البديل المصرية : اليمن .. استعراض قوة و رسائل استقلال ومبادرات سلام
يمانيون – البديل المصرية – علي جاحز
هل يخرج اليمن من عنق الزجاجة ؟ تساؤل يقفز الى الذهن بمجرد مشاهدة الحشد الجماهيري الكبير الذي شهدته العاصمة صنعاء في الذكرى الثالثة لثورة 21 سبتمبر ، وما رافقه من استعراض بالمدرعات الاماراتية والاليات السعودية في ميدان السبعين ، علاوة على ان خطاب الرئيس الصماد بدا وكانه يتحدث من موقع رئيس الدولة المستقلة ذات المشاريع الاستراتيجية التي ليس اهمها فتح الاراضي اليمنية لثوار المملكة ليسقطوا نظام ال سعود .
وكانت صنعاء قد شهدت احتفالية جماهيرية كبيرة بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة 21 سبتمبر ، حيث احتشد صباحا مئات الالاف في ميدان السبعين والطرق المؤدية اليه من كل الاتجاهات ، في مشهد وصف بالتاريخي ، واعتبر مراقبون ان هذه الحشود والخطابات التي القيت على مسامعها بعثت رسائل عدة للخارج اهمها ان الثورة لاتزال مستمرة وتشهد تأييدا جماهيرا عاليا ، بخلاف ما كان يهدف اليه العدوان الذي كان يطمح في وأدها وفصلها عن الجمهور من خلال الدمار والتجويع والازمات التي خلقها الحصار وفاقمتها الحرب .
المشهد كان واضحا ويمكن ان يقرأ بسهولة للمراقبين ، فالالتفاف الشعبي يؤكد بجلاء انه بات من الصعب على العدوان ان ينجح في تحقيق اهدافه لاعادة ما يسميها الشرعية في ظل وجود هذا الزخم المؤيد للسلطات في صنعاء ، خاصة وانه احتشاد يعبر عن استعداد للذهاب الى الجبهات بشكل اقوى من السابق .
محمد الحوثي يقود مدرعة اماراتية .. وبن حبتور يتوعد بثورة جنوبية :
خلال تلك الفعالية الجماهيرية ظهر رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي وهو يقود مدرعة اماراتية خلال استعراض بعدد منها وعدد كبير من الاليات العسكرية الاخرى في ميدان السبعين امام الجماهير ، وهي رسالة واضحة للامارات والسعودية مفادها ان اسلحتكم الثقيلة باتت تستخدم للاستعراض في صنعاء .
وفي كلمة القاها امام الجماهير نقل في مستهلها تحيات قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي ، قال رئيس الثورية محمد الحوثي ” أتينا أيضا لنؤكد على مضامين متعددة أننا جمهوريون وندعو خلال الأعياد السبتمبرية وعيد أكتوبر ” داعيا الى رفع أعلام اليمن في كل مكان، فليس أجدر بأحد منكم أن يرفع علم وطنه، وليس أولئك الذين يتشدقون برفع الأعلام والذين لا يجدر بهم أن يتحدثوا عن ذلك وهم يغرقون في سبات بفنادق الرياض”..
وفي ما وصف بكونه تجسيد للالتفاف السياسي حول الثورة من قبل المكونات السياسية وعلى راسها المؤتمر الشعبي العام ، اكد رئيس مجلس الوزراء عبدالعزيز صالح بن حبتور الذي يمثل المؤتمر إلى أن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر ما كان لها أن تتحقق إلا بالدماء الزكية وأرواح الشهداء الذين سطروا ملاحم كبيرة في مسيرة الشعب اليمني العظيم “، مؤكدا أن الحكومة معنية برعاية أسر الشهداء والمناضلين الذين ضحوا من أجل هذه الثورات كلها .
وأضاف خلال كلمته التي ألقاها في الاحتفال بالعيد الثالث لثورة 21 سبتمبر قائلا “ وبهذه المناسبة نوصل رسالتنا للعالم أن الأحرار في اليمن هم من يصنعون الثورة وليس أولئك النفر القابعين في فنادق الرياض أو أبو ظبي أو أي عاصمة عربية أخرى وعليهم أن يعرفوا أنهم مؤقتين فقط والثابت هو الشعب اليمني بكل قواه الحية”
وبالقدر الذي اعتبر ان سطور الثورة يتم تصديرها من صنعاء وان لاسلام الا متى ما تم التفاهم مع صنعاء ، أكد رئيس الوزراء أن الرياض وأبو ظبي معنية بالجلوس مع قيادات صنعاء لحل أي اشكالية , وإيقاف العدوان والحصار الذي فرض على الشعب اليمني، معتبرا ما تشهده المحافظات الجنوبية والشرقية هو احتلال مباشر من قبل المحتل السعودي والإماراتي الذي ينكل بالمواطنين الشرفاء في تلك المحافظات واذلالهم ، متوعدا بالثورة الجنوبية على الاحتلال .
