وكيل وزارة الإعلام لقطاع الصحافة: الإعلام اليمني قدّم قوافل من الشهداء وشكل جبهة صمود نادرة رغم امكاناته المحدودة
¶ العدو السعودي والتحرر من الاستبداد والتبعية أهم القواسم المشتركة لثورتي 21 و26 سبتمبر
¶ الصامدون في صنعاء هم رجال وحماة النظام الجمهوري أما الرياض فمعقل الرجعية والاستبداد
¶ ثورة 21 سبتمبر استمرار للثورات السابقة والتغيير يعني المستقبل وليس العودة إلى الخلف
النظام الجمهوري والديمقراطية والتعددية مكتسبات لن يتنازل عنها الشعب اليمني
الإعلام اليمني قدّم قوافل من الشهداء وشكل جبهة صمود نادرة رغم امكاناته المحدودة
نقابة الصحفيين اليمنيين تحولت إلى طرف سياسي واتحاد الإعلاميين يشمل كل أبناء المهنة
حاوره / محمد محمد إبراهيم
قال المراقب السياسي والكاتب الصحفي عبد الله علي صبري- رئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين:” إن ما يقال أن التدخل السعودي والاماراتي العسكري في اليمن، هو لحماية النظام الجمهوري في اليمن، ليس سوى ضرب من الزيف والهراء.. ومفارقة لا يصدّقها إلا السُّذَج ممن اصبحوا في أحضان الرياض، مسلوبي الرأي والإرادة، متناسين بإدعائهم محاربة الرجعية أنهم في معقل الرجعية أصلاً..”..
مؤكداً أنه لا يمكن للنظام السعودي، أن يقدّم لليمنيين ديمقراطية وحرية وأمناً وسلاماً، وكيف يمكن لنظام ملكي قمعي معاد للديمقراطيات ماضياً وحاضراً، حماية نظام جمهوري يرتكز على الديمقراطية والتعدد السياسي والانتخابات المباشرة للحاكم..”
وقدّم صبري – الذي يشغل وكيلاً لقطاع الصحافة بوزارة الإعلام – في حوار صحفي شامل أجرته معه “الثورة” صورة تحليلية واضحة المعالم لما يشهده حاضر اليمن ونظامه الجمهوري ومقوماته ودولته ومستقبله وتماسكه الاجتماعي من تحديات ومؤامرات..
موضحاً أن العدوان السعودي والتحرر من الاستبداد الداخلي والوصاية الخارجية هي أهم القواسم المشتركة بين ثورتي 21 سبمتبر و2014م التي احتفل اليمنيون بذكراها الثالثة، و26 سبتمبر 1962م التي يعيش الشعب اليمني ذكراها الـ 55.. مستعيداً لمحات تاريخية من حيثيات الصراع الجمهوري الملكي ومساعي المملكة لفرض وصايتها على اليمن في اتفاقية الجمهوريين والملكيين، مفنداً في نفس الوقت الموقف المصري المتناقض تجاه الثورتين اليمنيتين..
ونفى صبري أن تكون وزارة الإعلام قد رفعت أي دعوى قضائية ضد أي صحفي أو إعلامي رغم حقها القانوني ورغم التجاوزات المهنية التي تمارس من قبل بعض وسائل الاعلام الإلكتروني بالذات في هذه الظروف الاستثنائية والمؤامرات المحيقة بالوطن.. متطرقاً إلى أهم ملفات الإعلام الوطني ومشكلاته النقابية والوظيفية، وما لحق بمؤسسات الاعلام الرسمي من أضرار جراء العدوان والحصار، وما مثله الإعلام من جبهة صمود تاريخية، إضافة إلى نقاش بعض جوانب اللائحة -التي انجزتها الوزارة- المتصلة بالإعلام الرقمي والتعدد الأثيري الذي يشهده قطاع الإذاعات المحلية.. وأهمية توحيد الخطاب الإعلامي لتعزيز تماسك الجبهة الداخلية وغيرها من القضايا… إلى التفاصيل :
واليمن يحتفل بأيامه السبتمبرية، في ظل معطيات تكاد تكون هي نفسها ماضيا وحاضرا.. فللعام الثالث على التوالي يشهد اليمن عدواناً سعوادياً غير مسبوق أعقب ثورة 21 سبتمبر 2014م، وشهد اليمن أيضاً حربا أهلية كان يحركها المال السعودي استمرت لثمان سنوات أعقبت ثورة الـ 26 من سبتمبر 1962م.. فلماذا حاربت السعودية الثورتين..؟!
– للحقيقة ثورتي 21 سبتمبر 2014م، و26 سبتمبر 1962م بالفعل يجمعهما الكثير من القواسم المشتركة التي من أهمها العدو السعودي المشترك.. لا أدري هل هي اشكالية الجغرافيا أم إشكالية التاريخ مع الجار السعودي.. للأسف الشديد الدولة السعودية تعاملت مع اليمن طوال ما يزيد عن نصف القرن باعتبارها حديقة خلفية، ويجب أن لا تكون خارج الإطار السياسي الخادم لمصالح المملكة العربية السعودية.. فعندما هبّت الثورات العربية التحررية في منتصف القرن الماضي ووصلت إلى اليمن في ستينياته..
كان قادة نظام آل سعود يخشون من هذه الهبة الثورية وما سيعقبها من استتباعات في المنطقة العربية، بالذات على الملكيات ومنها المملكة العربية السعودية، فتدخلوا في شؤون اليمن بقوة المال والسلاح، لحماية النظام الملكي الذي يقع على أقصى نقيض من النظم الجمهورية العربية الوليدة حينها.. ولا أخفيك أنه حتى عندما حدثت المصالحة بين الجمهوريين والملكيين التي أوقفت تلك الحرب وإن كانت اليمن قد كسبت فيها النظام الجمهوري، إلا أن تلك المصالحة قد شرعنت للوصاية السعودية على اليمن….
