأمين العام لحزب الله ما سمي بمعادلة المدن، معلنًا أن قصف الضاحية سيؤدي إلى قصف حيفا، وقصف بيروت سيقابله قصف تل أبيب أيضًا، معادلة الرعب هذه نجحت في حماية العاصمة اللبنانية، واستمرت المقاومة في تثبيت معادلاتها الرادعة حتى أعلن نصر الله في احتفال الانتصار أن المقاومة تمتلك من الصواريخ أكثر مما يحسب العدو.
تطورت معادلات الردع بعد حرب تموز بشكل مضطرد، وغيّر الأمين العام لحزب الله معادلات المدن ليصبح قصف الضاحية الجنوبية وهي منطقة تقع في بيروت يساوي قصفًا لتل أبيب، بل ذهبت قيادة المقاومة الإسلامية إلى أبعد من ذلك، وقالت إذا ضربتم مطار الشهيد رفيق الحريري الدولي في بيروت، سنضرب مطار بن غوريون في تل أبيب، وإذا قصفت تل أبيب محطات الكهرباء في لبنان، ستقصف المقاومة محطات الكهرباء في إسرائيل.
بعد ذلك باتت المعادلات تردع أكثر، فتدمير البنى التحتية في بيروت يقابله تدمير للبنى التحتية في فلسطين المحتلة، إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، حيث انتقل حزب الله من وضع المدافع إلى وضع المهاجم، بعد إعلان نصر الله الاستعداد للدخول إلى الجليل المحتل، وقال في مقابلة على قناة الميادين عام 2015 “قد تطلب قيادة المقاومة من جنودها أن تدخل إلى الجليل، يعني على المقاومة أن تكون جاهزة لتدخل إلى الجليل”.
وعلى عكس حزب الله، انتقل الكيان الصهيوني من وضعية المهاجم إلى وضعية المدافع، حيث اعتبر نصر الله في خطاب له، أن الجدار الذي تقيمه إسرائيل على الحدود مع لبنان دليل على هزيمتها واعتراف بسقوط مشروع “إسرائيل الكبرى”.
من جهة أخرى أكملت المقاومة توازنها الرادع عبر تهديد لم يكن لإسرائيلي أن يتوقعه، وذلك حينما هدد نصر الله بقصف حاويات الأمونيا في حيفا ومفاعل ديمونا النووي.
بعد التهديد باستهداف المفعل النووي الإسرائيلي، كشفت قيادة المقاومة أخيرًا عن أنه في أي حرب مقبلة مع إسرائيل لن يقتصر القتال على حزب الله فحسب، بل سيكون هناك مئات آلاف المقاتلين شركاء في المعركة، وهذه معادلة ردع على مستوى من الأهمية، فالمقاتلون الذين تحدث عنهم نصر الله، سيكونون من عدة دول عربية وإسلامية وعلى اختلاف مشاربهم ومذاهبهم، فهناك من سيأتي من أفغانستان وهناك من سيأتي من الباكستان وإيران والعراق واليمن وسوريا وغيرهم، وهو الأمر الذي سيضفي البعد العربي والإسلامي في أي صراع مع العدو الإسرائيلي، ويبتعد عن التجييش المذهبي والطائفي الذي يفرق الجهود العربية والإسلامية ضد عدو الأمة، ففي المعركة المقبلة سيكون الباب مفتوحًا لجميع الشعوب المستضعفة والتي تتشبث بخيار المقاومة ضد الكيان الصهيوني الغاصب.
هذه النقطة نالت اهتمامًا إسرائيليًا بالغًا، فالإعلان المفاجئ لحسن نصر الله عن أن الحرب المقبلة قد تشهد انضمام آلاف المقاتلين إلى حزب الله اعتبرت في تل أبيب تطورًا كبيرًا ونقطة تحول في تهديدات الحزب ضد إسرائيل.
خبراء صهاينة قالوا إن التهديد يؤكد ما توقعه خبراء الأمن والمعلقون في السنوات الأخيرة عن خطورة إنشاء ممر إلى البحر الأبيض المتوسط عبر العراق وسوريا ولبنان والذي من شأنه أن يربط طهران بحلفائها في بغداد ودمشق وبيروت.
تصريحات نصر الله الأخيرة حول إرسال مقاتلين من بلدان مختلفة له ما يقاربه على أرض الواقع، فكثير من البلدان انضمت في السنوات القليلة الماضية بشكل مباشر أو غير مباشر إلى محور المقاومة، كاليمن والعراق والبحرين والجزائر، كما أن الكثير من هذه الدول تمرست على القتال، كحركة أنصار الله في اليمن المناهضة للاستكبار الأمريكي، والحشد الشعبي في العراق وحروبه ضد داعش، والجيش العربي السوري الذي أصبح له باع طويل في الخبرات والمهارات القتالية بعد 6 سنوات على اندلاع الأزمة السورية، وهو الأمر الذي بات يقلق إسرائيل إذا ما أضيف إليهم حزب الله.
(صحيفة البديل المصرية)