بعد مرور شهر على إندلاع الأزمة الخليجية : اليكم ( قراءة )حول الرابحين والخاسرين من فرض الحصار على قطر
يمانيون -وكالات
في ضوء استمرار الجهود الدولية الساعية الى احتواء الأزمة الخليجية سلمياً وتفادي انزلاقها الى التصعيد العسكري الذي ظهرت بعض ملامحه، تُنهي أزمة حصار قطر اليوم شهرها الأول وسط توقّع المتابعين أن تستمر أسابيع أو حتى أشهر بعد تضاؤل فرص التوصل الى حل يرضي جميع الأطراف، خاصة بعد الرد السلبي القطري على المطالب الـ 13 التي تقدمت بها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بل وإعتبار تلك القائمة غير واقعية وتطاول على السيادة القطرية.
كما هو الحال في أي حرب أو أزمة فإن هناك رابحين وخاسرين، وفي ضوء شح المعلومات عن خسائر كل طرف، حيث يتعمد جميع اطراف الأزمة، ولأغراض دعائية، التكتم على كل التداعيات السلبية التي لحقت بإقتصاداتهم وشعوبهم بعد فرضهم الحصار الإقتصادي على قطر في الخامس من الشهر الماضي.
وإذا كان يوجد شبه إجماع على أن الخاسر الأكبر من فرض الدول الأربعة الحصار على قطر هو شعوب تلك البلدان وإقتصاداتها أولاً ثم الشعب القطري ثانياً، إضافة إلى اقتصادات بعض الدول التي انخرطت منذ الوهلة الأولى في تأييد هذا الطرف أو ذاك.
وبلغة الأرقام، ذكر تقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ” المتخصصة في الاقتصاد الشهر الماضي، أن استثمارات الدول التي اتخذت قرار حصار قطر تواجه مشكلة حقيقة في السوق القطرية، وأورد التقرير أن “شركة الخليج للسكر، أكبر مصفاة للسكر في العالم، الموجودة في الإمارات، هي من أبرز الخاسرين من جراء الحصار، وشرح أن المملكة العربية السعودية والإمارات توقفتا عن تصدير السكر الأبيض إلى قطر”.
كما تعتمد شركة المراعي السعودية “على دول الخليج بأكثر من ربع إيراداتها، وانخفضت الأسهم الى المستوى الأدنى منذ أكثر من ثمانية أشهر في 5 يونيو عندما بدأت الازمة”.
شركة درينك آند سكل العالمية، التي تتخذ من دبي مقراً لها، هي الآخرى لن تفلت من قائمة الخاسرين والتي والتي “فقدت أكثر من 10% من قيمتها السوقية هذا العام، لديها حوالي 500 مليون درهم (136 مليون دولار) من المشاريع في قطر”.
وكان لدى الشركة عقد بقيمة 343 مليون درهم لبناء المرحلة الأولى من مترو الدوحة المقرر أن يكتمل بحلول عام 2020. ولا توجد أي مؤشرات أن الشركة ستتمكن من إتمام المشاريع التي إلتزمت بإنجازها. شركة داماك العقارية الإماراتية هي الأخرى كتنت قد بدأت شهر مايو/ آيار الماضي بناء برج سكني فاخر مكون من 31 طابقاً، كما تقوم بتطوير مبنيين شاهقين آخرين في قطر.
وقد لجأت بعض الشركات السعودية التي فاجأها قرار الحصار، والتي ترتبط بعقود في السوق القطرية إلى التفاوض مع شركات الخدمات اللوجستية التركية لنقل البضائع نحو قطر، وذلك لتجاوز الحصار الذي فرضته السعودية دون مراعاة لمصالح تلك الشركات وعقودها. وكانت قطر تستورد ما قيمته 80 بالمئة من حاجاتها من المواد الغذائية ومواد البناء ومختلف السلع التموينية، وبسبب غياب الشفافية في السعودية تلجأ هذه الأخيرة الى التكتم على كل الخسائر وتمنع الشركات من نشر أي احصاءات بشأن خسائرها نتيجة قرار حصار قطر.
وضمن قائمة المتضررين من الأزمة الدبلوماسية في الخليج يبرز الأردن كأحد أكبر الخاسرين، حيث انخرطت عمان مبكراً في الأزمة الدبلوماسية الخليجية بقرارها تخفيض التمثيل الدبلوماسي القطري لديها وإلغاء تراخيص مكتب قناة الجزيرة في المملكة.