لاول مرة في تاريخ اليمن .. فتح الاراضي اليمنية لثوار السعودية :
اليمن الذي يقبع تحت وطأة عدوان وحصار منذ عامين ونصف بدا لاول مرة في تاريخه مبادرا لاحتضان معارضة سعودية على اراضيه بعد ان كانت اليمن في السابق لاتبدو الا كحديقة خلفية للسعودية ، هذا الموقف الجديد ظهر في خطاب رئيس المجلس السياسي الاعلى صالح الصماد الذي دعا الشعب السعودي الى التحرك لاسقاط نظام ال سعود ، ناصحا بالقول ” كلما طال سكوتكم كلما كانت كلفة رفع الاستبداد عنكم أكثر والفرصة سانحة لتحرككم وسيقف معكم كل أحرار العالم وفي مقدمتها الشعب اليمني العظيم. ” ، واكد الصماد الى ان اليمن ” بيئة آمنة لكل الأحرار من المعارضة السعودية ونستقبلكم بكل حفاوة وتوفير بيئة آمنة وضامنة لتحرككم لإسقاط هذا النظام المتخلف الرجعي. ” بحسب قوله .
وفي الخطاب الذي وصفه مراقبون بالتاريخي والاستراتيجي ، وجه الصماد رسائل لدول العدوان وفي مقدمتهم النظامين السعودي والاماراتي ، وقال ” عدوانكم مهما كان حجمه وداعموه ومهما غارت جراحه في شعبنا لن يثنينا عن المضي في مشروعنا التحرري ، واضاف ” أنتم من سيخسر في نهاية المطاف وعليكم أن توقفوا عدوانكم، فالدور قادم عليكم وشعوبكم مهما طال سكوتها نتيجة قمعكم وسطوتكم ستستفيق يوماً ما فتلفظكم إلى مزبلة التاريخ ”
مغازلة دول البريكس .. وعتاب دول العالم :
وفي سياق خطابه الثوري الذي القاه امام الجماهير مباشرة اشاد الرئيس الصماد بما اسماه ” الموقف الايجابي لدول البريكس ” ، معبرا عن امله ان يصل هذا الدور الى الضغط لوقف العدوان والحصار ، وهو ما يعتبره مراقبون مغازلة للبريكس للالتفات لليمن ولما انجزه وحققه طوال الثلاثة الاعوام الماضية على صعيد الصمود واعادة بناء هيكل الدولة ، وهو ما من شأنه ان يؤهل اليمن لتصبح مؤهلة للعب دور ضمن مسارات دول البريكس الاقتصادية والسياسية في حال تم اسنادها لتخرج من ضائقة العدوان والحصار .
وفي الوقت الذي كان الرئيس المستقيل عبدربه منصورهادي يلقي خطابا امام الجمعية العمومية للامم المتحدة كال فيه التهم تجاه من اسماهم الانقلابيين وحملهم مسؤلية تدهور الاوضاع الاقتصادية وانقطاع الرواتب واعاقة الحل السياسي ، كان الرئيس الصماد يتحدث من منصة السبعين مخاطبا زعماء العالم في اجتماع الامم المتحدة ايضا ، واكد الصماد في هذا الصدد على ان اليمن دولة مستقلة وعضو في الامم المتحدة وكل الهيئات الدولية ، منوها الى ان اليمن وشعبها يتعرضون لعدوان ظالم للعام الثالث على التوالي مستهدفا كل المقدرات .
الصماد واثناء مخاطبته زعماء العالم قال ” لايشرف المجتمع الدولي ان يقف مكتوف الايدي دون ان يتدخل لايقاف العدوان والحصار ومحاسبة مجرميه وتعويض الشعب اليمني عن الاضرار التي لحقت به سواء كانت معنوية او نفسية اومادية او بشرية ” ، معتبرا كل العناوين التي رفعها العدوان زائفة وعلى راسها الشرعية المزعومة التي رفتها السعودية لتبرير عدوانها ، مع ان شرعية هادي انتهت بانتهاء فترته في عام 2014م وايضا حين قدم استقالته وسقطت ايضا حين جلب العدوان على اليمن .
