بعد عام .. لابد من إعادة النظر
يمانيون | كتابات | حمير العزكي
بمرور عام على تشكيل المجلس السياسي الأعلى واستلامه سلطة الحكم في البلاد ، تتباين وجهات النظر حول فعالية المجلس وتقييم أدائه ، وذلك حسب المعطيات والزوايا التي يتم النظر منها الى طبيعة المجلس ودواعي نشأته وأهدافه وأولوياته .
يتزامن مرور عام على تشكيل المجلس السياسي الاعلى مع مرور العام ذاته على انقطاع مرتبات موظفي الدولة عسكريين ومدنيين وهذا الانقطاع المتزامن مع التشكيل تسبب في عقدة لدى الغالبية من تفهم دور وأداء المجلس كما تسبب بحدوث شلل في التفكير بمنطقية في ما يدور في البلاد بصورة عامة داخليا وخارجيا .
وتحت تأثير الحاجة التي تجعل من صاحبها أعمى لا يرى الا قضاءها وتركيبتنا العاطفية اللحظية والحنين الدائم للماضي وقفنا نبكي على أطلال اللجنة الثورية العليا وحتى على أطلال ما قبلها ، متجاهلين ولسنا نجهل ومتغافلين عما ليس يغفل ، بأن المتغيرات الطارئة على الساحة اليمنية برمتها من عدوان وحصار تلاهما قرار نقل البنك المركزي الى عدن ، أمور كفيلة بخلق حالة من العجز التام لأعرق وأعتى الانظمة الحاكمة وأكثرها خبرة وقدرة وكفاءة .
أخفت قسوة المعاناة و مرارة الحاجة عن أعيننا حقيقة أن قدرة السلطة الحاكمة في الاستقرار النسبي أكبر بكثير من قدرة أي سلطة أخرى في ظروف عدوان وحرب وحصار شامل ، وأن قدرة وفعالية السلطة الحاكمة بزخم ثوري أكبر من أي سلطة تحكم بنفس توافقي ، وأن تشكيل المجلس السياسي الأعلى لم يكن ترفا سياسيا أو تجربة سياسية لإنتاج نظام حكم جديد بغية ان يضرب به المثل ولم يكن حلا مطروحا للتفاوض حوله وقابلا للتعديل والتحسين ، بل كان خيارا لا ثاني ولا ثالث له وضرورة لابديل عنها لتلافي ما يمكن تلافيه من الاوضاع التي تكثفت جهود وممارسات العدوان وأذنابه لإيصالها الى الهاوية .
لابد من إعادة النظر في تقييمنا لأداء ودور المجلس السياسي من منطلق طبيعته والظروف التي فرضت تشكيله وصاحبت نشأته ومهامه لا من منطلق ما نحتاجه وما قدمه في سبيل ما نحتاجه ، من منطلق سياسي لا من منطلق اقتصادي لا يمكن أن تتجنب تدهوره أكبر اقتصادات العالم في أتون الأزمات فكيف بالحروب وكيف بالأحرى في عدوان عالمي غاشم ومستكبر ، من منطلق ما الذي استطاع الحفاظ عليه وليس ما الذي استطاع إضافته .
لابد من إعادة النظر ولا يعني ذلك إنكار وجود القصور في الأداء أو عدم الوصول ﻻدنى سقف مطلوب من التطلعات ولكن مع ثبوت ذلك يجب العذر وتحديد جوانب القصور وليس التعميم والتفريق بينما هو داخل في إطار وقدرات المجلس السياسي وما ليس في ذلك الاطار .
لابد من إعادة النظر كررها اليوم رئيس المجلس السياسي في فعالية الذكرى الأولى للتشكيل ، الفعالية التي حدد اطارها في مستهل كلمته أنها ليست فرحا ولا ابتهاجا بتشكيل المجلس وإنما تنبيه للالتفات الى ظروف المرحلة وخطورتها ، وإعادة النظر التي تحدث عنها فخامة الرئيس الصماد كانت في مسألتين بالغتا الأهمية الأولى : فيمن يعيقون أداء المجلس وإنجاز الاصلاحات الضرورية للاختلالات التي يعانيها الجهاز الإداري للدولة والثانية : في برنامج الحكومة الأداة التنفيذية لسياسة المجلس وبما يكفل منع أي من الأطراف من المزايدة على أدائها وبالتالي بما يرفع عنها عذر المعوقات والمناكفات عند تقصيرها .
وبعد مرور عام على تشكيل المجلس السياسي فإن المراجعة والتقييم للأداء والموقف أمر إيجابي وأعاده النظر فيما يمثل أهم المعوقات في طريق مهام المجلس والمواجهة والمكاشفة والجدية والحزم التي وعد بها الرئيس الصماد أمور تبعث على التفاؤل وترسل بصيص ضوء في عتمة مشهد مهدد بالانفجار عصي على الانهيار ، على أمل ألا يطول على كل ذلك الأمد فتقسو الكلمات وتنكسر حرارتها وفاعليتها.