لماذا لا تستطيع واشنطن التخلي عن قطر؟.. مجلة أميركية تجيب
يمانيون -متابعات
اعتبر مقال نشر بمجلة National Interest الأميركية أن توقيع قطر لاتفاق لمكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة أحرج دول الحصار بل يضع هذه الدول في دائرة التساؤلات بشأن دورها في مكافحة الإرهاب خاصة أنها لم توقع اتفاقاً مماثلاً مع واشنطن.
وقال جورجيو كافييرو: مؤسس شركة “جولف ستيت أناليتكس” للاستشارات الجيوسياسية الأميركية إن الصحفيين في وسائل إعلاميةٍ في الشرق الأوسط انخرطوا في التشهير والإساءات مذ قطعت السعودية والإمارات ومصر والبحرين علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر، الشهر الماضي يونيو 2017، على خلفية اتهامات دعم الدوحة لتنظيم (داعش)، وتنظيم القاعدة.
ويضيف قائلاً “ومع أن بعض الناس يرون أن هذه خطوةٌ طال انتظارها، يجادل آخرون بأن السعودية حين وجَّهَت هذا الاتهام قد صارت أقرب لأن تعيب غيرها والعيب فيها، وأن الرياض عزَّزَت التطرُّف العنيف عبر العالم الإسلامي، أكثر من أي عاصمةٍ أخرى.
ماذا تنوي أميركا أن تفعل مع دول الخليج ؟
ويرى الكاتب أنه من الواضح، بناءً على المؤسسة الدبلوماسية الأميركية والتصريحات الصادرة عن وزارة الدفاع (البنتاغون) والخطوات التي اتخذتها منذ اندلاعِ أزمة قطر، أن واشنطن تُخطِّط للاستمرار في العمل عن قربٍ مع دول مجلس التعاون الخليجي في مكافحة الإرهاب.
إلا أن الرسائل المُلتَبَسة التي صدرت عن المؤسسة الأميركية بخصوص أزمة قطر تُوضِّح الطبيعة المُعقَّدة ومتعدِّدة الأوجه للمزاعم التي سيقَت ضد الإمارة العربية الغنية بالغاز الطبيعي.
وأشار مسؤولون رفيعو المستوى من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري في واشنطن إلى الدوحة و/أو الرياض، مُوضِّحين أن كليهما يُمثِّل جزءاً من المشكلة. وخلال رئاسة باراك أوباما، أثارت علاقات قطر بحماس وغيرها من الفصائل الإسلامية موجةً من الإدانة من قِبَلِ المُشرِّعين الأميركيين.
وقال جون كيري، العضو السابق بمجلس الشيوخ الأميركي في عام 2009، إن “قطر لا يمكنها الاستمرار في التحالف مع الولايات المتحدة يوم الإثنين، وأن تُرسِل أموالاً لحماس يوم الثلاثاء”.
واتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مسؤولين رفيعي المستوى في الدوحة، الشهر الماضي يونيو/حزيران 2017، بدعم الإرهاب.
ولكن الكاتب يلفت إلى أنه في وقتٍ سابق من هذا الشهر، يوليو/تموز 20171، ورداً على المطالب الثلاثة عشر التي قدَّمتها الدول الأربع للتصالح مع الدوحة، أكَّدَ روبرت هاموند، كبير مستشاري وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، إن “هذا طريقٌ ذو اتجاهين”، وأنه “لا توجد أيد نظيفة في هذا الأمر”.
وفي 12 يوليو/تموز، صرَّح السيناتور بوب كوركر، الذي يترأس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بأن “قدرَ الدعمِ الذي تُقدِّمه السعودية للإرهاب يتقزَّم أمام ما تفعله قطر”.
وفي العام الماضي، 2016، تجاهَلَ المُشرِّعون الأميركيون تصويتاً سابقاً بالفيتو لأوباما، ومرَّروا قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب”، الذي يقضي بأن الحكومة السعودية ضالعةٌ في هجمات 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية. وأثناء حملته الانتخابية، كان ترامب قد أيَّدَ التشريع، وهو الأمر الذي فعلته هيلاري كلينتون أيضاً، لكن مستقبل القانون الآن يشوبه قدرٌ من الريبة.
معقولة جداً
وأشار الكاتب إلى أنه في أعقاب جولة تيلرسون المكوكية بين دول مجلس التعاون، والتي قال فيها إن استجابة الدوحة لمطالب الدول الأربع كانت “معقولةً جداً”، يتضح أن المؤسسة الدبلوماسية الأميركية مستمرةٌ في اعتبار قطر حليفاً لأميركا. وعلاوة على ذلك، وقَّعَت الولايات المتحدة وقطر اتفاقاً لمكافحة الإرهاب حين كان تيلرسون في الدوحة في 11 يوليو/تموز، وتلى هذا الاتفاق استكمال الدولتين لصفقة الطائرات الحربية التي تُقدَّر قيمتها بـ12 مليار دولار، والتي عُقِدَت في يونيو/حزيران. ومن المؤكَّد، رغم تغريدات الرئيس على موقع تويتر الشهر الماضي، يونيو/حزيران، أن واشنطن والدوحة تتفقان على الحفاظِ على علاقاتٍ وثيقةٍ بالتوازي مع رفض واشنطن حصار الدول الأربع لقطر.
هل تتوجه الأنظار للسعودية؟
يتساءل الكاتب هل سيحوِّل هذا الاتفاق بؤرة التركيز تجاه الرياض وغيرها من عواصم دول مجلس التعاون، التي اتهمت الدوحة برعاية التطرُّف؟ يبدو الأمر كذلك. والآن بإمكان القطريين القول بأنهم يمتثلون لمعايير واشنطن في مكافحة الإرهاب.
وعلى دول التكتل الذي تتزعَّمه السعودية والإمارات إما أن تستجيب للضغط وتُوقِّع اتفاقياتٍ مشابهة، أو أن تُوضِّح الأسباب الكامنة وراء رفضها ذلك.
على أيةِ حال، يقوِّض توقيع واشنطن والدوحة هذا الاتفاق جهود الدول الأربع في إقناع الولايات المتحدة برؤية قطر من خلال عدساتهم، حسبما يرى جورجيو كافييرو.
ويضيف مع كل التحديات التي تواجه البيت الأبيض في التواصل مع أطراف الأزمة، فإن الحكومة الأميركية مُلزَمةٌ بتوطيد تعاون واشنطن مع كلٍ من السعودية وقطر على صعيدِ مكافحة الإرهاب، وهي كذلك تنوي دفع الرياض والدوحة تجاه المصالحة.
ويهدف تيلرسون إلى توطيد موقع الولايات المتحدة وحلفائها العرب السُنَّة في مواجهة “داعش” وغيرها من القوى الجهادية الأصولية، وكذلك تنامي نفوذ إيران.
وإذا أثبتت الجهود الدبلوماسية فشلها في التوسُّطِ في حلٍ لأزمةِ قطر بحيث يخرج منها كلا الجانبين بأمنٍ وكرامة، فستواجه إدارة ترامب بيئةً أكثر تحدياً في الشرق الأوسط، ما سيقلِّص قدرة البيت الأبيض على إنجاز أهدافه في المنطقة