الشعار معيار هوية الأمة
محمد الشميري
إن أي توجه أو حركة أو تكتل يتشكل تكوينه وتكتله وفق أبجدياته ومن وحي أهدافه التي عليها ينطوي وحولها يتمحور، أما الشكل الخارجي فيكون عاكساً للهوية والمعتقد المتمثل في المعالم والدلائل والرموز والشعارات.
والشعار له مضمون واسع وهادفية كبيرة في حياة الأمم والشعوب لما يتمثل فيه من قيم يتبناها أصحابه ورافعوه؛ يجسدون فيه روح مبادئهم وأهدافهم، فيصاغ ليخدم الهدف المنشود بغية وصول تلك الأفكار، وتغلغلها لدى الجماهير، فالأذان شعار للدين وسنة للمسلمين، والنبي صلى الله عليه وآله يقول: ((أتاني جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها شعار الحج)).
والحركات والطوائف والقوى والتكتلات عبر التاريخ لابد أن يبرز لكل منها شعار خاص بها وفق معطياتها وأهدافها وفاعليتها، ومن هذا المنطلق ترفع الهتافات، وتصمم شعارات الشركات والمؤسسات وأعلام الدول وغيرها من الشعارات الدينية والقومية والسياسية والتجارية كالعلامات التجارية الخاصة بالماركات والشركات المصنعة، وحتى العسكرية كالشارات والرتب، مع ملاحظة الفارق بين صدق الشعار مع مضمونه وتوجهه ودوره وفاعليته، وبين أن يكون بريقاً ملفتاً خاوياً من الفاعلية، أو موجهاً لغير هدفه ومحتواه.
والماسونية لها رموز وشعارات كثيرة تكرس اليهودية بطرق مختلفة أبرزها وعلى رأسها (النجمة السداسية) وهي تمثل بزعمهم نجمة داوود التي تتكون من تقابل الزاوية والفرجار، ووضع أحدهما على الآخر، ثم (صورة الهيكل) يشيرون بها إلى هيكل سليمان عليه السلام، ويقصدون به هيكل القوة الخفية أي المكان الذي عقد المؤسسون الأُول جلساتهم في إحدى أقبيته، و(الحية النحاسية المثلثة الرأس) ويرمزون بها إلى هدم الرئاسة الدينية والمدنية والعسكرية، و(الشمعدان) وهو تذكار لشمعدان فقد من الهيكل، وهو شعار إسرائيل اليوم، وهو ما تم رسمه مؤخراً على الجدران التي عليها آثار المواجهة المسلحة في العاصمة اليمنية صنعاء!!
ومن تلك الشعارات الخاصة بالماسونية (الهلال) المتناقص الذي تكون صورته على شكل حرف( C ) بالإنجليزية، ومن الهلال كونوا لهم شعار الـ (ين يانغ Yin Yang) وهو الهلال المنقوص والنجمة. فهو من شعاراتهم المشتركة. فـ (ين) تعني الهلال العرجون. ويمثل آلهة القمر (ديانا). و(يانغ) تعني النجمة, التي تمثل ألهة الحب فينوس
وكان محفل (الهلال) التابع للشرق الأكبر العثماني, من أكبر المحافل الماسونية في لبنان. وسجل بعض أفراد هذا المحفل نشاطاً مشبوهاً في مجال الصحافة والإعلام, التي روجوا من خلالها أفكارهم بطرق ملتوية ومخادعة. . ومنهم جورجي زيدان الذي أطلق على مجلته اسم (الهلال). مستغلاً ما يشاع بين الناس من أن الهلال رمز إسلامي. فاتخذ من الهلال المقلوب والمنقوص ( C ) شعاراً لمجلته. معبراً بهذا العمل عن معتقداته الماسونية.
ومن هنا نعرف منظمة (الهلال الأحمر) بانتهاجها الطريقة الماسونية من اتخاذها الهلال المعكوس شعاراً ورمزاً.