مقاطعاً.. هل تقصد أن المصالحة بين الجمهوريين والملكيين ما كان لها أن تحدث دون ضمان السعودية لمشروعية وصايتها أو تدخلها في اليمن..؟!
– بالتأكيد.. المصالحة الوطنية جاءت وأعادت للملكيين مكانة سياسية في النظام الجمهوري.. غير أن الأسوأ من ذلك أن البلد ظلت لفترة طويلة تدار من السفارة السعودية في صنعاء، والتدخل السعودي كان واضحاً في كثير من تجليات الحياة السياسية خلال عقود ما بعد المصالحة بين الجمهوريين والملكيين، وحتى في 2011م كانت البصمة السعودية واضحة في مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في اليمن.. فما يسمى بالربيع العربي وثورة 2011م الشبابية رأت إليها المملكة بأنها تكرار لثورة 26 سبتمبر وأن التغيير العربي الذي وصل اليمن قد يجرف السعودية نفسها.. وهنا تدخلت عبر المبادرة الخليجية باسم حقن دماء اليمنيين، وتوافقت القوى السياسية حينها على المبادرة الخليجية التي وضعت اليمن في ظل الفترة الانتقالية تحت وصاية الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية فكانت تتحكم بمسار العملية الانتقالية ومسار الحوار الوطني عبر الضغط المباشر أو غير المباشر عبر الدول الراعية للتسوية السياسية.. وفي تسيير الرئيس الانتقالي حينها.. وفي 21 سبتمبر 2014م وجدت السعودية ان الوضع في اليمن اختلف جذريا حتى أن أحد كتابها قال : إن اليمن التي ألفناها في السبعينيات انتهت، فالقوى التقليدية التي كانت على ارتباط بالنظام السعودي ضُربت في 21 سبتمبر سواء كانت قبلية أو عسكرية أو مدنية.. ووجد نظام آل سعود أنه من الصعوبة بمكان ترويض هذه القوة الفتية (انصار الله) بعد 21 سبتمبر.. وبالتالي طبخت الحرب والعدوان على اليمن طوال فترة ستة أشهر فجاءت في صبيحة 26 مارس 2015م.. لمحاولة ثني اليمن وبهدف إعادته إلى بيت الطاعة السعودي الأمريكي.. ومن هنا نعتبر أن القاسم المشترك بين الثورتين هو التحرر من الاستبداد الداخلي والوصاية الخارجية…
كيف تفسرون الموقف المصري تجاه ثورة 21 سبتمبر 2014م المنافي تماماً لموقفه في ثورة 26 سبتمبر 1962م..؟!
– ما حصل في اليمن في 62 تزامن مع ما كانت عليه جمهورية مصر العربية، إذ كانت في قمة عطائها الثوري والقومي في المنطقة بشكل عام وبالتالي عندما قامت ثورة 26 سبتمبر في اليمن كانت هذه الثورة مدعومة مصرياً في الجانب العسكري واللوجستي.. حينها كانت لا تزال مصر عبدالناصر.. والمتابع لمسار تاريخ النظام الجمهوري منذ توقيع المصالحة بين الجمهوريين والملكيين، سيجد أن اليمن لم تشذ عن التبعية للمملكة الا قليلا، وفي محطات محدودة، فتعامل العالم بناء على ذلك مع اليمن- حتى مصر- باعتبارها تابعة للسعودية في كل المواقف ذات الصلة بالقضايا العربية والدولية.. ولهذا فإن مسارات الثورات العربية اختلف في اليمن خدمة للمصلحة السعودية..
وتم دعم الحل السياسي في اليمن وتقاسم السلطة في إطار النظام الذي كان برمته ووجهيهه لا يشذ عن السياسة السعودية.. وقد رأينا بعد حادث النهدين في يونيو 2011م – مثلاً- كيف ان كل القوى السياسية، وكل قادة النظام السابق حتى وقد انقسموا إلى سلطة ومعارضة، أو ثورة ومتمردين، انصاعوا كلهم للرغبة السعودية في التهدئة وتوقيف كل الملفات حتى يعالج الرئيس صالح، ومن ثم يُسْتأنف الحوار حول توقيع المبادرة الخليجية وكان ذلك بمباركة مجلس الآمن والدول العشر…
مصر في 2012م كانت غير مصر في 2011م.. فثورة 25 يناير 2011م لم تدم طويلاً بل أعقبتها ثورة 30 يونيو 2012م، وهما ثورتان متضادتان جعلت مصر في حالة هشاشة في الموقف السياسي، وايضا كان هناك دعم واضح سعودي اماراتي للسيسي نكاية بالأخوان وحماية لمصر من الدخول في ما دخلت فيه سوريا وليبيا.. ولا ننسى في هذا السياق أنه تم الضغط بقوة على مصر وترويضها للسير الجبري في فلك دول الخليج، إما بالدعم المالي في وقت تعيش فيه مصر وضعاً اقتصادياً حرج، وإرهابها عبر استخدام فزاعات الأمن القومي العربي، وأمن باب المندب، وأن هناك قوة فتية مليشاوية، وأنها تتبع إيران وغيرها من المغالطات السياسية التي لم يدرك خطرها الشعب المصري والعربي.. وبالتالي عندما جاءت عاصفة الحزم انساقت مصر تلقائيا في مسار دول تحالف العدوان..
خلاصة القول هنا إن الظرفين مختلفين تماماً، ففي خمسينيات وستينيات القرن الماضي كان هناك “مصر عبد الناصر” وفي زمننا زمن العدوان توجد مصر المنهكة اقتصاديا والمسيّرة سياسياً، كما أن عبد الناصر لا يتكرر أو لم يتكرر بعد.. فنأمل من الدور المصري أن يراجع موقفه في اليمن ويراجع خياراته.. صحيح ان السعودية اليوم تمتلك المال والقوة والسلاح.. لكنها على المدى الطويل سيصيبها ما أصاب الدول العربية ، من حولها، إذ ما زالت تداعيات التغيير قائمة، وحركة موجته في اتساع مستمر.. فاليوم قطر تدفع ثمن تدخلها في شؤون الدول العربية، وغداً ستدفع السعودية ثمن تدخلاتها وعدوانها على الشعب اليمني وتدخلها في سوريا ولبنان وغيرها من الدول العربية..
