مدلولات اللقاء ” الأول ” !!
محمد أحمد الحاكم
في حدث هو الأبرز على المستوى الداخلي والخارجي , جرى يوم الأربعاء أول لقاء قيادي تشاوري مباشر بين قيادتي ” أنصار الله ” ممثلة بالسيد القائد / عبدالملك بدر الدين الحوثي , و” المؤتمر الشعبي العام “ممثلة برئيس الجمهورية اليمنية الأسبق , رئيس المؤتمر الزعيم / علي عبدالله صالح , وذلك منذ التوقيع على الإتفاق السياسي الذي جرى بينهما في الـ28 من شهر يوليو عام 2016م , لقاء حمل في طياته الكثير من المعاني والمدلولات السياسية على عدة مستويات الداخلية منها أو الخارجية .
المعاني والمدلولات التي تشير إلى طبيعة ونتائج هذا اللقاء تعد كثيرة ومتعددة ومتنوعة , وعلى الرغم من أن والوقت لا يسمح لنا بسردها بصورة كلية , إلا أنه يمكننا سرد بعض منها خاصة تلك التي تحمل في طياتها الطابع المميز والأهم , وذلك انطلاقا من مبدأ تعزيز التلاحم الفكري سياسياً واجتماعيا فيما بين الأوساط الشعبية المتعددة والمختلفة , والتي يمكننا إيجازها على الصورة التالية :-
أولاً / على مستوى طبيعة اللقاء , وحجم الاهتمام ..!!المتابع لما تضمنته الأخبار والتحليلات السياسية التي تتحدث في هذا الشأن يمكن له أن يستشف من خلالها وخاصة في هذا الجانب العديد من النقاط , يمكن أن أبرزها في ما يلي :-
1- إن هذا اللقاء قد أكد لنا مستوى وحجم الحساسية العالية للخلاف القائم بين المكونين , حساسية تؤكد على أن الوضع لم يعد يقبل التحاور فيما بين المكونين على مستوى القيادات العليا من الصف الأول أو الوسطى لكليهما .
2- إن هذا اللقاء جاء سريعاً وغير متوقع لدى غالبية الأوساط الشعبية والفكرية والسياسية , وذلك بغية تحجيم وتصغير مستوى تنامي وتطور حدة هذا الخلاف , وفي أسرع وقت ممكن .
3- إن ما يؤكد على مستوى الاهتمام القيادي لكلا المكونين على تلافي تلك الحساسية في الخلاف بغية التقليل من شأنها وحدتها ..!!
يكمن في القوة التي تميز بها هذا اللقاء , وذلك من خلال واحدية الرؤى والأفكار التي أوردتها قيادتا هذين المكونين , واحدية أكدت على مستوى وحجم الحرص الوطني لكلتا القيادتين على تفادي الخلاف بالطرق السلمية , على اعتبار أن هذه الواحدية تمثل أصح الطرق التي تؤدي إلى حفظ كيان الدولة وصيانة مقدراتها , عبر المحافظة على وحدة الصف الداخلي وتعزيز الشراكة الحقيقية بين المكونين .
4- أضف إلى ذلك …
إن هذا اللقاء قد أكد على ما تمتلكه كلتا القيادتين من رغبة كاملة وتامة تقوم على التأكيد من جديد على ضرورة الإرتكاز على أهم المحاور الرئيسية التي قامت عليها هذه الشراكة والمتمثلة في تطبيق الدستور والقوانين النافذة , وكذا وفقاً للاتفاق السياسي الموقع بينهما في 28/7/2016م , والذي تم تشكيل المجلس السياسي الأعلى بناءً على مقتضاه , وذلك كإطار مؤسسي رئيسي يستوجب على كلا الطرفين عدم الخروج عنه , وعلى أن تكون الرؤى والأفكار التي يؤمن بها كل طرف يجب أن تكون خارج نطاق العمل المؤسسي النافذ .ثانياً / الأثر الذي حققه هذا اللقاء على المستوى الخارجي .باختصار ..
