أفق نيوز
الخبر بلا حدود

“وعجلت إليك ربي لترضى” الشهيد أحمد علي أمير الدين المطهر

162

زينب عبدالوهاب الشهاري

هي الحياة التي تسابق إليها كل من عرف فيض كراماتها ونعيمها الذي لا ينفذ،هي الحياة الحقيقية، السعادة التي لا تنتهي، السعادة التي لا يشوبها نكد، حزن، أو ألم، حياة طريقها واحد وعابروها هم أولئك الذين سجلوا بطاقات مرورهم بحبر دمائهم، بهوية إيمانهم الصادقة، بحبهم الأوحد الذي تلاشت أمامه كل مغريات الحياة الفانية، حبهم لخالقهم الذي جعلهم يمتثلون لأوامره ويلبون داعي الجهاد حين أعلن النفير فكانوا فرسان ساحات الوغى بجدارة فتهاوى من بأس ضرباتهم كل عدو وخائن لله والوطن .. ضحوا بأرواحهم ليبقى الوطن مستقلا ويبقى ثراه طاهراً من دنس كل الأعداء، صدقوا مع الله فأحبهم ورفعهم مكاناً علياً إلى جواره وكان حقاً عليه أن يرضيهم وأن يجزيهم حياة الخالدين في جنات النعيم في حين أن كل ما عداهم من البشر في الحياة الدنيا أحياء أموات…

قال تعالى:(و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون) صدق الله العظيم.

حياة بذل وعطاء في سبيل الله كانت تلك هي حياة الشهيد أحمد المطهر فكان جديراً بأن يحمل لقب شهيد وأن يظفر بوسام الشهادة التي لا ينالها إلا من اصطفاهم الله من خيرة خلقه..

الشهيد أحمد علي أمير الدين المطهر_ استشهد في لحج 11 /5/ 2015م

بذرة غرست في أرض خصبة بحب الله ومعاني الدفاع عن الحق والتضحية في سبيل الله والدين والوطن الجليلة ومبادئ الإخلاص في الأقوال والأعمال فأينعت تلك البذرة وأصبحت شجرة مثمرة محملة بأطيب الخصال والفضائل… هو أحمد المطهر… درس الشريعة والقانون في جامعة صنعاء واستعد لدراسة الماجستير… وكان أحمد أب لولدين ونال فيما بعد وظيفة حكومية….

عرف أحمد الحق وكان من جنوده.. التحق بالمسيرة منذ الحرب الرابعة… رغم الآلآم التي كان يعاني منها أحمد حيث وقد كان مريضاً بالقلب إلا أنه ترك الراحة وحضن الأسرة وتناسى أوجاعه وآثر الذهاب إلى ميادين القتال مجاهداً ضد العدوان السعودي الأمريكي الذي أمعن في قتل الأبرياء من أبناء الوطن… كان أحمد المطهر مجاهد عظيم شجاع مقدام جواد يؤثر المستضعفين والفقراء على نفسه ومن أحد المواقف الشاهدة على عظمة هذا الشهيد أنه وفي الحرب الخامسة في صعدة أراد النزوح بأسرته إلى صنعاء وصادف أن وجد نازحاً شكا عليه فقره وقله ذات اليد وعدم وجود المال الذي يمكنه من النزوح فقام أحمد وبكل سخاء وإيثار بإعطائه كل ما يملك فذهب بأسرته إلى المسلحقات شرق مدينة صعدة لأنه لم يعد يملك المال للسفر إلى صنعاء…

جاهد أحمد بقلمه وجاهد بنشر الهدى والتوعية حيث كان مشرفاً على منطقته وجاهد بكل استبسال في مختلف الجبهات وكان مكلفاً بتأمين الخط الرابط بين كرش والعند، ارتقى زيد أخو أحمد شهيداً في لحج في 15 /4/ 2015م نقل أحمد أخاه الشهيد إلى صنعاء وبعد إتمام تشييعه عاد فوراً إلى الجبهات بعزيمة قوية رافضاً الذل والخضوع للأعداء والمنافقين وبعد ثلاثة أسابيع من استشهاد أخيه ارتقى أحمد المطهر أيضاً إلى جوار ربه شهيداً بعد مسيرة جهاد بطولية عظيمة… تلقت أسرة أحمد خبر استشهاده بكل ثبات وصبر وحمد لله. دُفِن أحمد جوار أخيه زيد و تجمعت حشود كبيره في تشييعه وووري جثمانه الطاهر في روضة الشهداء في حي الجراف، يقول والد الشهيد أحمد:

(التحق أحمد بأخيه زيد شهيداً والحمد لله… وسبق وأن وعدت أن أقدم أولادي وأولاد أولادي وأولاد أخواني كلهم في سبيل الله… لديهم الأموال لشراء القتلة ولدينا الشباب المتسلح بالإيمان).
وتقول أخت الشهيد:

(اشتقت لك اخي بقدر حنانك الذي كان يغمر الكون والأشياء .. بقدر الوهج الذي يسكن ابتسامتك الشامخة الدافئة .. بقدر الإحسان الذي كنت لا تنفك تجود به لكل من حولك .
كان الوفاء سمة لا تفارقك .. لحقت سريعا بزيد .. في فترة لم تتجاوز الخمسة والعشرين يوما.
علمتنا أن عظمة التضحية تمحو آلام الحرمان .. ولذا خبأت في قلبي معاني شجاعتك فخففت عني أعاصير اشتياقي لك .

ما زالت نبرة صوتك واضحة في مسامعي .. أسمعك جليا وأنت تحثنا على الجهاد والإنفاق والإخلاص .
ما زلت أشعر بخفقات قلبك المجهدة وهي تتحدى الآلام .. ثم تعلو بشموخ إلى مصافي الخلود .
أعدك أن اقتفي أثر الصمود والكبرياء الذي سرت عليه ..ولا أحيد عنه أبدا.
أما وصية الشهيد أحمد المطهر لجميع أحرار اليمن الشرفاء فتقول:

(أوصي والدي ووالدتي وزوجتي وولدي وإخوتي وكل معارفي بالجهاد في سبيل الله ونصرة الحق وإعلاء كلمة الحق . وأوصيكم بالصبر والصلاة والإكثار من الإنفاق، وأقول لكم إن هذه المسيرة المباركة مسيرة القرآن ونصرة المظلوم وإحياء الدين . والله إنه من تمسك بها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى ففيها جمع الله القرآن وأهل البيت الذين هم قرناء القرآن فسيروا يا رجال الله على نهج رسول الله صلى الله عليه وآله، فإنه كان في طليعة المجاهدين ولم يخف سيفاً أو رمحاً ولم يردعه جرح أو ألم فهو خير من نقتدي به ونسير على خطاه .
فوالله إن الحياة مع الظالمين إلا برما .

والسلام عليكم وعلى شهداء القرآن . ونقول للأعداء والله إنكم مهزومون وستولون الدبر وإنا منتصرون لأننا مع الله وأنتم مع الشيطان . والعاقبة للمتقين .

وسلام على كل المجاهدين الأحرار ورحمة الله وبركاته).

سلام الله على روحك الطاهرة يا شهيد الحق وثق بأنا يا أحمد على درب الجهاد والشهادة ماضون ولن نرضى إلا أن نعيش أحراراً كرماء على أرض يمن الحضارة والإباء.. فنم يا أحمد في جنات النعيم قرير العين فأبناء الوطن لن يفرطوا ولو في حبة رمل من ثرى هذا الوطن الغالي…

صحيفة الثورة
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com