على صلة بتحديات الديمقراطية في اليمن يذهب الخطاب الإعلامي لدول التحالف ومن يدور في فلكها إلى أن ثمة خطراً يهدد النظام الجمهوري في اليمن من الداخل على اعتبار أن معظم رجال الكتلة التي ظهرت في مشهد ثورة 21 سبتمبر 2014م، وتحاربهم السعودية للعام الثالث على التوالي كانقلابيين هم من الملكيين..
كيف تفندون هذا الطرح وما تنطوي عليه من مفارقات؟!
– بالفعل هي مفارقات خطابية مغالية ومغالطة للحقيقة، ومتناقضة في نفس الوقت مع ما هو واقعي وجلي للعيان.. لقد حدث منذ بداية الربيع العربي أن بعض الدول العربية وعلى رأسها السعودية والإمارات وقطر تدخلت في شؤون الدول العربية الربيعية خصوصا اليمن وسوريا وليبيا، من منطلق أنها حريصة على الديمقراطية وعلي النظم الجمهورية وما إلى ذلك من تسميات، ويدرك الجميع أن هذه الدول الخليجية تفتقر إلى هذه الشعارات بل إلى ابسط أبجديات الحرية وقيم القبول بالآخر.. فالتدخل السعودي في اليمن يزعمون أنه من أجل حماية النظام الجمهوري فيما المملكة نظام ملكي فردي استبدادي قائم على التوسع وطمس هويات شعبي الحجاز ونجد..
والحقيقة هي ليست شكل أو نوع النظام، الحقيقة هو القوى التي تحكم سواء كانت جمهورية أو ملكية إذا كانت هذه القوى تتحرك وفق الإرادة السعودية فستكون مقبولة.. حتى لو كانت هذه النظم مدنية أو علمانية ، ممكن تتقبلها السعودية والإمارات إذا كانت هذه النظم تخدمها..
ما يقال – ويصدق للأسف الشديد من قبل بعض اليمنيين المؤيدين للعدوان والمجازر البشعة بحق المدنيين الأبرياء- من أن التدخل السعودي والاماراتي العسكري في اليمن، هو لحماية النظام الجمهوري في اليمن، ليس سوى ضرب من الزيف والهراء..
بل أن هذه مفارقة لا يصدقها إلا السُّذَج ممن اصبحوا في أحضان الرياض، مسلوبي الرأي والإرادة، وما يؤسف له هو أنهم بإدعائهم محاربة الرجعية يتناسون أنهم في معقل الرجعية أصلاً.. ولو رجعوا إلى الحقيقة دون مكابرة سيدركون ما يدركه العقلاء، أنه لا يمكن للنظام السعودي الملكي الفردي المستبد، أن يقدم لنا حرية وكرامة وأمناً وسلاماً، فما بالنا بجمهورية وديمقراطية.. نحن عندما قلنا أن المصالحة الوطنية في سبعينيات القرن الماضي جبّت ما قبلها، وإن كانت أشركت القوى الملكية في الحكم إلا أنه كان تحت راية الجمهورية، ولم يعد أحد يفكر في العودة إلى الوراء، أو التفكير بنظام ملكي أو إمامة مجدداً.. كما أن ثورة 21 سبتمبر جاءت تحت هذه الأهداف وأنها استمرار للثورات السابقة واستمرار لحركة وثورة الشباب في 2011م وأيضاً هي استجابة لمتطلبات التغيير.. والتغيير نعني به المستقبل، ولا يمكن لأحد أن يرفع شعار التغيير ثم يعود بالناس إلى الخلف.. التباكي على النظام الجمهوري من داخل عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض، هو دليل على أن الصامدين في صنعاء وغيرها من محافظات الجمهورية اليمنية هم رجال النظام الجمهوري.. وهم القوى التي حمت منذ بداية العدوان، وستحمي النظام الجمهوري الديمقراطي.. صحيح أن ثمة قوى في الداخل تتخوف من مسألة الإمامة والولاية، وهؤلاء أيضاً يتجاهلون أن كثيراً من هذه القضايا المفاهيمية هي جدلية في الإطار الديني والفكري بين مختلف المذاهب…
مقاطعاً.. عند مفهوم الولاية التي بدأت بعض القوى كما أشرت تتخوف منها، وتشير أن في تناولاتها أن هذا المفهوم يعني إلغاء الديمقراطية خيارات الشعب تجاه من سيحكمه.. فهل المقصود بها الولاية في العلم والمعرفة والدين.. أم الولاية ببعدها المفاهيمي الحاكمي والسياسي..؟ّ
– النظام الجمهوري ببعده السياسي والتعددي في أي مجتمع اسلامي هو محطة فاصلة تجاوزت مسألة الولاية والإمامة والخلافة أيضاً.. ولو عدنا إلى أدبيات القوى السياسية التي شاركت في الحوار الوطني الشامل، سيجد أن أطروحات أنصار الله كانت واضحة فيما يتعلق بالدولة والنظام الجمهوري والديمقراطية، ولم تطرح الولاية ببعدٍ سياسيٍ اطلاقاً.. لكن أن تطرح الولاية والخلافة والإمامة في إطار المسميات والمصطلحات الدينية والفكرية والتارخية فهذا شيء طبيعي.. فقد كانت الإمامة جزءاً من الخلاف التاريخي والمذهبي بين عموم الطوائف والفرق الاسلامية بما فيها الشيعة والسنة..