يمكننا أن نشير إلى أن هذا اللقاء قد مثل صفعة جديدة تضاف إلى الصفعات التي قدمها وما زال يقدمها هذان المكونان السياسيان الوطنيان , واللذان لطالما راهنت قوى العدوان على تأجيج حدة الخلاف بينهما بهدف تفكك التحالف الوطني الذي جمعهما في خندق واحد في مواجهة تلك القوى العدوانية , والوصول إلى تحقيق مصالحها السياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها في الشأن اليمني ككل , وعلى رأسها تحقيق الانتصار على هذه القوى الوطنية الحرة .
ثالثاً / استقراء وتحليل ما جاء في أبرز التصريحات الإعلامية لكلا المكونين .في هذا الجانب , ومن خلال متابعة أبرز ما جاء في التصريحات الإعلامية لممثلي المكونين كل من الأخ الأستاذ / محمد عبدالسلام , والأخ الأستاذ / نبيل الصوفي , تجد بأن هناك تبايناً نسبياً في طبيعة ومضمون التصريحات الإعلامية لكليهما , وذلك على النحو التالي :-
1- على الرغم من أن كليهما قد أكدا على أن طبيعة القضايا التي جرت مناقشتها بين القائدين قد تمت في إطار واضح وشفاف , وأن القائدين قد عكسا من خلال هذا اللقاء عن مستوى حرصهما الوطني القاضي على ضرورة مواجهة العدوان بكل تحدياته وتجلياته , وبما يعزز بينهما الشراكة الوطنية لما فيه مصلحة البلاد واستقراره الداخلي وتحقيق استقلاله الخارجي , وذلك في إطار إرساء مبدأ الحوار والتفاهم بين مكونيهما , إلا أن طبيعة تصريح الأخ الأستاذ / محمد عبدالسلام كان أكثر اقتضابا , ذلك أنه لم يشر إلى بعض النقاط التي تضمنتها نتائج هذا اللقاء , وذلك مقارنة بما جاء في تصريح الأخ/ نبيل الصوفي , والذي أعتقد أن له في ذلك رؤية سياسية خاصة .
2- تضمن تصريح الأخ الأستاذ/ نبيل الصوفي , بعض النقاط التي لم يوردها الأخ الأستاذ/ محمد عبدالسلام , والتي يمكن أن نوردها على النحو الآتي :-
أ- تحديد مهلة زمنية تصل الى نصف شهر يقوم خلالها المكونان السياسيان بتقديم جدول بالإلتزامات التي سيفرضها كل منهما على نفسه لما يخص الشراكة في إطار العمل المؤسسي , أضف إلى عدم إنفراد أي طرف في إطار هذا العمل بإصدار أي قرار بصورة إنفرادية , كما أنه يجب على كل منهما عدم التبرؤ عن أي قرار تم إصداره بعد أن تم التوافق عليه بالإجماع .
ب- أشار إلى أنه ستتم ” مراجعة القرارات.. وإعادة بناء دولة التحالف الوطني بما يعالج ما ظهر من اختلالات. “ت- أشار إلى أنه ” سيبقى كل طرف منهما، معبرا عن نفسه كحزب أو كجماعة، خارج مؤسسات الدولة، التي تمثل اليمن واليمنيين، وليست وسائل لا للمؤتمر ولا لأنصار الله، الذين سيراقبون بعضهم بعضا كموظفين لدى الدولة، وليسوا ممثلين للأطراف ” وبناءً على هذه النقاط يمكننا استقراء بعض الملاحظات من التي جاءت في ما صرح به الأستاذ/ نبيل الصوفي , والتي سأضعها في إطار التحليل السياسي والنقد السياسي البناء , والتي سأختصرها إجمالاً في النقاط التالية :-
1- أشار إلى أنه ” ستتم مراجعة القرارات ” , وفي هذا يمكننا أن نستشف منه ضمنياً بأن المجلس السياسي الأعلى سيقوم على إعادة النظر في كل قراراته التي أصدرها وبالذات منها الأخيرة , والتي كانت سبباً مباشراً حسب ما رآه المؤتمر , وذلك في تضخيم هذا الخلاف .