وفي حين تصادف المناسبة ذكرى نقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن التي اعلن عنها هادي قبل عام من نفس منصة الامم المتحدة ، طالب الرئيس الصماد بايقاف كل الاجراءات التعسفية التي اقدم عليها العدوان وعلى راسها نقل البنك المركزي واغلاق مطار صنعاء باعتبارها فاقمت الوضع الانساني ومخالفة لكل الدساتير والاعراف الدولية ، وبنفس القدر الذي اعرب الصماد عن الاستعداد للسلام وللمفاوضات ، وجه الاتهامات للامارات والسعودية بنهب ثروات الشعب اليمني مؤخرا في الجنوب .
دور الخارج .. من مبررات الثورة .. الى ذرائع العدوان :
الخطاب الثوري الذي القاه الرئيس الصماد امس امام الجماهير ركز في مستهله على توصيف ثورة 21 سبتمبر ، واشار الى ان الظروف التي ولدت فيها كانت بالغة التعقيد تفاقمت خلالها التدخلات الخارجية والانتهاكات لسيادة اليمن مستدلا بان المارينز الامريكي كان يسيطر على معسكرات باكملها والسفراء الاجانب يتحكمون في ادارة شئون البلاد سواء عبر فرض جرع اقتصادية او تمرير مشاريع التقسيم الى اقاليم بعد ان اضعفو الجيش والامن ، وهي بحسب قوله خطوات للاجهاز على اليمن بررت قيام الثورة .
كما ذكر الرئيس الصماد باتفاق السلم والشراكة الذي خرجت به الثورة وكيف اعاق تنفيذه الخارج ودفعوا هادي وحكومته الى الانقلاب عليه والتمهيد للعدوان ، وقال ” كل الأحداث الرهيبة خلال الخمسة الأشهر الأولی من عمر الثورة تعمدوها لإلهاء الثوار والشعب حتى يتسنى للأمريكان والسعوديين وأدواتهم ترتيب أوراقهم للإجهاز على الثورة والقضاء عليها بعد أن كانوا قد استهدفوا حاضن الثورة وعملوا على تشويهها بكل ما لديهم من إمكانيات. ” ، منوها الى ان الامريكان وادواتهم دشنوا العدوان بعد ستة اشهر من عمر الثورة في 26 مارس 2015م وهدفهم القضاء على الثورة .
ونقل الصماد الصورة بعد دخول العام الثالث من العدوان عبر سرد مختصر لما خلفه العدوان من دمار وقتل وتشريد وتجويع ، ليصل الى القول ” من يركبون على ظهور الدبابات السعودية والإماراتية ويعيشون في فنادق الرياض والإمارات هم من يدمرون الجمهورية اليوم تحت عنوان الحفاظ عليها. ”
خطاب العفو .. اطلاق صحفيين .. ودعوة مؤيدين للعودة :
وفي الشان الداخلي ، اشاد الصماد بالتفاهمات بين المكونات وتفويتها الفرصة للعدوان لتفجير الوضع داخليا ، وفي مبادرة وصفت بالحضارية اطلق الصماد سراح سجناء يحملون صفة صحفيين وحقوقيين ، واصدر قرارا بالعفو عن المحكوم عليه بالاعدام الصحفي يحيى الجبيحي ، وهي خطوة قطعت الطريق على الكثير من المنظمات الانسانية والحقوقية باعتبارها كانت تستخدم ملف هؤلاء السجناء للضغط على السلطات في صنعاء ولتشويه صورتها .
وفي هذا السياق قال الرئيس الصماد ” رغم استثنائية الوضع ومحاولات العدوان لزعزعة الجبهة الداخلية فإننا نؤكد على احترامنا للحريات والحقوق وندعو الجميع للعمل على صيانتها دون تمييز وبما لا يتجاوز إلى الإسهام في تعميق الفرقة والنزاع والخطاب الفتنوي الذي يثير الفرقة والعنصرية والمناطقية. ” ، معلنا مد يد الاخاء لكل من اراد ان يعود من المؤيدين للعدوان .