نحن لا ننظر للولاية اليوم إلا من خلال بعديها الديني والروحي، أما الجانب السياسي والحاكمي فقد حسمه اليمنيون بشكل تام.. نحن في زمن لا يقبل بذلك، حتى وإن توهم أحد أنه ممكن نرجع إلى الإمامة، فالعصر لن يقبل.. نحن الآن نطالب بدولة مدنية وديمقراطية عادلة.. وهذه الدولة من صميم الإسلام..
بالعودة إلى الخطر على النظام الجمهوري.. هناك تفنيد آخر حيث يرى مراقبون بأنه من المفارقات الماثلة أن النظام الجمهوري اليمني مهدد خارجياً بخطرين الأول وجود نظام حاكمي قائم على المرجعية السلطانية (الامارات) ويحاول يفرض الآن في جنوب الوطن واقعا سلاطينياً، فيما الخطر الثاني- نظام ملكي فردي (السعودية)- يحاول أن يفرض في الشمال واقعاً يهيء الطريق لنظام يخدم مصالح المملكة تحت أي مسمى كما أشرتم.. كيف تقرأون ذلك على واقع الأرض..؟!
– على جميع اليمنيين في الداخل والخارج، أن يعوا أن العدوان السعودي الاماراتي الأمريكي ليس خطراً على النظام الجمهوري فقط، بل هو خطر على الدولة والمجتمع واليمن أرضاً وانساناً.. التوجه السعودي والإماراتي هو لتمزيق اليمن وتفكيكه لكي يصبح مسرحاً للمصالح السعودية والإماراتية والأمريكية بشكل عام.. والإشكالية برمتها هي أن القوى السياسية التي تتباكى الآن على حال اليمن، سمحت للتدخل الخارجي بذريعة دعم الشرعية أو حماية النظام الجمهوري فيما كل التحركات على الأرض لا تدعم شرعية، ولا يفقه ما هي الجمهورية والديمقراطية ولا حتى ما هي استحقاقات الشعوب في الحرية والعدالة والديمقراطية.. المشروع الإماراتي مشروع استغلالي تفكيكي جاء لكي يحول دون أي نمو أو تطور لليمن وبالطبع في شقه الجنوبي لأن فيه موانئ استراتيجية وجزر مهمة جدا، والكل يدرك حتى أبسط الناس بأن موانئ دبي ما كان لها أن تتخذ هذه المكانة العالمية لولا أن ميناء عدن تراجع عن دوره التاريخي المعروف..
اليوم الإمارات تدرك أن دولة يمنية موحدة قوية يعني نهضة كبيرة في موانئها ستسعيد هذه النهضة مكانة ميناء عدن حيث كان يحتل الترتيب الثاني عالميا.. وبالتالي هذه الحرب اقتصادية قذرة على اليمن، تستهدف اعادتها ليس إلى الإمامة والسلطنات بل إلى أقل من ذلك إن أمكن لهم، بدليل أنهم حتى الآن في عدن يحالون فيها تقسيم المقسم، وتجزئة المجزء بين سلطة تتبع النظام السعودي وحزام أمني يتبع النظام الإماراتي وما يسمى بالشرعية المرتزقة والحراك، بل وتحويل عدن والمحافظات الجنوبية إلى مسرح قتالي بين هذه الأطراف..
وكيف تقرأون ما جرى مؤخرا من تدخل طيران الأباتشي في قصف بعض المواقع في عدن..؟
– هو في إطار الخلاف السعودي الإماراتي الذي ظهر مبكرا في الاعلام، وبدا الآن على أرض الواقع بل بدأ يتطور إلى درجة استخدام الطيران في استهداف أماكن مدنية، وليس فقط اهداف تدعي قصف مليشيات أو قوى رافضة لما يسمى بالشرعية.. وبالتالي نستطيع القول أن مظاهر الاضطراب في عدن هو محصلة لتدخل غير شرعي ينطوي على مآرب ظاهرها مصلحة اليمن بينما باطنها على النقيض من ذلك.. ولهذا ستجد تباينات واختلافات في الرؤى والخطابات، ليس فقط تباين اماراتي سعودي بل داخل شلل وجماعات المرتزقة، بل تباين وخلاف وصراع بين ما يسمى بالشرعية وما يسمى بالحراك والمجلس الانتقالي وصولا إلى الخلاف الجهوي والمناطقي.. وكلها عنصرية واضحة يراد تحريكها في الجنوب بين ضالعي وأبيني وعدني وحضرمي.. هذا صراع مصالح ومن الواضح أن الإمارات تلعب في الساحة اليمنية مستغلة الموقف السعودي المتخبط وكذلك مجريات ما يحدث داخل النظام السعودي من احتقان مكبوت بدأت بوادره تظهر إلى السطح.. فقد لاحظنا أن السعودية مثلا كانت في السنة الأولى والثانية للعدوان هي رأس الحربة.. اليوم ما يجري على الأرض يدل على أن الإمارات تولت زمام المبادرة.. بسبب المشاكل الحاصلة داخل البيت السعودي الحاكم وتفاقم الأزمة الخليجية القطرية وبسبب غياب الرؤية فهم تدخلوا لإعادة ما يسمونها بالشرعية ولليوم لا يستطيعون حماية سفارة واحدة تعود إلى عدن بل لا يستطيعون حماية أنفسهم..
يؤكد المراقبون والمحللون أن الإمارات ليست سوى أداة لبريطانيا التي تحاول استعادة الدور الاستعماري لها في الجنوب ولكن عبر الإمارات.. كيف تنظرون لمثل هذا الطرح..؟!