2- أشار إلى أنه ستتم ” إعادة بناء دولة التحالف الوطني بما يعالج ما ظهر من اختلالات ” وبناءً على هذا فإنه يمكننا أن نستشف منها بأنه سيقوم المكونان بإعادة صياغة ” الاتفاق السياسي ” المبرم فيما بينهما في 28/7/2016م , على اعتبار أن هناك بعض البنود في هذا الاتفاق تستلزم حذفها أو تعديلها أو إضافة بعض البنود الجديدة والتي ستتم وفق ما تقتضيه المرحلة القادمة .
3- من خلال الإطلاع على البندين السابقين يمكننا أن نستشف من خلالهما أن ” الصوفي ” أراد أن يحقق بعض المكاسب السياسية لحزبه , حيث أراد أن يثبت للوسط الشعبي العام والجماهير المؤيدة لحزبه بشكل خاص من خلال سرده لهاتين النقطتين , الإيحاء بصوابية الرؤية التي يمتلكها حزب المؤتمر في مقابل خطأ أو جهالة الرؤية التي تبناها مكون أنصار الله , وذلك حول وجود أخطاء في بعض القرارات التي أصدرها المجلس السياسي الأعلى , وبالذات منها القرارات الأخيرة والتي صدرت قبل أيام , وبأن ” إعادة بناء دولة التحالف الوطني ” حسب ما أشار إليها ” الصوفي ” هي أيضاً قد أتت وفق تلك الصوابية في الرؤى التي يتبناها حزبه , في مقابل خطأ أو جهالة رؤى الطرف الآخر.
4- من جانب آخر , وعلى افتراض أن المقصد والنية التي كان يحملها ” الصوفي ” لم تكن وفق ما أوردناه في النقطة السابقة , إلا أنها ستقرأ من قبل مؤيدي الطرف الآخر بأن معنى هذه النتائج سوف تفضي إلى أن سبب ما قدمته قيادة وكوادر ” أنصار الله ” من تنازلات سياسية لم تكن من باب الخطأ في رؤاهم السياسية , وإنما من باب الحفاظ على وحدة الصف الوطني وتعزيز مبدأ الشراكة السياسية , وبما يمكنهم جميعاً من مواجهة العدوان ويحقق الانتصار عليه.ختاماً ….
أود أن أؤكد على أن طبيعة هذا اللقاء وما جرى فيه من اتفاق سوف يضع مستقبل اليمن وبالذات في ظل ما تواجهه من تحديات وصعوبات وعقبات خاصة في ظل هذا العدوان الدولي البربري الغاشم وذلك في المحك الذي ما أن وصل إليه الجميع فإنه لن يمكنهم تجاوزه بسلام وأمان مهما كانت تذليلاتهم وتسهيلاتهم السياسية , ذلك أن الوضع الحالي لن يسمح لهم مستقبلاً بأي جولة مفاوضات بينية قد يأملون في إجرائها فيما بينهما , وبالتالي فإنه ومن أجل تفادي تلك العقبات والصعوبات والسير بخطى ثابتة ومدروسة , عبر مسيرة التحرر والتطور والنماء السياسي والإنساني , فإنه يستوجب على كلا المكونين الإلتزام المطلق والشامل بمقتضيات نتائج هذا اللقاء واللقاءات السابقة , وعلى أن يعي ويدرك الجميع بأن التهاون والإخلال جملة وتفصيلاً بأي نقطة أو بند في هذه النتائج سوف يضع البلاد والشعب اليمني في نقطة اللا عودة , والتي تعني وضع البلاد في محك التمزق والإنهيار والتشرذم .