ومنذ ذلك القرار بدأ الأردن في عَدِّ خسائر اقتصاده المتعثر أصلاً، فقد صرح اليوم نقيب تجار المواد الغذائية الأردنيين، خليل الحاج توفيق، لوكالة “الأناضول” قائلاً أن القطاع الزراعي تضرر أيضا بشكل كبير، “إذ تراجعت صادراته إلى السوق القطرية من نحو 500 طن يومياً إلى ما يقارب 150 طنا فقط، تشحن جواً إلى قطر وبتكاليف أعلى بكثير مقارنة بالنقل البري”.
وتورد نفس الوكالة نقلاً عن دائرة الإحصاءات العامة الأردنية أن حجم الصادرات الوطنية إلى قطر قد بلغ خلال الثلث الأول من العام الجاري، 40.5 مليون دينار (57.1 مليون دولار) مقارنة بنحو 31 مليون دينار (43.7 مليون دولار) خلال الفترة نفسها المقارن بها من العام الماضي. أما قطاع النقل البرّي الأردني فلم يسلم هو الآخر من تداعيات حصار قطر السلبية، وهو ما يشرحه نقيب سائقي الشاحنات في الأردن، محمد الداوود، بقوله لوكالة “الأناضول” إن خسائر القطاع منذ إغلاق الحدود البرية بين السعودية وقطر تجاوزت 6 ملايين دينار (8.5 ملايين دولار) نتيجة توقف قرابة 500 شاحنة عن العمل على الخط القطري بشكل كامل.
ومنذ تاريخ 5 يونيو تكبد قطاع التصدير في الأردن خسائر بملايين الدولارات، بعد توقّف الصادرات الأردنية إلى قطر براً، حيث تم إرجاع قرابة الـ 40 شاحنة أردنية فوراً قبل تمكُّنها من عبور الحدود السعودية متوجهة إلى قطر.
أما قائمة الرابحون من الحصار فتتصدرها تركيا التي سيّرت قرابة 200 رحلة جوية منذ بدء الحصار على قطر تحمل على متنها مختلف المواد الغذائية التي انتشرت في المحلات القطرية معوضةً السلع السعودية والإماراتية.
البضائع التركية المورّدة الى قطر عبر البحر وصلت اليوم شحنتها الأولى إلى ميناء حمد على متن سفينة مبردة قادمة من ميناء إزمير في تحمل على متنها 3 آلاف طن من المواد الغذائية المتنوعة.
وبذلك تكون تركيا قد وضعت حجر الأساس لرفع حجم تبادلها التجاري مع قطر من 710 ملايين دولار العام الماضي إلى أكثر من 5 مليارات دولار مع نهاية هذه السنة.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الأخرى أعلنت عن تدشينها خطا ملاحياً يربط ميناء بوشهر الإيراني بقطر. وقال مساعد رئيس منظمة تنمية الصناعة والمناجم والتجارة، ابوالقاسم محمدزادة في تصريحات صحفية “انه تجري حاليا عملية تصدير السلع من موانئ “ديّر” و “بوالخير” و “كناوه” الى قطر وأن الخط الملاحي الذي سيتم تدشينه قريبا سيساعد على زيادة صادرات المحافظة بوشهر الى قطر”.
إلى ذلك، قال نائب رئيس غرفة التجارة الإيرانية، حسين سلاح ورزي، إن هناك توقعات بزيادة قيمة الصادرات الإيرانية إلى قطر من 105 ملايين إلى مليار دولار، بعد فرض دول خليجية ومصر الحصار على قطر، وتهدف إيران إلى تعويض الإمارات والسعودية في توريد البضائع للدوحة.
ومما يُصعّب إجراء احصاء دقيق لحجم الخسائر سواء الاقتصادية، السياسية أو في مستوى الثقة بين البلدان والتي يصعب علاجها، هو إنعدام الشفافية لدى الحكومات المُحاصِرة التي تفرض على كل الشركات والمؤسسات التكتم على حجم الخسائر.
ولا تبدو في الأفق أي مؤشرات على أن الحل الدبلوماسي وشيك وهو ما يضاعف حجم خسائر الخاسرين ويرفع من أسهم الرابحين.