– في التفاصيل الكثير من الحقائق ستتكشف للجميع في المستقبل القريب، خصوصا والدور الإماراتي غريب ولافت.. وربما يشبه الدور القطري الذي كان لافتاً في المنطقة، فأمريكا كانت تدفع بها إلى التدخل في شؤون الدول العربية، وقدمت دويلة قطر على أساس أنها دولة عظمى.. اليوم تتصرف الإمارات في اليمن وكأنها قوة استعمارية ناشئة.. لكن من أهم المفارقات الصادمة للجميع هو أن الامارات تحتل الجزر اليمنية، وتطلب من العالم أن يحرر جزرها من إيران، وأيضاً من المفارقات أن هذا التدخل لتحرير اليمن من إيران، وحماية وحدة وأمن واستقرار اليمن، وما يجري في جنوب الوطن تشظ وتطرف وارهاب مجريات تفضح كل أكاذيب ومغالطات دول تحالف العدوان.. وبالفعل، واضح ان الدور الأماراتي هو أداة للبريطاني والأمريكي وقوى الاستكبار والهيمنة وقد يكون في إطار تبادل الأدوار، أيضا الأمريكان لا يريدون أن تكون السعودية هي اللاعب الوحيد رغم ما قدمته السعودية من تنازلات ودعم مالي كبير.. الأهم من كل ما ستحمله تفاصيل وحقائق المستقبل، أن ثمة لعبة أمم على الأراضي اليمنية يتولى كبرها النظام السعودي..
وأنتم وكيل وزارة الإعلام لقطاع الصحافة.. هلا وضعتمونا في صورة واقع الإعلام في ظل هذه الظروف الصعبة والأوضاع الاقتصادية المتفاقمة..؟!
– في ظل هذه الظروف يمكن تقييم واقع الاعلام اليمني الرسمي في مسارين متوازيين إيجابي وسلبي، فالإيجابي يتمثل في أن هذه الحرب الضروس على اليمن والتي كانت مفاجأة وغير متوقعة، جاءت واليمن في وضع انتقالي هش، مؤسسات الدولة، وجيشها، وحتى القوى السياسية في صراعٍ كبير احتدم بينها.. هذا الوضع انعكس على مؤسسات الاعلام اليمني الذي وجد نفسه وحيداً، فالكل يتنصل من مسؤولياته تجاهه، وعندما جاء العدوان صبيحة الـ 26 من مارس 2015م تفاقمت معضلة الإعلام اليمني.. لكنه وجد فرصة لإيجاد ذاته الوطنية في مضمار الصمود والتضحية فتصدى بثبات كبير للحرب التضليلية الضخمة التي ترافقت مع العدوان على اليمن، لينتصر لهويته اليمنية، ويتحدى الظروف والمعيقات التي يعيشها.. حيث تحرك الإعلام اليمني الرسمي سواء المدني أو الحربي في مواجهة هذه الحرب العدوانية ومواكبا انتصارات الجيش واللجان الشعبية، ومواكباً الصمود الشعبي، والتطور الكبير في أداء القوات اليمنية الصاروخية، والعمليات النوعية للجيش واللجان الشعبية في جبهة ما وراء الحدود، وفوق ذلك قدم صورة مشرفة في مسار توثيق الجرائم التي ارتكبها النظام السعودي بحق المدنيين تحديداً ونقل هذه الجرائم بصورتها إلى العالم..
اعتقد أن الإعلام اليمني سجل جبهة صمود إلى جانب بقية الجبهات الأخرى.. وفي المسار الآخر (السلبي) سنجد أن الحرب فرضت نوعاً من القيود على المؤسسات الإعلامية وهي قيود كان من الطبيعي أن تصل إلى حد إعلان حالة الطوارئ، وإن كانت لم تعلن.. ومع هذا صمد الإعلام وتصرف الإعلاميون الذين أحسوا بما يحيق بالبلد من عدوان ومؤامرات، كرقباء ذاتيين على أنفسهم، المؤسسات الإعلامية تضررت أيضاَ من الحصار الجائر، تضررت من التباين في الرؤية تجاه العدوان، لأنه للأسف وجدنا أن هناك قوى سياسية بذاتها أعلنت دعمها للتدخل العسكري في اليمن، وتأييدها لعاصفة الحزم وكان لها أجهزتها الإعلامية في الداخل، وكان لا بد أن تنعكس هذه المشكلات المعقدة ذاتها على الإعلام إذ لا مناص للأجهزة الأمنية من التعامل مع هذه الوسائل الإعلامية بحسم وحزم، لأنها جزء من المعركة، وهذا أثر على مظهر الإعلام في اليمن، ناهيك عن الانعكاسات التي فرضتها الأزمة الاقتصادية التي أثرت على أداء كثير من هذه المؤسسات، والصحف والمجلات التي وصل الحد ببعضها إلى التوقف.. وفي المقابل وجدنا انفلاتاً إعلامياً غير مسبوق أو مسيطر عليه في وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلام الجديد، وتناسلت في الأثير إذاعات محلية كثيرة، ومواقع الكترونية اخبارية بالعشرات، كل هذا أثر على الاعلام اليمني خصوصاً في هذه الأجواء والظروف..
ما هي أولويات الوزارة في ظل هذا الإنفلات الإعلامي سواءً في الإذاعات أو الإعلام الرقمي أو إعلام التواصل الاجتماعي ما هي أولويات الوزارة لتنظيم الجانب الإعلامي..؟
– تعرف أن تطور الميديا بشكل كبير وسريع، يجعل من الصعب أن تضع له حدا أو ضوابط مهنية، برغم ما تنطوي عليه هذه القفزة من إيجابيات أيضاً، لكن الإشكالية بالنسبة لوزارة الإعلام أن هذه التطورات المتوالية تأتي في ظل الحرب على اليمن، وأن الوسائل الإعلامية سواء التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية أو حتى الإذاعات إذا لم تكن منضبطة فإنها بالفعل تستخدم ضد الجبهة الداخلية، ولا ننسى أيضاً بأن العدوان ومرتزقته وتحالفه يمتلك الكثير من الوسائل الإعلامية والإمكانات الضخمة التي ترهق إعلامنا الوطني، الذي يحاول أن يجاري وينافح عن الشعب اليمني في قضيته العادلة في ظل التعتيم الإعلامي الكبير والحظر وفي ظل حتى تسخير الإعلام الغربي، ومن المفارقات أنه ما يسمى بالإعلام الحر في الغرب انكشف على حقيقته في ما يتعلق بالحرب على اليمن وأصبح يتبنى الرواية السعودية إلا في النادر..