وعلى هذا سارت منظمة فرسان مالطا على النهج الماسوني. فوضعت الهلال المرسوم على شكل حرف ( C ) على علمها البحري. وهي المنظمة المعروفة بعدائها القديم للإسلام والمسلمين. والتي كانت تمارس أبشع أنواع القرصنة البحرية ضد السفن الإسلامية, وتشن أشرس الغارات على السواحل العربية الواقعة شمال أفريقيا..
ومن العجب العجاب. والمفارقات التاريخية التي تبعث على الدهشة والاستياء. أن نرى معظم الدول الإسلامية تضع الهلال المعكوس أو المقلوب على أعلامها الوطنية ومن أمثلة ذلك العلم التركي الذي كان يمثل علم الدولة العثمانية، والشاهد على تغلغل الماسونية في الامبراطورية العثمانية انخراط سلطانها (مراد الخامس) في المسلك الماسوني وهو الشقيق الأكبر للسلطان (عبدالحميد الثاني).
وهذا ما يستدعي التوقف وإعادة النظر من قِبل الدول الإسلامية في تصاميم أعلامها الوطنية.
واسترسلت في شعار الماسونية وانتشاره للمقارنة بين ترسيخهم لشعاراتهم ونشرهم لها انطلاقاً من الغاية الكبيرة والشعار العام أنهم (شعب الله المختار)، وبين انحسار وتقاعس المسلمين عن دورهم في الاعتزاز بشعاراتهم ناهيك عن تعميمها ونشرها بل عجزهم عن الالتفاف حول شعار بارز يجمعهم ويوضح هويتهم وثقافتهم، وإلا فالشعارات كثيرة في التاريخ كشعار إسرائيل (شعب الله المختار)، وكشعار هتلر (ألمانيا فوق الجميع) وكـ(الصليب) عند المسيحيين، و(عجلة الحق) عند البوذيين، و(نجمة داوود) عند اليهود، و(طول اللحية وقصر الثوب) عند بعض الطوائف المتطرفة، و(لا حكم إلا لله) عند الخوارج، و(لا إله والحياة مادة) عند الماديين، و(لنا عزى ولا عزى لكم) عند المشركين في غزوة أحد.
وفي المقابل لدى المسلمين وفي تراثهم الإسلامي والعربي (الله مولانا ولا مولى لكم) شعار النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة أحد رداً على المشركين، و(يا منصور أمت) شعار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو نفس الشعار الذي هتف به الإمام زيد بن علي عليه السلام، وكالشعار الذي هتف به عمر المختار (نحن شعب نموت أو ننتصر)، وشعار علي بن الحسين عليه السلام الذي رفعه في وجه ابن زياد (أبالموت تهدنني يا ابن زياد، فإن الموت لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة)، وشعار التوابين (يا لثارات الحسين)، وشعار الإمام الحسين بن علي عليه السلام المدوي والخالد: (إني لا أرى الموت إلا سعادة)، و(هيهات منا الذلة) وعلى هذا النهج وهذا السبيل كان وسار أئمة أهل البيت عليهم السلام آخرهم الإمام الخميني، ثم السيد العظيم الحسين بن بدر الدين الحوثي
أنا يا حسين بطولةٌ لم تنتهِ
بدم الشهيد نسجتها راياتي
وتلوتها (هيهات منا ذلة)
أسمعت آفاق الدنى آياتي
أنا يا حسين بك استبان لي الهدى
بك أهتدي في يقظتي وسباتي
نهج الحسين شريعتي وعقيدتي
وبصيرتي ومعزتي ونجاتي
أنا في دمي تجري تلاوة هديه
ديني الشعار وراتبي وصلاتي
فقارن أخي القارئ الكريم بين أن يكون شعارك نجمةً أو هلالاً أو صنماً أو تمثالاً وبين أن يكون شعارك الله الكبير الذي بيده ملكوت كل شيء عليه تتوكل وبه تثق وإليه تلجأ ومنه تستمد العون والنصر والتأييد
إمامَ البطولةِ أما أنا
فيحلو بدربك ليْ مصرعي
إليكَ انتمت هاهنا أحرفي
وقلبي لمن جار لم يركعِ
رفعتُ شعارك لن أنثني
جيوشَ الطغاةِ ألا فاسمعي