صاروخ كوريا الشمالية الذي يبث الرعب في اليابان تحد جديد وخطير لترامب وإدارته.. كيف سيكون الرد الأمريكي؟ وهل بِتنا على حافة الحرب النووية؟
يمانيون -متابعات
عندما يَستخدم الرئيس دونالد ترامب التّعبير الأثير إلى قلبه، الذي استخدمه أكثر من عشر مرّاتٍ مُنذ دُخوله البيت الأبيض رسميًّا أول هذا العام، وهو “أن كل الخَيارات مَفتوحة”، في تعاطي حُكومته مع التهديد الكوري الشّمالي الباليستي الأحدث لإدارته وحُلفائها في شرق آسيا، فإن هذهِ العبارة فَقدت معناها، ولم تَنجح في إرهاب أو تخويف الرئيس كيم جونغ أون، أو تُوقف تجاربه النوويّة والباليستيّة، بل بدأت تُعطي نتائج عكسيّةٍ، والمَزيد من الإحراج للإدارة الأمريكية.
أفاق اليابانيون من النّوم في ساعةٍ مُبكرةٍ صباح اليوم الثلاثاء (السادسة صباحًا)، على رسائل نصيّةٍ على هواتفهم المَحمولة، بَعثت بها حُكومتهم تُطالبهم بالحَذر واللّجوء إلى المَلاجِئ والأماكن الآمنة، لأن صاروخًا باليستيًّا من كوريا الشماليّة يُحلّق فوق رؤوسهم، وصفّارات الإنذار أطلقت العَنان لعَويلها، ومحطّات التلفزة تُطالب المُواطنين بعدم الاقتراب من أي أجسامٍ مشبوهة، وضرورة الاتصال بالشرطة في حال رصدها.
الصاروخ الباليستي الكوري الشمالي حلّق فوق اليابسة الشماليّة اليابانيّة لمُدّة دقيقتين فقط قبل أن يَسقط في البحر، ولكنّه أحدث زلزالاً أمنيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا، وَصلت تداعياته إلى أوروبا والعُمق الأمريكي، فالبورصات شَهدت حالةً من الهَلع، وسجّلت انهياراتٍ مَلحوظةً في شرق آسيا وأمريكا وأوروبا، ولجأ بعض المُستثمرين إلى ملاذاتٍ آمنةٍ مثل الذهب والفرنك السويسري تحسّبًا للأسوأ.
إطلاق هذا الصاروخ الكوري، جاء ردًّا على العُقوبات الاقتصاديّة التي فَرضتها الولايات المتحدة على بيونغ يانغ، عبر مجلس الأمن الدّولي قبل أسبوعين، ومن المُتوقّع أن تُكلّف الخزينة الكورية الشمالية مليار دولار إضافي، لكن انهيار البورصات الأمريكية والأوروبية واليابانية والكورية الجنوبية، زاد عن عشرات المليارات من الدولارات من الخسائر في الدقائق الأولى لإعلان النبأ.
الرئيس كيم جونغ أون، وبإطلاق هذا الصاروخ، وفي هذا التوقيت، أراد أن يقول لواشنطن، أنه مُستمرٌّ في تجاربه النووية والباليستيّة، وأنه جادٌ جدًّا في تهديداته بالانتقام من أمريكا وحُلفائها في حال تعرّضت بلاده لأي هُجوم، وأن تلويحه بضرب القاعدة العسكرية الأمريكية النووية في جزيرة غوام في المُحيط الهادي، تهديدٌ جدّيٌ وليس “مزحة”.
هذه هي اللّغة الأقوى التي تَفهمها الولايات المتحدة، وتُربك كل حساباتها، وتُثير حالةً من الرّعب في صُفوف حُلفائها، فكوريا عانت من التدخّل الأمريكي، ودَفعت ثمنًا باهظًا وصل إلى حوالي خمسة ملايين قتيل، وتقسيم الجزيرة، ومن هُنا فإن من حق كوريا الشمالية أن تمتلك أسباب القوّة والرّدع لحماية نفسها من أي عُدوانٍ أمريكي جديد، سواء كان تقليديًّا أو نوويًّا.
الطريق الأقصر للسلام في كوريا، وكل أنحاء العالم، هو التّراجع عن الغَطرسة، والتهديدات باستخدام القوّة، والانخراط في حوارٍ جدّي، يكون أبرز عناوينه الاعتراف بحَق الشعوب في امتلاك قوّة الرّدع، والدّفاع عن النفس، وعلى قدم المُساواة، والشعب الكوري الشمالي على رأسها.
لسنا من دُعاة الحرب، ونُؤمن إيمانًا راسخًا في هذه الصحيفة “رأي اليوم” بالحِوار والسّلام، ولكن عندما تكون هناك إدارة أمريكية يَقودها زعيمٌ مُتهوّرٌ، جاهلٌ، أحمق، يُؤمن بالحروب كأقصر الطرق للوصول إلى الصفقات التجارية الماليّة، فإن العالم كُلّه يجب أن يتوحّد في مُواجهته وإدارته لمَنع شُروره التي تُهدّد بالدّمار الشامل، في أجزاءٍ عديدةٍ من كَوكبنا.
“رأي اليوم”