كل هذه التحولات حملّت وزارة الإعلام عبئاً كبيراً، خصوصا وأنت في الداخل لم تعلن حالة الطوارئ، هذه كانت إشكالية، تضاف إلى جانب أنك قمت بتشكيل المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني، لتعلن لحظتها أن التعامل في إطار الدستور والقانون بالرغم أنك في ظرف حرب، فوجدت وزارة الإعلام نفسها أمام إشكالية في التعامل مع هذا الإنفلات الإعلامي.. هل تتعامل معه من منطلق الحس الأمني الصرف..! أم في إطار الدستور والقانون بغض النظر عن الحرب القائمة على اليمن..؟!
على ماذا رست خيارات الوزارة..؟!
– الحقيقة ورغم الصعوبات، قررت الوزارة أنها تتعامل وفق الدستور والقانون، ولهذا حصل نشاط كبير في الفترة الماضية في إطار تحديث اللوائح الداخلية، المتصلة بآليات التعامل مع الإعلام المسموع والمرئي والإلكتروني علماً أن قانون الصحافة المعمول به حالياً هو أصلاً عند صدوره ولفترة طويلة كان فقط مختص بالصحافة المكتوبة وحالتْ التباينات السياسية -حتى قبل 2011 وبعده- دون صدور قانون ينظم الإعلام المرئي والإلكتروني.. لذلك عكفت الوزارة على إصدار لائحة وفقاً لقانون الصحافة لكن من خلال الاستفادة من هذا القانون، لائحة لتنظيم- وأركز هنا على كلمة تنظيم وليس تقييد- العمل الإعلامي المرئي والمسموع والإلكتروني لأن الكثير من القنوات والمواقع الإلكترونية والإذاعات ليست مسجلة لدى وزارة الإعلام، وغير مرخص لها..
كيف عالجت أو ستعالج اللائحة قضية الإذاعات المحلية والتي باتت تعلب دوراً كبيراً في تأجيج المشكلات والأزمات الداخلية..؟! ولماذا لا يتم توظيف هذا الزخم الأثيري باتجاه تعزيز اللحمة الوطنية..؟!
– اللائحة عمدت إلى معالجة قضية هذا التعدد والتنوع الإذاعي عبر خطوات قانونية تصب في مصلحة الإذاعات نفسها بأن تمتلك ترخيصاً قانونياً تعمل بموجبه، وتصب أيضا في خدمة المصلحة العليا للبلد، وبناء على ذلك فقد منحنا الآن الإذاعات فرصة شهرين للتسجيل لدى وزارة الاعلام وتصحيح وتنظيم أوضاعها.. تم إبلاغ الإذاعات بما تضمنته اللائحة في جزئها الخاص بالإذاعات.. كما أننا عقدنا اجتماعين متواليين بمؤسسي أو ملاك هذه الإذاعات لمناقشة ما تطلبه المرحلة من جميع مؤسسات الاعلام..
وسعياً منا لتوحيد الجهود وتوظيف هذا الزخم الأثيري – الذي ذكرتم- في خدمة تماسك الجبهة الداخلية وتعزيز اللحمة الوطنية والصمود أمام العدوان اقترحنا أن يصدر عن الإذاعات عمل موحد ووطني في مواجهة العدوان وحتى لا تظل كل إذاعة بمنأى عن الأخرى وتتصرف وكأنها خارج السرب.. واتفقنا على عمل برنامج إذاعي موحد مساء كل يوم أثنين يبث على كل هذه الإذاعات تحت عنوان ” العدوان وحدَّنا”.. والحقيقة وجدنا استجابة كبيرة من كل الإذاعات، ولم ترفض أي إذاعة، وإن كان البعض لم يلتحق عملياً لكن من حيث المبدأ الكل وافق ورحب بحيث يكون هذا البرنامج عنواناً للعمل الإذاعي الوطني وحتى تتهيأ الإذاعات التي كانت تعتقد أن أداءها لا يصب في الإطار السياسي وما إلى ذلك..
نحن قلنا هذا أداء وطني ليس خدمة لمكون ولا لرأي سياسي معين ولكنه خدمة مواكبة لهذا الشعب الذي يواجه العدوان والحصار.. وسوف نقيّم هذه التجربة.. كما أن الكل معني بقانون الصحافة والمطبوعات وأيضاً باللوائح الجديدة، ونأمل أن لا يشذوا عن هذا المسار وأن لا يسمحوا بالمناكفات السياسية والخروج عن القواعد المهنية، ويجب ألا ينحدر الإعلاميون بالمهنة إلى مستوى من المناكفات الذي يريده العدوان، أو إلى المستوى الذي يضع علامة استفهام على أداء الإعلاميين اليمنيين، فالمهنة يجب أن تمارس بوعي ومسؤولية.
فيما يتعلق بالخلاف الذي حصل بين المؤتمر وأنصار الله ظهر الإعلام وكأنه الأداة التي أججت هذا الخلاف وكاد يصل إلى شفير الصدام.. فلماذا ألقى السياسيون المسؤولية على الإعلام برأيكم..؟!
– الإعلام في أي بلد من العالم مرآة المجتمع، وأي أزمة سياسية تنعكس سريعا على أداء الإعلام وخطابه، وأنا على ضد من كلام السياسيين أن الإعلام يصنع الأزمات، الإعلام لا يصنع الأزمات السياسية هذه حقيقة.. السياسيون عندما يريدون أن يتبرأوا مما صنعته أيديهم ويلقوا باللائمة على الإعلام والإعلاميين.. نحن نقول إنه في إشكالية في الجانب السياسي والجانب الإعلامي.. ونحن نؤكد في الجانب السياسي، أن صمام أمان الجبهة الداخلية هي التفاهمات السياسية، وعدم خروج الخلافات إلى خارج الدوائر الداخلية للأحزاب والمكونات السياسية، يجب أن تحرص هذه القوى السياسية على أن تظل خلافاتها داخلية ومحصورة حتى لا تؤثر على الإعلام، ولا على الرأي العام..
مسؤولية الإعلام في هذه الظروف استشعار حقيقة أن الخطر سيحدق بالجميع.. الإشكالية الأخرى هي أن الإعلام في ظل التعددية سابقاً وحتى في ظل الحرب الآن.. تغلب عليه سمة محورية وهامة وهي أنه إعلام مكونات.. يحاول أن ينتصر للمكون الذي ينتمي إليه.. لكن هناك قواعد مهنية للأسف لا تتم مراعاتها في كثير من أداء الإعلاميين.. ولا اقول جديداً إذا قلت أن هناك دخلاء على المهنة في مختلف وسائل الإعلام، ولدى كل مكون دخلاء إعلاميين يحاولون أن يقوموا مقام السياسيين في الصراع دون احترام لأبجديات العمل الإعلامي المهني ومسؤوليات المهنة ثم يرجعون يتباكون في حال -لا أقول – قمعهم، بل حتى لفت الانتباه إليهم..
يتداول الإعلام الخارجي وبعض الداخلي أو مواقع التواصل الاجتماعي عن توقيف صحفيين أو اعتقالهم.. ما ردكم في وزارة الإعلام على ذلك..؟!
– الوزارة يحق لها ملاحقة المخالفين للقانون، بموجب مهامها الدستورية، وعبر القضاء.. لكنها لم ترفع إلى اليوم أي دعوى قضائية ضد صحفي ولم تلاحق أي صحفي، بل لا توجد قضية في المحمكة من قبل وزارة الإعلام ضد أي صحفي.. برغم أن الوزارة لديها الكثير من التحفظات والإنزعاج حتى من بعض ما يكتب وما ينشر في كثير من الوسائل الإعلامية ومع ذلك الوزارة لم تلاحق وتقمع الصحفيين الاعتقالات التي تتحدث عنها أو تحدثت عنها وسائل الإعلام هي محدودة جداً وبعضها جاء على خلفية أمنية ، وهناك خلط أحياناً حول الأسباب، هل هو تحفظ بسبب إبداء رأي، أو تحفظ على خلفية قضية جنائية.. وبالتالي سواءً اتفقنا أو اختلفنا ما دام هناك اتفاق على مراجعة الدستور والقانون وما دامات حالة الطوارئ لم تعلن بعد، فالتعامل مع الصحفيين يجب أن يتم وفقاً للقضاء.. وهذه قاعدة أساسية سواءً مع السابقين أو اللاحقين.. نتفهم الضرورات الأمنية وطبيعة الظروف الاستثنائية التي نعيشها هذا قدرنا الآن في أن نواجه العدوان وأن نحافظ على الجبهة الداخلية، لكن أيضاً علينا أن نعمق ونرسخ ثقافة احتكام الجميع للدستور والقانون في كل خلافاتنا، هذه مسؤولية ثورية، مسؤولية شعبية، مسؤولية حكومية.
صحيح هناك من يتعذر بأن القضاء ليس جاهزاً للبت في قضايا حقوقية وقضايا الفساد وما إلى ذلك، وهنا يصبح إصلاح القضاء مهم جداً في هذه الظروف لكن يجب أن لا يظل إصلاح القضاء مثل الشعار للاستهلاك يجب أن نلمس حركة قضائية يطمئن إليها المواطن، وإلى نتائجها، ويطمئن إلى العدالة قبل كل شيء..
ما يتعلق بقائمة المختطفين من الإعلاميين والصحفيين وأنت شخصية نقابية وأيضاً وكيل وزارة الإعلام لقطاع الصحافة هل بحثتم في مسألة هؤلاء المعتقلين وحل قضاياهم عبر القضاء..؟!
– باسم اتحاد الإعلاميين وليس باسم الوزارة طالبنا حينها، وتواصلنا مع الأمن القومي منذ فترة من أجل كشف الحقيقة للرأي العام، مع أن بعضاً منهم ليسوا صحفيين والقضية هي بحسب ما شرحوا لنا هي جنائية أكثر من كونها قضية رأي وتعقيب وهي جاءت مع الأشهر الأولى للعدوان على اليمن وتعرف الخلايا النائمة التي تشتغل وكشفت كثيراً فطالبنا حتى الأمن القومي بأن يحيل موضوعهم إلى النيابة أو الأجهزة القضائية وقد أحيلت بالفعل إلى النيابة لكن توقفت عند حد معين.. أيضاً طالبنا بعيداً عن الشق الجنائي من أجل مصلحة اليمن وباعتبار أن هناك ضغطاً خارجياً فيما يتعلق بهذا الملف قلنا أنه هناك مدخل للعفو عن المغرر بهم من الصحفيين سواءً من مدخل إنساني أو من مدخل مبادرة قيادية للعفو عن من غرر بهم.. وفعلا كان قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قد وجه بالعفو عن كثير ممن ثبت حتى أنهم ارتكبوا جرائم بحق اليمن، ففي إطار العفو يمكن التعامل مع هؤلاء أيضاً وما زلنا ننتظر أنه يحصل تحرك في هذا الجانب.
على ذكر قرار العفو العام الصادر من المجلس السياسي هل تمت معالجة قضايا الصحفيين والإعلاميين..؟!
– نحن طالبنا بأن يتم معالجة قضاياهم في إطار قرار العفو العام.
هل تمت الاستجابة لكم..؟!
– تلقينا وعود وتحركت ملفاتهم إلى النيابة العامة لكن توقفت عند هذا الحد.
أيضاً يا أستاذ عبدالله من أبرز القضايا الإعلامية المثيرة للجدل هو موضوع نقابة الصحفيين اليمنيين ووجود اتحاد إعلاميين جديد ما يعتبره البعض مفارقات سياسية جدلية تلغي كياناً وتأتي بآخر.. ما تفسيركم لذلك..؟
– ليست مفارقات، وليس الأمر كما يصوره البعض، نقابة الصحفيين وهي في الوضع الطبيعي كانت مؤطرة بالصحافة المكتوبة، في حين اتحاد الإعلاميين جاء شاملاً للإعلام المرئي والمسموع والمكتوب حتى في الظروف الطبيعية من حق الإعلاميين الذين ينتمون لهذه المؤسسات الإعلامية أن يشكلوا كيان نقابي لهم وهو ليس بديلاً لنقابة الصحفيين بل هذه الكيانات تكمل بعضها البعض، هذا في الظرف الطبيعي..
لكن نحن عندما بدأنا تأسيس الاتحاد لم نتحرك على اعتبار أن هناك فراغاً نقابياً، تحركنا لأن نقابة الصحفيين في ظل العدوان تصرفت كطرف سياسي وأصبحت مختطفة بيد المرتزقة وتعمل على ضد المصلحة الوطنية العليا، وعلى ضد أيضاً من حقوق المنتمين فأن تختطف النقابة بهذا الشكل كان أمامنا خياران إما إصلاح النقابة من داخلها وما زلنا ندعو الزملاء في نقابة الصحفيين أن يتداركوا وضع نقابتهم ولا يتركونها بيد شلة انتفاعية، هذا موقفي باعتباري عضو في النقابة طالبت وما زلت أطالب لكن لا أريد أن يأتي التحرك باسم اتحاد الإعلاميين لأن اتحاد الإعلاميين كيان آخر كيان شامل وليس بديلاً للنقابة لكنه أيضاً كيان أنشئ ليكون من ضمن جبهة مواجهة العدوان.. اليمنيون بكل فئاتهم تداعوا إلى الساحات والجبهات لكي يعلنوا موقفاً صريحاً وموحداً ضد العدوان، وكان لا بد للإعلاميين أن يعلنوا هذا الموقف ويعبروا عن أنفسهم ككيان يواجه العدوان..
ما هي الأضرار التي لحقت بالمؤسسات الإعلامية التابعة للدولة جراء العدوان والحصار..؟ وهل لدى الوزارة تقرير شامل عن هذه الأضرار..؟!
– المؤسسات الإعلامية الرسمية تضررت كثيراً والوزارة اشتغلت على تقرير لخسائر الإعلام الرسمي، غير أن هذا التقرير لم يكتمل بسبب ان هناك نقصاً في المعلومات المتعلقة ببعض المؤسسات التي تقع تحت خارطة سيطرة العدوان.. لكن الوزارة وثقت الكثير من الخسائر والانتهاكات وكذلك اتحاد الإعلاميين اليمنيين الذي قدم تقريرين متواليين رصد فيها الانتهاكات التي طالت المؤسسات الإعلامية الرسمية والوطنية بشكل عام.. بالمجمل نقول إن المؤسسات الإعلامية والإعلاميين الأحرار تعرضوا لجملة من الانتهاكات ابتدأت من أول يوم للعدوان على اليمن حيث قام العدوان بحرب تضليلية كبيرة على الشعب اليمني، قام بحظر القنوات الرسمية ووقف بثها ثم استنساخها في فترة لاحقة، أيضاً شوّش على بعض منها.. استهدف قناة اليمن اليوم في ضربة فج عطان، واستشهد حينها الزميل محمد شمسان، وأصيب عدد آخر، استهدف العدوان مبنى قناة اليمن وسبأ بالقصف في تبة التلفزيون، استهدف مكتب قناة المسيرة في صعدة، استهدف العدوان إذاعتي حجة والحديدة، هناك أيضاً أبراج كثير من الإذاعات أبراج البث لإذاعة صنعاء وإذاعة المسيرة وإذاعة سام أف إم وإذاعة يمن إف إم.. قدمت المؤسسات الإعلامية عدداً من الشهداء.. استهدف العدوان منازل الإعلاميين ومنهم منزل أسرة الزميلين منير الحكيمي، وزوجته الإعلامية سعاد حجيرة.. هناك أيضاً إعلاميون اندفعوا للجبهات غيرة على الوطن من صحيفة الثورة ومن قناة اليمن وغيرها من المؤسسات وقضوا شهداء في معركة الدفاع عن الوطن.. وتوجت هذه التضحيات باستشهاد الزميل الأستاذ عبدالله المؤيد وكيل وزارة الإعلام لقطاع الصحافة السابق.. الإعلام الحربي قدم ما يقارب مائة شهيد في مختلف الجبهات..
كلمة أخيرة أو سؤال لم نتطرق إليه في إطار عملكم الرسمي أستاذ عبدالله وتريدون التطرق إليه في ختام هذا اللقاء..؟
– والشعب اليمني يحتفي بإحياء الذكرى الثالثة لثورة 21 سبتمبر 2014 يؤكد أن هذه الثورة هي ثورة من أجل تحرير اليمن من الوصاية والهيمنة الخارجية وقد اثبت العدوان السعودي الأمريكي بأنه يريد بهذا العدوان أن يعيد اليمن إلى حظيرة الوصاية الخارجية.. وبالتالي هي ثورة اليوم في وجه العدوان، هي ثورة من أجل الحرية والاستقلال والكرامة.. هي ثورة قوامها الحقيقي الوحدة والديمقراطية والتعددية الحزبية والجمهورية، واحترام حقوق الانسان.. هذه مكتسبات وطنية أصبحت في رصيد الشعب اليمني، ولا يمكن التنازل عنها أو مصادرتها لأي سبب من الأسباب..